.
عليه يمكن القول ان للانفعالات أهمية كبيرة في حفظ حياة الكائن الحي ،
لأنها رد فعل طبيعي يقوم به الفرد ،
لمواجهة المواقف الطارئة التي تعترضه،وعن طريقها يتمكن من مقاومة المواقف الخطرة ،أو الهروب منها . بيد أن كثرة الانفعالات ،والإسراف فيها يضر بصحة الإنسان النفسية والجسدية ،وان اضطراب الناحية الانفعالية عند الإنسان يعد من الأسباب الهامة في نشوء كثير من أعراض الأمراض الجسدية،والتخلص من القلق هو طريق العلاج ،وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات الكريمة التي تساعد الإنسان على السيطرة على انفعالاته المختلفة والمتعددة
.
وتؤكد الدراسات والبحوث النفسية
،ان للطاقة الانفعالية في حياة الأفراد آثارها الحسنة والسيئة ، ومن هنا ينبغي أن تبنى دعائم الحياة الانفعالية للأفراد على أسس نفسية سليمة، لدفع الفرد نحو العمل والطموح ، وتكون مصدرًا قويًا لاستمتاع الإنسان بحياته ، في آمالها وآلامها ، وفي مسراتها وأحزانها .وإن الحياة التي يحياها الفرد لا تخلو من استمتاع بالآمال والمسرات ،وكفاح ومجالدة للآلام والأحزان ، وذلك عن طريق الثقة بالنفس ، والانتصار على المخاوف .ولا شك ،ان الفرد الذي يتمتع بالصحة النفسية عادة ما تكون انفعالاته موزونة او معتدلة، أي على قدر المواقف التي تواجه الفرد، دون أدنى مغالاة أو نقص.
ومهما يكن فإن الاستمتاع بصحة نفسية طيبة ،وما يتبع ذلك من استمتاع بالحياة يتوقف إلى حد كبير على عدد من العوامل التي تؤثر على نشاط الفرد ، سواء ارتبطت هذه العوامل بماضي الفرد ،أو حاضره،أو ما يتوقعه في مستقبله ، وسواء ارتبطت هذه العوامل بالفرد نفسه،أو بالحياة التي يعيشها ، فإن تلك العوامل جميعها تحدد نوع النشاط الذي يقوم به الفرد ،وكل ذلك يؤثر في استجابة الفرد لما تأتي به الحياة .
وخلاصة القول في هذا المقام، ان معظم الجهود المبذولة في سبيل تحقيق الصحة النفسية للأفراد في البلدان التي تهتم بالصحة النفسية لها طابع وقائي، فالاهتمام يتركز في الأسلوب الذي يتبع لتحقيق الصحة النفسية للفرد ، والحياة التي يجب أن يعيشها ، والظروف المناسبة التي تحيطه بها ، بغية تحقيق أمنه ، وطمأنينته النفسية.والجهد الوقائي لتحقيق الصحة النفسية مسؤولية جماعية ، فهو مسؤولية الأسرة أولا ،ثم مسؤولية المدرسة ثانيا،ثم مسؤولية المجتمع ثالثا،ثم مسؤولية منشآت العمل رابعا،ومسؤولية المنظمات الاجتماعية خامساً ، وعملية التكيف والتوافق السوي تعتبر محور وأساس الصحة النفسية، وعملية التوافق تتمثل في سعي الفرد الدائم للملاءمة والمواءمة بين مطالبه وظروفه، ومطالب وظروف البيئة المحيطة به،فكثيرًا ما يوجد الفرد في ظروف أو في بيئة لا تشبع كل حاجاته ومتطلباته. كما أن هذه الظروف وهذه البيئة قد تشكل عائقا امام إشباع الفرد لحاجاته النفسية والاجتماعية ،ومثل هذه الأوضاع تفرض على الفرد بذلك الجهد المستمر،والمثابرة في وجه الصعوبات التي تواجهه في حياته سعيًا وراء حلها،وتلك هي صورة من سلوك الفرد السوي الذي يسعى للتكييف والتوافق مع بيئته في حياة اجتماعية طبيعية مستقرة انفعالاته موزونة او معتدلة، أي على قدر المواقف التي تواجه الفرد، دون أدنى مغالاة أو نقص .