الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ...وبعد
فيحمل هذا الملف موضوعا بعنوان (دور المشرف التربوي ومعيقات أدائه من وجهة
نظر المشرفين أنفسهم في ضوء بعض المتغيرات في سلطنة عمان)
إعداد د/ صالحة عبدالله عيسان ود/ وجيهة ثابت العلي
وللاطلاع على الجداول يمكن الرجوع لمجلة رسالة الخليج العدد (106) الملخص
يسعى الإشراف التربوي من خلال أدواره والمهام الموكلة له إلى غاية أساسية تتمثل في تحقيق جودة التعلم وتحسين نوعيته، كونه من العمليات التربوية الحيوية المصاحبة لعلميتي التعليم والتعلم في المدرسة، إلى جانب كونه حلقة اتصال فاعلة بين المدرسة والأجهزة الإدارية والفنية في مديريات التربية ووزارة التربية والتعلم. من هنا جاءت هذه الدراسة للكشف عن واقع الممارسات للإشراف التربوي في سلطنة عمان من خلال الأدوار التي يقوم بها ومعيقات أدائها من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
1- ما واقع الممارسات في الإشراف التربوي في سلطنة عمان من وجهة نظر المشرفين التربويين؟
2- هل يختلف واقع ممارسات الإشراف التربوي من وجهة نظر عينة الدراسة باختلاف النوع، ونوع الإشراف، ومستوى التعليم، وعدد سنوات الخبرة في التدريس، وفي الإشراف التربوي، وإجراء بحوث في مجال الإشراف التربوي؟
ومن أجل الكشف عن واقع الممارسات الإشرافية، تم إجراء دراسة ميدانية على عينة من المشرفين التربويين بلغ عددهم (70) مشرفا، ممثلين نسبة(11.4%) من المجتمع الكلي. تم استخدام الاستبانة كأداة رئيسية لجمع البيانات وتكونت من خمسة محاور هي: المبادئ الإشرافية، وخصائص الإشراف التربوي، واهتماماته والمشكلات التي تواجه الإشراف التربوي ومعيقات تطويره. وقد تم التحقق من صدقها وثباتها حيث بلغ معامل الثبات الكلي (0.884).
أظهرت نتائج الدراسة أن أقل المتوسطات الحسابية في استجابات عينة الدراسة سجلت في محوري المشكلات التي تواجه الإشراف التربوي ومعيقات تطويره، في حين أن أعلى المتوسطات الحسابية سجلت لصالح محوري خصائص الإشراف التربوي ومبادئه. كما أظهرت النتائج أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية عند مستوى (α = 0.05) بين المتوسطات الحسابية لاستجابات عينة الدراسة في محور مبادئ الإشراف التربوي، لصالح المشرفين التربويين من ذوي المؤهل العلمي فئة(أعلى من بكالوريوس). كما أظهرت نتائج الدراسة، أن هناك فروقاً ذات دلالة إحصائية في محور اهتمامات المشرفين التربويين لصالح فئة عدد سنوات الخبرة في الإشراف(أكثر من 5 سنوات). أما في محوري مشكلات الإشراف التربوي ومعيقات تطويره، فقد أظهرت نتائج الدراسة أن هناك فروقا ذات دلالة إحصائية لصالح فئة المشرفين ذوي خبرة ( 5 سنوات فاقل). وبناءً على نتائج الدراسة تم وضع العديد من التوصيات والمقترحات.
أهمية الدراسة والحاجة إليها:
مقدمة
تحرص النظم التربوية باستمرار على تطوير عناصر منظومتها حفاظا على ديمومتها وفاعليتها، ويمثل الإشراف التربوي أحد مكوناتها الأساسية المرتبط بتقويم أدائها الذي نال اهتماما كبيرا منذ بدايته تحت مفهوم تفتيش التعليم وصولا به إلى مفهوم الإشراف التربوي بخصائصه ومهامه المتنوعة، وأدواره المتعددة، وكفاياته اللازمة في مواجهة المشكلات التربوية المرتبطة بتطوير بيئة التعلم وزيادة فاعلية المعلمين المستجدين(المبتدئين) (Invoice Teachers) خاصة غير المؤهلين (Unqualified Teachers).
