وكان لاختراع الحاسوب أهمية كبيرة في حقلي التربية والتعليم ، حيث يسهم
في توسيع أنظمة التربية المستعملة ، ويخلق إمكانات ووسائل تعليم جديدة ، ويساعد على
زيادة قدرة الاستيعاب لدى مختلف الأجيال والمراحل التربوية ، ويخلق وسائل إيضاح
جديدة في نقل المحاضرات وسماعها وإقامة الندوات وإلقاء المحاضرات وغير ذلك . وتكون
المواد التطبيقية سهلة الوضوح والاستيعاب ، ومساعدة للمواد النظرية في شرح
الموضوعات المختلفة . وفى الوقت نفسه ستكون وسائل الإيضاح والتقنيات الجديدة في
خدمة المعوقين جسديا وفكريا وعصبيا ، وستساهم بشكل علمي وفعال في انخراط هذه الفئات
في المجتمع عن طريق نقل المعلومات إليها بطريقة سهلة ، وبمساعدتها على تخطى عقدها
النفسية عبر وضع إمكانات الحواسيب في خدمتها . أما على الصعيد العلمي وبخاصة البحث
العلمي ، فسيكون باستطاعة العلماء وأساتذة الجامعات من الدول المتطورة ، وحتى
الباحثين من الدول النامية ، الإفادة من بنوك المعطيات والمعلومات المحمية طوال
قرون من الزمن في الدول المتطورة والاطلاع على الأبحاث الحديثة المتقدمة التي
ينتجها العلماء في الدول المتطورة ، وهذا يشكل في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام ،
تساعد على رفع المستوى العلمي والتكنولوجي للدول النامية . ويعلم الجميع مدى أهمية
الاطلاع على البحوث الموجودة والتطورات العلمية والنشرات والموضوعات المكتشفة
لتطوير العلوم وتحديثها ، وقد كان العلماء والباحثون في الدول النامية مضطرين للسفر
إلى الدول المتطورة والغوص في مكتباتها للحصول على المعلومات العلمية المطلوبة
لأبحاثهم ، مع ما يترتب على ذلك من عناء وضياع للوقت وهدر للأموال .
أما الآن ،
فقد استطاع العلماء بوساطة الطرق السريعة للمعلومات الإطلاع على كل جديد في أي حقل
من الحقول بسرعة فائقة دون أية تكلفة ، بل يكفى أن تسمح الدول الغنية والمسؤولون
فيها بتدفق المعلومات على هذه الطرق ، وباتجاه الدول غير المتطورة
والواقع إن
الثورة المعلوماتية والتكنولوجية تؤثر في التعليم من ثلاث زوايا :
1- مدرسة
المستقبل : إننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع
، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الإنتاج ، ومتصلة بنبض
الرأي العام ، وبمؤسسات الثقافة والإعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب
بأنشطتها في أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة
في إعادة صياغة عقل الأمة
2- معلم الألفية
نحن نحتاج إلى معلم الألفية
الثالثة ، يتغير دوره تغيرا جذريا من خريج مؤسسة كانت تهدف دائما إلى تخريج موظفين
وعاملين يعملون في إطار نظم جامدة وخطوطه طولية يلتزمون بقواعد جامدة ، إلى مدرسين
يقومون بوظيفة رجال أعمال ومديري مشاريع ومحللين للمشاكل ووسطاء استراتيجيين بين
المدرسة والمجتمع ، ومحفزين لأبنائهم ويكتشفون فيهم مواطن النبوغ والعبقرية
والموهبة ويقومون بدور الوسيط النشط في العملية التعليمية ، فنحن نريد معلم له من
خبراته التربوية وثقافته المتنوعة ومن قاعدته المعرفية العريضة ومن إمكاناته
الفكرية المرتفعة والتصور القائم على الإحساس بالمتغيرات ، قادر على مشاركة أبنائه
في استكمال استعدادهم للتعامل مع مستقبل مختلف كليه عن حاضر أو ماضي عايشناه ، كل
ذلك يقتضى إعداد المعلم تدريبا مختلفا ، وإعداد غير مسبوق وانفتاحا على كل التجارب
العالمية ، وتنوعا في الخبرات والقدرات التي يتسلحون بها سواء في إعدادهم في كليات
التربية أم معاهد المعلمين.
3- مناهج غير تقليدية لمسايرة تطور الألفية
الثالثة ولتحقيق التنمية في القوى البشرية نحتاج إلى مناهج جديدة تتسم بالمعرفة
الكلية بدلا من الاختزال التي تتسم باحتوائها على المعلومات والبحث عنها وتنظيمها
وتوظيفها ، وكذلك مناهج مرتبطة بحاجات المجتمع الحقيقية ، ويجب أن تنهض المناهج
بمسئولية تمكين أبنائنا من التعامل الذكي مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع
، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس
والمشاركة في البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هي الجوهر الحقيقي للعملية
التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج في إطار عالمي بمعايير عالمية ، ولا بد أن تكون
في إطار مستقبلي ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد في الاختيار ، وكذلك لا بد من
المرونة في أساليب التعليم ، وتنوع في طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة في الجدول
الدراسي ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع إلى التعليم الممتاز .