Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


We Present Wessam The Educational Forum بسم الله الرحمن الرحيم نقدم لكم وسام المنتدي التربوي
 
الرئيسيةFace Bookأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سامي التلمساني iss.king
الوسام الذهبي
الوسام الذهبي
سامي التلمساني iss.king


الابراج : السمك

عدد المساهمات : 540
تاريخ الميلاد : 17/03/1983
العمر : 41
نقاط : 1372
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رقم الهاتف الجوال : /

بطاقة الشخصية
تربوي:

مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية Empty
مُساهمةموضوع: مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية   مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية I_icon_minitimeالخميس سبتمبر 30, 2010 11:31 pm

name of Allah
مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية
بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

من المعلوم أن أقصى اتساع للدولة الإسلامية كان في عهد الغر الميامين من بني أمية حيث امتدت من غرب الصين إلى جنوب فرنسا، كل هذا بسبب جهادهم. ثم لا تزال من بعدهم في نقص. فلما جاء بنو عباس، لم يقدروا أن يصلوا أصلاً إلى عُمان ولا إلى المغرب والأندلس، وأوقفوا الفتوحات كلياً. وقاموا بالتحالف مع شارلمان ملك الفرنجة للتآمر ضد دولة الأمويين الوليدة بالأندلس، وهذا سبب لتوقف الفتوحات الإسلامية بغرب أوروبا. ثم أتى عهد المأمون وقد صغرت الدولة أكثر فصارت من العراق إلى مصر، فما لبثت مصر والشام أن استقلت، فلم يبق في عهدتهم بعد قتل ابن المتوكل لأبيه إلا العراق، وصار الحكم بأيدي الترك ثم البويهيين الرافضة. أما "الخليفة" فصار تعيينه وعزله بأيدي هؤلاء، ولم تكن له سلطة -في الغالب- إلا على جواريه، كما قال الشاعر:

خليفة في قفص، يقول ما قالا له * بين وصيف وبغا، كما تقول الببغا

وقد تم تدوين كتب التاريخ في عهد العباسيين، فكانت تمجد بدولتهم وتذم بدولة بني أمية، ولكن الحق لا يخفى لمن حقق. والتاريخ يؤخذ من ثقات المعاصرين للشخص من أهل العلم، وليس من كتبة الديوان وبلاط الخليفة. فيذكرون قصة استغاثة امرأة بالمعتصم أغار الروم على قومها، فقام المعتصم بالإغارة على عمورية، مسقط رأس ملك الروم، ثم أحرقها وانسحب من بلاد الروم دون تغيير حدود دولته، فلم تكن حروبهم تهدف لأكثر من قبض الجزية، لا فتح البلاد ونشر الإسلام. هذا أقصى ما استطاع العباسيون فعله في زمن أقوى ملوكهم، بينما هم قساة دمويون مع أبناء ملتهم خاصة العرب منهم (أسد علي وفي الحروب نعامة). ومع ذلك يسمي شاعرهم تلك الغزوة بـ"فتح الفتوح"، ويصنفون المعتصم مع الفاتحين الكبار، متناسين أنه أُمّي جاهل معتزلي العقيدة، وينسون تعذيبه للإمام أحمد بن حنبل ولمشايخ الإسلام. ويغفلون قصة المرأة التي استغاثت بالحجاج، فلما راسل الحجاج ملك السند بشأنها، زعم أن الذين أغاروا على سفينتها قراصنة لا سلطة له عليهم، فلم يقبل الحجاج منه هذا، وأمر ابن عمه محمد بن القاسم بفتح بلاد السند، فتم له ذلك، وأسلمت باكستان بفضله. فأين هذا من ذاك؟ وأين الثرى من الثريا؟ لكن الإنصاف عزيز. ذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء، فغضب وقال: إنما تذكرون المساوئ! أو ما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام، وأول من أتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت في الهند فنادت ياحجاجاه، فاتصل به ذلك فجعل يقول: لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف درهم حتى أنقذ المرأة؟

الأمويون والجهاد

جاء في أطلس تاريخ الإسلام (ص51): «إن الدولة العباسية لو تنبهت إلى حقيقة وظيفتها كدولة إسلامية، وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته، لو أنها قامت برسالتها وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية أجَلَّ الخدمات، ولغيّرت صفحات التاريخ. وهكذا تكون الدولة العباسية قد خذلت الإسلام في الشرق والغرب. فهي في الشرق لم تتقدم وتُدخل كل الأتراك والمغول في الإسلام، كما تمكنت الدولة الأموية من إدخال الإيرانيين ومعظم الأتراك في الإسلام وفتحت أبواب الهند لهذا الدين. وفي الغرب قعدت الدولة العباسية عن فتح القسطنطنية. ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعاً لذلك، إذ لم تكن قد بقيت أمام هذه الأجناس العظيمة أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها. وهنا ندرك الفرق الجسيم بين الدولة الأموية والدولة العباسية. فالأولى أوسعت للإسلام مكاناً في معظم أراضي الدولة البيزنطية، وأدخلت أجناس البربر جميعاً في الإسلام، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبريا (الأندلس) من القوط الغربيين، ثم اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين واللومبارد بلادهم بالإسلام، وحاولت ثلاث مرات الاستيلاء على القسطنطنية. أما العباسيون فلم يضيفوا -رغم طول عمر دولتهم- إلى عالم الإسلام إلا القليل، ومعظمه في شرقي آسيا الصغرى»، أي شرق تركيا.

