زائر زائر
| موضوع: الشخصية المسلمة معتدلة الإثنين أبريل 27, 2009 2:01 am | |
| الشخصية المسلمة معتدلة
تتضح الرؤية الاسلامية في الاعداد وبناء الشخصية المعتدلة فلنقرأ هذه القيم والمبادي في آيات الكتاب العزيز: قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً). (البقرة/143) (والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً). (الفرقان/67) (وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليكَ ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لايحب المفسدين). (القصص/77) (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). (الحشر/9) (فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولاتطغوا). (هود/112) وبالتأمل في هذه النصوص المباركة وغيرها، نستطيع أن نشخص أهم مرتكزات التوازن الاتي: 1 ـ التوازن بين الدنيا والاخرة. 2 ـ التوازن بين الحاجات الجسدية والعقلية والنفسية. 3 ـ التوازن والاعتدال في السلوك والممارسات والمواقف. 4 ـ التوازن بين الفرد والمجتمع. ولقد تبنى القرآن الدعوة الى الاعتدال والاستقامة والتوازن في مجالات الحياة كلها، من غير افراط ولاتفريط. فقد دعا القرآن الانسان الى أن يوازن بين طلب الدنيا وطلب الاخرة بقوله: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الاخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا). بل جعل الله الدنيا طريقاً الى الاخرة، فليس هناك فصل بين عمل الدنيا وعمل الاخرة. فكل فعل الانسان في عالم الدنيا مرتبط بعالم الاخرة. لذلك حرم الاسلام الرهبانية وحرمان النفس مما أحل الله من الطّيبات. كما رسم للانسان منهاجاً عبادياً متكاملاً يجعله في دائرة العبودية لله سبحانه، والارتباط بعالم الاخرة في كل فعل واتجاه; لئلا يستغرق في ملذات الدنيا، ويترك الاعداد للاخرة. ومن مظاهر الاعتدال والاتزان في القيم والمبادي والاحكام الاسلامية هو الموازنة بين نزعات النفس المختلفة وحاجاتها، وتوظيف طاقاتها. فقد دعا الى اشباع حاجات الجسد المادية والغريزية من الطعام والشراب والجنس والراحة.. الخ، دونما افراط أو تفريط. والى جانب دعوته الى اشباع حاجات الجسم المادية دعا وبعناية فائقة الى احترام العقل، وتلبية حاجاته من العلم والمعرفة، وفسح المجال امام عمليات الفكر والتفكير المنتج، ورسم أمامه حدود الالتزام واسسه. وكما أعطى العقل دوره في التفكير والفهم والاستنتاج، اعطى التجربة والمعارف الحسية دورها الواقعي في الحياة، فلم ينكر دور العقل العلمي، ولم يسقط قيمة التجارب الحسية والميدانية، بل حدد لكل منهما ميدانه ودوره العلمي القادر على اكتشافه وتحصيله. وحين تعامل مع الجانب النفسي من الانسان لم يعتبر الانسان مجموعة من الاجهزة والتشكيلات المادية والعضوية، بل تعامل معه كانسان يحمل الاحاسيس والمشاعر الوجدانية والعواطف الانسانية من الحب والكراهية والرضا والسخط والاحساس بالكرامة والقيم الاعتبارية..الخ. ولكي لايطغى بعض الاحاسيس والانفعالات الوجدانية والعواطف على بعض، فتختل حركة النفس وسلوكية الانسان دعا الى الاعتدال في الحب والكراهية وفي الغضب والسخط والرضا...الخ، ونظّم الانفعالات والمواقف النفسية تلك على أساس الالتزام بالقيم، لتبقى حركة الانسان في دائرة الاعتدال والاستقامة النفسية. وهكذا يضع الاسلام خطته العملية في الموازنة والاعتدال لتعمل الاجهزة الاربعة: العقل والنفس والضمير والجسد بتوازن وتنسيق واستقامة. ومن هذه الاسس انطلق في تنظيم السلوك في اتجاهاته المختلفة، فدعا الى الانفاق المعتدل، وتناول الطعام والشراب بشكل معتدل، وممارسة العمل والكسب والجنس والراحة والنوم بشكل معتدل. لذا حرّم الاسراف والتبذير والتقتير، ودعا الى عدم المبالغة في الحب والكراهية، وكره كثرة النوم والبطالة، ودعا الى الاعتدال في الكسب المادي وطلب المعيشة وعدم ارهاق الجسم..الخ. وبذا جاء منهاجه معتدلاً متوازناً في بناء الشخصية الانسانية كوحدة بيولوجية وسيكولوجية وايديولوجية وفسيولوجية متكاملة. وبعد أن حدد الاسلام أسس بناء الشخصية المتوازنة ذاتياً اتجه الى تحقيق التوازن في الحقوق والواجبات بين الفرد والجماعة، ليوازن بين النزعة الفردية والمصلحة الاجتماعية. فالانسان ليس وحدة حياتية مستقلة عن بقية أفراد المجتمع، بل لابد له أن يعيش ضمن دائرة المجتمع، ويتبادل المنافع والمصالح، وينشىء العلاقات، ومن تلك الروابط نشأت الحقوق والواجبات وكان من مسؤولية القانون والاخلاق أن ينظّما الحقوق والواجبات ومسألة الوظيفة الاجتماعية للانسان. لذا دعا الى الايثار لتهذيب النزعة الذاتية. وتقديم مصلحة الجماعة على النفس، قال تعالى واصفاً المؤمنين الملتزمين: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة). وتحدث الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) عن التكامل والاهتمام بمصلحة الجماعة بقوله: (ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضواً تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى). (لايؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه). (خير الناس من نفع الناس). (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم). إن هذه المجموعة من النصوص والمفاهيم الاسلامية توضح الموازنة بين الفردية والاجتماعية، وتعمل على توعية الانسان المسلم بالوعي الاجتماعي. وتتحمل التربية مسؤولية توظيف تلك المبادي في منهج عملها، وتنشئة الشخصية المتوازنة بكامل نزعاتها وعلاقتها الانسانية. منقووووووووووووووول |
|