Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


We Present Wessam The Educational Forum بسم الله الرحمن الرحيم نقدم لكم وسام المنتدي التربوي
 
الرئيسيةFace Bookأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 البطالمة وتأليه أنفسهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:33 am

البطالمة وتأليه أنفسهم
البطالمة يشعرون بحاجة مركزهم إلى صبغة شرعية:

إن انهيار المدن الإغريقية منذ القرن الرابع قبل الميلاد دفع الإغريق إلى المهاجرة من بلادهم، فرحب البطالمة بهم وأجزلوا العطايا لهم؛ لشدة الحاجة إليهم في تكوين الجيوش والأساطيل، وإعادة تنظيم شئون مصر بحق الفتح وحق الإرث عن الإسكندر، فإنه ليكون سلطاتهم دائمًا وسيادتهم راسخة القدم، شعورا بحاجتهم إلى أن يضفوا على مركزهم صبغة شرعية في نظر المصريين والإغريق على السواء.



ولقد عرفنا كيف حاول البطالمة صبغ مركزهم بصبغة شرعية في نظر المصريين، أما الجيش فقد كان الملك البطلمي قائده الأعلى، ولذلك كان يتحتم على الجند إطاعته وفقًا للنظم العسكرية، هذا إلى أن الجند كانوا يتقاضون مرتباتهم من الملك، ويدينون له بالمركز الممتاز الذي منحهم إياه في حياة البلاد، فلم تكن الرابطة بين الملك وجنوده عسكرية فحسب بل كانت مادية أيضًا. بيد أنه يتعذر علينا أن نذكر إلى أن أي حد كانت هذه الرابطة قوية ودائمة لأن معلوماتنا شحيحة عن تكون الجيش ونظامه التأديبي وديانته وحقوق الجند وواجباتهم. غير أننا نعرف، كما مر بنا عند الكلام عن الجيش، أن الجيش النظامي كان يدعي أنه الجيش المقدوني تحت قيادة الملك المقدوني، فكان طبيعيًا أن يظهر الجيش من حين إلى آخر ميله إلى التمسك بالتقاليد المقدونية، وكانت تقضي باشتراك الجيش اشتراكًا فعليًا في الحياة السياسية في البلاد، وبوجه خاص في حل مشاكل وراثة العرش. ويبدو أن مبايعة الجيش للبطالمة كانت في الظروف العادية إحدى الشكليات الرسمية، أما في الظروف غير العادية، مثل التي صاحبت وفاة بطليموس الرابع وارتقاء ابنه إبيفانس العرش، فإنه كانت لها قيمة كبيرة.

البطالمة يعملون على تبرير سلطتهم المطلقة:

أما المدنيون بوجه عام فقد كانوا أيضًا يدينون للبطالمة بالمنح والامتيازات التي أجزلوها لهم، لكنه لما كانت غالبية هؤلاء المدنيين رجالاً أحرارًا نشأوا في جمهوريات اعتادوا على الاشتراك في حكمها، وكانت دولة البطالمة ملكية تقوم على حكم الفرد المطلق فيد لجأ البطالمة إلى وسيلتين لتبرير مركز هذا الحاكم المطلق إقتفوا أثر منافسيهم ملوك مقدونيا وسوريا في محاولة تبرير سلطتهم المطلقة بآراء فلسفية، إذ أنه لم يكن من باب الصدفة أن ظهر إذ ذاك عدد من الرسائل الفلسفية عن الملكية، فإن الفلاسفة على اختلاف مذاهبهم، سواء أكانوا من المشائين أم الرواقيين أم أتباع الفيثاغورثية، أخذوا يدعون إلى الملكية مستندين إلى ثلاثة أسس رئيسية وهي: أولاً، ضرورة إدماج الوحدات السياسية المتباينة في دولة واحدة. وثانيًا، نجاح الملكية القبلية القديمة مثل الملكية في مقدونيا حيث كان الملك هو القائد الأعلى وكبير القضاة ورئيس الكهنة، وثالثًا، المذهب الفلسفي القائل بحق الأفضل في الحكم لصالح الجماعة.

وقد أفاض الفلاسفة في امتداح سلطة الفرد المطلق الذي هو خير من سائر البشر، وتناوله ما له من حقوق وما عليه من واجبات نحو الرعية، وقد أظهر الفلاسفة الملوك في ثوب المنقذين والخيرين الذين وقفوا خدماتهم على رفعة بلادهم، فنشروا العدالة ومهدوا السبل لتقدم العلوم والفنون، ووالوا النعم على الإغريق، وبوجه خاص على الجنود، وصدوا الأعداء عن البلاد، ولم يكونوا طغاة مرهقين، وقد نصح ديمتريوس الفليري بطليموس الأول بدراسة الرسائل الفلسفية التي وضعت عن "سلطة الملك" ليحيط بما ينتظره الناس منه.

ولا شك في أن بطليموس الأول وخلفاءه أظهروا تمسكهم بهذه المبادئ، ونجد انعكاسًا واضحًا لذلك في قصائد ثيو كريتوس (Theocritos)، وفي رسالة سياسية من القرن الثالث وجدت حديثًا، وفي خطاب من القرن الثاني يعزي إلى أريستياس (Aristcas)، وفي عبارات مختلفة في كثير من الأوامر التي كان البطالمة يصدرونها لموظفيهم.

تأليه الأفراد عند الإغريق:

أما الوسيلة الثانية فإنها كانت دينية، إذ أن بطليموس الأول، ذلك الملك ثاقب الفكر، كان يدرك أهمية العامل الديني في دعم صرح الدول، ولكن قبل أن نتناول الكلام عما فعله البطالمة في مصر، يحسن بنا أن نشير إلى أن الإغريق منذ قديم الزمن كانوا يعتبرون بعض موتاهم "أبطالاً" ويرفعونهم إلى مصاف الآلهة، إما لأنهم كانوا أجداد أسرهم، وفي هذه الحالة كانت العبادة مقصورة على أفراد الأسرة، أو لأنهم كانوا يمتازون بصفة من صفات البطولة، أو يتحلون بفضيلة خارقة للعادة، أو لأنهم قاموا بتأسيس مدينة حرة، وفي هذه الحالة كانت العبادة عامة، لكن عبادة البشر لم تكن مقصورة على الأموات دون الأحياء، فإن الطبقة الارستقراطية في ساموس عبدت ليساندروس (Lysandros) القائد الإسبرطي، كما أن أنصار ديونيسيوس (Dionysios) وديون (Dion) من أهل سراقوسة قد عبدوهما، وكذلك عبد فيليب المقدونس بعض رعاياه، كما عبد أفلاطون بعض تلاميذه، هذا إلى أن المدن، وخاصة في أيونيا، كثيرًا ما خلعت على الأحياء من مظاهر التكريم الدينية ما وضعهم في مصاف الآلهة. ولا ريب في أن ذلك لم يكن تأليهًا كاملاً، ولا في أن مظاهر التكريم التي قدمت لهؤلاء الأشخاص كانت مشابهة فقط لما يقدم الآلهة ولا في أو أن أولئك الأشخاص كانوا يكرمون فقط بوصفهم قرناء الآلهة، إلا أن ذلك رفعهم فوق مستوى البشر إلى حد جعلهم قريبين جدًا من الآلهة.

ويرى البعض في تأليه الأحياء مظهرًا من مظاهر التبجيل، بينما يرى فيه البعض الآخر مظهرًا من المداهنة، لكن مهما كان الغرض من ذلك التأليه فإنه كان يتفق والعقلية الإغريقية، التي كانت تميل إلى اعتبار الشخص الذي يتحلى بصفة غير عادية فوق مستوى البشر، فلا عجب أن حق الرجال الممتازين في أن يكونوا فوق القانون أصبح أحد مبادئ النظريات السياسية الإغريقية، بل يذهب أرسطو في كتاب "السياسة" إلى حد القول بأنه "إذا وجد في دولة شخص يسمو على المواطنين الآخرين في الفضيلة والمقدرة السياسية، فإنه لا يجب إطلاقًا اعتباره فردًا في الدولة، لأنه لا يتصف إذا اعتبر مساويًا لغيره، على حين أنه يسمو على غيره في الفضيلة والمقدرة السياسية، إن مثل هذا الرجل يجب اعتباره إلهًا بين البشر". ومعنى ذلك أن تأليه الزعماء المبرزين لم يكن أكثر مما تتطلبه العدالة السياسية. وفي خلال نصف القرن الذي أعقب وفاة الإسكندر في عام ق.م. تطورت الأفكار العامة، نتيجة لتطور الأفكار السياسية في هذه الفترة، تطورًا قضي بالتدريج على الفوارق بين البشر والآلهة، فإن الحاكم وفقًا لآراء الرواقيين لم يكن إلا إلهًا حيًا، وقد نادي يوهمروس (Euhereros) بأن آلهة المدن لم يكونوا سوى حكام ورجال مصلحين انتقلوا إلى العالم الآخر، وإذا كان مذهب الرواقيين قد رفع البشر إلى مستوى الآلهة، فإن مذهب يوهمروس أنزل الآلهة إلى مستوى البشر.

وقد كانت هذه العادات والآراء مواتية لإنشاء عبادة الملوك، التي وجدت في أغلب الممالك الهلينيسية، لكن آراء المؤرخين تختلف في منشأ هذه العبادة وطابعها، فإن البعض يعزو هذه العبادة إلى رغبة الملوك أنفسهم، على اعتبار أن تأليه الملوك كان جزءًا من فكرتهم عن الملكية، بينما يرى البعض الآخر أن المدن هي التي أنشأت تلك العبادة من تلقاء نفسها، وأن الملوك لم يفعلوا أكثر من أنهم قبلوها، لكنهم لم يحولوها إلى ديانة عامة في الدولة إلا بعد ذلك.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:34 am

الإسكندر الأكبر والتأليه:

ويجدر بنا أن نلقي نظرة عامة على ما فعله الإسكندر الأكبر وخلفاؤه، قبل أن ندلي برأي في هذا الموضوع، أما الإسكندر الأكبر فقد أسلفنا أنه كانت تتملكه رغبة قوية في الاعتراف بأصله السماوي، بل عرفنا أن ثلاثة مصادر للوحي قد أكدت أو قيل أنها أكدت أنه ينحدر مباشرة من زيوس أو آمون، فلم يكن التطور كبيرا من ذلك إلى اعتبار نفسه إلها، ولا جدال في أن رغبة الإسكندر في التأليه كانت وليدة أفكاره السياسية، وهو لم يكتف بأن يصبح في مصر إلها مثل الفراعنة القدماء، ولا بأن يتمتع في بلاد الفرس بروح إله النور الأكبر (Ahuramazda) مثل من سبقه من ملوك الفرس، فقد عرفنا كيف أنه في عام أمر المدن الإغريقية التي كانت تتألف منها عصبة كورنثة أن تعبده، وذلك ليتيسر له بوصفه إلها ما كان يتعذر عليه بوصفه رئيس هذه العصبة، وهو أن يأمر أعضاءها بالسماح للمنفيين بالعودة إليها. ويرى البعض أن الإسكندر كان قد طلب في عام 327 إلى رفاقه في باكتريا من الإغريق والمقدونيين أن يسجدوا له تمهيدًا للاعتراف به إلها للإمبراطورية المقدونية، لكن عدم رضاء هؤلاء الرفاق عن ذلك قضى على هذه المحاولة في مهدها.

ونحن نرى أن الإسكندر لم يقصد بطلب السجود له إلا اتخاذ خطوة أخرى في سبيل المساواة بين رعاياه الغربيين والشرقيين في المعاملة، ولا سيما أن هذه العادة الفارسية كانت لا تنطوي على معنى التأليه في نظر أصحابها فقد كانوا لا يؤلهون ملوكهم، ويضاف إلى ذلك أن أول المعترضين على هذا الطلب كان كالسثينيس الذي رد على الإسكندر بأن يقصر العادات الشرقية على الشرقيين، ولما كان الكل يسلم بأن كالسثينيس كان أكبر داعية لألوهية الإسكندر، فإننا نعتقد أنه لو كان يدرك أن هذا الطلب كان تمهيدًا لإقامة الإسكندر إلها عامًا بين الإغريق والمقدونين لما اعترض عليه، وفضلاً عن ذلك فإن القول بأن رفاق الإسكندر رفضوا السجود له لأن ذلك كان ينطوي على تأليهه معناه أن الإغريق كانوا لا يقبلون هذا التأليه، والقول بأنه إزاء ذلك عدل الإسكندر عن رغبته معناه عزوف الإسكندر عن الإقدام على ما يجافي مشاعر الإغريق، فكيف يتفق ذلك مع ما طلبه إلى مدن عصبة كورنثة بعد ذلك بثلاثة أعوام بأن تعبده؟

ولا جدال في أن قبول المنفيين في مدن العصبة كان أمرًا كريهًا إلى مواطني تلك المدن، وإذا لمنا بأن تأليه الإسكندر كان أيضًا أمرًا كريهًا للإغريق، فإن معنى ذلك أن الإسكندر قد أقدم على اتخاذ خطوة كريهة ليرغم الإغريق على قبول أمر كريه آخر، وهو ما لا يتفق مع موقفه من مسألة السجود ولا مع الأساليب السياسية السليمة.

