مبادئ التصميم التعليمي للتعليم الإليكتروني في ضوء النظرية الاتصالية
الباحثة : حنان علي أحمد آل كباس الغامدي
ماجستير تقنيات تعليم
باحثة و معلمة في إدارة تعليم البنات بمكة المكرمة ملخص ورقة العمل باللغة العربية
استعرضت ورقة العمل الحالية النظرية الاتصالية connectivism التي اقترحها جورجي سيمنز في عام 2004م كنظرية للتعلم في العصر الرقمي, ومضامينها التطبيقية بالنسبة للتصميم التعليمي للتعليم الإليكتروني. وقد تم تقسيم ورقة العمل إلى قسمين أساسين. أول قسم تناول مدخل إلى النظرية الاتصالية وتضمن مفهوم النظرية, والانتقادات الموجهة لنظريات التعلم الأخرى وهي السلوكية والمعرفية والبنائية والتي أبرزت الحاجة للنظرية الاتصالية, والمبادئ الأساسية للنظرية الاتصالية, وطبيعة عمليات التعلم الإنساني في ضوء النظرية الاتصالية, والنظرية الاتصالية كنظرية أساسية لتفسير التعلم في عصر الجيل الثاني للتعليم الإليكتروني. أما القسم الثاني فقد تناول المضامين التطبيقية للنظرية الاتصالية في التصميم التعليمي للتعليم الإليكتروني من حيث الأهداف التعليمية, والمحتوى, وبيئة التعلم, وأنشطة التعلم, وأساليب التقييم. وقد ذيلت الباحثة ورقة العمل ببعض التوصيات والمقترحات.
الكلمات الدالة: الاتصالية – التصميم التعليمي – الجيل الثاني للتعلم الإليكتروني – الجيل الثاني للويب.
Abstract
E-Learning Instructional Design Principles
in Light of Connectivism
The current research paper tackles the connectivism theory proposed by George Siemens (2004) as a plausible theory for learning in the digital age as well as its practical implications for e-learning instructional design. Essentially, the researcher divided her paper into two main sections. The first part focuses on providing a theoretical background for Connectivism including its basic concepts and criticisms against other previous learning theories, i.e. Behaviorism, Cognitivism and Constructivism, highlighting the pressing need for its formulation. Moreover, it sheds more light on the core principles of Connectivism, its perspective of various human learning processes, and Connectivism as an indispensable basic theory for explaining the nature of learning at the e-learning 2.00 era. The second part of this paper deals with various practical implications of Connectivism in the field of e-learning instructional design, especially in the following five major dimensions, namely: (1) instructional goals; (2) content; (3) learning environment; (4) learning activities; and (5) assessment techniques. Finally, the researcher concluded her paper with some suggestions and recommendations for practitioners in the field.
