البحث عن محاولة علاجية
" لقد ذهبت إلى الطبيب فأخبرني أنني أعاني من مرض عضال في الأعصاب وأوصاني بالذهاب إلى طبيب الأعصاب الذي لم يرض فضولي .. وبعد أجراء الكثير من الفحوص أعطاني تشخصيات غير واضحة دون إعطائى شرحاً كافياً ثم أوصاني بالذهاب إلى الطبيب النفساني " .
يعتبر مرض الرعب هو المخادع الأكبر بالنسبة للأطباء حيث يصعب تشخيصه وغالباً ما يخلط الطبيب بينه وبين أمراض أخرى جسدية أو نفسية مثل أمراض القلب والغدة الدرقية و أمراض الجهاز التنفسى ، بل أن المريض يمضى جزئا كبيرا من وقته فى التنقل من طبيب لآخر باحثا عن المساعدة ، بل أنه قد ييأس من الشفاء فاقدا الأمل من مقدرة الأطباء إلا أن الطبيب النفسي المحنك يستطيع كشف المرض وعلاجه .
وكأي مرض نفسي فأنه يجب على الطبيب أن يطمئن المريض وأن يفحصه بعناية محاولاً الوصول لأعماق المريض ومعرفة كل شئ عن تاريخه المرضى وعلاجا ته وما إذا كان مدمناً لأي دواء حتى يستطيع تكوين صورة عامة عن المريض يتمكن من خلالها تقديم المساعدة له .. كذلك فإن معرفة ما إذا كان المريض يعانى من أحد مضاعفات المرض مثل الاكتئاب أو الخوف من الأسواق فإن ذلك قد يساعد في برنامج العلاج الذي يجب أن يتعامل مع كل مشكلات المريض مجتمعة حتى يكون ذا فائدة.
ويعمل الباحثون في كافة الميادين على كشف جذور المرض وتصميم أساليب تشخيصية فعالة وبرامج علاج جديدة قادرة على احتواء المرض ويوجد حاليا عدد كبير من البرامج العلاجية تستطيع مساعدة المريض بعد أن يتمكن الطبيب النفسي أولا من تهدئة الأعراض باستخدام التوجيهات التعليمية والعلاجات السلوكية .. ومن أمثلتها التدريب على الاسترخاء النفسي وبعد ما ينجح الطبيب النفسي في التهدئة من روعة الأعراض فأنه يبدأ في مساعدة المريض على التخلص من مضاعفات المرض مثل الخوف من الأسواق والقلق الأنتظارى التوقعي والاكتئاب النفسي ، وعندئذ يستطيع الطبيب النفسي أن يعمل مع المريض سويا على إيقاف تطورات المرض والتخلص من أية مشكلات اعتراضيه أخرى مترتبة أو مختفية وراء المرض .
برنامج ناجح للعلاج
ويحتوى برنامج العلاج الناجح على ثلاثة أنواع علاجية هي العلاج بالعقاقير والعلاج السلوكي وأخيرا العلاج المعرض . أما بالنسبة للعقاقير فهي نفس الأدوية المستخدمة في علاج مرض الاكتئاب وهى تعمل في نفس الوقت ضد مرض الرعب وهى تساعد حوالي من 75 إلى 9. % من مرضى الرعب ، وتشمل هذه العلاجات مثبطات أكسدة المركبات الأحادية الأمينية (M.A.O.I) والمركبات المشتقة من مجموعة "البنزوديازيبين" من المهدئات الصغرى كما أسفرت المشاهدات الأولية عن الاقتراب من إيجـاد مجموعة جديدة من العلاجات سوف تعطى نتائج أكثر نجاحاً وفائدة بإذن الله .
أما عن عناصر العلاج الأخرى التي تتمثل في العلاج السلوكي والمعرض ، فأنها تبدأ بإخبار المريض بحقائق مرضه الذي يعانى منه ثم دراسة تاريخ المرض ومعرفة الموقف الصعب الذي نشأ منه مرض الرعب لدى المريض وإعادة برمجة مخ المريض بالنسبة لهذا الحدث .. بعدها يبدأ العلاج المعرض لتغيير طريقه تفكيره ، والعلاج السلوكي لتحسين طريقة تصرفه ، ويشمل العلاج السلوكي أيضاً عمليات سلب الحساسية أو إبطالها تجاه ما يرعب المريض حيث يتم تعليم المريض تمرينات الاسترخاء أولاً ثم يتم تعريضه تدريجياً لمواقف يرهبها ويتجنبها والتي تسبب له الرعب مع تعليمه كيفية التعايش معها حتى يتجنب حدوث نوبة رعب أخرى ولأن المرض قد يكون مصاحبا بأحد الأعراض النفسية الأخرى فإن العلاج يجب تغييره حتى يناسب كل حالة على حدة كذلك فإن المتابعة العلاجية ذات فضل كبير في التعامل مع تطورات المرض المزمنة التي أمضت سنوات دون علاج خاصة إذا احتوت هذه المتابعة على إلقاء نظرة تحليلية لداخل نفس المريض .
ومع العلاج المؤثر والأبحاث المستمرة يتأتى لنا الأمل الجديد لشفاء المرضى الذين يعانون من مرض الرعب ، وباستمرار وتهيئة التعليم الطبي فإنه يساعد الأطباء أكثر في تشخيص المرض وإعطاء المرضى المساعدة التي يحتاجونها .. كذلك فإن التشخيص المبكر يساعد بشكل ملحوظ في التقليل من مضاعفات المرض ومع العلاج السليم المناسب فإن 9 من كل عشرة مرضى سوف يحصلون على الشفاء من المرض بإذن الله وبذلك يعودون لمزاولة نشاطاتهم وحياتهم العادية .