وعلى كل حال إذا صح أن الإسكندر قد أقدم على اتخاذ إجراء كريه من أجل تحقيق هدف ثانوي، فهل كان يكفي اعتراض رفاقه ليمتنع عن إقامة نفسه إلهًا عامًا للإمبراطورية وهو ما كان يعتبره الدعامة الأساسية للاحتفاظ بوحدة هذه الإمبراطورية؟ قد فنهم أن يقال إن الإسكندر لم يفكر في الاتجاه إلى التأليه لتحقيق أهدافه السياسية، لكننا لا نستطيع أن نفهم القول بأن الإسكندر لم يلجأ إلى هذه الوسيلة إلا لتحقيق هدف ثانوي. على حين أنه من الواضح أنه كان يتعذر عليه تحقيق هدفه الأساسي، وهو وحدة الإمبراطورية دون استخدام هذه الوسيلة، ونحن نتفق مع تارن في أننا لم نسمع بعد محاولة باكتريا عن أية محاولة أخرى قام بها الإسكندر للاعتراف به إلها عاما للإمبراطورية، لكن لعل الأدنى إلى الصحة أن يقال إنه لم يحاول ذلك إطلاقًا، وذلك لسبب بسيط وهو أنه كان قد أرجأ اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة حتى يتم بناء إمبراطورية غير أن موته المبكر اختطفه قبل استكمال مشروعاته.

وعلى كل فإنه لا يوجد دليل على أن الإسكندر عبد في مصر في حياته بوصفه حاكمًا إغريقيًا، لكن لا شك في أنه عبد في الإسكندرية عقب وفاته بوصفه مؤسس تلك المدينة، فقد اعتبر بطلاً يجب تأليهه والاحتفال بيوم وفاته على أساس أنه اليوم الذي صعد فيه إلى السماء، ولذلك كانت تقام عند قبره طقوس تشبه الطقوس التي كانت تقام عند قبور الأبطال في بلاد الإغريق. ولا يبعد أن لقبه كان "مؤسس المدينة والمنشآت المعاصرة" (Kistes tes poleos Kai ton helicon) على نحو ما جاء في نقش من عهد هادريان، وقد كلت عبادة الإسكندر بوصفه مؤسس الإسكندرية عبادة محلية لا يجوز الخلط بينها وبين عبادة العامة التي سيأتي ذكرها فيما بعد.

خلفاء الإسكندر والتأليه:

أما آراء خلفاء الإسكندر الأوائل فإنها كانت تختلف عن آرائه كل الاختلاف، إذ نعرف أنه في خلال نصف القرن الذي أعقب وفاة الإسكندر لم يطلب أي حاكم اعتباره إلهًا، بيد أنه في خلال هذه الفترة، خلعت جماعات إغريقية كثيرة على حكامها مظاهر تشريف دينية، مثل تشييد المعابد أو إقامة التماثيل والمذابح الدينية والكهنة والمهرجانات وحفلات الألعاب أو تقديم القرابين، فقد أقيم لأنتيجونوس الأعور تمثال مقدس وهيكل في سكبسيس (Scepsis)، كما قيمت لأنتيجونوس وديمتريوس حفلات في دبلوس وخالكيس (Chalcis) وساموس (Samos). وكذلك منح ليسماخوس مظاهر تكريم مماثلة في برايني (Priene) وساموتراقيا. وقد عبد ديمتريوس في ديمترياس (سيكيون) وكاساندروس في كاساندريا، وعبدت عصبة الكيلكلاد بطليموس الأول، عقب الحملة التي قام بها هذا الملك في عام 308 لتحرير تلك العصبة من ربقة انتيجونوس، كما عبدته رودس أيضًا وخلعت عليه لقب سوتر عندما رفع ديمتريوس الحصار عنها في عام 304. فما الذي حدا بالإغريق إلى عبادة أشخاص كانوا يعتبرون أنفسهم بشرًا؟

لقد مر بنا أن الدافع إلى عبادة الملوك في رأي بعض المؤرخين فكرة سياسية، منشؤها الحاجة إلى إيجاد حجة شرعية تبرر لهؤلاء الملوك التمتع بسلطة غير دستورية في دولة دستورية، لأنهم بصوفهم ملوكًا فقط لم يكن لهم حق التدخل في شئون المدن الحرة، أما بوصفهم آلهة فإنه كان يحق لهم إبداء رغباتهم تلك المدن، كما كان يتعين على عبادهم احترام تلك الرغبات، وقد كان من الجائز قبول هذا الرأي لو أن الملوك أنفسهم هم الذين سعوا إلى هذا التأليه، لكن هذا التأليه، قد صدر عن تلك المدن من تلقاء أنفسها، ولذلك تميل إلى الاعتقاد بأن الدافع إلى هذه العبادة، على عهد ملوك الجيل الأول من خلفاء الإسكندر كان رغبة تلك المدن في إظهار ولائها للملوك الأقوياء الذين يجاورونها، أو التعبير عن شكرها للملوك الذين أسدو إليها خدمات جليلة، ومن ثم فإن هذه العبادة لم تكن عندئذ عبادة عامة في سائر أنحاء الدولة بل كانت عبادة محلية في المدن التي أنشأتها، ولعل السبب في أن أولئك الملوك لم يطلبوا تأليه أنفسهم هو أنهم لم يكونوا قد تأثروا بعد بالأفكار الإغريقية السائدة حولهم، إذ كانوا لا يزالون يعتزون بالتقاليد المقدونية التي كانت لا تعترف بتأليه الملوك، حتى أن ملوك مقدونيا من خلفاء الإسكندر لم يطلبوا على الإطلاق تأليه أنفسهم، وقد كان تأليه الملوك في نظر أنتيباتروس كفرًا، وفي نظر أنتيجونوس ضربًا من الحمق، وإذا كان ملوك الجيل الأول لم يطلبوا تأليه أنفسهم، فإن أحدهم على الأقل ـ وهو بطليموس الأول ـ قد عني بإثبات أن سلطته كانت مستمدة من مصدر إلهي.

أما أغلب ملوك الجيل الثاني وخلفائهم فإنهم رفعوا أنفسهم إلى مصاف الآلهة، وأصبحت عبادة الملوك على عهدهم عبادة عامة في الدولة، ويبدو أن ذلك قد حدث نتيجة لعدة عوامل أهمها: أن الدول الإغريقية المقدونية، التي قامت على أنقاض الإمبراطورية المقدونية، قد أنشئت في الشرق منبت حق الملوك الإلهي، فكان لا بد من أن يؤدي ذلك إلى ما رغب فيه الإسكندر ووصل إليه من قبل، ولا سيما أن الملوك، وقد تأثروا بالأفكار الإغريقية، أخذوا يبحثون عن أساس آخر لدعم ملكهم إلى جانب حق الفتح، وقد ساعدهم على ذلك تطور النظريات السياسية والأفكار العامة، وضعف المعتقدات الدينية في الآلهة القديمة، فخلقت عبادة الملوك الديانة القديمة إذ أصبح الناس يعتقدون أن الآلهة الجديدة تفضل الآلهة القديمة، لأنه كان في وسع الناس أن يلمسوا مجد بطليموس مثلاً وقوته، على حين أنه كان يتعذر عليهم أن يلمسوا مجد زيوس وقوته، وكان في وسع الملك أن يطعم رعيته إذا نزل بها قحط أو يصد عنها العدو إذا هاجمها، بينما كانت الآلهة القديمة تعجز عن كل ذلك، ألم يعجز أبولو مثلا عن مسادة مديري معبده في ديلوس في الحصول على ماتدين له به الجزر من المال، بينما أفلح بطليموس ف يجمع ذلك المال في الحال عندما استغاثوا به؟ ولعل أبلغ دليل على أفكار الناس مظاهر التأليه التي أغدقها الاثينيون على ديمتريوس فاتح المدن وتلك الأغنية الشعبية التي استصرخ بها الأثينيون حماية ديمتريوس فاتح المدن ضد إيتوليا، فإنها تجري على هذا النحو "إن الآلهة الأخرى إما أنها غير موجودة أو أنها بعيدة عنها، وإما أنها لا تصغى إلينا أو أنها لا تعيرنا انتباهها، أما أنت فإنك أمامنا ونستطيع رؤيتك لا في تمثال من الخشب أو الحجارة وإنما بلحمك ودمك". ولذلك يكون من الخطل القول بأن عبادة الملوك لم تكن سوى عبادة رسمية جافة لم تثر في نفوس الشعب شعورًا دينيًا عميقًا، ولا جدال في أن الطبقات المتعلمة كانت تعتبر عبادة الملوك ضربًا من المداهنة أو التعبير عن الشكر أكثر منها عبادة صحيحة، ولكن كافة الطبقات كانت تتعبد إلى الملوك حتى في داخل بيوتها. ومع ذلك لا شك في أن عبادة الملوك على عهد الإسكندر وملوك الجيل الثاني وخلفائهم كانت ديانة سياسية، بمعنى أنها كانت الوسيلة التي لجأ إليها الملوك لدعم ملكهم وبقائه بعد مماتهم، إلا أنه يجب أن ندرك أن أحدًا من هؤلاء الملوك لم يعتقد أنه إله.

ويتضح إذن من كل ما أوردناه أنه إذا كانت عبادة الإسكندر الأكبر وأغلب ملوك الجيل الثاني من خلافئه وذريتهم ترجع إلى رغبة أولئك الملوك في تأليه أنفسهم، على اعتبار أن تأليههم كان جزءًا من فكرتهم عن الملكية، فإن ملوك الجيل الأول من خلفاء الإسكندر لم يعتمدوا على حق الملوك الإلهي في تبرير حكمهم في نظر رعاياهم الإغريق، بدليل أنهم لم يطلبوا إلى رعاياهم الإغريق أن يعبدوهم، هذا وإن كانوا قد قبلوا العبادة التي أنشأتها بعض المدن من تلقاء أنفسها إجلالا لهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:35 am

بطليموس الأول يخطو الخطوة الأولى في إنشاء عبادة البطالمة:

ويبدو أن البطالمة كانوا أسبق من غيرهم في إنشاء عبادة إغريقية رسمية في الدولة. وعلى الرغم مما يكتنف إنشاء هذه العبادة من الغموض، فإننا نستطيع أن نتبين بوضوح الخطوات التي أدت إلى قيام هذه العبادة، أما الخطوة الأولى فقد خطاها بطليموس الأول، عندما جعل عبادة الإسكندر دينًا رسميًا إغريقيًا عامًا في مصر، له كاهن مقدوني أو إغريقي يتمتع بمكانة رفيعة، وبعينه الملك كل عام، وتؤرخ باسمه كافة الوثائق في طول البلاد وعرضها، سواء ما كان منها مكتوبًا باللغة الإغريقية أم المصرية.

ونحن نعزو تأريخ الوثائق المصرية بكاهن عبادة الإسكندر الإغريقية إلى مجرد الرغبة ي توحيد نظام تأريخ كافة الوثائق في الدولة الواحدة، ولا نستطيع أن نرى في ذلك دليلاً على أن هذه العبادة كانت عبادة عامة يشترك فيها الإغريق والمصريون على السواء. فقد كانت هذه العبادة إغريقية ولا يوجد دليل واحد على أن المصريين شاركوا في أية عبادة إغريقية، وهم حين عبدوا الإسكندر والبطالمة قد عبدوهم بوصفهم فراعنة وفقًا للمعتقدات والتقاليد المصرية. ويستوقف النظر أنه لم يحدث على الإطلاق أن قرن اسم الإسكندر المؤله بلقب إله على نحو ما قرنت فيما بعد أسماء البطالمة المؤلهين وإنما كان يكتفي بذكر اسمه مجرد، شأنه في ذلك شأن زيوس وغيره من آلهة أوليمبوس. وفي هذا أبلغ دلالة على أن ألوهية الإسكندر كانت أمرًا بديهيًا في نظر الجميع إلى حد أنها لم تكن في حاجة إلى توكيدها بذكر لقب الألوهية أكثر مما كنت ألوهية زيوس أو أبولو في حاجة إلى ذلك.

وإذا كان البعض يعزو إنشاء هذه العبادة الرسمية العامة إلى رغبة بطليموس الأول في توكيد اشتراكه مع الإسكندر في الانحدار من هرقل ليسمو بذلك على منافسيه انتيجونوس وسلوقس، فإننا نرجح أن يكون بطليموس الأول قد أنشأ هذه العبادة ليبرر سلطته المطلقة في نظر رعاياه الإغريق، لأنه باعتباره خليفة الإسكندر في حكم مصر تصبح سلطته بعد تأليه الإسكندر مستمدة من مصدر إلهي، وبذلك يحق له أن يتمتع بالسلطة الشاملة المطلقة في مملكته، أي أن الإسكندر، الذي كان في حياته القلب النابض للإمبراطورية، أصبح بعد مماته الروح الذي تستلهمه العظمة ويستمد منه خلفاؤه المجد والسيطرة، ولا شك في أن هذه الفكرة كانت تدور بخلد بطليموس الأول، عندما نقل جثمان الإسكندر إلى مصر وأمر بأن تشيد له مقبرة، لا في واحة سيوة التي قيل إن الإسكندر كان يريد أن يدفن فيها، وإنما في عاصمة بطليموس الجديدة، الإسكندرية.