قال الدكتور عبد الشافي (587): «أمَّا أبرزُ أمجادِ الأمويين الباقية على الزَّمن: فهي جهودهم في ميدان الفتوحات الإسلامية. فرغم المصاعب الجَمَّةِ التي كانت تعتَرِضُ طريقهم، والقوى العديدة المعادِية لهم، والتي كانت تَشُدُّهُم إلى الوراء، فقد نفذوا برنامجا رائعا للفتوحات، ورفعوا راية الإسلام، ومدُّوا حُدود العالم الإسلامي، من حدود الصين في الشرق، إلى الأندلس، وجنوب فرنسا في الغرب، ومن بحر قزوين في الشمال، حتى المحيط الهندي في الجنوب. ولم يكن هذا الفتحُ العظيم، فتحاً عسكرياً ليبسط النفوذ السياسي، واستغلال خيرات الشعوب، كما يدَّعي بعضُ أعداءِ الإسلام. وإِنَّما كان فتحاً دِينِيّاً وحضارِياً، حيث عَمِلَ الأُمويُّون بجدٍ واجتهاد على نشر الإسلام في تلك الرقعة الهائلة من الأرض، وطبَّقُوا منهجاً سياسياً في معامَلَةِ أبناءِ البلاد المفتوحة، هيَّأَهُم لقبول الإسلام ديناً، حيث عاملوهم معاملةً حُسْنَى في جُمْلَتِها، واحترموا عهودهم ومواثيقهم معهم، وأشركوا في إدارة بلادهم، فأقبلوا على اعتناق الإسلام عن اقتناع ورضا. وبذلك تكوَّنَ في العصر الأموي عالمٌ إسلاميٌّ واحدٌ، على هذه الرقعة الكبيرة من الأرض، أخذ يشق طريقه تدريجياً نحو التَّشابهِ والتماثل في العادات والتقاليد والأخلاق، ومعاملات الحياة. وأخذت أُمَمُهُ وشعوبُه، تنسَلِخُ من ماضيها كُلِّهِ، وتنصَهِرُ في بوتقةِ الإسلام، الذي حقَّقَ لها العزة والكرامة والحرية والمساواة، مُكَوِّنَةً الأُمَّةَ الإسلامية».

قال الدكتور محمد السيد الوكيل، في مقدمة كتابه "الأمويون بين الشرق والغرب" (1|8): «إنَّ الدَّولةَ الأُموية التي فتحت بلاد الهند والسند، حتى وصلت حدود الصين شرقاً، وواصلت فتوحاتها في المغرب العربي، بل وجاوزته إلى أوروبا، حتى فتحت الأندلس، ووصلت جنوب فرنسا، هذه الدولة، لا يُمْكِن أن تَسْلَمَ مِن ألسنة المستشرقين والمستغربين على حَدٍّ سواء؛ لأن هذه الفتوحات المُذْهِلَة، أَوْرَثَتِ الأعداءَ حِقْداً لم يستطيعوا إخفاءَهُ، ولم يقدروا على تجاوزه، بل ظلُّوا يجترُّونه قروناً طويلة، حتى واتتهم الفرصة، بإصابة الدولة الإسلامية بالشيخوخة، التي تُصِيبُ الأمم دائماً من غير تفريق، فانقضُّوا عليها وهي تحتضر، ليأخُذُوا منها ثأرهم، وهي على فراش الموت. ومَهْمَا قال الحاقِدُون عن الأمويين، ومهما أثاروا الزوابع والعواصف من حولهم، فإن تاريخهم حقبةٌ مُشْرِقَةٌ مِن أحقاب التاريخ الفذ. وسيرى الدَّارِسُ لهذه الحقبة: ما نشَرُوهُ مِن الحضارة، وما خلَّفُوهُ وراءَهُم من النظم، وما أنجبوا من القيادات، التي ساقت جيوشهم من نصر إلى نصر، حتى دان لهم أكثرُ مِن نصفِ الأرض المعروفة في تلك الفترة من الزمان. وإذا تركنا الأمويين في الشرق، لِنُلْقِي نظرةً على دولتهم في الغرب، نرى ما لم يخطر لأحد على بال في تلك الفترة، نرى حضارة في العمران، في القصور الرائعة، والمساجد المبهرة، نرى الحدائق في البيوت والميادين، نرى الشوارع المرصوفة والأسواق العامرة».

يقول الطبري في التاريخ (7|202): «ولم يكن أحد من بني مروان يأخذ العطاء إلا عليه الغزو، فمنهم من يغزو، ومنهم من يخرج بدلا. وكان لهشام بن عبد الملك مولى يقال له يعقوب، فكان يأخذ عطاء هشام مئتي دينار ودينارا يفضل بدينار، فيأخذها يعقوب ويغزو. وتفقد هشام بعض ولده ولم يحضر الجمعة، فقال له: ما منعك من الصلاة؟ فقال: نفقت دابتي، فقال: أفعجزت عن المشي فتركت الجمعة؟! فمنعه الدابة سنة».