يهدف الإشراف التربوي إلى غاية أساسية تتمثل في حسن استثمار وتوظيف الإمكانات المتاحة في المدرسة التي تخدم عملية تنفيذ المنهاج والخطط المنبثقة من البرامج التطويرية المستحدثة (فيفي ودنلاب،1993 :25). من هنا نبعت أهمية الإشراف التربوي بدءاً من سلطته ومهامه والأدوار المتوقعة، التي بمجملها تسعى إلى تحسين عملية التعليم والتعلم، تلك السلطة التي تعتمد أساسا على الثقة والاقتناع والحوار المتبادل (عطاري، عيسان، وجمعة 2005:86).
يسعى الإشراف التربوي في مجمله إلى تحقيق جودة التعليم وتحسين نوعيته كونه من العمليات التربوية المصاحبة لعملية التعليم والتعلم في المدرسة، حيث يقوم باتخاذ جميع الأساليب والإجراءات اللازمة للتعرف على احتياجات العملية التربوية ومتطلبات تحسين مستوى أدائها الشامل وصولا إلى التمكين
(Greene,1992)، كما وأنه يمثل حلقة الاتصال بين الميدان التربوي والأجهزة المسؤولة عنه، فهو يرتبط بالجانب الفني لوزارة التربية والتعليم ويمدها بالمعلومات الحقيقية عن إيجابيات العمل ومناحي تطويره التي في ضوئها يتم اتخاذ القرارات (لإبراهيم ،2002: 37-42؛ العمري، 2000 :5).
يكتسب الإشراف التربوي أهميته من خلال الخدمات الفنية التي يقدمها والمتمثلة في متابعة العملية التربوية ومعايشة مشكلاتها، ثم وضع الحلول المناسبة لها، فهو حلقة الاتصال بين الميدان والأجهزة الإدارية والفنية التي تشرف على عملية التعليم والتعلم، علما بأن التوسع في الخدمات التعليمية مع انتشار المدارس وازدياد عددها يفرض الحاجة إلى وجود مشرفين متخصصين في مواد الدراسة المختلفة ليقوموا بمهمة الإشراف على أعمال المعلمين، ومساعدتهم وتمكينهم من تحقيق الأهداف المنشودة (الخطيب والخطيب 2002:32-33؛Silva & Dana, 2001). كما تتعدد وتتنوع وظائف المشرف التربوي وأدواره حيث أشار كل من الطعاني (2005:22) وأحمد (2003: 65) إلى العديد من الوظائف التي يدور معظمها حول تحسين الأداء التربوي وزيادة فاعليته المتمثلة في مساعدة المعلمين على استيعاب وظيفتهم والإيمان بها، وفهم الأهداف التربوية وترجمتها إجرائيا في الأداء المدرسي اليومي،. إضافة إلى مساعدة المعلمين على متابعة كل جديد ومتطور في مادة التخصص (Hounshell & Madrazo, 1997) والعمل على التنسيق بين جهود المعلمين، وتقويم العملية التربوية تقويما سليما فضلا عن تطوير علاقه المدرسة بالمجتمع المحلي.
أما فيما يتعلَّق بالمبادئ التي تحكم العلاقة بين المشرف التربوي والمعلم، نجد أن المغيدي (2001: 26) أشار إلى أنها ذات المبادئ التي تحكم كل قائد ديمقراطي بمن يعملون معه، ولعل تلك المبادئ تتمركز حول تقدير المشرف التربوي للجهد المبذول من قبل المعلم، وحماية المعلم ورفع الروح المعنوية له وإشباع حاجاته الأساسية، كما يتسم اتصاله بالمتعلم بالوضوح والدقة والموضوعية والفهم العميق المتبادل، إلى جانب سعيه المتواصل في تقوية أواصر العلاقات المهنية والاجتماعية بينه وبين المعلمين من جهة وبين المعلمين أنفسهم من جهة أخرى، وأن يعمل على تحقيق تكافؤ الفرص بين المعلمين وتنمية قدراتهم في توظيف واستخدام الوسائل والتقنيات التعليمية وإستراتيجيات التدريس الحديثة، إضافة إلى تشجيع المعلمين على البحث العلمي لدراسة المشكلات والظواهر التربوية والتعليمية على حدٍ سواء.
