لطبيعة البشرية من منظور مقارن
لطبيعة البشرية من منظور مقارن:
فرويد, سكنر, الغزالي و النورسي
د. محمد مقداد
قسم علم النفس
الجامعة الاسلامية العالمية
ورقة بحث مقدمة الى المؤتمر العالمي:
النظرة القرانية للانسان من خلال رسائل النور
الذي تنظمه مؤسسة الثقافة والعلوم باستنبول, تركيا
ايام 24-26 سبتامبر 2000 في تركيا
الطبيعة البشرية من منظور مقارن:
"فرويد, سكنر, الغزالي, النورسي"
1) مقدمة: يعتبر موضوع "الطبيعة البشرية" من أقدم الموضوعات التي اهتم بها الباحثون . و حسب ما هو موجود من تراث فان فلآسفة الإغريق يكونون أول من تناول هذه المسالة بالدراسة. و على سبيل المثال فان Plato أفلاطون (429ق م -347 ق م ) يكون قد اعتبر أن النفس هي الجزء الرئيسي للإنسان, وان الجسم ليس جزءا منها أو امتدادا لها. علاوة على هذا, فهو يرى أن النفس قبل ولادة الإنسان تكون موجودة في عالم المثل , وهي نظيفة . وبمجرد أن يولد الإنسان, فإنها تنزل من عالم المثل لتدخل إلى الجسم. بعد موت الإنسان يمكن أن تنتقل النفس ثانية إلى عالمها الأول, ويمكن أن تنتقل إلى جسم حيوان ما. أن الأمر يتوقف, كما يقول أفلاطون , على ما قد قام به الفرد من أعمال أثناء حياته (محمد شحاته ربيع 1993). كما أن علماء المسلمين في سنوات ازدهار الحضارة الإسلامية كانوا هم أيضا قد تناولوا موضوع "الطبيعة الإنسانية" بالدراسة . فأبو حامد الغزالي مثلا اعتبر الإنسان في منزله و سطى بين الحيوان و الملائكة . كما بين أن تلك المنزلة مرنة و غير ثابتة. فبفعل فطرته عامة و تمكنه من حرية الاختيار ثانية يمكن للإنسان أن ينزل إلى مرتبة الحيوان إذا انقاد لشهواته و ابتعد عن الخط الذي حدده الله سبحانه و تعالى . كما يمكن أن يرقى إلى مرتبة الملائكة إذا استقام على الطريقة الربانية .
لقد اهتم الباحثون بهذا الموضوع لأسباب متعددة منها ما يهم الفرد نفسه و منها ما يهم المجتمع الذي يعيش فيه الفرد . تتمثل الأسباب التي تهم الفرد في معرفة كيفية تنشئته و تربيته من جهة , و في معرفة الفرد لنفسه لزيادة قوة عقيدته إذا كان مؤمنا . وتتمثل الأسباب التي تهم المجتمع في معرفة كيفية بناء المجتمع و توجيهه . أن المسؤولين في المجتمعات الإنسانية كانوا و لا يزالون يحاولون تشكيل مجتمعاتهم وتصميمها وفقا لنظرتهم للإنسان وتصوراتهم له, وذلك حتى يتمكنوا من الحصول على الإنسان الكامل الذي يريدونه . فالدول الشيوعية في العقود الوسطى من القرن الماضي والدول الغربية حاليا حاولت بناء مجتمعاتها بكيفية رأت أنها تمكنها من تحقيق و جهة نظرها للإنسان.. لكن ونظرا لعدم تمكنها من فهم الإنسان فهما سليما. فقد تفشت المشاكل الاجتماعية النفسية كالانتحار والإدمان على المخدرات والعنف في الغرب بصورة مذهلة. للأخذ بيد الإنسان إلى شاطئ النجاة , قدم الباحثون نظريات نفسية مختلفة كالنظرية التحليلية و النظرية السلوكية و النظرية المعرفية و النظرية الإنسانية … و على الرغم من تقديم هذه النظريات بعض الحلول, فإنها لم تكن إلا جزئية و لم ترق إلى مستوى النظريات الشاملة لأنها من اقتراح بشر لبشر آخر . أما في العالم الإسلامي , فان كثيرا من المسؤولين في المناصب القيادية تركوا النظرية الإسلامية الاصيلة و تبنوا نظريات الغرب في بلدانهم معتقدين أنها تحل مشاكل التخلف التي يعانون منها. لكن النتيجة كانت الفشل الذريع.