إن معلوماتنا طفيفة عن بداية عبادة الإسكندر في مصر، وبينما لا توجد أية إشارة إلى كاهن الإسكندر في أقدم وثيقة وصلت إلينا حتى الآن من عهد البطالمة، وهي ترجع إلى عام 311 ق.م، نجد أن وثيقة بطلمية أخرى من عام 300 ق.م. تشير إلى وجود كاهن تؤرخ الوثائق باسمه، فقد جاء في صدر هذه الوثيقة "في شهر ديوس من السنة الخامسة من عهد بطليموس، عندما كان منلاوس بن لا ما خوس يشغل وظيفة الكاهن"، ولا شك في أن الكاهن المشار إليه في هذه الوثيقة كان كاهن الإسكندر الأكبر، على الرغم من أنه لم يرد لذلك ذكر في الوثيقة، ولعل السبب في ذلك أنه لم توجد هناك عندئذ عبادة أخرى رسمية عامة غير عبادة الإسكندر، ولذلك لم ننشأ الحاجة إلى ذكر اسم المعبود بجانب اسم كاهنة، كما حدث فيما بعد عندما عبد البطالمة أيضًا، ونعرف من وثيقة أخرى أنه كان يوجد في عام 289 ق.م. كاهن تؤرخ الوثائق باسمه، ويجزم المؤرخون بأن الكاهن المذكور في هذه الوثيقة هو كاهن الإسكندر. ونستخلص من هذا إذن أن بطليموس الأول هو الذي أنشأ عبادة الإسكندر في مصر، ويغلب على الظن أن يكون ذلك قد حدث عندما اتخذ بطليموس لقب ملك في عام 305. ويذهب جوجيه إلى أن الإسكندر كان يعبد في مصر إنشاء وظيفة كاهنة، فهو يرى أنه كان يعبد في منف منذ نقل إليها جثمانه في عام 322 إلى أن ثم بناء مقبرته (السيما) في الإسكندرية، وذلك فضلاً عن عبادته في الإسكندرية أيضًا في الوقت نفسه باعتباره مؤسسها. وإذا صح أن الإسكندر كان يعبد في منف قبل إنشاء وظيفة كاهنة، فمن المحتمل أن هذه العبادة كانت الخطوة الأولى في إقامة تلك العبادة الرسمية العامة التي صحب إنشاؤها إقامة كاهن خاص بها. وفي هذه الحالة، يبدو أن منف كانت مقر هذه العبادة الرسمية العامة إلى أن تم بناء السيما في الإسكندرية، ونقل إليها جثمان الإسكندر ومقر عبادته الرسمية العامة، ولا يستبعد أنه عندما نقلت رفات الإسكندر وكاهنه إلى الإسكندرية، أدمجت في بعضهما بعضًا عبادة الإسكندر المحلية باعتباره مؤسس الإسكندرية وعبادته العامة في الدولة، لكنه لا يستبعد أيضًا أن هاتين العبادتين بقيتا منفصلتين، إحداهما خاصة بالإسكندرية والأخرى عامة لكل الإغريق في مصر.

بطليموس الثاني يؤله أباه وأمه بعد مماتهما:

وإذا كان بطليموس الأول يدرك أهمية الديانة في دعم صرح دولته، حتى أنه أنشأ عبادة الإسكندر الأكبر ليستمد منها حق تمتعه بالسلطة الشاملة المطلقة في مملكته، وكذلك أنشأ عبادة الثالوث المقدس، كما سنرى فيما بعد، للتوفيق بين المعتقدات الدينية لدى المصريين والإغريق، فهل فكر هذا الملك في تأليه نفسه وسلالته؟ ليس لدينا ما يثبت أن بطليموس الأول عبد في حياته في مصر عبادة إغريقية رسمية عامة. وتشير كل القرائن إلى أنه لم يفعل أكثر من أنه وضع في مصر سنة تأليه حكامها السابقين بعد مماتهم، فلا عجب أن رفعه بطليموس الثاني إلى مصاف الآلهة، ولا سيما أنه إذا كان الإغريق قد اعتادوا تأليه موتاهم الذين أسسوا المدن الحرة، فإنه لم يوجد ما يحول دون تأليه بطليموس الذي لم يؤسس مدينة فحسب بل مملكة عظيمة، ولم تكن عبادة بطليموس الأول أمرًا مستجدًا، فقد ذكرنا آنفًا أن عصبة الكيكلاد عبدته في حياته عقب الحملة التي قام بها في عام 308 لتحرير تلك العصبة من ربقة أنتيجونوس.وحوالي عام 280 أصدرت تلك العصبة قرارًا فحواء أن أهل العصبة، إزاء فضل بطليموس سوتر عليهم وعلى بقية الإغريق لأنه حرر مدنهم وأعاد إليهم قوانينهم ووطد دعائم دستورهم وخفف عنهم عبء الضرائب، يرون من الحق عليهم، باعتبارهم أول من وضع بطليموس المنقذ في مصاف الآلهة بسبب حسناته العامة ومساعداته الشخصية، أن يشتركوا اشتراكًا قلبيًا في الاحتفال بالعيد الذي أنشيء إذ ذاك في الإسكندرية إجلالا له.

وقد ذكرنا أيضًا أن جزيرة رودس عبدت بطليموس ـ بعد فشل ديمتريوس في الاستيلاء عليها وعقد الصلح معها في عام 304، بسبب ما قدمه لها ملك مصر من المعونة ـ وأقامت له سياجًا مقدسًا مستطيل الشكل يحيط به بهو أعمدة ويعرف باسم البطوليمايون (Ptolerraion). ويحدثنا باوسانياس بأنه في هذه المناسبة خلعت رودس على بطلميوس لقب "المنقذ" الذي عرف به في التاريخ. وهكذا يبين أنه إذا كانت عصبة الكيكلاد أول من رفع بطليموس الأول إلى مصاف الآلهة، فإن رودس هي التي خلعت عليه لقب سوتر، ويحدثنا نقش بأن ثلاثة أغريق وقد نجو من المخاطر التي دهمتهم يعربون عن إجلالهم للملك بطليموس والملكة برينيكي بوصفهما "الإلهين المنقذين".

لقد كان الجديد إذن في أمر عبادة بطليموس هو إنشاؤها رسميًا في مصر عقب وفاته، في عهد بطليموس الثاني، الذي أنشأ كذلك في الإسكندرية حفلاً إغريقيًا يقام كل أربعة أعوام ويعرف باسم البطلوليمايا، إجلالاً لذكرى أبيه المؤله بطليموس المنقذ (سوتر) .

وقد حفظ لنا أثينايوس ما كتبه كاليكسينوس في وصف ذلك الحفل الذي يحتمل أنه أنشيء للمرة الأولى في يونيه أو يوليه عام 279 بمناسبة الذكرى الرابعة لوفاته، ومعنى ذلك أن بطليموس الأول رفع إلى مصاف الآلهة في مصر عقب وفاته مباشرة. ويرى البعض أن المهرجان الذي وصفه كاليكسينوس يرجع إلى عام 275/ 174 أي إلى ثاني مرة أقيم فيها الحفل، بينما يرى أوتو أنه يرجع إلى عام 271 / 270 بمناسبة النصر البطلمي في الحرب السورية. ويميل تارن إلى قرنه بأول مرة أقيم فيها الحفل أي إلى عام 279/278. ويؤيد رأيى تارن النقش الذي عثر عليه منذ عهد قريب في فينيقيا.

وقد أشرك بطليموس الثاني أمه برينيكي مع أبيه المؤله، إذ يحدثنا ثيوكريتوس بأن هذا الملك أقام هياكل عبد فيها بطليموس الأول وبرينيكي، اللذان أصحبا يعرفان باسم الإلهين سوترس، ويحتمل أن هذه الهياكل كانت تتصل بمدفنهما على مقربة من قبر الإسكندر، لكننا لا نعرف متى توفيت برينيسكي، ولا متى أشركت مع زوجها في العبادة، غير أنه إذا كان حفل البطلويمايا قد أنشيء إجلالاً لبطليموس المؤله وحده، فإن هذا ينهض دليلاً على أن برينيسكي كانت لا تزال على قيد الحياة عندما أله بطليموس الأول وأنشيء الحفل.ومن ناحية أخرى تشير عبادة بطليموس وبرينيسكي سويا في المعابد التي أنشئت لهما إلى أنها لا بد من أن تكون قد أشركت مع زوجها في العبادة بمجرد وفاتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:37 am

بطليموس الثاني يؤله نفسه وزوجه في حياتهما:

وإذا كان بطليموس الأول وزوجه قد رفعا إلى مرتبة الألوهية بعد موتهما، فإن سلالتهما من ملوك مصر رفعت إلى هذه المرتبة في حياتها واحتفظت بها بعد مماتها، وقديمًا كان بعض المؤرخين يرون أنه عندما توفيت أرسينوي الثانية، زوج بطليموس الثاني وأخته، رفعت إلى مصاف الآلهة وعرفت باسم الإله فيلادلفوس، وفي الوقت نفسه قرن معها في العبادة أخوها الملك وهو على قيد الحياة وعبد الاثنان سويا باسم الإلهين الأخوين (أدلفوي Adelphoi). ولم يعد اليوم داع للإضافة في تفنيد هذا الرأي لأننا إذا كنا لا نجد ذكرًا للإلهين الأخوين في ديباجة وثيقة من العام الثاني عشر من عهد بطليموس الثاني (274/ 273)، فإننا نتبين من محتويات وثيقة نشرت حديثًا أن عبادة الإلهين الأخوين كانت موجودة في العام الرابع عشر من عهد بطليموس الثاني (عام 272/ 271). وفضلاً عن ذلك فقد ورد ذكر الإلهين أدلفوي في وثيقة ترجع إلى اليوم العشرين من شهر دايسيوس (Daesios) في العام الخامس من عهد بطليموس الثاني، أي في أوائل يونيه عام 270، على حين أن لوحة مندس تحدثنا بأن أرسينوي "صعدت إلى السماء" في شهر باخون (Pachon) في العام الخامس من عهد بطليموس الثاني، أي في شهر يوليه عام 270، ومعنى ذلك أن أرسينوي ألهت مع أخيها قبل مماتها، وعبد الاثنان سوياباسم الإلهين أدلفوي. وقد أقيم لها معبد خاص في الإسكندرية، وقرنت عبادتهما بعبادة الإسكندر الرسمية العامة، وكان يشرف على طقوس العبادتين كاهن واحد أصبح لقبه إذ ذاك "كاهن الإسكندر والإلهين أدلفوي". وجدير بالذكر هنا أن عبادة الإلهين سوترس (بطليموس الأول وبرينسكي) لم تقرن بعد مع هذه العبادة لأن هذين الإلهين لم يذكرا بعد في الديباجة التي تؤرخ بها الوثائق. ومعنى ذلك أن العبادة الإغريقية الرسمية في مصر، وكانت حتى ذلك الوقت لا تشمل إلا الإسكندر والإلهين أدلفوي، لم تصبح بعد عبادة أسرية.

وما السبب في أن بطليموس الثاني لم يقرن عبادة أبيه وأمه بعبادته وعبادة الإسكندر مع أنه هو الذي ألهمها ولم يدخر وسعًا في إغداق مظاهر الإجلال والتقدير عليهما؟ السبب بسيط وهو أن هدف هذه العبادة لم يكن أصلاً تأليه أسرة البطالمة وإنما تأليه الإسكندر منشئ دولة البطالمة ليستمد حاكم هذه الدولة من هذا التأليه الحق في التمتع بالسلطة الشاملة المطلقة. ويبدو أن بطليموس الثاني قد رأى أن الغرض المنشود من هذه العبادة يتحقق على وجه أكمل إذا وضع تقليدًا جديدًا يقضي بتأليه الملك حاكم هذه الدولة هو زوجه في حياتهما وقرن عبادتهما بعبادة الإسكندر.

وعندما توفيت أرسينوي في عام 270، أنشئت لها عبادة إغريقية رسمية باسم الإلهة فيلادلفوس. ويستوقف النظر أنه عندما لاحظ الناس أن بطليموس الثاني كان الملك الوحيد في أسرة البطالمة الذي لم يكن له لقب يميزه عن غيره، خلعوا عليه منذ القرن الثاني قبل الميلاد لقب أخته الإلهي "فيلادلفوس"، كما لو كان مقدرًا لهذا الملك ألا يتحرر في حياته ولا مماته من نفوذ هذه السيدة القوية.

وإذا كان بطليموس الثاني قد خصص دخل ضريبة الأبومويرا لعبادة الإلهة فيلادلفوس في المعابد المصرية، فإنه من المرجح أن يكون قد خصص لسد نفقات عبادة هذه الإلهة عبادة أغريقية دخل ضياع واسعة في خارج مصر، فقد وجدت في قبرص وثيرا وباروس وأمورجوس ولسبوس ـ وكانت كلها واقعة في منطقة النفوذ المصري ـ أحجار تحمل هذه العبارة "ملك لفيلادلفوس".