وقال ابن كثير في تاريخه (9|104): «فكانت سوق الجهاد قائمة في بني أمية ليس لهم شغل إلا ذلك، قد علت كلمة الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وبرها وبحرها. وقد أذلوا الكفر وأهله، وامتلأت قلوب المشركين من المسلمين رعبا، لا يتوجه المسلمون إلى قطر من الأقطار إلا أخذوه. وكان في عساكرهم وجيوشهم في الغزو الصالحون والأولياء والعلماء من كبار التابعين، في كل جيش منهم شرذمة عظيمة ينصر الله بهم دينه. فقتيبة بن مسلم يفتح في بلاد الترك، يقتل ويسبي ويغنم، حتى وصل إلى تخوم الصين، وأرسل إلى ملكه يدعوه، فخاف منه وأرسل له هدايا وتحفا وأموالا كثيرة هدية، وبعث يستعطفه مع قوته وكثرة جنده، بحيث أن ملوك تلك النواحي كلها تؤدي إليه الخراج خوفا منه. ولو عاش الحجاج لما أقلع عن بلاد الصين، ولم يبق إلا أن يلتقي مع ملكها، فلما مات الحجاج رجع الجيش كما مر. ومسلمة بن عبد الملك بن مروان وابن أمير المؤمنين الوليد وأخوه الآخر يفتحون في بلاد الروم ويجاهدون بعساكر الشام حتى وصلوا إلى القسطنطينية، وبنى بها مسلمة جامعا يعبد الله فيه، وامتلأت قلوب الفرنج منهم رعبا. ومحمد بن القاسم ابن أخي الحجاج يجاهد في بلاد الهند ويفتح مدنها في طائفة من جيش العراق وغيرهم. وموسى بن نصير يجاهد في بلاد المغرب ويفتح مدنها وأقاليمها في جيوش الديار المصرية وغيرهم».
الثورة العباسية ضد الخلافة الأموية

الثورة العباسية هي إحدى أشد الثورات تنظيماً في التاريخ، وقد احتاج إعدادها إلى سنين طويلة من التخطيط البعيد والتآمر على الخلافة. ولتنفيذها قام العباسيون بمجازر رهيبة لم يعرفها العرب في كل تاريخهم إلى هذا اليوم، إلا ما حصل من قبل التتار. وقام قائد ثورتهم الذي لقب نفسه بأبي مسلم الخراساني، بإبادة جماعية لأكثر من ستمئة ألف نفس مسلمة (في أقل رواية، وفي رواية أصح: مليوني مسلم) في سبيل قيام دولة بني العباس، وهذا لم يحدث في كل عهد بني أمية الذين تعرض تاريخهم للتشويه، رغم أنهم أنجزوا وحققوا ما لم يحققه من جاء بعدهم. وأقصى عدد لمن قتلوا على يد الحجاج كما تدعي المصادر العباسية لم يصل إلى خمس هذا العدد. مع أن عامة من أبادهم العباسيون لم يكن لهم ذنب إلا أنهم عرب.

وهناك شيء استوقفني قرأته في كامل ابن أثير إذ يقول: «فلما قرأ مروان بن محمد كتاب نصر بن سيار، تصادف وصول كتابه وصول رسول لأبي مسلم إلى إبراهيم، وقد عاد من عند إبراهيم ومعه جواب أبي مسلم: يلعنه إبراهيم ويسبه حيث لم ينتهز الفرصة من نصر والكرماني إذ أمكناه، ويأمر أن لا يدع بخراسان متكلمًا بالعربية إلا قتله‏.‏ فلما قرأ الكتاب، كتب إلى عامله بالبلقاء ليسير إلى الحميمة وليأخذ إبراهيم بن محمد فيشده وثاقًا، ويبعث به إليه. ففعل ذلك، فأخذه مروان وحبسه‏».

انظر إلى خبث العباسيين، حتى أن إمامهم الملعون كان يلعن أبا مسلم الخراساني لأنه ترك بعض العرب في خراسان ولم يقتلهم، يعني هو أكثر إجراماً من أبي مجرم المجوسي. نحن أمام شخصية إجرامية لم يسبق لها مثيل في تاريخ العرب قط. مجرم يرى ضرورة قتل كل العرب وإبادتهم بغير ذنب اقترفوه، كل هذا طمعاً في الحكم. اسمه إبراهيم بن محمد بن علي بن الصحابي عبد الله بن العباس. وطبعاً هو أخو السفاح والصرصور. لا رحمه الله. وأبوه المدعو محمد السجاد هو أول من أنشأ فكرة الدعوة وذلك في عهد سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، أي لم يكن هدفه إقامة العدل ونشر الإسلام لكنه كان يطمع في الدنيا، جزاه الله ما يستحق. ولولا تساهل الأمويين معهم (وليتهم لم يفعلوا)، لكان من المحال عليهم الوصول إلى الحكم.

ونصر بن سيار المذكور في النص، هو والي خراسان عندما قام الفرس بالتمرد على الخلافة الأموية. وكان من عظام العرب ومن دهاة الشجعان، وممن فتحوا أجزاء من بلاد ما وراء النهر. فلما استشعر بالخطر المجوسي العباسي في خراسان، أرسل قصائد رائعة إلى خلفاء بني أمية ينبههم إلى هذا الخطر ويطلب منهم الجيوش. تأمل قوله:

أتتركون عدواً قد أحاطكم ....................... ممن تأشّب لا دينٌ ولا حسَبُ؟!
ليسوا إلى عربٍ منا فنعرفهم ................... ولا صميمِ الموالي إن همُ نُسبوا
قوماً يدينون ديناً ما سمعت به ................ عن الرسول ولا جاءت به الكتبُ
فمن يكن سائلي عن أصل دينهم ..................... فإنَ دينَهُم أن تـُقتـل العربُ
ويُقسم الخمس من أموالكم أسراً ................... من العلوج ولا يبقى لكم نسب
وينكح فيكمُ قسراً بناتكم ........................ لو كان قومي أحراراً لقد غضبوا