تحاول هذه الورقة تسليط الضوء على مفهوم الطبيعة البشرية لدى مفكرين غربيين (فرويد و سكنر) ومفكرين إسلاميين (الغزالي و النورسي) لمعرفة كيف نظر كل من هؤلاء إلى هذا الإنسان, ودرجة اقتراب هذه الصورة من الصورة التي قدمها الإسلام عموما.
2) الطبيعة البشرية في كتابات الغربيين:
1.2) طريقة الكتابة: عند الكتابة عن الطبيعة البشرية سواء عند الغربيين أو عند المسلمين, لا بد من استخدام مجموعة من المحاور للتمكن من التقويم والمقارنة. وفي هذه الورقة سيتم استخدام المحاور الستة آلاتية:
1/ عناصر الإنسان وهي:
العناصر المرئية وهي البدن والحواس.
العناصر غير المرئية وهي: الروح والنفس ( العقل والعاطفة) بشقيها الشعوري اللاشعوري,
2/ مراحل حياة الإنسان وهي:
مرحلة ما قبل الولادة.
مرحلة الحياة الدنيا.
مرحلة حياة ما بعد الدنيا.
3/ اتصالات الإنسان وهي:
الاتصال بالله سبحانه وتعالى.
الاتصال بمخلوقات الله سبحانه وتعالى.
4/ خصائص الإنسان و أهمها:
الجبرية مقابل حرية الاختبار.
النمو مقابل الاستقرار.
العمومية مقابل التمايز.
5/ العوامل المؤثرة في الإنسان و أهمها:
الوراثة مقابل البيئة
خبرات الماضي مقابل خبرات الحاضر والمستقبل .
6/ الصورة المقدمة للإنسان وهي إما:
صورة متفائلة أو
صورة متشائمة.
كما سيتم فحص آراء كل باحث من الباحثين الذين تم اختيارهم على كل محور من هذه المحاور.
2.2) سغموند فرويد:
1.2.2) نبذة عن حياته :ولد فرويد سنة 1856 بفريبارغ الواقعة حاليا في جمهورية التشيك. رحل مع والديه إلى مدينة فيينا سنة 1860 . في سنة 1873 حصل على الباكلوريا والتحق بجامعة فيينا. وفي سنة 1881 حصل على الدكتوراه في الطب.مباشرة بعد ذلك التحق بأحد مستشفيات فيينا للعمل كطبيب نفساني وشرع في الوقت نفسه في إجراء البحث العلمي. بدا اهتمامه بالتنويم المغناطيسي سنة 1887 .وفي حدود سنة 1893 شرع في العمل مع جوزيف بروير لدراسة الهستريا. وفي سنة 1895 شرع في تحليل أحلامه . وفي سنة 1897 بدا عملية تحليل نفسي لذاته. أما في سنة 1900 فقد نشر كتابه "تحليل الأحلام". وفي سنة 1902 أنشأ "الجمعية النفسية ليوم الأربعاء". سنة 1906 بدا الاتصال بينه وبين كارل يونغ. وفي سنة 1908 عقد أول مؤتمر لعلم النفس الفريودي في مدينة سالزبورغ. وفي سنة 1909 سافر إلى أمريكا. وفي سنة 1910 عمل على تكوين الجمعية العالمية للتحليل النفسي. وفي سنة 1911 انفصل عنه ألفرد ادلر. وفي سنة 1913 انفصل عنه كارل يونغ. سنة 1924 يبدأ الصراع بينه وبين اوتو رانك. أما في سنة 1938 فقد سافر إلى ابريطانيا عبر فرنسا. وفي سنة 1939 توفي.