أما بالنسبة إلى كفايات الإشراف التربوي وأساليب تطويرها فقد عرض دريج (2006: 22-35) نموذجاً لتطبيق مبدأ الكفايات في مجال الإشراف التربوي، متضمنا مهام متعددة يقوم بها المشرف التربوي بدءا من الاتصال الإيجابي مع المعلمين، وإثارة دافعيتهم، وتشجيعهم على النمو المهني، وتهيئة الظروف المناسبة لإحداث التغير اللازم لتطوير العملية التعليمية – التعلمية من خلال استخدام سلطة التأثير الشخصي التي تقوم على النزاهة والصراحة والثقة بدلا من سلطة الأنظمة والقوانين الرسمية، ومن خلال ما اكتسبه المشرف من كفايات والتي ترتبط عضويا بتلك المهام. كما خرجت دراسته بقائمة من المهام والكفايات الرئيسية المتمثلة بالكفايات العلمية، والتعليمية، وكفايات البحث، وكفايات التطوير، وكفايات التخطيط وكفايات التنشيط التربوي والابتكار والتجديد، وكفايات التنظيم والتنسيق، وكفايات التقويم والمتابعة. كما جاءت دراسة (Rieck,1992) لتؤكد على إحدى الأدوار المهمة التي يقوم بها المشرف التربوي وهي تطوير عملية المتابعة والتقويم للطلبة من خلال استخدام أساليب تقويمية نظامية كالاختبارات والامتحانات الفصلية، إضافة إلى أهمية استخدام أساليب تقويم تتمثل في المتابعة المستمرة لأداء الطلاب.
أما دراسة الحريري (2004) فقد تناولت النظرة المستقبلية للإشراف التربوي، موضحة الخطوات التي يتوقع من المشرف التربوي ومدير المدرسة كمشرف مقيم اتباعها تجاه المعلم المستجد، كما تضمنت دور المشرف التربوي في التعامل مع الإجهاد والصراع موضحة قائمة من أنماط السلوك في إدارة الصراع، إضافة إلى دور المشرف التربوي في التعامل مع التغيير. كما وضعت الدراسة أهم التطلعات المستقبلية التي يمكن تحقيقها في مجال الإشراف التربوي لمواكبة تطورات العصر، كما تم وضع توجيهات ومقترحات للتصعيد من فاعلية الإشراف التربوي فيما يخص الإدارة التربوية والمشرف التربوي ومدير المدرسة كمشرف مقيم وفيما يخص المعلم.
أما دراسة الكندي(2003) التي تناول فيها الاحتياجات التدريبية للمعلمين الأوائل الذين يقومون بدور (المشرفين المقيمين) بمدارس التعليم الثانوي العام بسلطنة عمان من وجهة نظرهم ووجهة نظر المشرفين التربويين. فقد أظهرت نتائج دراسته، أن محوري الاحتياجات المتعلقة بالنمو المهني والقياس والتقويم سجلا أعلى المتوسطات الحسابية مقارنة ببقية المجالات حيث إن المشرفين التربويين كانوا أكثر قدرة في تقدير احتياجاتهم التدريبية الإشرافية مقارنة بالمعلمين الأوائل وعلى محاور الدراسة جميعها. كما ظهرت فروق ذات دلالة إحصائية عند مستوى (=0.05) بين استجابات أفراد عينة الدراسة تعزى إلى متغيرات المسمى الوظيفي لصالح المشرفين التربويين مقارنة بالمعلمين الأوائل، وفي متغير الخبرة لصالح أفراد عينة الدراسة من ذوي الخبرة المتوسطة والقصيرة، ولصالح الإناث في محور المسائل التعليمية وتكنولوجيا التعليم.
وفي دراسة الحماد (1421هـ) حول معوقات فاعلية الإشراف التربوي بمدينة الرياض كما يراها المشرفون التربويون. استخدم الباحث المنهج الوصفي معتمدا على الاستبانة كأداة رئيسة لجمع البيانات. تكونت عينة الدراسة من (230) مشرفا تربويا. أوضحت نتائج الدراسة أن أكثر المعوقات تأثيرا في فاعلية الإشراف التربوي تتمثل في: ازدحام الصفوف الدراسية، وكثرة عدد المدارس، وكثرة الأعباء الإدارية، وقلة الدورات التدريبية المخصصة لرفع الكفاءة الإشرافية لدى المشرفين التربويين. أما أقل المشكلات تأثيراً على الإشراف التربوي فتتمثل في ضعف قدرة بعض المشرفين التربويين على التعبير عن أفكارهم واتجاهاتهم ومشاعرهم نحو المعلمين بكل يسر وسهولة، وضعف العلاقة بين المسئولين في مراكز الإشراف التربوي والمشرفين التربويين.
