في بيتنا موهوب..كيف نكتشفه وكيف نعامله ؟
________________________________________
كيف نكتشفه وكيف نعامله ؟
قد يلاحظ العديد من الآباء بعض الأنماط السلوكية المحيرة لطفلهم، فتارة يرونه عائدا من المدرسة شاكيا باكيا من السأم والملل بسبب رتابة الدروس، أو بطء سرعة المنهج، أو عدم وجود من ينافسه في الصف، أو سخف أقرانه، وتارة أخرى يلقونه عازفا عن أداء الواجبات المدرسية ليركز انتباهه على لعب الشطرنج، أو الكمبيوتر لساعات طوال دون كلل أو ملل، أو يمضي وقته يتابع قراءة قصص أعلى من مستوى عمره بسنوات بشغف ونهم كبيرين. وأحيانا يمطرهم بوابل من الأسئلة ´ الصعبة التي تنم عن وجود قدرة عالية على التفكير المجرد أعلى من مستوى عمره بكثير، وقد يسأل أسئلة عديدة عن أسرار الكون، والذات الإلهية ´، والخير والشر، والحياة والموت، في عمر مبكر، بينما أقرانه في عمره نفسه مازال كل منهم يفكر كيف يربط حذاءه.
كما يلاحظ هؤلاء الآباء أن طفلهم يميل إلى مصاحبة أطفال أكبر منه سنا، بينما لا يلقى قبولا من أقرانه من العمر نفسه، وهو يتسم بالحساسية الشديدة، شديد الوعي بذاته، دائم النقد لنفسه، وعندما يجادل فإنه يجادل بحذق ومهارة، ويتمتع بمهارات فائقة في الإقناع، حتى يفوز برأيه، وهو قادر على أن يقنع الطرف الآخر
بالوجه النقيض للمسألة نفسها أيضا. وحين يتحدث يستخدم مفردات صعبة وكأنه فيلسوف صغير، والغريب في الأمر أن يرى الأبوان في الوقت نفسه هذا الفيلسوف الصغير عندما يخلد إلى سريره لينام يأخذ لعبته معه متشبثا بها ليشعر بالأمن والراحة.
وقد يكون السر وراء هذه الأنماط السلوكية الغريبة وجود موهبة كامنة لدى طفلهم تنتظر الفرصة للظهور والانطلاق، ولكن الآباء يشعرون بالحيرة والقلق حيالها لعدم وعيهم بطبيعة الموهبة وخصائصها، وعدم معرفتهم بدورهم في الكشف عن طفلهم الموهوب، وجهلهم بأساليب توفير المناخ الملائم لتنمية موهبته ورعايتها، وكذلك عدم معرفتهم بأساليب التعامل الصحيح معه, مما يجعل مسألة تربية الطفل الموهوب ورعايته تحديا كبيرا للأسرة.
كما يبين كورنيل (1983 Cornell ).في دراسته أن الأم هي أول من يكتشف أن طفلها موهوب، وإذا كان هناك خلاف بين الأبوين حول إمكانية أن يكون طفليهما موهوبا فإن الأب هو المتشكك في إطلاق هذه الصفة على الطفل .
ولقد حدد كولانجلو وداتمان (Colangelo & Dettman, 1983 )
دور الأسرة في الكشف عن الموهوب في الخطوات التالية:
الخطوة الأولى:
التعاون مع المدرسة عن طريق عقد اللقاءات مع معلم الطفل لإعطائه المعلومات الكافية عن طفله الموهوب، لأن المعلم لن يكون لديه الوقت الكافي لكشف الموهبة لدى جميع الطلاب.
الخطوة الثانية:
عقد لقاءات مع لاختصاصي النفسي أو المرشد النفسي كي يمده بالمعلومات اللازمة عن سلوك الطفل الموهوب، والتعرف على أساليب التعامل الصحيح معه, ومراعاة الخصائص النفسية والاجتماعية للطفل الموهوب, ورعاية قدراته الخاصة.
الخطوة الثالثة:
اللجوء إلى مصادر الدعم في المجتمع من جامعات ومؤسسات مجتمعية لتوفير المساعدات المادية والفنية لرعاية الطفل الموهوب.
ولكن يبدو أن الأسرة كما يؤكد ( جنسبورغ وهاريسون (1977 Ginsberg & Harrison ) لا تزال تجهل أهمية دورها في الكشف عن الطفل الموهوب، وأن عدد الأسر التي لديها طفل موهوب دون علمها أكثر من عدد الأسر التي تعتقد أن لديها طفلا موهوبا وهو ليس بموهوب.
كما يبين كولانجلو وداتمان (Colangelo & Dettman, 1983 ) أن أهم مشكلة تواجهها الأسرة في
هذا المجال هي قلة المعلومات التي تمتلكها عن طبيعة الطفل وخصائصه وأساليب الكشف عنه. ،
يتجلى لنا من الدراسات السابقة أن الوالدين يعتبران من أهم المصادر للتعرف على الطفل الموهوب، وأن توقعاتهما دقيقة، وخصوصا الأم كونها الحاضن الرئيس للطفل، وأن الحكم بأن الطفل موهوب يكون منذ الأيام الأولى من ولادة الطفل.
كما تبين هذه الدراسات أن الوالدين يواجهان صعوبات متعددة فيما يتعلق بمسألة الكشف عن الطفل الموهوب، ومن أهم هذه الصعوبات عدم توافر المعلومات الكافية حول طبيعة الموهوب وخصائص الموهوبين, وأساليب الكشف عنهم، وكذلك في تحديد ما إذا كان طفليهما موهوبا أم لا.