لاحظ كيف أن هؤلاء لا يُعرف لهم نسب في الموالي أنفسهم. وأبو مسلم الخراساني لا يُعرف اسمه الأصلي فضلاً عن نسبه. أما أصل دينهم فهي الإباحية المانوية مع حقد شديد على العرب ورغبة في إبادتهم. وقد صدق ابن سيار فيما تنبأ، وهذه المعتقدات ما تزال أصل الفكر القومي الفارسي. يقول الباحث الإيراني ناصر بوربيرار: «كل الحركة الشعوبية هي من صنع اليهود. وقد صنعتها بقايا الساسانيين الذين هربوا إلى خراسان بعد هزيمتهم أمام جيوش المسلمين. فالشعوبية لم تظهر من كل أنحاء إيران بل من منطقة واحدة هي خراسان، وهو المكان الذي يظهر فيه بني العباس لمحاربة بني أمية». حيث يشير إلى أن للمستوطنات اليهودية في تلك المنطقة نفوذاً قوياً، حيث كان لليهود دوراً كبيراً في تحريض الفرس ضد العرب عن طريق الشعوبية. ولذلك اختار العباسيون منقطة خراسان الكبرى لتكون بداية ثورتهم (بقيادة أبي مسلم الخراساني) رغم أن هناك مسافة أكثر من ألفين كيلومتر تفصل خراسان من الشام. وهذا الباحث شيعي فارسي معاصر، وشهادته من باب وشهد شاهد من أهله.


العلاقة مع العلويين

كانت العلاقة بين بني أمية وبين بني علي بن أبي طالب جيدة بشكل عام، ابتداءً من عام الجماعة الذي تنازل فيه الحسن عن الخلافة لمعاوية، رضي الله عنهما. وكان معاوية كثير الإكرام للحسن والحسين، رضي الله عنهم أجمعين. وخروج الحسين من مكة إلى الكوفة كان بهدف الاعتصام بأتباعه، حتى لا يلزمه يزيد بالبيعة، واعتراضه عليها ليس على شخص يزيد وإنما على كونها تحويلاً للخلافة من الشورى إلى المُلك. أما عن استشهاده، فيزيد لم يأمر بقتله بل تألم من ذلك، وأكرم أهله. وبقيت العلاقة وطيدة بين الطرفيين، فلم يخرج أحد من الطالبيين يوم الحرة على يزيد، ولم يقبلوا بابن الزبير خليفة، بل بايعوا عبد الملك بن مروان، الذي كان يكرمهم، ويوصي ولاته (خاصة الحجاج) بعدم التعرض لهم. أما عن خروج يزيد بن علي رحمه الله، فهو حادث فردي لم يوافقه عليه باقي أفراد عائلته، وقد كان مخطئاً في خروجه، والذي قتله (مسلمة بن عبد الملك) خير منه، والله أعلم بما في القلوب.

وعندما بدء العباسيون بالتخطيط لثورتهم على الخلافة الإسلامية، تسربلوا بشعار مظلومية أهل البيت للوصول إلى سدة الحكم، بيد أنهم ما أن استقر بهم المقام وثبتت لهم أركانه حتى انقلبوا عليهم. وكان العباسيون في بداية دعوتهم يخفون اسم إمامهم، ويطلبون الدعوة للرضا من آل محمد، موهمين الناس أنهم يريدون البيعة لواحد من العلويين. وبذلك استمالوا قلوب الفرس والموالي العجم، خاصة في خراسان. فلما ظهرت ثورتهم، اكتشف العلويون الخدعة الماكرة التي نفذها العباسيون، لكن بعد فوات الأوان. فما لبث العباسيون إلا أن بطشوا بإخوانهم العلويين، وقاموا بإبادة منهم في فترة قصيرة ما لم يُقتل في كل العهد الأموي، حتى قال الشاعر:

والله ما فعلت أمية فيهم * معشار ما فعلت بنو العباس

وحصلت إبادة جماعية لذرية الحسن رضي الله عنه كادت تفنيهم لولا هروب أحدهم إلى المغرب الأقصى (حيث أنشئ هناك دولة الأدارسة). وقد جمع أبو جعفر أبناء الحسن، وأمر بجعل القيود والسلاسل في أرجلهم وأعناقهم، وحملهم في محامل مكشوفة وبغير وطاء، ثم أودعهم مكانا تحت الأرض لا يعرفون فيه الليل من النهار، حتى هلكوا. وصارت سياسة اضطهاد الطالبيين سنة متبعة يتواصى بها طغاة بني عباس، حتى أن هارون السفيه كاد يقتل الإمام الشافعي لأنهم وجدوه مع بعض بني علي في اليمن، ولولا وساطة محمد بن الحسن، لتم قتله معهم.

