مرض الشيزوفرينيا
--------------------------------------------------------------------------------
يصنف مرض الشيزوفرينيا ضمن الأمراض النفسية الناجمة عن فقدان الاتصال مع الواقع سواء الداخلي، أي إدراك الشخص بما يحدث داخل الجسم والعقل، أو الخارجي أي إدراك وإحساس الفرد بمحيطه الخارجي أي المجتمع الذي يعيش فيه.
وحسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن الفرق بين الشيزوفرينيا والاكتئاب هو أن الشيزوفرينيا هو خلل في عملية التفكير وفي السلوك، بينما الاكتئاب هو خلل في مزاج الشخص بصورة رئيسية.
أعراض المرض:
حسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن الفرد الذي يصبح غير قادر على التعامل مع مشاكل الحياة المتعددة والمؤلمة نفسيا، فإنه يلجأ للانسحاب الفكري من المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا الانسحاب يكون من أعماق النفس بحيث يؤدي الأمر إلى فشل وانهيار كامل في عمل ألـ Ego، وبالتالي يزول الخطر عن الأفكار والسلوك الذي كان ألـ Ego يقوم بتنظيمهما وموازنتهما مع متطلبات البيئة الخارجية أي المجتمع.
أولى الأعراض هي الشعور بالتوتر العضلي والعصبي، وعدم المقدرة على التركيز، وعدم القدرة على النوم بصورة طبيعية، والانعزال عن الآخرين والمجتمع، وعدم الاهتمام باللباس والمظهر الخارجي والسلوكيات الصحية اليومية مثل تنظيف الأسنان والاستحمام أو تنظيف أجزاء الجسم، وسلوك شاذ غير مألوف مثل التحدث مع نفسه أو التفوه بعبارات وجمل غير مترابطة وبدون معنى.
إذا لم تعالج الأعراض السابقة فور ظهورها، فإن المرض يصبح متأصلا وكاملا بحيث تظهر على المريض الأعراض التالية:
- الوهم والسراب في الأفكار والتي لا تمت للحقيقة بصلة، مثال، يتخيل المريض نفسه شخصية مشهورة، أو عظيمة ( شخصية تاريخية أو معاصرة).
- الهلوسة: في مرحلة الهلوسة، يتخيل المريض أنه يرى أو يسمع أشياء لا وجود لها وليست حقيقية مثل سماع صوت الشياطين والملائكة.
- انعدام الترابط بين الكلمات والعبارات وموضوع الحديث: المصاب بالشيزوفرينيا يصبح حديثه بدون معنى وغير منطقي، ولا يوجد ترابط بين الكلمات أو العبارات التي يتفوه بها، كما أن هذه الكلمات والعبارات تكون بعيدة كل البعد عن موضوع الحديث، وفي نفس الوقت يقحم المريض نفسه في الحديث مواضيع مختلفة لا علاقة ولا ترابط بينه، فمثلا يتفوه بعبارة دينية أو مقطع من أغنية ثم يتحدث عن أسعار الخضار والفواكه..إلخ.
حسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن مريض الشيزوفرينيا يتأرجح في أغلب الأحوال بين حالتين أو دورتين هما:
1- دورة زوال أو انحسار الأعراض والمرض.
2- دورة عودة الأعراض والمرض.
وبالتالي، فإن مرض الشيزوفرينيا قد يظهر أحيانا بصورة طبيعية رغم الجمود العاطفي والاجتماعي في تصرفات المرضى وسلوكهم، ولكن عند حدوث دورة أو نوبة فإن الأعراض التي تدل على المرض تظهر على تصرفات وسلوكيات المريض.
أنواع مرض الشيزوفرينيا:
حسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن هناك خمس درجات أو أنواع للمرض وهي:
· الجمود الجسدي:
مع أن هذا النوع من الشيزوفرينيا نادر الحدوث إلا أنه موجود ويتميز باتخاذ المريض وضع قوامي جامد ومتصلب ويرفض الاستجابة لأي وسيلة اتصال يستخدمها الآخرون معه مثل الحديث أو اللمس باليدين أو هز المريض وباختصار يصبح المريض جثة بلا روح.
· الشيزوفرينيا غير المترابطة:
تعتبر هذه الدرجة من أشد حالات المرض وتتميز بحدوث معظم الأعراض الحقيقية للمرض كما سبق ذكرها مثل الجمود العاطفي والاجتماعي، الأفكار والأوهام الغريبة، الهلوسة والسلوكيات الشاذة مثال : المشي بلباس طرزان.