وقد كانت لهذه العبادة الإغريقية كاهنة خاصة تعرف باسم كانفورس (Kanepohros) وهو اسم مشتق من السلة التي كانت الكاهنات تحملنها في المهرجانات الدينية، وقد ظهر اسم كاهنة أرسينوي في تأريخ الوثائق مع اسم كاهن الإسكندر والإلهين أدلفوي منذ يناير عام 266، وقد أقيم لأرسينوي معبد خاص في الإسكندرية، شبهت فيه بالإلهة الإغريقية أفروديتي، فعرفت أيضًا باسم أرسينوي ـ أفروديتي، وهذا هو أول مثل نعرفه من مصر البطلمية بين عدة أمثلة وصل إلينا خبرها لأفراد مؤلهين شبهوا ببعض الآلهة الإغريقية القديمة، ويحتمل أن معبد أرسينوي في الإسكندرية كان المعبد الذي يقول بلينيوس إنه يوجد به تمثال من الزبرجد ارتفاعه أربع أذرع، ومسلة فرعونية قديمة أحضرها بطليموس خصيصًا من المحجر الذي بقيت فيه منذ القدم. ويحدثنا أحد المصادر القديمة بأن بطليموس أنشأ كذلك مذهبًا لأخته الأخرى فيلوتيرا (Philotera)، التي نعرف أنها كانت تعبد كذلك في المعابد المصرية، حقًا لا توجد لدينا أدلة أخرى على عبادة فيلوتيرا عبادة إغريقية غير هذا المصدر القديم، لكن هذا لا ينفي وجود هذه العبادة، وإن كنا نرجح أنه لم يكن لهذه العبادة مثل ما كان لعبادة أرسينوي فيلادلفوس من الأهمية، لأنها لم تستخدم على الإطلاق في تأريخ الوثائق.

ويحتمل أنه كان يوجد لأرسينوي عدد من الهياكل في الإسكندرية، ويذكر استرابون كذلك هيكلا صغيرًا (Naiskos) لأرسينوي أفروديتي على رأس زفيريون (Zephyrion) بالقرب من أبي قير، وقد وجد على لوحة كانت جزءًا من معبد في منطقة طيبة، نقش نصه "من ساتيروس (Satyros) إلى أرسينوي فيلادلفوس".

ولا بد من أن عبادة أرسينوي كانت شائعة بين الإغريق في مديرية الفيوم بوجه خاص، إذ أنها سميت في أواخر عهد بطليموس الثاني باسم مديرية أرسينوي.

وإلى جانب هذه العبادة الإغريقية التي وجهت إلى أرسينوي كانت هذه الملكة تعبد أيضًا عبادة مصرية، فقد مر بنا أن بطليموس الثاني أمر باعتبارها شريكة (Synnaos) للآلهة الأخرى في المعابد المصرية.

وقد تبع تأليه البطالمة استخدام أسمائهم في القسم الملكي، أو بعبارة أخرى في القسم الرسمي الذي كان يستخدم في سائر أنحاء المملكة، وقد كان نص هذا القسم في عهد بطليموس الثاني كما يلي: "أقسم بالملك بطليموس وبأرسينوي فيلادلفوس، الإلهين أدلفوي، وبوالديهما الإلهين سوترس". وفيما بعد، كان القسم الملكي يسرد أسماء كل ملوك البطالمة بادئًا بالملك الحاكم، فكان في عهد بطليموس الثالث مثلاً "أقسم بالملك بطليموس ابن الملك بطليموس وأرسنوي الإلهين أدلفوي (الأخوين بطليموس الثاني وزوجه) وبالملكة برينيكي أخت الملك وزجه، وبالإلهين أدلفوي وبالإلهين سوترس وسلالتهما...". وكذلك كان القسم في عهد بطليموس الخامس: "أقسم بالملك بطليموس بن بطليموس وأرسينوي، الإلهين فيلوباتوس (المحبين لأبيهما، بطليموس الرابع وزوجة الأخت أرسينوي) وبالإلهين فيلوباتوس وبالإلهين أدلفوي وبالإلهين يورجتيس (الخيرين، بطليموس الثالث وزوجة) وبالإلهين سوترس (المنقذين، بطليموس الأول وزوجه) وبسيرابيس وإيزيس وبكل الآهلة الأخرى".

بطليموس الثالث يضع تقليدًا ويتبع تقليد أبيه:

مر بنا أن محور هذه العبادة الإغريقية العامة كان أصلاً حاكم مصر، بعد وفاته، ثم يدرج الأمر في عهد بطليموس الثاني إلى تأليه الملك الحاكم وزوجه في حياتهما وقرن عبادتهما بعبادة الإسكندر. وقد وضع بطليموس الثالث تقليدًا جديدًا عندما قضي بأن يحتفظ سلفاه، الإلهان الأخوان، بألوهيتهما بعد مماتهما وأن يستمر قرنهما في العبادة مع الإسكندر، ولذلك فإنه عندما أتبع تقليد أبيه ورفع نفسه وزوجه إلى مصاف الآلهة قرن عبادتهما بعبادة سلفيهما وعبادة الإسكندر، فكانت هذه هي المرة الأولى التي تقرن فيها عبادة الملك الحاكم وزوجه بعبادة سلفيهما وعبادة الإسكندر، ومنذ ذلك الوقت أصبحت القاعدة أن كل بطليموس وزوجه يرتقيان العرش يؤلهان، ويحتفظان بألوهيتهما بعد مماتهما وتقرن عبادتهما في حياتهما وفي مماتهما بعبادة أسلفاهما وعبادة الإسكندر الأكبر، فنشأت على مر السنين وتعاقب ملوك وملكات البطالمة سلسلة جديدة من الآلهة. ويبدو أن بطليموس الثالث وزوجه برينيكي لم يؤلها باسم الإلهين بوجتيس (Theio Euergetes) أي الخيرين، ويقرنا مع عبادة الإسكندر والإلهين الأخوين إلا في العام الخامس من حكمهما (243 – 242 ق.م.) ، لأنه لم يرد لذلك ذكر في خمس وثائق سابقة لهذا التاريخ، وترجع الوثيقة الأولى إلى السنة الثانية من حكمهما والثانية إلى السنة الثالثة، والثالثة والرابعة والخامسة إلى السنة الرابعة. لكننا نجد في صدر برديتين من السنة الخامسة هذه العبارة " في العام الخامس من حكم بطليموس بن بطليموس وأرسينوي، الإلهين أدلفوي، عندما كان أريستوبولوس (Aristoboulos) بن ديودوتوس (Diodotos) كاهنًا للإسكندر والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس، وعندما كانت يامنياس (Lannias) ابنه .. كاهنة لأرسينوي فيلادلفوس...".

ومنذ ذلك الوقت، جرت الوثائق في عهد بطليموس الثالث على هذه الوتيرة. ونستدل على ذلك من وثيقة ترجع إلى العام الثامن من حكم هذا الملك (عام 240 ـ 239)، ومن قرار كانوب الشهير الذي أصدره مجمع الكهنة في عام 237 ق.م. ولقرار كانوب أهمية أخرى، فقد ورد فيه "... بما أن الملك بطليموس، بن بطليموس وأرسنوي الإلهين أدلفوي، وبرينكي أخته وزوجه، الإلهين بورجتيس..."، أي أنه أطلق على زوج بطليموس الثالث لقب "الأخت" مع أنها لم تكن أخته، لكن كلمة أخت كانت مرادفة لكلمة زوجة عند المصريين، وتطلق في الوثائق المصرية على زوج الملك. وفي نقش يسجل إهداء للإلهين الخيرين نجد أيضًا كلمة أخت مستعملة في وصف هذه الملكة. وهكذا يتبين لنا أنه منذ زواج بطليموس الثاني من أخته أصبحت القاعدة أن يطلق على الملكة لقب الأخت حتى إذا لم تكن أخت زوجها، على نحو ما كان سائدًا في الوثائق المصرية. وجدير بالملاحظة أن عبادة الإلهين سوترس (المنقذين أي بطليموس الأول وبرينيكي) لم تكن قد قرنت بعد مع عبادة الإسكندر والبطالمة المؤلهين، لأن الإلهين سوترس لم يظهرا في الديباجة التي تؤرخ بها الوثائق في عهد بطليموس الثالث أيضًا، هذا وإن ورد ذكر هذين الإلهين في القسم الملكي منذ عهد بطليموس الثاني على نحو ما رأينا، وكذلك في عداد البطالمة الذين كانوا يعبدون في المعابد المصرية.

بطليموس الرابع يجعل العبادة العامة عبادة أسرية:

وقد جاء في صدر القرار الذي اتخذه الكهنة المصريون في 15 من نوفمبر عام 217/ 216 وحفظه لنا نصب بيثوم: "في أول أبيب من العام السادس ... عندما كان بطليموس بن ايروبوس (Aeropos) كاهن الإسكندر والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس وكانت ... ابنة .. كانفوروس أرسينوي فيلادلفوس ...". وبعد أن يصف القرار الحملة التي توجت بالنصر في معركة رفح والخدمات التي أسداها الملك للبلاد والمعابد، يذكر ما استقر عليه رأي الكهنة وهو ... "زيادة ما كان يقدم في المعابد من مظاهر التكريم للملك بطليموس، المعمر أبدا محبوب إيزيس، ولأخته الملكة أرسينوي، الإلهين المحبين لأبيهما، وكذلك التي كانت تقدم لأسلافهما الإلهين الخيرين والإلهين الأخوين والإلهين المنقذين....".

وهكذا يتضح لنا أنه في العام السادس من حكم بطليموس الرابع كان هذا الملك وزوجه في عداد الملوك المؤلهين ويعرفان باسم الإلهين المحبين لأبيهما (فيلوباتورس)، إلا أنهما مع ذلك لم يقرنا مع الإسكندر والبطالمة المؤلهين في العبادة الإغريقية الرسمية العامة، لكننا لا نلبث أن نتبين من ثلاث وثائق من العام السابع من حكمه (عام 216 / 215) اثنان منها إغريقيتان والثالثة ديموتيقية، قرن الإلهين فيلوباتورس في العبادة مع الإسكندر والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس.

ولدينا عدة وثائق من العام الثامن من حكم بطليموس الرابع (عام 215/ 214)، ونلاحظ في إحدى هذه الوثائق، أن بطليموس الرابع وأرسينوي لم يشركا مع الإسكندر وأسلافهما في العبادة الرسمية العامة فحسب، بل كذلك مع بطليموس الأول في العبادة المحلية التي أنشئت من أجله في منطقة طيبة (مدينة بطوليميس). فقد جاء في صدر هذه الوثيقة "في السنة الثامنة من حكم بطليموس بن بطليموس وبرينيكي الإلهين يورجتيس، عندما كان بطليموس بن بطليموس بن دسوسيكراتس (Desosicrates) كاهنًا للإسكندر والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوباتورس، وعندما كانت أرسينوي ابنه سوسيبيوس كاهنة لأرسينوي فيلادلفوس، وعندما كان نيكاندروس (Nicandros) بن بكياس (Becias) كاهنًا في منطقة طيبة لبطليموس والإلهين فيلوباتورس.....".

ونلاحظ في الوثائق الأخرى التي من عام 215/214 أن الإلهين سوترس، اللذين بقيت عبادتهما منفصلة حتى ذلك الوقت عن العبادة الرسمية العامة، لأنهما لم يقرنا فيما مضى مع الآلهة الأخرى في الديباجة التي تؤرخ بها الوثائق، قد أشركا إذ ذاك في العبادة الرسمية العامة مع الإسكندر والبطالمة المؤلهين، وأن الكاهن الذي تؤرخ باسمه الوثائق أصبح يعرف بكاهن "الإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوباتورس".

ونستخلص مما مر بنا أنه في 116 / 215 رفع بطليموس الرابع نفسه وزوجه إلى مصاف الآلهة وقرن عبادتهما بالعبادة الرسمية العامة في الدولة، وأنه في 215/ 214 قرن عبادة نفسه وزوجه بالعبادة ا لمحلية في منطقة طيبة، وحول العبادة الإغريقية العامة إلى عبادة أسرية بوضع الإلهين سوترس، مؤسس الأسرة وزجه، على رأس سلسلة البطالمة المؤلهين الذين تقرن عبادتهم بعبادة الإسكندر، ومن ثم أصبحت تشمل كل أفراد أسرة البطالمة، وهكذا نرى أن العبادة التي أنشئت أصلاً لتأليه الإسكندر منشيء دولة البطالمة قد تطورت فشملت أولاً الملك الحاكم وزوجه ثم اتسعت حتى أصبحت عبادة أسرية، وسنرى بعد قليل تطورًا مماثلاً في العبادة المحلية بمدينة بطوليمييس، تلك العبادة التي أنشئت أيضًا في الأصل لتأليه منشئها بطليموس الأول ثم أخذت تتطور منذ عهد بطليموس الرابع بقرن الملك الحاكم وزوجه في العبادة حتى غدت هي أيضًا على مر الزمن عبادة أسرية.