Keywords: Connectivism – Instructional Design – E-Learning 2.0 – Web 2.0
مقدمة
لقد مثّل الإنترنت أحد المعالم الأساسية للثورة المعلوماتية في نهاية القرن المنصرم. وحتى العام 2003 م كان يتم استخدام الإنترنت – بالأساس – لتخزين واكتساب المواد الرقمية مثل النصوص, والصور, وملفات الصوت, وملفات الفيديو ...إلخ. ووفر الإنترنت للمستخدمين الفرصة للحصول على هذه المصادر, إلا أن الإنترنت لم يكن يتسم بالتفاعلية؛ فمستخدمي الإنترنت كانوا يستعرضون صفحات الويب ويقومون بتحميل ما يناسبهم من المحتوى غير أنهم لم يكونوا مشاركين – بشكل نشط – في بناء هذا المحتوى (Anderson, 2007; Allen, 2008 ; Aharony, 2009). ومع بداية الألفية الثالثة بدأت تنتشر بوضوح العديد من مجتمعات التعلم على الإنترنت. وقد واكب ذلك ظهور العديد من التطبيقات والبرمجيات التي تلبي احتياجات هذه المجتمعات (Darrow, 2009), والتي أطُلق عليها مفهوم الجيل الثاني للويب web 2.0 مثل المدونات, وخدمات مشاركة الوسائط, وخلاصات المواقع وهي خدمات أكسبت الإنترنت طابعاً مختلفاً؛ إذ أصبح مستخدمو الإنترنت مشاركين نشطين ومتعاونين في بناء محتوى الإنترنت. ومع شيوع استخدام هذه الخدمات في العملية التعليمية ظهر مفهوم الجيل الثاني للتعليم الإليكتروني e-learning 2.0 والذي اتسم بنفس السمات التفاعلية للجيل الثاني للويب؛ فتغيرت بذلك طبيعة التعليم الإليكتروني تغيراً جذرياً. وهو ما جعل نظريات التعلم التقليدية مثل السلوكية والمعرفية وحتى البنائية في موقف صعب إزاء تفسير عمليات تعلم غير تقليدية تعتمد بالأساس على خدمات الجيل الثاني للتعليم الإليكتروني, وفي عصر يشهد انفجاراً معرفياً كبيراً, وتدفق معلوماتي غير معتاد, واقتصاد عالمي يعتمد على المعرفة كمورد أساسي.
وفي عام 2004، قام " جورجي سيمنز " من جامعة " مانيتوبا " باقتراح النظرية الاتصالية connectivism. فبناء علي خبرته وبحوثه العلمية، وجد " سمينز" أن نظريات التعلم الحالية مثل السلوكية والمعرفية والبنائية ليس بمقدورها التعامل مع معطيات الطبيعة المتغايرة للتعلم والمتعلمين نتيجة لتأثير التطورات التقنية الهائلة في العصر الرقمي الراهن. وقد لاقت هذه النظرية ترحيباً كبيراً من جانب العديد من الباحثين التربويين كنظرية قادرة على تفسير التعلم في عصر الاقتصاد المعرفي.
وعلى الرغم من هذا الترحيب, إلا أن الكثير من مفاهيم ومضامين هذه النظرية لا تزال غير واضحة وبخاصة مضامينها التطبيقية في التصميم التعليمي للتعلم الإليكتروني, وهو ما ستحاول الباحثة معالجته من خلال ورقة العمل الحالية.
أهداف ورقة العمل
1- تحديد مفهوم وأسس ومبادئ النظرية الاتصالية ومفاهيمها الرئيسية وعلاقتها بالجيل الثاني للتعليم الإليكتروني.
2- تحديد المضامين التطبيقية للنظرية الاتصالية في التصميم التعليمي للتعليم الإليكتروني.
منهج البحث المتبع في ورقة العمل
تتبع الباحثة المنهج الوصفي التحليلي من خلال مراجعة الأدبيات التي تناولت النظرية الاتصالية. وباستخدام هذا المنهج سوف تنظم الباحثة ورقة العمل الحالية في مبحثين أساسين وهما:
المبحث الأول: مدخل إلى النظرية الاتصالية للتعلم.
المبحث الثاني: المضامين التطبيقية للنظرية الاتصالية في التصميم التعليمي للتعليم الإليكتروني.
المبحث الأول: مدخل إلى النظرية الاتصالية للتعلم
(1-1) مفهوم ونشأة النظرية الاتصالية:
الاتصالية connectivism هي نظرية للتعلم تعمل على التكامل بين التطبيقات التربوية لمبادئ نظرية الفوضى/الشواش chaosونظرية الشبكات network, ونظرية التعقيد Complexity, ونظرية التنظيم الذاتي self-organization؛ لتفسير التعلم في العصر الرقمي الراهن ( Siemens, 2004a ; Siemens, 2008b). وقبل التطرق إلى الافتراضات الأساسية لهذه النظرية ينبغي توضيح كيف تطورت هذه النظرية وهو ما سيتم توضيحه في السطور التالية.
