الدافعية إلى التعلم لدى طلبة التعلم الإلكتروني
د. محمد مقداد
قسم علم النفس
كلية الآداب، جامعة البحرين
ورقة بحث مقدمة للمؤتمر الدولي الثالث حول التعليم الإلكتروني:
دور التعلم الإلكتروني في تعزيز مجتمعات المعرفة.
أيام 06- 08 أبريل 2010م
في مركز زين بجامعة البحرين، الصخير الدافعية إلى التعلم لدى طلبة التعلم الإلكتروني
مقدمة: تتضمن ادبيات الدافعية الكثير من التعاريف التي تحاول ان تشرح مفهوم الدافعية وتفسره. وكغيره من مفاهيم علم النفس الاخرى، لمفهوم الدافعية العديد من التعاريف التي تختلف باختلاف الباحثين ومدارس علم النفس المختلفة. وفيما يلي بعض هذه التعاريف: يعرفها فؤاد أبو حطب وآمال صادق (1996)" أنها تحقيق شيء صعب في الموضوعات الفيزيقية أو الأفكار، وتناولها وتنظيمها وأداء ذلك بأكبر قدر من السرعة والاستقلالية والتغلب على العقبات، وتحقيق مستوى مرتفع من التفوق على الذات والمنافسة للآخرين والتفوق عليهم، وتقدير الذات عن طريق الممارسة الناجحة القادرة، والطموح والمثابرة والتحمل". ويعرفها محي الدين وعبد الرحمن (1990): " أنها مجموعة الظروف الداخلية والخارجية التي تحرك الفرد من أجل إعادة التوازن الذي اختل".
وكما هو معروف، لا يتمكن الانسان من القيام بعمل من الاعمال الا اذا توفرت لديه القدرة على القيام بالعمل، والرغبة في القيام بالعمل. اذا كانت القدرة على العمل تتحقق بالاختيار والانتقاء والتدريب، فان الرغبة في العمل تتحقق بالدافعية. وكلما كانت الدافعية عالية، كلما ازدادت الرغبة في قيام الفرد بالعمل. وفي مجال التعليم تلعب الدافعية دورا شديد الاهمية. وهي تعتبر شرطا من شروط نجاحه. ولا يتعلم من يفتقر الى الدافعية.
يقسم علماء النفس الدافعية الى نوعين هما: الدافعية الخارجية وهي نوع الدافعية الذي يرى عند من يقوم بعمل ما بضغط خارجي. والدافعية الداخلية وهي نوع الدافعية الذي يرى عند من يقوم بعمل ما برغبة ذاتية في العمل. وعلى الرغم من ان الدافعية الخارجية مهمة للقيام بالعمل المعين، الا ان الدافعية الداخلية هي ما يرغب المربون والمشرفون على العمل وغيرهم في الوصول اليه لانهم على دراية ان من يمتلك الدافعية الداخلية يعمل بدون كلل او ملل ويثابر على العمل ولا يتوقف ابدا.
وبما ان مجال هذه الورقة هو العمل الالكتروني، فلا بد من تسليط بعض الضوء على هذا النوع من العمل. يعرف التعليم الإلكتروني على أنه ذلك النوع من التعليم القائم على شبكة الحاسب الآلي (World Web Wide)، وفيه تقوم المؤسسة التعليمية بتصميم موقع خاص بها ولمواد أو برامج معينة لها. ويتعلم المتعلم فيه عن طريق الحاسب الآلي وفيه يتمكن من الحصول على التغذية الراجعة. كما يعرف بأنه نوع من أنواع التعلم عن بعد يتم باستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة والأنترنت (Mokdad, 2001). وان ما يميزه عن التعلم العادي هو الواسطة او الوسيلة التي يقدم بها وهي تكنولوجيا المعلومات حيث يكون جل تعامل الطالب المتعلم في موقف التعلم الإلكتروني مع الكمبيوتر في تلقي الدروس وفي تقويم ما يتعلم وفي التفاعل مع اساتذته ومع الطلبة الاخرين. اذا كان موقف التعليم العادي يتضمن كلا من الاستاذ والطالب مع ما يوجد بينهما من تفاعل وديناميكية اخذا وعطاء، فان موقف التعلم الإلكتروني يتضمن طرفا واحدا فقط من اطراف العملية التربوية وهو الطالب نفسه. اما الاستاذ فقد حل محله الكمبيوتر وبقدر ما يلعب الكمبيوتر من ادوار الاستاذ بقدر ما يكون الموقف التربوي ناجحا.
لهذا فان موضوع الدافعية ومنه الرغبة في التعلم يطرح بحدة. واذا كان من مهام الاستاذ في موقف التعليم العادي العمل على زيادة دافعية الطلبة الى التعلم، فان غياب الاستاذ في موقف التعلم الالكتروني، ووجود الطالب المتعلم بنفسه قد يجعله في حاجة ماسة الى من يساعده في رفع دافعيته والحفاظ عليها عالية. وهذا ما جعل مهندسي تكنولوجيا المعلومات العاملين في المجال التربوي يطورون برمجياتهم لتلعب اكبر ما يمكن من ادوار المعلم في الموقف التربوي الذي يكون فيه غائبا كما هو حال موقف التعلم الإلكتروني كامكانية التفاعل مع الاستاذ، ومع زملاء العمل، واعتماد الصوت والصورة والحركة في الدرس.
لكن هل حلت مشكلة الدافعية في العمل الالكتروني؟ لقد بين كثير من الباحثين (Zvacek, 1991; Rowntree, 1992; Visser, 1998; Keller and Suzuki, 2004) أن واحدة من المشكلات التي تواجه التعلم الإلكتروني هي الدافعية الى التعلم ذلك ان المتعلمين الكترونيا في اشد الحاجة الى الدافعية القوية التي تمكنهم من العمل كما يتعلم اقرانهم في التعلم العادي دون انسحاب من موقف التعلم.
لهذا جاءت هذه الورقة لتسلط الضوء على الدافعية الى التعلم لدى متعلمي التعلم الالكتروني، ولتقدم الاحسان كطريقة تعمل على اتقان العمل ليس لدى متعلمي التعلم الإلكتروني فقط، ولكن عند كل المتعلمين.
خصائص التعلم الإلكتروني:
زيادة على بعض خصائص التعلم عن بعد، كالمسافة الفاصلة بين المعلم والمتعلم، والعمل المتمركز حول المتعلم حيث تقع مسئوليته على عاتقه، والتعلم الذي يتم على مدى مراحل الحياة المختلفة، فإن التعلم الإلكتروني يتسم ب:
I. استخدام التكنولوجيا: يعتمد التعلم الإلكتروني اعتمادا كبيرا على التكنولوجيا الحديثة وخاصة تكنولوجيا الكومبيوتر و تكنولوجيا الاتصال والأنترنت.
II. التفاعل: يسعى التعلم الإلكتروني إلى تحقيق التفاعل سواء بين الطالب والأستاذ أو بين الطالب والطلبة الآخرين. وقد أصبح هذا التفاعل أو شيئا منه على الأقل، ممكنا بفعل التقدم التكنولوجي في مجالي الكمبيوتر و الاتصال. إن ظهور الإنترنت جعل بوسع العاملين تحقيق هذا التفاعل والحصول على التغذية الراجعة السريعة حول أدائهم من جهة، والعمل بالسرعة التي يرغبون فيها من جهة أخرى.
العوامل المؤثرة في فعالية التعلم الإلكتروني: تتوقف فعالية هذا النوع من التعلم على عدد من العوامل أهمها:
1/ التكنولوجيا, ومنها:
• الجانب الصلب: يجب تصميم مكان التعلم تصميما جيدا يمكن أولا من تحقيق أعلى مستويات التعلم. وثانيا من التقليل من المخاطر التي يمكن أن تصيب المتعلم مثل مشاكل الجلد في منطقة الوجه خاصة، والتعب البصري والتهابات المفاصل(Repetitive Strain Injuries) التي تصيب رسغ اليد والأصابع (Shneiderman, 1992).
• الجانب اللين(البرمجيات): يجب أن يأخذ مصممو البرمجيات بعين الاعتبار القدرات الذهنية والادراكية والحسية للمتعلمين لان جهلها وعدم أخذها بعين الاعتبار يمكن أن يؤدي إلى فشل العمل الإلكتروني (Galitz, 1993).
2/ المعلم, ومن خصائصه المؤثرة في التعلم الإلكتروني ما يأتي:
أولا، الاتجاهات: لا بد من الإشارة إلى أن الطلبة الذين يتعلمون على أيدي معلمين يحملون اتجاهات موجبة نحو العمل الإلكتروني, تكون النتائج التي يحققونها مشجعة جدا (Woodrow, 1991).
ثانيا، التحكم في تكنولوجيا المعلومات: سيكون التعلم الإلكتروني فعالا إذا كان المعلمون يتملكون الحد الأدنى على الأقل من تكنولوجيا المعلومات ( تشغيل الكمبيوتر، استخدام برنامج الوورد Word، استخدام برنامج الإكسل Excel، استخدام برنامج البور بوينت Power Point ،،،) ومتمكنون من بعض القضايا الأساسية ومنها مثلا مساعدة المتعلم في تذكر الكلمة المفتاحية التي نسيها, وفتح ملف لم يتمكن من فتحه واستعادة ملف ضائع،،،
3/ الطالب, ومن خصائصه المؤثرة في التعلم الإلكتروني ما يأتي:
أولا، يجب أن يمتلك الطالب جهاز الكمبيوتر الذي يكون مرتبطا بالإنترنت, ويمتلك المعلومات الأولية التي تمكنه من العمل مع الكمبيوتر والتفاعل معه.
ثانيا، يجب أن تكون اتجاهات الطالب موجبة نحو هذا النوع من العمل لأن عدم وجود مثل هذه الاتجاهات أو وجود اتجاهات سالبة لا يساهم في تحقيق أهداف هذا العمل.
ثالثا، يجب أن يمتلك الطالب دافعية قوية للتعلم بواسطة العمل الإلكتروني.
رابعا، يجب أن يمتلك الطالب الرغبة في العمل المنفرد مع الكمبيوتر.