الأسلحة المستخدمة قديما قبل اختراع البارود
القــوس والسَّــهم:
أولاً - القــوس:
القوس في الأصل، عود من شجر جبلي صلب، يُحنى طرفاه بقوة، ويُشد فيهما وترٌ من الجلد أو العصب الذي يكون في عنق البعير، وهو يشبه إلى حدٍ ما قوس المنجِّدين في هذه الأيام.
وكان العرب يسمونها الذِّراع، لأنها في طولها، ولذا كانوا يتخذون منها وحدة للقياس، فيقيسون بها المذروع، ومن ذلك قوله تعالى: (فكان قاب قوسين أو أدنى )، (النجم:9)، أي قدر قوسين عربيين أو قدر ذراعين.
وعلى الرامي إذا أراد الرمي، أن يمسك وسط القوس باليسرى، ثم يثبت السهم في وسط الوتر باليمنى، ثم يجذب إليه مساوياً مرفقه الأيمن بكتفه، مسدداً بنظره إلى الهدف، فإذا بلغ الوتر نهايته تركه من أصابعه، فاندفع إلى وضعه الأول، دافعاً أمامه السهم إلى هدفه.
ثانياً - السَّهم:
القوس للرامي كالبندقية، والأسهم كطلقاتها، ولابد للرامي من أن يحتفظ في كِنانته بعدد من الأسهم عند القتال.
والسَّهم والنبل والنشاب ... أسماء لشيء واحد، وهو عود رفيع من شجر صلب في طول الذراع تقريباً، يأخذه الرامي فينحته ويسويه، ثم يفرض فيه فِراضاً دائرية، ليركب فيها الريش، ويشهده عليها بالجلد المتين أو يلصقه بالغراء ويربطه ثم يركب في قمته نصلاً من حديدٍ مدبب، له سنتان في عكس اتجاهه، يجعلانه صعب الإخراج إذا نشب في الجسم.
وأجود الخشب للقوس والسهم ما اجتمع في الصلابة والخفة ورقة البشرة وصفاء الأديم، وكان طويل العرق غير رخوٍ ولا متنفِّش، وأجود الخشب بالمشرق عود الشوحط وبالأندلس الصنوبر الأحمر الخفيف.
والأصل في السهام أن يُرمى بها عن بُعد، سواء أكن ذلك في ميدان مكشوف أم من وراء الأسوار والحصون، وهو سلاح قَتَّال فتَّاك، وخاصة إذا سقي نصله السم.
في بعض الأحيان، كانت السهام تستعمل كأداة للتخاطب، يكتب عليها راميها ما يشاء، ثم يرميها لمن يشاء، حفظاً للسرية.
(ب) الرُّمح:
كان العربي يتخذ رمحه من فروع أشجار صلبة، أشهرها النبع والشوحط، وأحياناً كان يأخذه من القصب الهندي المجوَّف بعد تسوية عُقده بالسكين، وتركيب نصل من حديد في رأسه.
والرمح سلاح عريق في القدم، شاع استعماله عند الشعوب القديمة، وكان أكثر شيوعاً عند الأمم التي ترتاد الصحراء، ومنهم العرب.
وكان للرماح أطوال مختلفة، تتراوح بين الأربع أذرع والخمسة والعشرة وما فوقها، الرماح الطوال خاصة بالفرسان حيث تساعدهم الخيل على حملها، أما النيازك أو المطارد وهي الرماح القصيرة فقد يستعملها الراجل والفارس أيضاً.
وفي اللغة العربية الفصحى أن الحربة والنيزك والمزراق والمطرد والعَنَزة، كلها أسماء لشيء واحد، وهي القصار من الرماح التي لم تبلغ أربعة أذرع، وهي أشبه شيء بالعصا.
وكان العرب يعنون بالرمح، ويفضِّلون القناة الصماء على الجوفاء لصلابتها وغنائها في المعارك، فيوالون دهنها بالزيت لتحافظ على مرونتها ولدونتها.
وطريقة حمل الرمح، كانت في الغالب: الاعتقال، وهو خاص بالفرسان، وهو جعل الرمح بين الركاب والسَّاق (نهاية الأرب:6/218)، بحيث يكون النصل لأعلى والزج لأسفل، على أنه كان لقسم من القبائل العربية طرائق خاصة في حمله، فبنوا سُلَيْم كانوا إذا ركبوا يضعون رماحهم بين آذان خيلهم، والأوس والخزرج كانوا يحملونها عليها مستعرضة،
أما قريش فكانوا يحملون رماحهم على عواتقهم (ابن هشام: 3/252).
وكان المسلمون يقضون وقتاً طويلاً في التدريب على استخدام الرماح: إما بمطاردة الوحوش وطعنها بها، وإما بإعداد حَلْقة من الحديد تسمى: (الوترة) يتمرنون على الطعن داخلها، حتى حذقوا الطعن بها.
(ج) السيف :
السيف أشرف الأسلحة عند العرب وأكثرها غناء في القتال، يحافظ العربي على سيفه ولا يكاد يفارقه، وقد امتلأت بتمجيده أشعارهم، وجاوزت أسماؤه المائة في لغتهم.
وهو آخر الأسلحة استعمالاً في المعركة بعد القوس والرمح، وذلك أن القتال يكون أول أمره بالسَّهام عن بُعْد، ثم تطاعناً بالرماح عند المبارزة واقتراب الصفوف، ثم تصافحاً بالسيوف عند الاختلاط، ثم تضارباً بالأسلحة البيضاء، وخلساً بالخناجر عند الالتحام والاختلاط ... (نهاية الأرب: 6/238) فهو الذي يحدد مصير المعركة، وعلى حسن بلائه تتوقف نهايتها.
ويكفي لبيان فضل السيف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الجنة تحت ظلال السيوف )) (رواه الحاكم، شرح الجامع الصغير للمناوي: 1/249).
وسيوف العرب أنواع كثيرة تختلف باختلاف صنَّاعها وأماكن صنعها..
أشهرها: السيف اليماني نسبة إلى اليمن، والهندي أو الهندواني أو المهند، وهو المصنوع في الهند، وهو يلي اليماني بالجودة، والمشرفي المنسوب إلى مشارف الشام،
والقَلَعي نسبة إلى القلعة حصن بالبادية، والبُصْروِي المنسوب إلى بُصْرى بالشام.
وطريقة حمل السيف، تكون بتعليقه في الأكتاف والعواتق، ولذا يقال: تقلَّد سيفه، أي جعله كالقلادة، وذلك بحمله على الكتف الأيمن وتركه متدلياً في جنبه الأيسر.
أما إذا كان الفارس يحمل سيفين، فإنه يتقلد بأحدهما ويجعل الآخر في وسطه، وقد علق كل واحد منهما في حمالته محفوظاً في قرابه الجلدي.
(د) الخنجر:
وهو معروف، يحمله المحارب في منطقته، أو تحت ثيابه، فإذا اختلط بآخر طعنه به خلسة.
وقد كان قسم من نساء المسلمين يحملن الخناجر في الغزوات المختلفة تحت ثيابهن للدفاع الشخصي.
(هـ) الدبّــوس:
وبعضهم يسميها: المِطْرَقة، وهي عصا قصيرة من الحديد، لها رأس حديد مربع أو مستدير، وهي في العادة للفرسان يحملونها في سروجهم ويقاتلون بها عند الاقتراب.
(و) الفأس أو البلطة:
وهو سلاح له نصل من الحديد، مركب في قائم من الخشب، كالبلطة،
العادية، بحيث يكون النصل مدبباً من ناحية، ومن الناحية الأخرى رقيقاً مشحوذاً كالسكين.