يرى " سيمنز" (Siemens, 2004a) أن ما يشهد العصر الحالي من النمو السريع جداً والمستمر للمعرفة الإنسانية قد أجبر المؤسسات التعليمية على تعديل أساليبها التربوية. وقد ترتب على ذلك ظهور توجهات جديدة في التعلم منها:
1- تعامل المتعلمين مع مجموعة متنوعة من المجالات المعرفية التي ربما لا تكون مرتبطة فيما بينها طوال مدة تعلمهم.
2- النظر إلى التعلم غير الرسمي باعتباره مكونا بارزا من مكونات التعلم الإنساني.
3- النظر إلى التعلم باعتباره عملية مستمرة مدى الحياة.
4- إمكانية دعم وتنمية العديد من عمليات المعالجة المعرفية للمعلومات بواسطة التكنولوجيا المتقدمة.
وفي ضوء ذلك , وجه " سيمنز" (( Siemens, 2004a; Siemens, 2006; Siemens, 2008a عدة انتقادات للنظريات التعلم السائدة وهي السلوكية والمعرفية والبنائية كما يلي:
1- لا تعكس هذه النظريات طبيعة التعلم الذي يحدث في عصرنا الرقمي الراهن (Gonzalez, 2004).
2- تقتصر هذه النظريات على تفسير التعلم في البيئات التعليمية الرسمية والمنظمة، وتفشل في تفسير التعلم الذي يحدث في البيئات الغير رسمية والأقل تنظيماً. ففي ظل انتشار خدمات الجيل الثاني من الويب, ظهرت العديد من شبكات ومجتمعات التعلم المعقدة البنية والتي تعجز نظريات التعلم التقليدية عن تفسير طبيعة التعلم الذي يحدث في إطارها.
3- تشترك نظريات التعلم السلوكية والمعرفية والبنائية في افتراض أن المعرفة هي بمثابة شيء موضوعي ( أو حالة إنسانية), يمكن الوصول إليها بشكل فطري أو مكتسب من خلال الخبرة أو الاستدلال العقلي.
4- تفترض هذه النظريات أن التعلم يحدث داخل الفرد فقط وبالتالي فإن تلك النظريات لا تشير إلى التعلم الذي يحدث خارج المتعلم (أي: التعلم الذي يحدث ويتم تخزينه ومعالجته بواسطة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كما لا تهتم هذه النظريات بالتعلم التنظيمي الذي يحدث داخل المنظمات المختلفة.
5- تهتم هذه النظريات بعملية التعلم الفعلية، وليس بقيمة ما يتم تعلمه.
6- تؤدي الوسائل التكنولوجية المتقدمة العديد من العمليات المعرفية التي كان المعلمون يؤدونها في الماضي (مثل عمليتي: تخزين واسترجاع المعلومات من الذاكرة الإنسانية) وهو ما لا تراعيه نظريات التعلم التقليدية.
7- يتزايد الاهتمام حالياً بالارتباطات بين المجالات المعرفية المختلفة, وهو ما لا تهتم به هذه النظريات بالقدر الكاف.
وفي ضوء هذه الانتقادات, قدّم " سيمنز" نظريته الاتصالية للتعلم والمعرفة connectivism والتي سأوضحها فيما يلي.
(1-2) مبادئ النظرية الاتصالية للتعلم:
1- يعتمد التعلم والمعرفة على تنوع الآراء ووجهات النظر المختلفة التي تعمل على تكوين كل متكامل.
2- يتضمن التعلم عملية تكوين شبكة تعمل على الربط بين مجموعة من نقاط الالتقاء nodes أو مصادر المعلومات.
3- يمكن أن يحدث جزء من التعلم خارج المتعلم في بعض الأدوات والتطببيقات غير البشرية ( مثل حاسوب أو قاعدة بيانات أو مجتمع أو شبكة )؛ وذلك على العكس من الافتراض بأن عملية التعلم تحدث بالكامل داخل المتعلم.