وقد خطا بطليموس الرابع خطوة أخرى في العام الثاني عشر من حكمه (211 ـ 210) عندما أنشأ وظيفة لكاهنة خاصة لأمه برينيكي، تعين كل عام على نمط كاهنة أرسينوي فيلادلفوس وتعرف باسم أثلوفوروس (athlophoros)، ومعنى ذلك أن بطليموس الرابع أوجد عبادة خاصة لأمه مثل ما كان لأرسينوي. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت كاهنة برينيكي تذكر في تأريخ الوثائق مع كاهن الإسكندر والبطالمة وكاهنة أرسينوي، إذ أنها كانت تذكر قبلها في الوثائق، ومنذ ذلك الوقت كانت السيدة التي تختار كاهنة لأرسينوي في أحد الأعوام تختار عادة في العام التالي كاهنة لبرينيكي، وإذا عرفنا أن بطليموس الرابع دس السم لأمه، فإن إنشاءه عبادة خاصة لها يجب ألا ينهض دليلاً على وفائه ومحبته لأمه، بل لعل وخز الضمير ومقتضيات الأحوال هي التي دفعته إلى ذلك، عندما أخذ الناس يتهامسون عن كيفية وفاة تلك الملكة المحبوبة.

ويتضح مما مر بنا أنه إذا كان بطليموس الأول قد خطا الخطوة الأولى نحو تأليه البطالمة بأن وضع في مصر سنة تأليه حكامها السابقين بعد مماتهم، فإن بطليموس الثاني قد اقتفى أثر أبيه فألهه بعد مماته ثم خطا الخطوة الثانية التي كان من شأنها تأليه الملك الحاكم وزوجه في حياتهما وقرن عبادتهما بعبادة الإسكندر. وعندما جاء بطليموس الثالث قضي بأن يحتفظ سلفاه بألوهيتهما بعد مماتهما، وبأن يستمر قرنهما في العبادة مع الإسكندر، ثم أله نفسه وزوجه في حياتهما، وقرن لأول مرة عبادة الملك الحاكم وزوجة بعبادة سلفيهما وعبادة الإسكندر. وقد اقتفى بطليموس الرابع خطوات أبيه وجده، ثم خطا الخطوة الأخيرة في تحويل عبادة الملك الحاكم إلى عبادة أسرية، بوضع الإلهين سوترس على رأس سلسلة البطالمة المؤلهين الذين نقرن عبادتهم بعبادة الإسكندر.

وهكذا يتبين لنا أمران: أحدهما أن الحاكم بعد أن كان في الأصل يرفع إلى مرتبة الألوهية عقب مماته، أصبح منذ عهد بطليموس الثاني يرفع إلى هذه المرتبة في حياته ويحتفظ بألوهيته بعد مماته وتقرن عبادته في الحياة وفي الممات بعبادة الإسكندر، والأمر الآخر أن هذه العبادة التي أنشئت في الأصل لتكريم الإسكندر بعد مماته قد اتسعت لتشمل معه الملك الحاكم في حياته وكذلك عقب وفاته، ثم تحولت إلى عبادة أسرية لكل ملوك وملكات البطالمة بالاشتراك مع الإسكندر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:39 am

بطليموس الخامس الإله إبيفانس يوخاريستوس:

وقد عرفنا كيف أنه بعد وفاة بطليموس الرابع ومقتل زوجة أرسينوي، تولى الوصاية على ابنهما الصغير بطليموس الخامس أجاثوكلس ثم تلبولموس ثم أريستنومنس، وفي عهد الوصى الأخير، أنشئت عبادة خاصة لأرسينوي فيلوباتور، والدة الملك الصغير، وعينت لها كاهنة خاصة (باسم كاهنة أرسينوي فيلوباتور) أصبحت تذكر منذ ذلك الوقت في تأريخ الوثائق مع كاهن الإسكندر والبطالمة وكاهنتي أرسينوي فيلادلفوس وبرينيكي يورجتيس. وقد ظهرت الكاهنة الجديدة لأول مرة في الوثائق في عام 199 – 198 ولا شك في أن ذلك كان من عمل الوصي نفسه لا الملك الصبي. ولعل أريستومنس قد أراد بذلك أن يعوض هذه الملكة عما أصابها، إن جاز قول ذلك، ويكتسب في الوقت نفسه رضاء الشعب الذي عز عليه مقتل تلك الملكة المحبوبة. ويلاحظ أن أيريني ابنة بطليموس التي عينت في ذلك العام كاهنة لأرسينوي فيلوباتور استمرت في هذا المنصب حتى عام 171 / 170. وقد رأى أرستومنس أن مصلحة البلاد تقضي بإنهاء الوصاية على الملك، لأن الطموح إلى تلك الوصاية كان مصدرًا لمشاكل دائمة، ولذلك أعلن في نوفمبر عام 197 بلوغ الملك سن الرشد، وكان لا يزال عندئذ في الثالثة أو الرابعة عشرة من عمره. ولم يلبث بطليموس الخامس أن رفع إلى مصاف الآلهة وأشرك في العبادة الرسمية مع الإسكندر والبطالمة المؤلهين، وأصبح لقبه الإله إبيفانس أي الظاهر (Theos Epipbanes) لكنه كان يضاف إلى هذا اللقب أحيانًا لقب بوخاريستوس (الكريم Eucharistos). وقد أعقب تأليه بطليموس الخامس تأليها إغريقيا على هذا النحو حفل تتويجه فرعونًا في منف، ذلك الحفل الذي أصبح بمقتضاه إلهًا مصريًا، لأنه إذا كان أريستومنس قد أراد بتأليه مليكه تألبها إغريقيًا ضمان ولاء الإغريق، والمحافظة على تقاليد أسرة البطالمة، واحترام عبادتهم الرسمية، فإنه إزاء الظروف العصبية التي كانت البلاد تجتازها في تلك الآونة كان يحرص في الوقت نفسه على اكتساب عطف المصريين بتتويج الملك على نهج الفراعنة القدماء.

وعلى كل حال فإننا نجد في صدر قرار حجر رشيد، الذي صدر في مارس عام 196 أي في العام التالي لتتويجه ورسامته فرعونًا هذه العبارة : "... في العام التاسع، عندما كان أيتوس (Aetos) ابن أيتوس كاهنًا للإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوباتورس والإله إبيفانس بوخاريستوس، وعندما كانت بيرها (Pyrrha) ابنه فيلينوس (Philinos) كاهنة لبرينيكي يورجتيس، وأريا (Areia) ابنه ديوجنيس (Diogenes) كاهنة لأرسينوي فيلادلفوس، وإيرين ابنه بطليموس كاهنة لأرسينوي فيلوباتور....".

وفي شتاء عام 194 – 193 تزوج بطليموس الخامس من كليوبترة الأولى ابنة أنطيوخوس الثالث. ويبدو أنه عقب هذا الزواج، أشركت كليوبترة مع زوجها في العبادة الرسمية وأصبحا يعرفان باسم الإلهين إبيفانس، فقد ورد ذكر هذين الإلهين في عدد من الوثائق ترجع أقدمها إلى عام 193/192.
بطليموس السادس وكليوبترة الأولى:

وعندما توفى بطليموس الخامس في عام 180، خلفه على العرش ابنه الأكبر وكان طفلاً في الخامسة أو السادسة من عمره فتولت كليوبترة الوصاية عليه، ويبدو أنها لم تتوان في رفعه إلى مصاف الآلهة وإشراكه في العبادة الرسمية العامة باسم الإله فيلومتور (المحب لأمه). ولدينا وثيقتان، ترجع إحداهما، إلى العام الثاني (عام 179 ق.م.) والثانية إلى العام الثالث (عام 178 ق.م) من حكم الملك الصبي. وقد ورد في الوثيقة الأولى "في عهد بطليموس بن بطليموس وكليوبترة الإلهين إبيفانس، في خلال العام الثاني، عندما كان ... كاهنًا للإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوباتورس والإلهين إبيفانس والإلهين فيلومتورس...". أما الوثيقة الثانية فقد ورد فيها "في عهد كليوبترة الأم الإلهة إبيفانس، وبطليموس بن بطليموس الإله إبيفانس، في خلال العام الثالث، عندما كان يوجد في الإسكندرية كاهن للإسكندر والإلهين أدلفوي والإلهين فيلوباتورس والإلهين إبيفانس والملك بطلميوس فيلومتور، وعندما كانت توجد في الإسكندرية كاهنة لبرينيكي يورجتيس وكاهنة لأرسينوي فيلادلفوس وكاهنة لأرسينوي فيلوباتور".

وجدير بالملاحظة هنا أولاً: أن الوثيقة الأولى لا تعترف إلا بوجود ملك واحد هو بطليموس بن بطليموس وكليوبترة الإلهين إبيفانس، على حين أن الوثيقة الثانية تعترف بوجود ملكين هما كليوبترة الأم الإلهة إبيفانس وبطليموس بن بطليموس الإله إبيفانس. ولعل سبب الاعتراف بملك واحد في الوثيقة الأولى يرجع إلى التقاليد التي سادت في دولة البطالمة حتى ذلك الوقت، وكانت تقضي بأن يؤوول الملك إلى أكبر الأبناء عقب وفاة الأب دون اشتراك الأم، ولذلك فإن الوثيقة الأولى الملك إلى أكبر الأبناء عقب وفاة الأب دون اشتراك الأم. ولذلك فإن الوثيقة الأولى لم تعترف إلا بملك واحد، كما حدث في عهد بطليموس الثاني وبطليموس الرابع الذين ارتقيا العرش في حياة أمهما. لكن مركز كليوبترة الأولى، أم بطليموس السادس كان مختلفا عن مركز برينيكي الأولى أم بطليموس الثاني وبرينكي الثاني أم بطليموس الرابع لأنها كانت تتولى الوصاية على ابنها القاصر أو بعبارة أخرى تتولى تتولى الملك فعلا. ولذلك فإنها بادرت إلى تصحيح تأريخ الوثائق فجعلتها تنطبق على الواقع من حيث اشتراكها فعلاً في ولاية الملك. ونستدل على ذلك من الوثيقة الثانية ومن النقود التي سكت في بافوس (Paphos) في عهد وصايتها، فإن هذه النقود تحمل على أحد الوجهين عبارة "الملكة كليوبترة" وعلى الوجه الآخر عبارة "الملك بطليموس".

ثانيًا: أن الوثيقة الأولى تذكر إلهين فيلومتورس، على حين أن الثانية تذكر إلها واحدًا فيلومتور. ولا شك في أن الوثيقة الثانية أدنى إلى الحقيقة، لأنه لم يوجد إذ ذاك سوى إلهًا واحدًا فيلومتور هو بطليموس السادس. ولعل خطأ الوثيقة الأولى يرجع إلى شيء من عدم الدقة في التحرير منشؤه أن البطالمة المؤلهين كانوا عادة أزواجًا، لكن هذا الخطأ لم يلبث أن صحح بإعطاء كليوبترة لأم لقبها الإلهي الصحيح (الإلهة إبيفانس).

ثالثًا: أن الإلهين سوترس لم يذكرا في الوثيقة الثانية، لكننا نجد نظيرًا لذلك في وثائق أخرى من هذه الفترة، غير أن هذه الوثيقة تنفرد بعدم ذكر أسماء الذين تولوا المنصب الكهنوتية.

بطليموس السادس وكليوبترة الثانية:

ولم تعمر كليوبترة طويلاً، فإنها توفيت في شرخ الشباب في عام 176، فيما يظن الآن، ونستخلص من وثيقتين ترجعان إلى عام 175/ 174 أن بطليموس السادس قد تزوج من أخته كليوبترة الثانية، وأن هذين الملكين أشركا سويا في العبادة باسم الإلهين فيلومتورس، فقد ورد في ديباجتيهما "في عهد الملك بطليموس بن بطليموس وكليوبترة الإلهين إبيفانس في خلال العام السابع عندما كان فيلوستراتوس (Philostratos) بن ... كاهنًا للإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين بورجتيس والإلهين فيلوباتورس والإلهين إبيفانس والإلهين فيلومتورس وعندما كانت أسباسياس (Aspasias) أبنة خريسرموس (Chrysermos) كاهنة لبرينيكي يورجتيس ...إلخ" ولما كنا نعرف أنه عقب وفاة كليوبترة الأولى آلت الوصاية إلى يولايوس ولنا يوس، فإنه يبدو لنا أن الوصيين رأيا أنهما يوطدان مركز بطليموس السادس على العرش إذا زوجاه من أخته وأشركاها معه في املك في الوقت نفسه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:46 am

بطليموس السادس وكليوبترة الثانية وبطليموس الصغير:

وعندما غزا أنطيوخوس الرابع مصر في عام 170، ووقع بطليموس السادس في قبضته، نادى الإسكندريون بأخ بطليموس الأصغر ملكًا، ولكنه بعد انسحاب أنطيوخوس من مصر قبل 18 من سبتمبر عام 170 أفلحت كليوبترة الثانية في التوفيق بين أخويها، واستقر الرأي على أن يحكم الثلاثة سويًا، لكن الوفاق لم يدم طويلاً بين الملكين الأخوين، وفي عام 163 تم الاتفاق على أن يتولى الأكبر حكم مصر وقبرص على حين يتولى لأصغر حكم قورينائية.

ولدينا ست وثائق هامة يجب أن نأتي على ذكرها وبحثها، أما الوثيقة الأولى فهي بردية ترجع إلى عام 166 / 165 ق. م وقد جاء في هذه الوثيقة "في عهد بطليموس وبطليموس الأخ وكليوبترة الأخت، أبناء بطليموس وكليوبترة الإلهين إبيفانس، في خلال العام الخامس، عندما كان مليكومانوس (Melikomanos) بن .. كاهنًا للإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوباتورس والإلهين إبيفانس والآلهة فيلومتورس، وعندما كانت ... ابنة تومنيوس (Noumenios) كاهنة لبرينيكي يورجتيس و .. ابنة يوماوس كاهنة لأرسينوي فيلادلفوس وكليانتس ابنة نومنيوس كاهنة لأرسينوي فيلوباتور ... أقسم بالملك بطليموس والملك بطليموس الأخ وبالملكة كليوبترة الأخت، الآهلة فيلومتورس، أبناء الإلهين إبيفانس، وبالإلهين فيلوباتورس، وبالإلهين يورجتيس، وبالإلهين إدلفوي، وبالإلهين سوترس، وبكل الآلهة، وبكل الآلهات الأخرى....

أما الوثيقة الثانية فهي خطاب من موظف إلى آخر، نرجح أنه يرجع إلى عام 165 / 164 وقد جاء في هذا الخطاب "يتمتع الملك بطليموس بصحة جيدة، وكذلك الملك بطليموس الأخ، والملكة كليوبترة الأخت .. في خلال العام السادس ....".

أما الوثيقة الثالثة فهي نقش غير مؤرخ لكنه من الفترة التي اشترك فيها في الحكم الأخوة الثلاثة، فقد جاء في صدر هذا النقش: "باسم الملك بطليموس والملك بطليموس الأخ والملكة كليوبترة الأخت الآلهة فيلومتورس".

أما الوثيقة الرابعة فهي نقش وجد على قاعدة تمثال أقيم في مدينة بطوليمس بقورينائية، ونص هذا النقش كالآتي: "أقامت المدينة هذا التمثال لملك بطليموس فيلومتور، أخ الملك بطليموس والملكة كليوبترة". ويرى بعض المؤرخين أن المقصود هنا بالملك بطليموس فيلومتور هو بطليموس الأصغر، وأن التمثال أقيم عندما كان الأخوان يحكمان مصر سويًا، على حين يرى البعض الآخر أن التمثال أقيم للأخ الأكبر، بعد وفاته واشتراك الأخ الأصغر مع كليوبترة الثانية في حكم مصر، لكننا إزاء إقامة التمثال في قورينائية، وإزاء ما نعرفه عن اتفاقية عام 163، التي جعلت بطليموس الأصغر ملكًا على قورينائية، نرجح أن يكون التمثال قد أقيم للملك الأصغر، عندما كان يتولى حكم قورينايئة.

أما الوثيقة الخامسة فهي نقش غير مؤرخ لكن يبدو أنه من تاريخ لاحق لاتفاقية التقسيم في عام 163 لأن بطليموس الأخ ذكر فيه بمفرده دون لقب إلهي، لكن لابد من أن تاريخ النقش سابق على احتدام الخلاف من جديدين الأخوين في عام 162 بدليل ذكره في هذا النقش التكريمي الذي جاء فيه: "باسم الملك بطليموس بين بطليموس وكليوبترة الإلهين فيلومتورس وباسم بطلمويس الأخ ...".

أما الوثيقة السادسة فهي بردية من الجلي أنها من تاريخ لاحق لاتفاقية عام 163، فقد جاء في صدرها: "في عهد بطليموس وكليوبترة الأخت ابني بطليموس وكليوبترة الإلهين ابيفانس، في العام .... عندما كان في الإسكندرية كاهن الإسكندر... والإلهين ابيفانس والإله بوباتور والإلهين فيلومتورس....".

نستخلص إذن من هذه الوثائق: أولا، اشتراك الأخوة الثلاثة سويا في حكم مصر وفي العابدة باسم الآلهة فيلومتورس، بل إن الأخ الأصغر كان يلقب وحده في حياته مثل الأخ الأكبر بالإله فيلومتور، ثانيًا، اتفاق الإخوة الثلاثة، في خلال اشتراك بطليموس الأصغر مع أخيه الأكبر وأخته كليوبترة في حكم مصر، على اعتبار عام ارتقاء الأخ الأصغر الملك بداية لعهد حكمهم سويا، وإلا تعذر علينا تفسير عبارة "العام الخامس" التي وردت في الوثيقة الأولى، وعبارة "ألعام السادس" التي وردت في الوثيقة الثانية، لأنه إذا لم يكن الأمر كذلك فإن العامين المذكورين يشيران إلى العامين الخامس والسادس من حكم الأخ الأكبر أي إلى عامي 176، 175 ق.م. لكن هذا يسبق بمدة طويلة فترة اشتراك بطليموس الأصغر مع أخويه. ثالثًا لم يكن الجديد في الصيغة الرسمية لتأريخ الوثائق، منذ اشتراك الأخوة الثلاثة في الحكم، ذكر بطليموس الأصغر مع أخيه الأكبر فحسب، بل ذكر زوجه بطليموس الأكبر أيضًا، وقد كان ذكر بطليموس الأصغر وليد مقتضيات الظروف وزال بزوالها، أما ذكر زوجة بطليموس الأكبر فهو إن كان أيضًا وليد مقتضيات الظروف إلا أنه لم يزل بزاولها بل ظل باقيا، لأنه منذ ذلك الوقت أصبحت العادة، كما رأينا في الوثيقة السادسة وكما سنرى فيما بعد، ذكر الزوجة مع الملك الحاكم في الصيغة الرسمية لتأريخ الوثائق، فبدلا من أن هذه الصيغة كانت في الماضي "في عهد بطليموس بن ..." أصبحت منذ الآن "في عهد الملك .. والملكة...". ولعل السبب في أن كليوبترة الثانية كانت أول من ذكرت على هذا النحو هو ما كان لها من الفضل في التوفيق بين الأخوين وإقناعهما بالاشتراك سويًا في الملك، رابعًا، بعد اتفاقية التقسيم التي عقدت في عام 163 وانفراد بطليموس السادس وكليوبترة الثانية يحكم مصر وقبرص أصبحا يوصفان في الوثائق باسم الإلهين فيلومتورس.

بطليموس الإله بوباتور:

وفي عام 153/ 152 أشرك بطليموس السادس معه الملك أكبر أبنائه بطلميوس يوباتور (Eupator)، لكنه توفى بعد ذلك بثلاث سنوات تقريبًا، وتدل النقوش على أن هذا الصبي رفع في حياته إلى مصاف الآلهة، ولعل ذلك أن يكون قد حدث عند إشراكه مع أبيه ي الملك. ويتضح من الوثيقة السادسة، التي سبق ذكرها وترجع إلى أواخر عهد أبيه، أنه بعد وفاته قرن في العبادة مع الإسكندر والبطالمة المؤلهين، فقد ورد ذكره في عدادهم بعد جدية الإلهين ابيفانس وقبل أبويه الألهين فيلومتورس.

بطليموس الثامن وكليوبترة الثانية وكليوبترة الثالثة:

وعندما توفى بطليموس السادس في صيف عام 145، خلفه على العرض أرملته كليوبترة الثانية وابنه الصغير بطليموس السابع، الذي كان قد أشكره معه في الملك في أواخر حياته، لكن لما كان بطليموس ملك فورينائيه يتطلع إلى أول فرصة مناسبة للحصول على عرش مصر، فإنه لم يضع هذه الفرصة التي سنحت له. ففي العام نفسه، اغتصب عرش مصر واتخذ لنفسه لقب الإله يورجتيس، الذي كان يحمله بطليموس الثالث، ويميز المؤرخون بطليموس الثامن عن بطليموس الثالث بتسميته الإله يورجتيس الثاني، وقد رأينا أن بطليموس الثامن تزوج أخته التي كانت أرملة أخيه وتعرف حتى ذلك الوقت بالاشتراك مع بطليموس السادس باسم "الإلهين فيلومتورس". أما بعد زواجها من بطليموس الثامن، فإنها كانت تعرف معه باسم "الإلهين يوجرتيس"، وأصبح يشار في الوثائق إلى بطليموس السادس وحده بعبارة "ألإله فيلومتور"، ولكي يخلو الجو لبطليموس الثامن، تخلص من ابن أخيه الذي نرجح أنه كان يدعى "ألإله نيوس فيلوباتور" (Neos Philopator) والذي سنجد اسمه في أواخر عهد بطليموس الثامن (منذ مايو 108) وكذلك في عصر بطليموس التاسع بين سلسلة البطالمة المؤلهين، وقد عرفنا أن بطليموس الثامن تزوج في عام 143 كليوبترة الثالثة، ابنة كليوبترة الثانية وبطليموس السادس، وكانت زوج بطليموس الثامن الجديدة تذكر في الوثائق باسم "الملكة كليوبترة الزوجة" على حين أصبحت كليوبترة الثانية تعرف باسم "الملكة كليوبترة الأخت". ولقد أشرك بطليموس الثامن وكليوبترة الثانية والثالثة في العبادة الرسمية معا وعرفوا جميعًا باسم "ألآلهة يورجتيس"، وأصبح يقال في ديباجة الوثائق "في عهد الملك بطليموس والملكة كليوبترة الأخت والملكة كليوبترة الزوجة عندما كان ... كاهن الإسكندر والإلهين وسوترس و ... والآلهة يورجتيس ..". ويسترعى النظر أنه في عام 135/134 كان كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين أحد أبناء الملك، ويظن أنه كان ابنه الذي عرف فيما بعد باسم بطليموس التاسع سوتر الثاني وكان عندئذ صبيًا يبلغ حوالي السابعة أو الثامنة من عمره.

وعندما فر بطليموس الثامن وكليوبترة الثالثة إلى قبرص في عام 131، انفردت كليوبترة الثانية بالملك واعتبرت ذلك العام بداية لحكمها على انفراد واتخذت عندئذ لقبها القديم "ألإلهة فيلومتور" لا باعتبارها أرملة بطليموس السادس وإنما باعتبارها "الإلهة سوتيرا" (Soteira) تشبهًا بالآلهة إيزيس، فإن وثيقة من العام الثاني من حكمها تتضمن قسمًا بالملكة كليوبترة "الإلهة فيلومتور سوتيرا".

وردًا على ذلك فإن بطليموس الثامن ما كاد يعود من قبرص حتى أنشأ عبادة جديدة لكيلوبترة الثالثة بوصفها الإلهة العظمى إيزيس أم الآلهة وأقام لها كاهنًا خاصًا يعرف باسم "المهر المقدس" ويذكر في تأريخ الوثائق عقب كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين مباشرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:48 am

وبعد نشر وثائق ورد فيها أن اسم هذا الكاهن وكان في عام 120/119 وفي 119/118 بوفرانور وفي عام 116/115 وفي عام 112/111 كراتروس وفي عام 107/106 ديمتريوس، لم يعد هناك مجال للتساؤل هل كان المهر المقدس كاهنًا أم كاهنة، فكل الادلة تضحد رأي بوشيه لكلرك وتؤيد رأي فيلكن القائل بأنه كاهن وليس كاهنة، وهذه الأدلة تضحد أيضًا رأي فليكن القائل بأن وظيفة هذا الكاهن ألغيت أو على الأقل استبعدت من الوثائق الرسمية عقب المصالحة مع كليوبترة (أي بعد عام 124) ثم أعيدت ثانية عندما تولت كليوبترة الثالثة الملك مع ابنها بطليموس التاسع، فقد رأينا أن ذكر هذا الكاهن ورد على الأقل في وثيقتين مع ابنها بطليموس التاسع، فقد رأينا أن ذكر هذا الكاهن ورد على الأقل في وثيقتين إحداهما من عام 120/119 والثانية من عام 119/118 أي في أثناء الفترة التي استأنف فيها الملوك الثلاثة الحكم سويًا مرة أخرى.

وعندما تم الصلح بين بطليموس الثامن وأخته في عام 124، وعادت كليوبترة الثانية إلى الإسكندرية، حيث استردت مركزها باعتبارها "كليوبترة الأخت" أصبحت تذكر في ديباجة الوثائق قبل ابنتها "كليوبترة الزوجة" وأصبح الملوك الثلاثة يشركون ثانية في العبادة الرسمية معا باسم الآلهة يورجتيس. ويبدو أنه إرضاء لكليوبترة الثانية، قرر بطليموس الثامن أن يدرج في قائمة البطالمة المؤلهين ابنها الذي قتله عندما اغتصب العرش بعد وفاة بطليموس السادس، ذلك الابن الذي يرجح أنه كان يدعى الإله "نويس فيلوباتور" فقد ورد ذكر هذا الإله الجديد في وثيقة ديموتيقية ترجع إلى العام الثاني والخمسين من حكم بطليموس الثامن، أي إلى عام 118 الذي صدر فيه القرار الذي سبقت الإشارة إليه، كما ورد ذكره في وثائق أخرى.

ولقد عرفنا أن كليوبترة الثانية تزوجت أولاً أخاها بطليموس السادس، ثم تزوجت بعد وفاته بطليموس الثامن، ولذلك كان يمكن إشراكها مع أيهما، ومن ثم نلاحظ أنه بعد وفاة كليوبترة الثانية أشكرت مرة مع بطليموس السادس، فقد ورد في نقش أسوان (Syene) في سياق سرد البطالمة المؤلهين "... والإلهين فيلومتورس والإله نيوس فيلوباتور والإله يورجتيس والإلهين فيلومتورس سوترس..". لكن بعد ذلك، كان كتاب الوثائق المصريون على الأقل إما يشركونها مع بطليموس يورجتيس الثاني أو يذكرون الإله يورجتيس الثاني وإلى جانبه الإله فيلومتور، أو يذكرون الآلهة يورجتيس الثلاثة باعتبارها ثالوثًا يضم بطليموس الثامن وكليوبترة الثانية والثالثة، أما كتاب الوثائق الإغريقية فيبدو أنهم درجوا على حذف اسم كليوبترة الثانية من قائمة البطالمة المؤلهين، فلا نجد لها أي ذكر في كثير من الوثائق الأغريقية.