العلاقة مع العرب والمسلمين

كان هناك ارتباط وثيق بين بني أمية وبين العرب، ولم يقتصر الأمر على العرب في مكة والمدينة وغيرها من المدن، بل امتد إلى الأعراب كذلك. وكان بني أمية يرسلون أولادهم للبادية ليتعلموا الفصاحة ويعتادوا على خشونة الحياة. وكانت ثقافتهم عربية خالصة، وكان اعتمادهم الأساسي في فتوحاتهم على العرب، خاصة القبائل اليمانية الشامية، التي كانت بمثابة قوات خاصة تستعمل للمهمات الصعبة، وإن كانوا قد جندوا من باقي المسلمين كذلك (مثل جيش طارق بن زياد البربري). ولم يقدر عبد الملك أن يعهد بالخلافة لابنه مسيلمة لأنه كان ابن جارية رومية، مع أنه كان خيراً من اخوته. بينما كان ثاني خلفاء بني العباس هجيناً، وكذلك أكثر من جاءوا بعده. وكان الأمويون يتسمون بأسماء العرب (كالوليد وعمر وسليمان)، وغاية ما يكون تعظيم أحدهم أن ينادى بلقبه (أبو فلان). ولم يتلقبوا بألقاب العجم من أمثال المعتصم والمستنصر وأمثال ذلك.

فالدولة الأموية كانت دولة عربية قائمة في قيادتها على العرب، من غير ظلم لغيرهم. أما في الدولة العباسية، فقد قامت في أولها بمجازر رهيبة ضد العرب لم يحصل مثلها إلى عهد التتار. فكانت في أولها معتمدة على عصبية الفرس. وبالرغم من محاولات أبي جعفر التخلص من حلفاء الأمس بعد أن عظم خطرهم، فقد ظل نفوذهم قوياً جداً في الدولة، واستلموا المناصب الكبرى فيها. ومع ذلك انشغل العباسيون إلى عهد المعتصم بقمع ثورات الفرس المتوالية. وقام المهدي بمحاولة تخفيف النفوذ الفارسي عبر هيئة تتبع الزنادقة. لكنهم استطاعوا أن يحتفظوا بأنشطتهم بصورة سريّة، وتمكنوا من احتلال أغلب المناصب في دولة بني العباس، و بلغ أحدهم (الأفشين) قائد جيوش المعتصم. وهذا شيء لم يحصل قد في العهد الأموي.

وكان ولاء القادة للعباسيين قائماً على المال والعطايا من جهة، وعلى الخوف من البطش من جهة أخرى. ولم تكن هناك عصبية قوية تؤيدهم، بعكس حال الأمويين. ولذلك ضعفت الدولة وأصابها الضمور السريع منذ بدايتها. فحاول المعتصم استبدال الفرس بالترك، فلم يلبثوا أن استولوا على الدولة وأصبح الخليفة ألعوبة في أيديهم. على أنه حتى بعد انتقال الحكم إلى الجند الترك، فقد ظل تأثير الفرس الثقافي قوياً، سواء في المناصب التي شغلوها أم في تأثيرهم على ثقافة المجتمع ولغته وعاداته، وبالذات على ثقافة بني عباس أنفسهم.

جرائم العباسيين

كانت الدولة الأموية تعتمد في الأساس على العرب ثم على مواليهم. ولم يكن أمام الزنادقة والباطنية أية فرصة للوصول إلى الحكم. فحقق الأمويون فتوحات عظيمة، و امتدت دولتهم من وسط فرنسا حتى غرب الصين دون أن تضعف سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف. و ظل الإسلام نقياً من الحركات الباطنية الراغبة في تحريفه. على أنه ما إن انهارت الدولة الأموية و بدأت الدولة العباسية، حتى عادت العصبية الشعوبية و انتشرت الحركات الهدامة كالزنادقة و البرامكة و المعتزلة و الجهمية …إلخ، بسبب تسيب بني العباس.

بَنو أُمَيَّةَ لِلأَنباءِ ما فَتَحوا .............. وَلِلأَحاديثِ ما سادوا وَما دانوا

كانوا مُلوكاً سَريرُ الشَرقِ تَحتَهُمُ .. فَهَل سَأَلتَ سَريرَ الغَربِ ما كانوا؟

عالينَ كَالشَمسِ في أَطرافِ دَولَتِها ........ في كُلِّ ناحِيَةٍ مُلكٌ وَسُلطانُ

لَولا دِمَشقُ لَما كانَت طُلَيطِلَةٌ ........... وَلا زَهَت بِبَني العَبّاسِ بَغدانُ

وقد تأسست الحركة الباطنية على يد عبد الله بن سبأ اليهودي، و أدّت إلى استشهاد الخليفة الأموي عثمان بن عفان t، وما تلا ذلك من فتنة عظيمة. ثم خرج المختار في العراق حاملاً معه الأفكار الباطنية الشيعية. لكن بعد أن قمع هذه الفتنة، تراجعت هذه الحركات أمام تخطيط بني أمية الذين ضربوا عليهم بيد من حديد. و ظنَّ الناس أنه لن تقوم للباطنية قائمة. أما ناصر بن سيار –والي بني أمية على خُراسان– فكان يبصر المؤامرات التي يدبرها الفرس في جنح الظلام، و قد كتب إلى مروان بن محمد –آخر حكام بني أمية– قائلاً:

أرى خلل الرماد وميض جمرٍ و أخشى أن يكون لها ضرامُ

فقلتُ مِنَ التَّعجُّبِ ليتَ شِعْري أ أيـقـاظٌ أمـيَّـة أمْ نِـيــــــــــــامُ؟

و لم يكن الخليفة نائماً لكن شغلته الثورات المتتالية القريبة منه. وقد تنازع بنو أمية بينهم، فترك مروان التحالف التاريخي مع القبائل اليمانية، وأقبل على القبائل القيسية، وأغدق عليهم الأموال. فما حمي الوطيس تركوه وانهزموا عنه. فقال قولته التاريخية: وضعنا الأمر في غير أهله.