· الشيزوفرينيا المصحوبة بالرعب والخوف من خطر وهمي:
في هذا النوع، فإن المريض يشعر بأنه شخص أو شيء عظيم، والكل يحسده على هذه العظمة، وبالتالي فإنه مضطهد من الآخرين (الحاسدين) والذين يسعون لإيذائه وتدميره، وأخيرا يستعد المريض لرد العدوان الوشيك من خلال إظهار سلوكيات الغضب والعدوانية.
· الشيزوفرينيا البسيطة أو غير المحددة:
هذا النوع يضم جميع حالات المرض والتي لا تظهر فيها الأعراض الخاصة بالأنواع الأخرى للمرض.
· الشيزوفرينيا المترسبة أو الكامنة:
يضم هذا النوع جميع المرضى الذين أصيبوا بالمرض في السابق رغم علاجهم، وبالتالي لا تظهر عليهم أية أعراض أساسية ورئيسية لوجود المرض.
أسباب حدوث مرض الشيزوفرينيا:
حسب الدراسات العلمية والأميركية للصحة العقلية (النفسية) ودراسات علمية من جهات مختلفة، فإن أسباب المرض تعود إلى مجموعة من العوامل هي:
· تغيير في التركيب الطبيعي التشريحي للدماغ حيث أظهرت الدراسات على أن المصاب بالمرض له حجم دماغ أقل من الصحيح غير المصاب، ونقص حجم الدماغ يكون بشكل خاص في مراكز الدماغ والذاكرة والإدراك الحسي والتفكير والتركيز إضافة إلى دلائل تشير إلى نقص في كمية النسيج العصبي أو عدم اكتمال نمو النسيج للدماغ.
· حسب بعض الدراسات، فإن حوالي ثلث حالات المرض تحدث في العائلة، وبالتالي فدور الوراثة في حدوث المرض موجود كما وإن الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض يمهد لحدوث المرض في حالة توفر عوامل معينة مثل الإصابة بالعدوى من أمراض فيروسية تؤدي لتغيير في كيميائية الدماغ، أو التعرض لحادثة أو صدمة نفسية أو جسدية عنيفة، أو التعرض للإساءة الجسدية والعنف وسوء المعاملة في مرحلة الطفولة.
· حسب بعض نتائج الدراسات، فإن فرصة إصابة الأطفال بالمرض تزيد بنسبة 8-18% إذا كان أحد الوالدين مصابا بالمرض مقارنة بالأطفال العاديين، كما وأن هذه النسبة تزداد إلى 15-50 % إذا كان كلا الوالدين مصابا بالمرض كما وأن تبني هؤلاء الأطفال من قبل أبوين بالمرض لا تحمي الطفل من الإصابة بالمرض مما يدل على دور قوي للوراثة في الإصابة بالمرض، وبدليل الدراسات التي أجريت على الأطفال التوائم حيث أظهرت الأبحاث أن إصابة أحد التوأمين بالمرض يؤدي إلى احتمال إصابة التوأم الآخر بالمرض وبنسبة تتراوح ما بين 50-60%.
سبل علاج المرض:
علاج كامل مائة بالمائة للمرض غير متوفر لحد الآن ولكن العلاج المستخدم الحالي هو العقاقير الطبية، ,والمرضى يستطيعون العودة ثانية إلى حياتهم الطبيعية العادية مع الأسرة أو المجتمع الذي يعيشون فيه.
العقاقير المستخدمة في علاج المرض تسمى Antipsychotic drugs ،وهذه العقاقير من شأنها إنقاص حالات ودرجات الاضطراب الذهني والغضب والتوتر والأوهام والهلوسة وبقية أعراض المرض. وحسب إحدى الدراسات، فإن فقط 10% من المرضى الذين تلقوا العلاج، عادت إليهم أعراض المرض بصورة حادة بعد سنة واحدة من تلقي العلاج مقارنة بنسبة 60-80% من الأفراد الذين لم يتناولوا أو يستخدموا العلاج.
هناك آثار سلبية جانبية للعقاقير المستخدمة في علاج المرض، وتتفاوت هذه الأعراض السلبية الجانبية ما بين الإصابة بجفاف الفم والإمساك والتقلصات العضلية.
الكبار في السن بشكل خاص، يؤدي تناول العقاقير التي تعالج المرض إلى فقدان السيطرة على حركات الوجه وإصابة اللسان والفك بالارتجاف اللاإرادي عند الحديث – (د. أحمد شيشاني :STU.DNT