4- تعد القدرة على التعلم أهم من محتوى التعلم.
5- لتيسير عملية التعلم المستمر توجد حاجة لبناء اتصالات connections والحفاظ عليها.
6- تعد القدرة على فهم الاتصالات أو الارتباطات connection بين المجال والأفكار والمفاهيم المختلفة بمثابة مهارة محورية للتعلم؛ نظراً لأن المتعلم الفرد – من وجهة نظر الاتصالية – يشارك كنقطة التقاء node على شبكة يحدث لها التعلم ككل.
7- تعد الحداثة Currency (حصول الفرد على معرفة دقيقة ومحدثة باستمرار) بمثابة الهدف الرئيسي لأنشطة التعلم الاتصالية
8- تعد القدرة على صنع القرار Decision-making في حد ذاتها عملية تعلم. فاختيار ما يجب تعلمه يتحدد في ضوء متطلبات الواقع المتغيرة. ويسري نفس الأمر على معنى المعلومات المستقبلة. فما يُعد إجابة صحيحة في الوقت الراهن ربما يكون خاطئاً غدا؛ نظراً للتعديلات التي تطرأ على طبيعة المعلومات التي تؤثر على القرار الذي يتخذه المتعلم.
)Siemens, 2004a; Fumero, Aguirre, Tapiador, & Salvacha, 2006; Pettenati & Cigognini, 2007; Simões & Gouveia, 2008)
(1-3) طبيعة عمليات التعلم الإنساني في ضوء النظرية الاتصالية
تفترض النظرية الاتصالية أن العصر الحالي هو عصر قائم بالأساس على المعرفة في كل شئون الحياة؛ ولهذا فالفرد محتاج للمعرفة باستمرار طيلة حياته ولا يقتصر ذلك على مجرد مرحلة التعليم الرسمي كما أن الفرد يضطلع أيضاً بدور هام في إنتاج المعرفة ولا يعد مجرد متلقي سلبي لها (Siemens, 2008a). وهذه المعرفة لازمة للأداء العملي الناجح في كل المجالات. وتتسم المعرفة في العصر الحالي – خلافاً لمراحل زمنية سابقة – بأنها ذات كم ضخم جداً وبينية التخصصات بمعنى أنه لكي يكتسب الفرد المعرفة في تخصص ما يلزمه الإلمام بالمعارف في عدة مجالات أخرى. ويترتب على ذلك عدم قدرة المتعلم الفرد على معالجة كل المعارف التي يحتاجها وتكوين معنى لها بمفرده. ونظراً لذلك؛ يكون على المتعلم الانخراط طيلة حياته في شبكات networks للتعلم لتحقيق هدفين في آن واحد وهما: التعلم وإنتاج المعرفة.
والشبكة في إطار النظرية الاتصالية مفهوم بسيط يتألف من عدة نقاط التقاء nodes واتصالات بين هذه النقاط connections (Siemens, 2005). أما نقاط الالتقاء فهي قد تكون أفراد مثل المتعلمين الآخرين أو خبراء في مجالات معرفية معينة أو معلمين. وهناك نقاط التقاء أخرى غير بشرية مثل مصادر معلومات معينة كالكتب الدراسية أو قواعد البيانات, أو مواقع على الويب أو مدونات لأفراد آخرين أو مواقع خدمات تفاعلية مثل محررات الويكي أو برنامج للدردشة.
كما تُعتبر الأفكار, والمشاعر, والبيانات والمعلومات الجديدة نقاط التقاء. ومجموع نقاط الالتقاء معاً يكّون شبكة (Siemens, 2005). والاتصالات connections بين نقاط الالتقاء قد تتمثل في عدة أشكال مثل التفاعل بين مجموعة من المتعلمين, أو إضافة المتعلم لبعض التعليقات في مدونة, أو قراءة المتعلم للمحتوى الأساسي لمقرر دراسي معين... وهكذا.