وكان العباسيون يعتمدون في دعوتهم على الباطنية والقوميين الفرس الحاقدين على العرب، بينما يعلنون للناس أن دولتهم ستأتي دولة عادلة تسوي بين العرب والموالي. قال الذهبي في السير: «وأنى لها العدل؟ بل أتت دولة أعجمية، خراسانية، جبارة». وقام العباسيون أثناء ثورتهم بمجازر وجرائم ضد الإنسانية تقشعر لها الأبدان، وقام جيشهم بتنفيذ وصية إمامهم بإبادة القبائل العربية في خراسان وإيران، وإحياء روح الشعوبية والعداء للعرب، وهو السبب الذي أبقى تلك المناطق أعجمية، فيما تحولت العراق والشام ومصر وإفريقيا إلى بلاد عربية. قال الذهبي في تذكرة الحفاظ (1|119): «تحولت دولة الإسلام من بني أمية إلى بني العباس في عام اثنتين وثلاثين ومئة، فجرى بسبب ذلك التحول سيول من الدماء، وذهب تحت السيف عالم لا يحصيهم إلا الله بخراسان والعراق والجزيرة والشام، وفعلت العساكر الخراسانية -الذين هم المسودة- كل قبيح. فلا حول ولا قوة إلا بالله».

بدأت الدعوة العباسية في الأردن على يد المدعو محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. ومن ثم إبراهيم الملقب بالإمام. وبعد أن قبض أمير المؤمنين مروان بن محمد على إبراهيم هذا، آل الأمر إلى أخيه السفاح. و في عام 129هـ ظهر القائد الفارسي أبو مسلم الخراءساني، الذي كان يقتل لمجرد الشك بل الاحتياط، واجتمع أنصاره قرب مدينة "مرو" و احتلها عام 130هـ، وارتفعت الأعلام السوداء مؤذنة بعهد مظلم للأمة الإسلامية. و تراكض الفرس الحاقدون على الخلافة الأموية للالتحاق بذلك الجيش الشعوبي. ثم سقطت خُراسان كلها بالمكر والخديعة ثم احتل العراق، و ظهر أبو العباس السَّـفَّاح (كما كان يسمي نفسه!) من مخبئه، و بويع بالخلافة عام 132هـ. و منذ هذا التاريخ بدأ حكم الفرس فعلاً. و كان خلفاء بني العباس أشبه بالضيوف في بيت أبي مسلم الخراساني أو في بيت جعفر البرمكي الفارسي.

وكان السَّـفـَّاح إسماً على مُسَمَّى، وهو الذي يقول عن نفسه على المنبر: «أنا السفاح المبيح، والثاثر المبير» (المبيح أي يستبيح الدماء والحرمات، والمبير أي المبيد). وفي عهده ارتكبت مجازر لا يعلم عدد قتلاها إلا الله سبحانه. ولم يكتف العباسيون بقتل الأحياء، بل قاموا بنبش قبور الموتى والتمثيل بهم، فما فيهم قبر الصحابي معاوية t، وهذا جريمة ما سمع بها العرب في تاريخهم. بل لا أعلم أحداً من مجرمي التاريخ (أمثال جنكيز وهولاغو وإيفان الرهيب وهتلر وستالين) قد فعل مثل هذا. ولا حول ولا قوة إلا بالله. و أشفى الخراساني غليلَ الفرس من العرب المسلمين. فأشبعهم قتلاً و تنكيلاً و بطشاً منذ قيام الدَّولة العبّاسية و حتى عام 137هـ. قال الذهبي: «كان أبو مسلم بلاء عظيما على عرب خراسان، فإنه أبادهم بحد السيف». وكان نفوذه في الدولة يزيد إلى أن غدر به أبو جعفر بعد أن أمّنه، ثم قتله عام 137هـ. ولم تقتصر جرائم العباسيين على العرب فقط، بل شملت الذين قاموا بثورة العباسيين (مثل أبي سلمة وابن كثير) بل شملت البيت العباسي نفسه، الذي هو أشبه ببيت العنكبوت، يخون أفراده بعضهم بعضا، ويغدر الأخ بأخيه، ويقتل عمه وأباه.

وكل الذين قتلهم الحجاج -على كثرتهم- لا يعادلون الذين قتلهم العباسيون في أول دولتهم، وقد فاقوه ظلماً بمرات. والحجاج كان من أبعد الناس عن صفات النفاق الثلاثة (الغدر، والكذب، والخيانة) التي تشبع بها بنو العباس صغيرهم وكبيرهم، فقد غدروا ببعضهم البعض واستحلوا دمائهم. فهذا السفاح غدر بابن هبيرة وقتله بعدما أمنه وأشهد الفقهاء على ذلك، وقتل الكثير من رجال دعوته وأعوانه ممن كان لهم فضل عليه. ثم جاء أخاه أبو جعفر فغدر بعمه عبد الله بن علي، وقتله بعد أن أعطاه الأمان (والعم صنو الأب كما في الحديث)، وغدر بأبي مسلم قائد جيوشه وصاحب دولته ومن يرجع إليه الفضل في قيام دولة بني العباس، وقد قتله في قصره بعدما أمنه. وقام وابنه بخلع ابن أخيه من ولاية العهد، بعد أن حلفوا على العهود والمواثيق. وقد صار الغدر له ولأهل بيته صفة مشهورة، فيوم خرج عليه الإمام محمد بن عبد الله النفس الزكية، أرسل المنصور إليه يعرض عليه الأمان، فكان من جواب النفس الزكية: «فإنك تعطي العهد، ثم تنكث ولا تفي. كما فعلت بابن هبيرة فإنك أعطيته العهد، ثم غدرت به. ولا أشد عذابا من إمام غادر. وكذلك فعلت بعمك عبد الله بن علي، وأبي مسلم».

وقد قصم الله عمر السفاح وهو شاب، فخلفه أخاه الطاغية أبو جعفر الصرصور، وما أدراكم ما أبو جعفر؟ ذاك الطاغية الخبيث، الذي سلّط الفرس على العرب وكسر شوكتهم. وكان من الدهاة الخبثاء، وله ذكاء ومكر، وفيه ظلم وجبروت، وقد أراق أنهارا من الدماء في سبيل توطيد الملك له. وقد اشتهر عن هذا الجبار القاسي، أعمال شنيعة منها: فتكه بالحسنيين وبالأمويين، من عارضه ومن لم يعارضه، وتتبعهم إلى أقاصي الأرض. وتقريبه لأهل الضلال مثل عمرو بن عبيد المعتزلي. وقتل إبراهيم ومحمد أحفاد الحسن ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل حفيد عثمان بن عفان رضي الله عنه. وجعل المنجمين من المقربين، ومعلوم أن علم النجوم كفر بالله. وقام بسجن الإمام أبي حنيفة النعمان وتعذيبه إلى أن مات مسموماً. انظر: أخبار أبي حنيفة للصيمري (1|93) وطبقات الحنفية لأبي الوفاء (1|502). و لا ننسى إذلاله للعلماء مثل جلد الإمام مالك. وكم من عالم مات من جوره, وكم من يد رفعت تدعوا عليه. وقد كان هلاكه بسبب دعوة أصابته من الإمام المسكين الهارب من ظلمه: سفيان الثوري، لما أراد صلبه في قصة مشهورة، قال عنها الذهبي: هذه كرامة ثابتة. ولا يمكنني تعداد مصائبه بشكل موجز، فمصائبه كثيرة وفيرة.

فكل من خالفه، أو شك فيه، قتله شر قتلة، ولم يسامحهم حتى قرابته وبنو عمومته. و معلوم فعله بعبد الله الكامل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. بل جميع بني حسن ماتوا في سجن هذا الطاغية، وجريمتهم أنهم من قرابة النفس الزكية. وهذه الجرائم يترفع عنها العرب في جاهليتهم، على كفرهم، فما بالك بعد الإسلام. ولا شك أن ظلمه وجرائمه تجاوز مرات ما وقع في طول زمن بني أمية، فبنو أمية لم يكونوا يخونوا العهود والوعود. بل سائر العرب في الجاهلية والإسلام تتبرأ من أخلاقهم. وانظر إلى الوليد بن عبد الملك الذي كان يقول: «لولا أن الله قص علينا عمل قوم لوط، لما صدقت بأن هناك من يفعل ذلك»، يدلك ذلك على عفة هذا الخليفة وعائلته، وقارن ذلك بخلفاء بني العباس، لا سيما من أتى بعد المتوكل، تجد اللواط أحد الركائز في حياة بعضهم.

فِعال يستحي الشيطان منها ***** ويبرأ من سفالتها الخليعُ

أما ابنه المهدي (كما يسمي نفسه) وابنيه الهادي وهارون فكانوا أمثل ملوك بني عباس على تسيبهم في أمور الدين. روى ابن القيم أن أبا البختري دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام، فروى له «لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر أو جناح». فلمّا خرج قال (المهدي): «أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله r». ثمّ لم يدَعِ الحمام لتسببهنّ في كذب هذا على رسول الله r. و هو الذي دخل على هارون و هو يُطيِّر الحَمَام. فقال: «هل تحفظ في هذا شيئاً»؟ فقال: «حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي r كان يطيّر الحمام». فقال هارون: «اخرج عنّي». فانظر لإهمال و تسيّب هذا "المهدي" الذي لم يستطع حتى مواجهة أبا البختري، فضلاً أن يعاقبه. و لذلك استمرّ ذلك المنافق بالكذب على رسول الله r بلا حياء أمام "الرشيد" أيضاً الذي لم يسكت عنه فحسب، بل إنه لم يعزله من القضاء! فإهمال العباسيين للكذابين في الحديث كان السبب الأول لانتشار الأحاديث الموضوعة، و انتشار البدع في الإسلام.

هذا المهدي الذي قال له الإمام سفيان: «قد ملأت الأرض ظلما وجورا»، فلم ينكر ذلك، مع أنه قد رد بعض مظالم أبيه. وقال عنه الذهبي: «كان غارقا كنحوه من الملوك في بحر اللذات، واللهو والصيد». وابنه الهادي كان سكيراً عربيداً عاقاً لأمه حتى هددها بالقتل، وكذلك أخوه هارون السفيه قام بمحالفة ملوك فرنسا لكي يغزوا مسلمي الأندلس، لأن الأميون يحكموها. والبعض يقول بأن الخليفة هارون الرشيد كان يجاهد في عام ويحج في أخر، فهو لم يضف شيئاً لحدود الدولة. وكان الهدف من حربه مع الروم المال فقط، فإذا امتنعوا تقدم إلى حصون أو مدن حدودية مثل هرقلية، فخربها، فإذا دفعوا له الجزية انسحب عنها.