2.2.2) وجهة نظره في الطبيعة الإنسانية:
1.2.2.2) عناصر الإنسان: يعتبر فرويد من الباحثين الذين أولوا اهتماما كبيرا ببعض العناصر غير المرئية المكونة للشخصية الإنسانية. وان ما اهتم به كثيرا من هذه العناصر هو اللاشعور. يعتبر اللاشعور في نظر فرويد أهم جزء في الشخصية على الإطلاق
( Freud 1962 )
2.2.2.2) مراحل حياة الإنسان: لقد كان جل اهتمام فرويد مركزا على مرحلة الحياة الدنيا. وان ما اعتبره فرويد مهما هو المراحل الأولى من حياة الفرد .
3.2.2.2) اتصالات الإنسان: كل ما اهتم به فرويد هو اتصال الإنسان بمخلوقات الله سبحانه وتعالى وخاصة البشر الآخرون. أما الاتصال بالله سبحانه وتعالى فلم يعره أي اهتمام يذكر. يعتقد فرويد أن الرب ليس أكثر من الأب الذي يحترم احتراما عاليا .. Freud 1955)) وفي كتاب آخر يقول فرويد بان المعتقدات الدينية إنما هي أوهام لإرضاء رغبات الإنسان القديمة والقوية … (Freud 1961 ) .
4.2.2.2) خصائص الإنسان المختلفة:
* الجبرية مقابل حرية الاختيار: يعتقد فرويد أن الإنسان لا يملك حرية الاختيار لان قوى الجنس و العدوان اللاشعورية تسيطر على كل شيء فيه. وهو يؤمن أن كل ما يقوم به الإنسان, وكل ما يفكر فيه ويحلم به محدد في الواقع بغريزتي الحياة والموت. وفي نظره أيضا, فان الذين يأخذون التحليل النفسي ويتدربون عليه يمكن أن يحصلوا على مهارات تمكنهم من الحصول على نوع من حرية الاختيار. لهذا, فان فرويد كان يقترح تدريب الناس على التحليل النفسي لتحريرهم من قيود الجبرية (Determinism ) .
* النمو مقابل الاستقرار= ( الثبات مقابل التطور) يرى فرويد أن من خصائص الناس أنهم يحاولون من جهة تقليل القلق والتوتر وتجنب الألم, ويحاولون من جهة أخرى الحصول على السعادة. وبالتالي, فهم يسعون طول الوقت لإحداث الاستقرار. لهذا, فان نظريته تسمى نظرية التوازن (Homeostatic Theory ) لأنه يعتقد أن الفرد يسعى إلى أحداث التوازن ولا يسعى إلى التطور و النمو …
* العمومية مقابل التمايز = على الرغم من أن فرويد يكون قد نظر إلى الطبيعة البشرية من منظور العمومية ذلك أن الناس في رأيه يمرون جميعا بمراحل النمو الجنسي حسب الترتيب الذي اقترحه ( المرحلة الفمية من الميلاد إلى 18 شهرا, والمرحلة الشرجية من 18 شهرا إلى 03سنوات, والمرحلة القضية من 03سنوات إلى 06سنوات , والمرحلة التناسلية من 06 سنوات إلى البلوغ ) فانه يكون أيضا قد اخذ بعين الاعتبار صفة الخصوصية حيث انه أكد على أن جزءا من الشخصية الإنسانية خاص وهو يخص كل فرد على حدة , ويتشكل من خلال التجارب الشخصية التي يمر بها الفرد. كما إن محتويات كل من الأنا و الأنا الأعلى
تختلف من فرد لآخر
المصدر الرابط:
http://www.nursistudies.com/arabic/article.php?aid=218
موضوع: لطبيعة البشرية من منظورفرويد 
الخميس يوليو 10, 2008 3:27 pm