ويجب الإشارة إلى أن مفهوم نقاط التقاء nodes في إطار النظرية الاتصالية مفهوم واسع ومرن ويمكن أن يتسع ليشمل " شبكات أخرى " تمثل في مجملها نقطة التقاء واحدة على شبكة أخرى أكبر. فعلى سبيل المثال, لو تناولنا مجتمع ما من المتعلمين, فإن هذا المجتمع يعد شبكة تعلم ثرية تتألف من مجموعة متعلمين أفراد كل منهم – في حد ذاته – يعتبر شبكة تعلم مكتملة يمكن أن تشمل الخبرات السابقة والمعالجات المعرفية والذاكرة و... الخ . كما تتسم نقاط الالتقاء بالاستقلالية؛ فمن الممكن أن تتواجد نقطة التقاء ما على شبكة معينة حتى ولو لم تكن موصلة – بقوة – بباقي نقاط الالتقاء على الشبكة. ويمكن أن تتصرف كل نقطة التقاء بطريقتها الخاصة مستقلة عن الباقي (Siemens, 2005). ومتى تم تكوين شبكة ما, يمكن للمعلومات التدفق بين نقاط الالتقاء المختلفة, وكلما قوي الاتصال بين نقاط الالتقاء, كلما زادت سرعة تدفق المعلومات.
وفي ضوء النظرية الاتصالية فإن المتعلم يحتاج إلى الانخراط في شبكات التعلم وذلك لعدة اعتبارات منها:
1- عدم قدرة المتعلم بمفرده على معالجة جميع المعارف التي يحتاجها, وعدم قدرته على تكوين المعنى لكل هذه المعارف؛ ولهذا يعتمد على أفراد آخرين في القيام بجزء من هذه المهمة, فضلاً عن الاعتماد على بعض الأدوات غير البشرية مثل قواعد البيانات التي تقوم بجزء آخر من مهمات معالجة وتكوين المعنى للمعرفة. ولهذا فإن النظرية الاتصالية للتعلم توضح أن جزء هام من عملية التعلم ( وجوهرها تكوين المعنى ) يحدث خارج المتعلم وبذلك تختلف النظرية الاتصالية للتعلم مع النظريات السلوكية والمعرفية والبنائية التي تفترض أن التعلم بأكمله عملية تتم داخل المتعلم. ويمكن التعبير عن ذلك بمقولة بسيطة ولكنها معبرة " إني أخزن معرفتي لدى أصدقائي" (Siemens, 2004a).
2- يحتاج المتعلم إلى معرفة حديثة وهو مجبر على ذلك وليس مخير؛ نظراً لأن المعرفة في العصر الراهن تتحدث باستمرار وما يصلح اليوم من المعرفة ربما لا يصلح بعد فترة وجيزة جداً. وبذلك فإن تحديث المعرفة هو الآخر يمثل جزء حيوي من عملية التعلم. ولكي يحدث المتعلم معرفته باستمرار ينبغي أن يكون المتعلم على اتصال دائم بشبكات متنوعة.
3- التعلم – على اعتبار أنه عملية تلقائية التنظيم self-organized - تتطلب انفتاح معلوماتي بمعنى أنه يكون هناك تدفق حر للمعلومات, وأن تكون هناك روابط وثيقة بين مصادر المعلومات المختلفة, وهذا لن يتحقق إلا من خلال مشاركة المتعلم في شبكات التعلم (Siemens, 2004a).
4- في ضوء الاتجاهات الحديثة التي تعتبر أن التعلم يتضمن إنتاج المعرفة, يقوم المتعلم بالمساهمة في إنتاج المعرفة, ويساعده اتصاله بالشبكات في مهمة إنتاج ومشاركة sharing المعرفة.
وفي ضوء ما تقدم تفترض النظرية الاتصالية للتعلم أن المتعلم يحتاج لأن يكون على اتصال دائم بشبكات التعلم المختلفة ويكون عليه أن يقوي اتصالاته وروابطه بهذه الشبكات. وفيما يلي ملخص لبعض خصائص التعلم في النظرية الاتصالية للتعلم: Siemens, 2006; Downes, 2007; Bessenyei, 2007; Kesim, 2008; Darrow, 2009))
1- يتضمن التعلم تعامل المتعلم مع كم كبير من المعلومات (نظراً للانفجار المعرفي الراهن)؛ وهو ما يترتب عليه أن تكون مهارات التقويم السريع للمعلومات بمثابة جزء لا يتجزأ من عملية التعلم. كما يحتاج المتعلم إلى القدرة على تركيب المعلومات والتعرف إلى الروابط بين المعلومات المختلفة. وبالتالي؛ تضع النظرية الاتصالية الاهتمام علي أهمية تعليم الطلاب كيفية البحث عن المعلومات، وترشيحها، وتحليلها وتركيبها بغية اكتساب المعرفة.
2- التعلم عملية تحدث في بيئات غير واضحة المعالم تتبدل عناصرها المحورية باستمرار, وهي عملية ليست تحت سيطرة المتعلم الفرد بالكامل. كما يتسم التعلم – في ضوء النظرية الاتصالية –بعدم الترتيب messy والشواش chaotic, والتعاونية collaborative, والاجتماعية social,, والارتباط بين التعلم وبين الأنشطة والاهتمامات الأخرى لدى الفرد.
3- يعد تحليل الشبكات الاجتماعية بمثابة أداة هامة لتقويم فاعلية التعلم في إطار النظرية الاتصالية.
4- يتم توزيع المعرفة عبر شبكة من الاتصالات connections؛ ومن ثم فإن التعلم يتضمن القدرة على بناء هذه الشبكات والتعامل معها.
5- يُنظر إلى التعلم علي أنه العملية التي يلعب فيها التبادل الغير رسمي للمعلومات، والمنظم من خلال الشبكات، والمدعم بالأدوات الإليكترونية دوراً أكثر أهمية من ذي قبل. وفي إطار هذه النظرية، يصبح التعلم بمثابة عملية مستمرة، ويتم اعتباره نظام من الأنشطة الشبكية التي تمتد مدي الحياة.
6- التعلم ليس مجرد نشاط للعقل الإنساني فحسب بل إن جزء منه يقع خارج عقل المتعلم. وفي هذا الصدد يمكن أن يُنظر إلى التعلم في ضوء النظرية الاتصالية على أنه بناء شبكي يشمل عمليات داخل المتعلم وعمليات خارج المتعلم.
وعلى الرغم من انتقادات " سمنز" للنظريات الثلاث – وهي السلوكية والمعرفية والبنائية – إلا أنه يرى عدم استبعاد هذه النظريات كلية؛ نظراً لأنها مناسبة لتفسير بعض مهام التعلم التي تتطلب بيئات تعلم تتسم بدرجة أعلى من التنظيم والرسمية. ويوضح الجدول رقم (1) أهم الفروق بين النظريات السلوكية والمعرفية والبنائية والاتصالية. وتعد الأفكار الرئيسية للنظرية الاتصالية التي صاغها " سيمنز" (Siemens, 2004a) مشابهة للأفكار الرئيسية التي قامت عليها النظرية الترابطية Connectionism. ويوضح كلا من " سيمس وجوجفيا " (Simões & Gouveia, 2008) الفارق بين النظرية الاتصالية والنظرية الترابطية Connectionism بأن النظرية الترابطية قد برهنت على فاعليتها كنظرية تشرح طبيعة العمليات المعرفية الموزعة distributed cognition على المستوى الفردي, أما النظرية الاتصالية فهي تفسر كيفية توزيع المعرفة خلال شبكة تتضمن المتعلمين والتقنيات والأدوات الغير البشرية ( ولا تقتصر فقط على المعرفة الموزعة داخل دماغ المتعلم كما هو الحال في النظرية الترابطية ).