كليوبترة الثالثة وبطليموس التاسع:

وبعد وفاة بطليموس الثامن يورجتيس الثاني، اتخذت كليوبترة الثالثة لنفسها لقب "الإله فيلومتور سوتر" وخلعته على ابنها بطليموس التاسع عندما أشركته معها في الملك، فقد ورد ذكرهما باسم "الإلهين فيلومتورس سوترس" في النقش الذي يحفظه نصب أسواب، وفي بدرية تتضمن التماسا.

وترينا الوثائق أنه قد ظهر عندئذ من جديد كاهن الإلهة العظمى إيزيس أم الآلهة مما يدل على أن هذه الإله هي كليوبترة الثالثة. ولم تكتف كليوبترة الثالثة بكل هذه الألقاب المقدسة، فقد خلعت على نفسها أيضًا لقب "العادلة" (Dikaiosune) ولقب "المنتصرة" (Nikephoros) وأنشأت لعباداتها الخاصة ثلاث كاهنات (Hiereia و stephanophoros و Phosphoros) أدمجت بين كاهنات الملكات المؤلهات، وقد ذكرت هذه الألقاب والكاهنتان الأولى والثانية في بردتين إغريقيتين، بتاريخ 4 ديسمبر 112 و 13 فبراير 111، وذكر المهر المقدس وهذه الألقاب والكاهنات الثلاث الجديدة في أربع برديات ديموتيقية، الأولى من عام 116 والثانية من عام 111 والثالثة والرابعة من عام 108، وكذلك في أربع برديات إغريقية بتاريخ 15 أكتوبر 110 و 2 فبراير 109 و 15 فبراير و 16 ديسمبر 108 على التوالي. ولما كانت الصيغة متشابهة في هذه البرديات الأربع، فإننا نأتي على ما ورد في صدر أولاها:" في عهد كليوبترة وبطليموس الإلهين فيلومتورس سوترس، عندما كان يوجد في الإسكندرية كاهن للإسكندر والإلهين سوترس والإلهين أدلفوي والإلهين يورجتيس والإلهين فيلوبرباتورس والإلهين إبيفانس والإله يوباتور والإله فيلومتور والإله نيوس فيلوباتور والإله يورجتيس (الثاني) والإلهين فيلومتورس سوترس، وعندما كان يوجد المهر المقدس لايزيس العظمى أم الآلهة، وعندما كانت توجد كاهنة (Stiphanophoros) الملكة كليوبترة الإلهة فيلومتور سوتر العادلة المنتصرة، وعندما كانت توجد كاهنة برينيكي يورجتيس، وعندما كانت توجد كاهنة (phosporhos) الملكة كليوبترة الإلهة فيلومتور سوتر العادلة المنتصرة، وعندما كانت توجد كاهنة أرسينوي فيلادلفوس، وعندما كانت توجد كاهنة (Hiereia) الملكة كليوبترة الإلهة فيلومتور سوتر العادلة المنتصرة، وعندما كانت توجد كاهنة أرسينوي فيلوباتور، وباشر كل هؤلاء عملهم في الإسكندرية..".

ويبدو أن كليوبترة الثالثة كانت صاحبة الكلمة العليا، وتسيطر على ابنها بطليموس التاسع سيطرة تامة، ونستدل على ذلك من شيئين، وأحدهما أن اسمها كان يذكر في الوثائق قبل اسم ابنها، والآخر أنه لم يرد في أغلب الوثائق أي ذكر لكليوبترة الرابعة ولا كليوبترة سليني، اللتين تزوجهما بطليموس التاسع على التعاقب، لكنها لكي لا تثير غضب زوجة ابنها اكتفت بأن تثبت في الوثائق عبارة غامضة هي "في عهد الملكة كليوبترة و الملك بطليموس" بدلا من أن تذكر في عهد الملكة كليوبترة وابنتها الملك بطليموس، إلا أنه لا يخالج الشك أحدًا في أن الملكة التي ورد ذكرها قبل الملك لم تكن سوى كليوبترة الثالثة، ومع ذلك يبدو أنه في بعض الأحيان كان بطليموس التاسع يتحرر من ربقة أمه، ففي بردية من العام السادس من حكمه (112 ـ 111) ذكر اسم كليوبترة سليني بدلاً من اسم كليوبترة الثالثة، وهذا يبدو غريبًا، لأن الوثائق الأخرى التي ترجع إلى ذلك العام لا تذكر كليوبترة الثالثة فحسب، بل تذكر أيضًا ألقابها الجديدة التي مر بنا ذكرها.

ومما يجدر بالذكر أن الوثائق التي ترجع إلى الأعوام الثاني (116 ـ 115) والثالث (115 ـ 114)، والرابع (114 ـ 113)، والخامس (113 ـ 112) والسادس (112 ـ 111) والثامن (110 ـ 109) والتاسع (109 ـ 108) والحادي عشر (107 ـ 106) من حكم بطليموس التاسع، تذكر أن هذا الملك نفسه كان يتولى منصب كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين، فقد ورد مثلاً في وثيقة ترجع إلى العام الرابع من حكمه (114 ـ 113) "في عهد الملكة والملك بطليموس الإلهين فيلومتورس سوترس، في خلال العام الرابع، عندما كان الملك بطليموس الإله فيلومتورستوتر كاهنًا للإسكندر، والإلهين سوترس، والإلهين أدلفوي، والإلهين يورجتيس، والإلهين فيلوباتورس، والإلهين إبيفانس، والإله بوباتور، والإله فيلومتور، والإله نيوس فيلو باتور، والإلهين إبففانس، والإله يوباتور، والإله فيلومتور، والإله نيوس فيلوباتور، و الإله يورجتيس (الثاني)، والإلهين فيلومتورس سوترس، وعندما كان مهر مقدسًا للإلهة العظمى إيزيس أم الآلهة....".

وجدير بالملاحظة أنه لم يظهر في كثير من هذه الوثائق لقب العادلة والمنتصرة اللذان كانت كليوبترة الثالثة قد اتخذتهما، عندما كانت تتولى الحكم بالاشتراك مع ابنها بطليموس التاسع، ولا شك في ان تولي بطليموس التاسع منصب الكاهن الأكبر في الديانة الإغريقية العامة بعد ارتقائه العرش، كان حقًا حدثا جديدا من حيث أنه لم يتول ملك قبله هذا المنصف لكنه لم يكن حدثا جديدا على الإطلاق، فقد كان فرعون إلها مصريا وكاهنًا أكبر في الديانة المصرية، ولعل بطليموس التاسع قد أراد أن يتشبه بالفراعنة في هذه الناحية، وعلى كل حال يبدو لنا أن ما فعله بطليموس التاسع، بعد ارتقائه العرش، كان نتيجة لتوليه ذلك المنصب نفسه في الديانة الأغريقية عندما كان وليا للعهد، وربما أراد بطليموس التاسع أن يثبت أن هذا المنصب كان رفيعًا، إلى حد أن الملك الحاكم كان لا يرى غضاضة في أن يتولاه هو نفسه، ولقد مر بنا أن وثيقة من العام السادس من حكم بطليموس التاسع تذكر أنه كان يتولى ذلك المنصب الدين إذ ذاك، فكيف نفسر إذن ما ورد في وثيقة رسمية أخرى من أنه، في شهر بابه من العام السادس من حكم هذا الملك أي في بداية ذلك العام، كان أرتميدوروس (Artemidoros) بن سوتون (Sotion) يتولى منصب كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين؟ يرجح أوتو أن أرتميدوروس لم يكن في الواقع كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين وإنما كان كاهن الإلهة العظمى إيزيس أم الآلهة، وهو ما يتضح من وثائق أخرى معاصرة، ولكن تولي أر تميدوروس منصب كاهن إيزيس أم الآلهة لا يمنع أنه كان أيضًا كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين، ولا سيما أنه في العام الرابع كان الملك كاهنًا للإسكندر والبطالمة المؤلهين وكذلك كاه ن الإلهة العظمى إيزيس، وعندنا أن تفسير ذلك ليس عسيرًا، إذ لا يبعد أن الملك لم يكن عندئذ إلا كاهنًا صوريًا على نحو ما كان فرعون في الديانة المصرية وعلى نحو ما كان هو نفسه عندما تولى هذا المنصب الديني وهو أمير في السابعة أو الثامنة من عمره، وأن أرتميدوروس كان الكاهن الحقيقي الذي يقوم بدلا منه بطقوس العبادة مثل ما كان كهنة الديانة المصرية يقومون بطقوس العبادة بدلاً من فرعون.

كليوبترة الثالثة وبطليموس العاشر:

وعندما أشركت كليوبترة الثالثة معها في الملك ابنها الأصغر، الذي عرف باسم بطليموس العاشر الإسكندر الأول، كانا يذكران في بعض الوثائق باسم الإلهين "فيلومتورس" فقط، ولكنه يتبين من وثائق كثيرة أنما كانا يذكران عادة باسم الإلهين "فيلومتورس سوترس".

ويبدو أن بطليموس العاشر اقتفى أثر خطوات أخيه بطليموس التاسع، وتولى منصب كاهن الإسكندر والبطالمة المؤلهين من عام 107 حتى 101.
ونلاحظ نه قد ورد في وثيقة ترجع إلى عام 112 ق.م. ما يأتي: "عندما كان أرتميدوروس بن سوتيورن كاهنا للإسكندر و ... و ... والإله يورجتيس والإلهة يورجتيس والإله فيلومتورسوتر". ولا شك في أن الآلهة يورجتيس المذكورة هنا هي كليوبترة الثالثة لأنها لو كانت كليوبترة الثانية لاكتفت الوثيقة بأن تقول "والإلهين يورجتيس". أما ذكر الإله يورجتيس والإلهة يورجتيس على انفصال، فإنه دليل على الرغبة في التمييز بين الملك المتوفي والملكة الحاكمة، ولا سيما أن الوثائق تذكر عادة اسم الملكين الحاكمين في آخر قائمة البطالمة المؤلهين، وقد ورد في وثيقة أخرى من عام 104: "باسم الملكة كليوبترة الإلهة يورجتيس والملك بطلميوس الملقب بالإسكندر"، ومن ثم يتضح إذن أن كليوبترة الثالثة كانت تسمى أحيانًا بمفردها الإلهة يورجتيس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:49 am

بطليموس العاشر وبرينيكي الثالثة:

وما كاد بطليموس العاشر يتحرر من ربقة أمه بوفاتها بين 14 و 26 أكتوبر عام 11 حتى أشرك معه زوجه وقرن اسمها باسمه في ديباجة الوثائق، التي كثيرًا ما نجدها على النحو التالية: في عهد بطليموس الملقب بالإسكندر الإله فيلومتور والملكة برينيكي الإلهة فيلادلفوس في خلال العام الرابع عشر عندما كان يوجد كاهن للإسكندر والآخرين ....". وجدير بالملاحظة هنا أن بطلميوس لقب بالإله "فيلومتور" على حين أن زوجه برينيكي لقبت بالإلهة "فيلادلفوس". وهذه هي أول مرة فيما نعرف لا يحمل فيها الملكان الزوجان اللقب نفسه، لكن هذه ليست الوثيقة الوحيدة من ذلك العام (101 ق.م) التي يحمل فيها كل من هذين الزوجين لقبًا مختلفًا عن لقب الآخر. فقد جاء في نقش من العام نفسه: "باسم الملك بطليموس الملقب بالإسكندر الإله فيلومتور وباسم الملكة برينيكي الأخت الإلهة فيلادلفوس". ومما يجدر بالملاحظة هنا أنه أطلق على برينيكي، زوج الملك وابنه أخيه، لقب الأخت مثل ما أطلق من قبل على برينيكي زوج بطليموس الثالث التي لم تكن أخته كذلك.

ولم يستمر بطليموس إسكندر وزوجه برينيكي يحملان لقبين إلهين مختلفين وإن استمرت برينيكي تدعى الأخت، إذ كانا في بعض الأحيان يدعيان الإلهين "فيلومتورس"، وفي البعض الآخر الإلهين "فيلومتورس سوترس"، فقد جاء في وثيقة ترجع إلى عام 98 ق.م "في عهد بطليموس الملقب الإسكندر وأخته برينيكي، الإلهين فيلومتورس، في خلال العام السادس عشر، عندما كان يوجد كهنة وكاهنات...". وجاء في وثيقة من عام 99 ق.م. "في عهد بطليموس الملقب بالإسكندر وأخته برينيك، الإلهين فيلومتورس سوترس، في خلال العام الخامس عشر..." وجاء في نقش من عام 94 ق.م. "باسم الملك بطليموس الملقب بالإسكندر والملكة كليوبترة الأخت الإلهين فيلومتورس سوترس....".

ويلاحظ أن الوثائق لم تعد تذكر في ديباجتها كل البطالمة المؤلهين ولا أسماء كهنتهم. ولعل هذا يرجع إلى الرغبة في الاختصار بعد أن طالت قائمة الملوك المؤلهين وكذلك قائمة الكهنة والكاهنات.

بطليموس التاسع وابنته برينيكي الثالثة:

وقد مر بنا أنه عقب وفاة بطليموس العاشر ف يعام 88 عاد بطليموس التاسع من قبرص إلى مصر واستدعى ابنته برينيكي وأشركها معه في الملك، وأن بطليموس التاسع كان يعرف بالاشتراك مع والدته كليوبترة الثانية باسم "الآلهين فيلومتورس سوترس"، وأن برينيكي كانت تعرف "بالإلهة فيلادلفوس" في عهد بطليموس العاشر، عقب وفاة كليوبترة الثالثة، ويبدو أنه عندما أشرك بطليموس التاسع معه ابنته برينيكي أدمج لقبيهما السابقين في بعضهما، فقد ذكر بطليموس التاسع وحده في إحدى الوثائق باسم "الإله الأكبر فيلومتور فيلادلفوس سوتر" وذكر الاثنان سويًا في وثيقة أخرى باسم "الإلهين فيلادلفوي فيلومتورس سوترس".

وعندما توفى بطليموس التاسع خلفته ابنته برينيكي الثالثة على العرش، وحكمت بمفردها فترة وجيزة إلى أن أرسل صلا دكتاتور روما ابن بطليموس العاشر إلى الإسكندرية، ليتزوج ابنة عمه ويشترك معها في الملك. لكنه لم يمض على ذلك ثلاثة أسابيع، حتى كان بطليموس الحادي عشر الإسكندر الثاني قد قتل برينيكي، فثار عليه الإسكندريون وقتلوه.

بطليموس الثاني عشر وكليوبترة تريفاينا:

وبعد ذلك اختار الإسكندريون ابنين لبطليموس ابنين لبطليموس التاسع، تولى أحدهما حكم مصر والآخر قبرص، ويبدو أن بطليموس الثاني عشر تزوج عقب ارتقائه العرش مباشرة سيدة تدعى كليوبترة تريفاينا (كليوبترة السادسة)، فإن وثيقتين إحداهما إغريقية والثانية ديموتيقية ترجعان إلى عام 79 تذكران الملك وزوجه اللذين رفعا إلى مصاف البطالمة المؤلهين باسم "الإلهين فيلوباتورس فيلادلفوي". وتردد ذلك وثيقة ديموتيقية من عام 78. وقد ورد في صدر وثيقتين ترجعان إلى عام 73، إحداهما إغريقية والأخرى ديموتيقية: "في عهد بطليموس وكليوبترة التي تدعى أيضًا تريفاينا، الإلهين فيلوباتورس فيلادلفوي، خلال العام الثامن...".

وفي نقشين إغريقيين غير مؤرخين لكنهما من عهد هذا الملك جاء فيهما: باسم الملك بطليموس والملكة كليوبترة، وتدعى أيضًا تريفاينا، وهما الإلهان فيلوباتورس فيلادلفوي. وقد ورد ذكر الإلهين فيلوباتورس فيلادلفوي كذلك في نصب جنازي ديموتيقي من عام 73، وفي نقشين إغريقيين أحدهما من 5 مايو عام 69 والآخر من 7 أغسطس عام 69 ق.م.

ومما يجدر بالملاحظة أن بطليموس الثاني عشر وكليوبترة تريفاينا قد وصفا في نقش بتاريخ 17 يناير عام 79 بأنهما الإلهان فيلوباتورس فقط، ونحن لا نعرف عن يقين من كانت كليوبترة تريفاينا، لكن لعل أرجع الاحتمالات أنها كانت ابنة بطليموس التاسع، أي أخت بطليموس الثاني عشر، ويؤيد ذلك أنه وردت في نقش إغريقي غير مؤرخ هذه العبارة" باسم الملك بطليموس والملكة كليوبترة، وتدعى أيضًا تريفاينا وهي زوجته وكذلك أخته، وهما الإلهان فيلوباتورس فيلادلفوي".

وقد أضاف بطلميوس الثاني عشر إلى لقبه الرسمي لقبًا آخر هو "نيوس ديونيسوس". وأول وثيقة تعرف حتى الآن أنه ورد فيها هذا اللقب ترجع إلى عام 64-63 ق.م. وقد جاء في هذه الوثيقة: "في عهد بطليموس الإله نيوس ديونيسوس فيلوباتور فيلادلفوس، خلال العام الثامن عشر وباقي الصيغة الرسمية كما هو مثبت في الإسكندرية...". وجدير بالملاحظة أيضًا أن كليوبترة تريفاينا لم تذكر في صيغة تأريخ هذه الوثيقة، وإن لم تكن هذه هي المرة الأولى التي لم تذكر فيها كليوبترة تريفاينا في الوثائق، فقد اختفى اسمها من الوثائق بعد 7 أغسطس عام 69 ق.م. إلى أن نجد نقشًا في معبد أدفو يحدثنا بأن بناء هذا المعبد، الذي ساهم فيه كثيرون منملوك البطالمة منذ عام 237 ق.م قد تم في العام الخامس والعشرين من عهد بطليموس أوزيريس الصغير، وزوجه الملكة كليوبترة الملقبة تريفاينا، عندما وضعت الأبواب الخشبية المغطاة بالبرونز في المدخل في اليوم الأول من شهر كيهك (5 ديسمبر 57 ق.م).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر




البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالأحد أبريل 05, 2009 2:51 am

برينيكي الرابعة:

وقد مر بنا أنه عندما فر بطليموس الثاني عشر "الزمار" إلى روما في صيف عام 58 تولت الحكم ابنته برينيكي الرابعة، وأن أمها كليوبترة تريفاينا حكمت معها إلى أن توفيت بعد نحو من عام، وأن برينيكي تزوجت بعد ذلك أولاً "سلوقس السماك" لبضعة أيام، وثانيًا أرخلاوس لمدة عام تقريبًا ثم لقي الزوجات حفتهما في عام 55. والوثائق التي من فترة حكم برينيكي الرابعة قليلة ومبتورة ولا تمدنا بمعلومات عن التأليه والألقاب الإلهية أكثر من أن برينيكي توصف مرة بأنها "إلهة" ومرة أخرى بأنها الإله "إبيفاني" (الظاهرة).

بطليموس الثاني عشر بعد استعادة عرشه:

وماذا حدث عندما استعاد بطليموس الثاني عشر عرضه وأعدم ابنته برينيكي لرابعة؟ لقد جاء في بردية أغريقية بتاريخ 24 يونيه عام 55 "من عهد الملك الكبير بطلميوس" مما يوحي بأنه كان لبطليموس الثاني عشر شريك واحد أو أكثر أصغر منه سنًا، ويتأيد ذلك بما ورد أولاً في نصب ديموتيقي، فقد جاء فيه: "في العام الثامن والعشرين من عهد الملوك الأحياء إلى الأبد ..."؛ وثانيًا في نصب أغريقي، فقد جاء فيه "باسم الملك بطليموس الإله ينوس ديو نيسوس وأبنائه الآلهة نيوي فيلا دلفوي...". وإزاء ذلك يتبين أمران، أحدهما أن بطليموس الثاني عشر حمل ثانية ألقابه الإلهية التي سبق أن حملها قبل فراره، والآخر أنه أشرك معه في الملك، فيما يرجح، أكبر أولاده اللذين أوصى بأن يخلفاه على العرش، وهما كليوبترة السابعة وبطليموس الثالث عشر ورفعهما إلى مصاف الآلهة باسم الإلهين نيوي فيلادلفوي.

كليوبترة السابعة والبطالمة 13 و14 و 15:

وبعد وفاة بطليموس الثاني عشر، خلفه على العرش ابناه كليوبترة السابعة وبطليموس الثالث عشر. ويحتمل أن لقبهما المقدس كان "الإلهين فيلوباتورس"، مثل ما كان لقب كليوبترة وأخيها الأصغر بطليموس الرابع عشر، الذي أشركه قيصر مع كليوبترة في عام 47 بعد وفاة بطليموس الثالث عشر في حرب الإسكندرية، فقد ورد في بردية إغريقية بتاريخ 26 من يوليو عام 44 ق.م. "في العام الثمن من حكم كليوبترة وبطليموس، الإلهين فيلوباتورس، وباقي الصيغة كما هو مثبت في الإسكندرية...". وتثبت هذه الوثيقة حقيقة أخرى، وهي أن بطليموس الرابع عشر كان لا يزال على قيد الحياة بعد عودة كليوبترة من روما، عقب مقتل يوليوس قيصر في منتصف مارس 44 ق.م. لكنه توفي في خلال ذلك العام، فأشركت كليوبترة معها ابنها بطليموس الخامس عشر قيصر، الذي أطلق عليه الإسكندريون لقب "قيصرون". وقد استمرت كليوبترا تعرف بالإلهة "فيلوبانور"، أما ابنها فكان يعرف بالإله "فيلوباتور فيلومتور" ونستدل على ذلك من أربعة مصادر إغريقية ومصدر ديموتيقي، وأحد المصادر الإغريقية نقش على نصب وجد في هيرا كليوبوليس، وهو يتضمن آخر قرار أصدره. البطالمة ملوك مصر، ويرجع إلى العام الحادي عشر من حكم كليوبترة بتاريخ 13 أبريل عام 41 ق.م. وقد جاء في هذا النقش: "الملكة كليوبترة الإلهة فيلوباتور والملك بطليموس، الذي يدعى أيضًا قيصر، الإله فيلوباتور فيلومتور، يحييان قائد مديرية هيراكليبوليس...". أما المصدر الثاني فهو بدرية إغريقية لا يعرف تاريخها بالضبط، لكنها ترجع إلى حكم كليوبترة وابنها قيصرون، فقد ورد في صدرها: "في عهد كليوبترة الإلهة فيلوباتور وبطليموس ابن قيصر الإله فيلوباتور وفيلومتور، في خلال العام.. وباقي الصيغة كما هو مثبت بالإسكندرية".

أما المصدر الثالث فهو نصب إغريقي عثر عليه في كوركديلوبوليس بالفيوم وجاء فيه "باسم الملكة كليوبترة الإلهة فيلوباتور والملك بطليموس الذي يدعي أيضًا قيصر الإله فيلوباتور فيلو متور".

أما المصدر الرابع فهو نصب في تورينو نقش عليه قرار باللغتين الديموتيقية والإغريقية، ويبدأ النص الإغريقي بالعبارة التالية: في عهد كليوبترة الإلهة فيلوباتور وبطليموس الذي يدعي أيضًا قيصر، الإله فيلوباتور...". وللأسف أن الجزء الذي ذكر فيه التاريخ قد ضاع، فحاول أحد المؤرخين الحديثين استكماله بالعبارة التالية: "في العام العاشر من (حكم كليوبترة) وهو العام الثاني (من حكم بطليموس قيصر) أي عام 43 و 42"، ومعنى هذا أنه كان يستخدم في تاريخ الوثائق عهدان: عهد كليوبترة وعهد ابنها، لكن يبدو أن كليوبترة لم تستخدم هنا إلا سني حكمها فقط، على نحو ما جاء في نصب هيرا كليو بوليس الذي سبقت الإشارة إليه، فهو أيضًا لم يؤرخ إلى بسني عهد كليوبترة فقط.

وقد سبق أن أوضحنا في معرض الكلام عن السياسة الخارجية أنه منذ عام 36 ق.م نجد الوثائق البردية والعملة في مصر وكذلك في سوريا مؤرخة بسني عهدين، لا شك في أن أحدهما هو عهد كليوبترة منذ اعتلائها عرش مصر، أما الآخر فإن أكثر المحدثين اليوم يأخذون برأي بورفيريوس ويرون أنه عهد كليوبترة باعتبارها ملكة خالكيس وغيرها من الأقاليم الآسيوية التي حصلت عليها في العام السادس عشر من حكمها (عام 36).

والمصدر الديموتيقي عبارة عن بردية جاء فيها "في عام بؤونة عام 16 ، 12 يونية عام 36) من عهد الملكة كليوبترة الإلهة فيلوباترو والملك بطليموس الذي يدعي أيضًا قيصر، الإله فيلوباتور فيلومتور".

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
نشوى احمد محمود
مشرف Supervisor
مشرف Supervisor
نشوى احمد محمود


الابراج : الميزان

عدد المساهمات : 360
تاريخ الميلاد : 22/10/1989
العمر : 35
نقاط : 646
تاريخ التسجيل : 08/10/2009

بطاقة الشخصية
تربوي:

البطالمة وتأليه أنفسهم Empty
مُساهمةموضوع: رد: البطالمة وتأليه أنفسهم   البطالمة وتأليه أنفسهم I_icon_minitimeالخميس فبراير 04, 2010 2:00 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البطالمة وتأليه أنفسهم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» البطالمة ونصب أنفسهم فراعنة
» وفى أنفسهم أفلا يبصرون
» دور المشرف التربوي ومعيقات أدائه من وجهة نظر المشرفين أنفسهم في ضوء بعض المتغيرات في سلطنة عمان
» البطالمة و اليهود
» الجيش .قوات البطالمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي :: التاريخ الإسلامي The Islamic History-
انتقل الى: