قبل أن نبدأ
إذا كنت إنساناً سوياً ولا تعانى من الوساوس القهرية فستبدو هذه الصفحات قليلة الفائدة بالنسبة لك، ولكنك ستدرك أن هناك آلاف المرضى الذين يعانون من أفكار وأفعال غريبة. وإن كنت مريضا وتعانى من فكرة وسواسية معينة أو فعل قهرى فلا تستغرب باقى الأفكار والأفعال فهى لا تعنيك بل تعنى غيرك.إن معاناة ملايين الناس في هذا العالم من الوساوس القهرية وعدم معرفة هؤلاء الناس بأنهم مرضى وأنهم من الممكن أن يتحسنوا, كان هو الدافع الأساسى لوضع هذا الكتاب. فما هو الحجم الحقيقى لمشكلة مرض الوسواس القهرى في العالم؟
قبل الدخول إلى صفحات الموقع وموضوعاته أود الإشارة إلى:
هذه الصفحات أطروحة نفسية مفيدة تساعد على فهم هذا المرض وتعطي الأمل في الشفاء، وتبين طريقة العلاج.
لم استعرض في هذا البحث أسماء الأدوية المعالجة أو جرعاتها، وذلك حتى لا يجازف المريض ويأخذ دور الطبيب في علاج نفسه.
هناك بعض المرضى الذين يعانون من الوسواس القهرى ويخافون على أنفسهم من تناول الدواء الطبى الموصوف لهم وذلك خوفاً من إدمان تعاطى الدواء أو أنهم سيضطرون إلى الاستمرار في تعاطي الدواء مدي الحياة. هنا لابد أن نؤكد على أن أدوية الوسواس القهري، وكذلك الأدوية النفسية عموماً ليست بمخدرات ولا تؤدي إلى الإدمان طالما يتم ذلك تحت إشراف طبي متخصص.
المرضي الذين يعانون من أفعال قهرية يمكن علاجهم عن طريق العلاج المعرفي السلوكي فقط. أما مرضى الأفكار الوسواسية، فيجب أن يتضمن العلاج تناول الدواء مع العلاج المعرفي السلوكي.
يجب أن يوضع في الاعتبار أن الأسباب العضوية مثل اضطراب النواقل العصبية أو زيادة تدفق الدم والتمثيل الغذائي في أجزاء من المخ أو صغر أجزاء أخري من المخ أو الوراثة ليست هي المسئولة وحدها عن حدوث المرض ولكن هناك العوامل السلوكية والبيئية المؤثرة. لذلك يجب أن ننظر إلى المريض نظرة شمولية كإنسان قبل أن يكون حالة مرضية تعانى من نقص ما.
هناك أمثلة لكي يسترشد بها المريض وأهله لعمل قوائم علاجية مماثلة تناسب الأعراض التى يعاني منها المريض. إلى جانب أهمية اتباع القواعد العلاجية المعطاة من الطبيب المعالج.
قبل البدء في البرنامج العلاجي لا بد من استشارة الطبيب النفسي، لأن المريض إن كان يعاني من أعراض وسواسية بسبب مرض الإكتئاب فإن تحسنها سيكون بعد تحسن أعراض الإكتئاب، وهناك أعراض وسواسية تصاحب القلق وعند زوال القلق ستتحسن تلك الأعراض. لا تؤجل البدء في الرنامج العلاجي لأي سبب كان من ضغوط الحياة وضيق الوقت وإلا لن تنتظم على هذا البرنامج مطلقاً وستظل الأعراض كما هي. على المعالج والأسرة ألا ينخدعوا من تقييم المريض لنفسه وأعراضه. فأحياناً لكي يرضي المريض الأثنين يقول أنه قد تحسن، وقد أقلع عن أفعاله القهري أو تخلص من أفكاره الوسواسية، وأحياناً أخرى يبالغ في المعاناة فيحبط الأسرة والطبيب المعالج رغم تحسنه. قد يبدو الأمر خيالياً وغير مقبول في البداية ولكن إذا ساورتك بعض الأسئلة والانتقادات وموانع التغيير اكتب ما يدور في خاطرك من أسئلة أو موانع تمنعك من العلاج والانتظام على البرنامج المعرفي السلوكي وأرسلها لنا وسوف نرد عليك بالتأكيد وبعدها سوف ترى أن هذه المخاوف والأخطار لا تستخدم من قبل المرضى إلا كسبب وجيه لتجنب مواجهة الوساوس القهرية. يخاف بعض المرضى من أن تسوء حالتهم ويصابون بالجنون، أو أنهم سوف يحدثون الأذى بالآخرين إن امتنعوا عن طقوسهم الوسواسية، ومن خبرتنا العملية عشرات السنين لم نجد من أصيب بالجنون أو المرض بسبب التوقف عن تلك الطقوس مع الاعتراف بأنه كثيراً ما يزيد القلق بسبب ذلك ولكن مؤقتاً. مرض الوسواس القهري قابل للشفاء أو التحسن بصورة كبيرة إن شاء الله مما دحض الأوهام السابقة أنه مرض يصعب علاجه أو أنه لا يشفى منه مطلقاً. مرض الوسواس القهري حدث بسبب إضطراب النواقل العصبية في المخ وتغيرات مرضية أخرى تمت متابعتها عن طريق التصوير الطبقي بالإنبعاث البوزيتروني والآشعة المقطعية والرنين المغناطيسي..... وليس بسبب قلة الدين أو ضعف الإيمان أو غضب الله أو غياب الإرادة أو التقصير في الأذكار والدعوات المأثورة أو بسبب الجن أو السحر أو العين أو الحسد أو بسبب التربية والعُقَد القديمة أو أن القرين هو الذي يتكلم بكلمات أو أفكار الوسواس. مريض الوسواس القهري غير مسئول عن حدوث المرض ولا أسرته أو من حوله بل هي مسئولية مخه الذي لابد من علاجه.
في أحيان كثيرة يعتقد المريض أنه راضي عن هذه الأفكار أو الأفعال فيظن أنه منافق أو فاسق أو كافر أو قذر أو نجس وأحياناً يقول المريض (إزاي أسمح لنفسي أقول كده... والا افكر كده... والا اعمل كده..)وأحياناً يقول (المرة دي مش وسواس قهري) مما يتسبب في حزن شديد وسوء ظن المريض بنفسه فيهمل عمله أو يترك دراسته أو يعتزل الناس وهذه خدعه يفعلها المرض في المريض ولكن الحقيقة أن مريض الوسواس القهري برئ من كل ذلك.
<table style="WIDTH: 844px" height=34 cellPadding=5 align=center border=0><tr><td bgColor=#006633 height=30></TD></TR></TABLE> |
الوسواس لغةً: هو حديث النفس؛ فيقال وسوست إليه نفسه وسوسة ووسواساً. قال تعالى: ]وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[ [قّ: 16].
والوَسواس بالفتح هو اسم الشيطان كما فى القاموس المحيط. قال تعالى: ]مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ+ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ + مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ[ [الناس: 4- 6].
القهر لغة: هو الغلبة، قهره قهراً: غلبه فهو قاهر وقهار، ويقال أخذهم قهراً أى: من غير رضاهم، وفعله قهراً أى بغير رضا. (القاموس المحيط)
الوسواس القهرى لغة: هو حديث النفس ينبع من ذاته وداخله بفعل شىء لا يرضاه.
الوسواس القهرى فى الطب النفسى:
هو عبارة عن أفكار وصور تدخل إلى عقل الإنسان بطريقة مكررة يمكن للشخص السليم دفعها ومنع تكرارها، ولا يتركها تقهره. أما فى الحالة المرضية فإنه لا يقوى على دفعها أو منع تكرارها، فتأخذ به وتلح عليه وهو يحاول جاهداً مقاومتها دون جدوى، وكلما قاوم هذه الأفكار تزايد عنده القلق، وهو يعلم يقيناً أنها أفكاره هو وليست دخيلة عليه، ويعلم أنها تافهة ومع ذلك فإنه مضطر للتفكير فيها لا إرادياً، حتى إنه ليصاب بالاكتئاب إذا ما تبين له أن عمله ومستقبله سوف يتأثر نتيجة لذلك.
الأفكار الوسواسية:
هى مجموعة من الأفكار والصور المتواصلة والمتسلطة والمستمرة التى تتطفل على عقل المريض وتراوده وتلازمه مع عجزه عن دفعها أو طردها أو التخلص منها. ويعانى المريض كثيراً منها لغرابتها وعدم فائدتها وتسببها فى كثير من القلق والإزعاج, وتلح على خاطره عبارات معينة أو اسم معين يتكرر باستمرار.
وأيضا قد يتصور المريض أشياء رهيبة عن الذات الإلهية أو الأنبياء أو الدين أو الأخلاق لا يمكن دفعها, أو سب قهرى لأشياء مقدسة وغالية على النفس مثل سب الله عز وجل أوسب الأنبياء، مع العجز عن وقف هذه الأفكار.
الأفعال القهرية:
هى أعمال عقلية واعية وسلوكيات متكررة جبرية استجابة لأفكار وسواسية لتخفف أو تمنع القلق والإزعاج الناتج عن تلك الأفكار, ولا يستطيع المريض مقاومتها, وهى تستحوذ عليه لفترة طويلة, وهو غير راضٍ عنها ولا يحبها، خاصة وهو لا يشعر بثمرة وراء تكرارها، لكنه مقهور على استمرار عملها والقيام بها.
ودائماً ما تأتى الوساوس القهرية لمنع أو تجنب بعض الأحداث المفزعة المتصورة فى عقل المريض, مثل سوء الحظ المتوقع أو المحن والبلايا أو الموت أو المرض.