من هنا جاءت أهمية إجراء هذه الدراسة للكشف عن دور الإشراف التربوي في سلطنة عمان، حيث لم تجر أي دراسة حول الإشراف التربوي خاصة بعد أن استحدث منحى جديد للإشراف التربوي في السلطنة تحت مسميين هما: المشرف التربوي الأول ومشرف مواد.
التعريفات الإجرائية:
مشرف تربوي مواد: هو الشخص الذي يحمل مؤهل بكالوريوس فأعلى تقع عليه مسؤولية الإشراف على مجموعة من المعلمين الأوائل في ذات المجال الذي ينتمي إليه (رسالة التربية: 2005 :20).
المشرف التربوي الأول: هو الشخص الذي يحمل مؤهل بكالوريوس فأعلى والذي تقع عليه مسؤولية الإشراف على مجموعة من المشرفين التربويين الذين ينتمون إلى ذات التخصص أو المجال(رسالة التربية:2005 :20).
ولأغراض هذه الدراسة، يعرّف دور المشرف التربوي بأنه: ذلك الشخص الذي يتولى مجموعة من المهام الموكلة له والمرتبطة في عملية تنفيذ برنامج الإشراف التربوي على مستوى المدرسة، والمديرية، والوزارة بسلطنة عمان.
حدود الدراسة:
اقتصرت الدراسة على عينة من المشرفين التربويين في سلطنة عمان للعام الدراسي2004/2005.
منهج الدراسة:
استندت الدراسة الحالية لتحقيق أهدافها على المنهج الوصفي لوصف الأسس النظرية للإشراف التربوي والمتعلق بمبادئه وأدواره ومهامه وتحليلها. وتم تحليل الممارسات الإشرافية ميدانيا كيفياً وكمياً، وعلاقتها ببعض المتغيرات.
أهمية الدراسة:
تتحدد أهمية الدراسة الحالية في الأمور التالية:
1- تحدد المبادئ التربوية التي يعتمدها المشرف التربوي عند قيامه في عملية الإشراف.
2- تكشف عن خصائص المشرف التربوي عن قيامه بعملية الإشراف التربوي.
3- توضح أبرز الأدوار التي يقوم بها المشرف التربوي أثناء أدائه لمهامه الإشرافية.
4- تكشف عن العوامل المعيقة التي تعرقل أداء المشرف التربوي.
5- تساعد في الوصول إلى مقترحات لتفعيل دور الإشراف التربوي وتطوير أدائه بما سينعكس على تحسين الأداء المدرسي وتطويره.
مشكلة الدراسة وأسئلتها:
يرجع اهتمام قطاع التعليم في مجال الإشراف التربوي في السلطنة إلى بداية السبعينيات وحتى بداية الألفية الثالثة التي تمثلت في استحداث دائرة الإشراف التربوي بالمديرية العامة للتعليم بموجب القرار الوزاري رقم 64/2003م بهدف الرقي به وتحديد إسهاماته الموكلة له ويتكون الإشراف الحالي من عدة مستويات إشرافية متدرجة ومترابطة وتتضافر جميعها من أجل الوصول إلى نظام إشرافي لتحقيق الأهداف المنشودة وهي: المشرف العام في دائرة الإشراف التربوي، والمشرف الأول في المنطقة التعليمية، والمشرف التربوي المتمثل في مشرف مجال ومشرف مادة في الميدان التربوي المتمثل بالمدارس على اختلاف مستوياتها (وزارة التربية والتعليم،2003-2004). من هنا تتحدد مشكلة الدراسة في الكشف عن واقع الممارسات للإشراف التربوي في سلطنة عمان بعد استحداث دائرة الإشراف التربوي في المديريات العامة للتعليم، بدءا من المبادئ الإشرافية، والخصائص التي يعتمد عليها إضافة إلى اهتمامات الإشراف التربوي والمشكلات التي تواجهه ومعيقات تطويره، واعتمادا على ذلك تحددت أسئلة الدراسة فيما يلي:
3- ما واقع الممارسات في الإشراف التربوي في سلطنة عمان من وجهة نظر المشرفين التربويين؟
4- هل يختلف واقع ممارسات الإشراف التربوي من وجهة نظر عينة الدراسة باختلاف النوع، ونوع الإشراف، ومستوى التعليم، وعدد سنوات الخبرة في التدريس، وعد سنوات الخبرة في الإشراف، ودرجة الاهتمام البحثي في الإشراف التربوي؟