أما ابنه "الأمين" فكان سكيراً غدّاراً مُسرِفاً مجاهراً بشرب الخمر، سبّب حرباً أهلية أطاحت برأسه بسبب سوء تدبيره، وقد سفك وأخوه الكثير من الدماء من أجل أطماع شخصية ودنيا زائلة. وأخوه "المأمون" (ابن الجارية الفارسية) كان طاغيةً مُبتدعاً شيعياً، و هو الذي نصر المُعْتزلة في فتنة خَلقِ القرآن بالحديد والنار، و قتل علماءً من خيرة علماء أهل السنة، وأدخل على المسلمين كتب الفلسفة، وأضل عقيدة الكثير من المسلمين إلى يومنا هذا. وقد هلك -لا رحمه الله- بدعوة الإمام أحمد. وأخوه المعتصم (ابن الجارية التركية) كان جاهلاً أميّاً لا يعرف الكتابة، على ما كان فيه من بأس و قوّة عضلية. و هو الذي جلد الإمام أحمد بن حنبل و عذّبه و سجنه. وقد سار هو وابنه الواثق على سيرة المأمون في دعوة الناس إلى الكفر وإجبار العلماء على ذلك.

و العجيب أنه حتى في حكم المعتصم الذي يُعتبر أقوى الخلفاء العباسيين، فإن حروبه مع الروم لم يكن فيها تفوق كاسح. و لم يكن عند العباسيين القدرة على حرب الروم و حصار القسطنطينية بنفس القوة التي كان بها الأمويين. بل لم تكن عندهم القوة أصلاً لإدارة كل تلك البلاد الشاسعة التي ورثوها عنهم، إذ ضعفت الدولة و أخذت تتفتت منذ أوائل حكمهم. و هكذا نجد أن ضعف العباسيين لعدم امتلاكهم لعصبية تحميهم، هو الذي أدى إلى تمزق بلاد المسلمين، ذلك التمزق الذي ما زلنا نعاني منه إلى اليوم. و زادت سيطرة الفرس على الدولة بسبب إهمال العباسيين للعرب، فلجأ المعتصم إلى الترك. لكن تزايد نفوذهم بشكل قوي. و قد شعر ابنه الْمُتَوَكِّل بذلك، فحاول الاستعانة بالعرب ضدهم و نقل العاصمة إلى دمشق، لكن بعد فوات الأوان. إذ أن العباسيون قد أبادوا العرب وعادوهم وأذهبوا عصبيتهم القوية. فلمّا أحسّ الأتراك به، أمروا ابنه فقتله، ثم غَلَبَوا على الْمُلْك من بعده. ثُمَّ قتلوا أولاده وَاحِدًا بَعْد وَاحِد إلى أن خَالَطَ الْمَمْلَكَة الدَّيْلَم. و صار الحُكم لهم كليّةً، حتى لم يَعُد للخليفة العباسي إلا الاسم. وتفتت الدولة العباسية، لأن العرب لا تفلح إلا بحاكم عربي:

و إنما الناس بالملوك و ما تفلح عرب ملوكها عجم

ولننتقل لعهدهم الثاني عندما دخل بني بويه وحكموا بغداد وصار الخلفاء العباسيين لعبة في يد مماليكهم. فحدث في ذلك العهد سب علني للصحابة في الشوارع، بينما الأندلس، تعيش في نعمة عظيمة، ويعملون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الحكم الأموي.

وفي عهد الخليفة العباسي "الناصر لدين الله" (وليته نصر الدين يوماً)، كان الملك الناصر صلاح الدين يوسف يجاهد الصليبين بكل ما أوتي من قوة مستعينا بالله، فطلب يوماً المدد من الخليفة العباسي (الذي لم يكن يملك أكثر من جزء من العراق)، فكان رد الخليفة له: لماذا تتلقب بالناصر وهو لقبي؟ مع العلم بأن صلاح الدين تلقب بالناصر قبل الخليفة العباسي! وفي عهد السلاجقة، تزوج أحد ملوك السلاجقة الأتراك من بنت الخليفة العباسي، ولم يقدر الخليفة على الرفض لأن الأمر ليس في يده. ووصل الأمر بالخلفاء العباسيين في مصر أن يسألوا المماليك حكام مصر أن يعطوهم مصاريفهم. وكانوا يُعزلون ويُولّون على حسب هواء المملوك. والأدهى أنه عندما تحولت الخلافة، لمصر تزوج أحد مماليك المماليك من بنت الخليفة. فأي خلافة هذه؟

وكان العباسيون في بداية دعوتهم، يدّعون بأن الخلافة تكون في يدهم إلى أن يسلمونها للمسيح ابن مريم عليه السلام. وكانوا يبثون الأحاديث الموضوعة، ويدعون بأن النبي قال ذلك. ومنها أحاديث الرايات السوداء (المشؤومة) التي تخرج من خراسان. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه كم مضى على سقوط الخلافة العباسية نهائياً وتسليمها للسلطان العثماني سليم الأول؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wessam.gid3an.com/
 
مقارنة بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الخلافة العثمانية
» الآخر ودوره في هدم الخلافة العثمانية
» العلاقات بين الخلافة الموحدية و المشرق الاسلامى 524-936 هـ / 1130-1529 م
» ولاة مصر في عهد الدولة الأموية
» العباسيون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي :: التاريخ الإسلامي The Islamic History-
انتقل الى: