فن الكاريكاتير

فن الكاريكاتير هو المادة الصحفية المفضلة لجميع القراء ، بغض النظر عن مستوياتهم الثقافية ، فهو يحتل
مكانة تخصه وحده بين الفنون البصرية جميعا ، إذ يملك س ��حرا غير عاديعند الناس ، لما فيه من بس ��اطة وإصابة
مباش ��رة للمواضوعات الحساس ��ة التي تهم أكثر ش ��رائح المجتمعات، وهو أيضا يملك لغة مشتركة متعارف عليها
عند كل شعوب العالم.) 1(
كما أنه وفي رسالة قصيرة موجزة يملك قدرة فائقة على تلخيص قضايا المجتمع بشكل عام في جمل بسيطة ،
تعززها رسوم جذابة لديها القدرة على لفت أنظارالجميع مثقفين ومحدودي الثقافة على حد سواء . وهي من وجهة
النظر هذه تس ��اهم في رفع مس ��توى الوعي الشعبي بمش ��كلات وقضايا المجتمع اقتصادية وسياسية واجتماعية ،
بما في ذلك القضايا التي تتعلق بمس ��ائل حقوق الإنس ��ان ، كما س ��اهم الكاريكاتير وبش ��كل متكرر في التحريض
السياسي وانتقاد الواقع الإجتماعي وهو على رغم الجرأة التي يتميز بها يتمكن من تجاوز الرقابة -إلى حد ما - فالفن
في النهاية هو وس ��يلة الاتصال بين الفنان ومجتمعه ؛ هذا الرأي يتماش ��ى مع من يرون أن الفن يجب أن يكون طبقا
) 1( مستقبل الكاريكاتير الصحفي، إبراهيم غرايبة، جريدة الغد الإردنية، 200
18
شعبيا “ كالفول والفلافل “ تتركز قيمته الحقيقية في مدى قربه من الشارع وفقدانه لهويته الطبقية.
و تؤك ��د الدراس ��ات والأبحاث أن الكاريكاتير ليس فنا وليد قرننا ه ��ذا بل هو موجود منذ بدء الخليقة ، وهو كفن
مركب من عنصري التش ��كيل والكوميديا أو الس ��خرية له جذوره القديمة الضاربة في أعماق التاريخ لدرجة تدفع
بعضه ��م للق ��ول بأن الكاريكاتي ��ر ولد مع ولادة الإنس ��ان “ويمكن العثور على رس ��وم كوميدية في آث ��ار تعود حتى
لحضارات وفنون ما قبل التاريخ ، حيث كان الإنسان يصور على جدران مغاراته وعلى الصخور حياة الحيوانات المحيطة
به وحياته الشخصية”.) 2(
نس ��تطيع أن نقول إن الكاريكاتير هو بذلك جزء لا يتجزء من حياة الإنس ��ان “ فهو تصوير هزلي يتضمن نقدا
للس ��لبيات الحياتية بأش ��كالها المختلفة ،حيث يعكس أش ��ياء غير منظورة بأسلوب بسيط، بواسطة عينه الخفية
التي تعتمد على المبالغة ومزج الواقع بالخيال “.) 3(
ولع ��ل هذه العملي ��ة المعقدة توضح أن أهم مواصف ��ات فنان الكاريكاتير هي الموهب ��ة الخاصة جدا في التقاط
الحدث/ اللفتة ،المصحوبة بنوع من الذكاء والقدرة العالية على رؤية وتحليل بواطن الأشياء .وهو في النهاية يجسد
ذلك الالتقاط مصحوبا برسم معبر فقط حينا وفي أحيان أخري يكون الرسم مصحوبا بكلمات دالة أو شارحة .
) 2( الجذور التاريخية لفن الكاريكاتير، د. عاطف سلامة، كاتب وباحث فلسطيني.
) 3( المبالغة التشكيلية في الحضارات القديمة، د. ممدوح حمادة.
19 الكاريكاتير تاريخيا:
يقول الباحث الفرنس ��ي “ روا “ : “إن فن الكاريكاتير قديم جدا ، ويؤكد أن هذا الفن له جذور تاريخية قديمة ، وقد
بدأ كحركة قديمة بدائية في التصوير الفني أو التشخيص الهزلي حيث انطلقت جذوره من العهد القديم ، عندما
سخر “ قابيل “ من أخيه “ هابيل “ وذلك بعدما أصبح “ قابيل” يرسم أخاه “ هابيل” ويعلق عليه بجمل حادة .”
والكاريكاتير كلمة ذات أصل إيطالي “ caricature ” وتعني المبالغة والمغالاة “ وقد كان دائما ومازال نظرة تهكمية
غريزي ��ة تعتمد على دقة الملاحظة وس ��رعة البديهة ، مع نظرة تنقب عن الس ��خرية ف ��ي المواقف من خلال تقاطيع
الوجه وتعبيرات الجس ��د في ش ��كل مختلف عن الواقع، ويهدف إلى الرمز في خليط من المبالغة ، مع الحفاظ على
الشخصية والشبه في آن واحد “) 4(
ولم يقف الكاريكاتير عند حد أو خط أحمر ، فكما أصبحت السياس ��ة والساس ��ة هما المادة الأغني بالنس ��بة
لرسام الكاريكاتير في عالمنا اليوم ؛ اعتبرت الأديان القديمة أهم منابع السخرية في العصور الفائتة ،سواء في الأدب
أو في الفن التشكيلي “ فمعظم أشكال المبالغة الموجودة سواء في الأدب أو في التشكيل مأخوذة عن هذه الأديان
،وأولها الصفة الدينية ،وفي المراحل الأولى لظهور الأسطورة لم يكن يتم تصوير الألهة بطريقة البورتريه ، وإنما كان
يتم تصوير الملامح المميزة لهذه الآلهة ، والتي كانت الأشكال تبعا لها تعطي إما طابعا مخيفا يبعث على الرعب
أو طابعا كوميديا ساخرا، ويمكن القول إن الهدف من المبالغة في البداية لم يكن بالضرورة السخرية
) 4( عاطف سلامة، المرجع السابق.
20
وأحيانا لم يكن السخرية أبدا”) 5(
وقد كان الإغريق يزينون بيوتهم بالرس ��وم الهزلية والس ��اخرة لآلهة أعدائهم ، كانت هذه الرسوم تحتل الجدران
والبوابات الخارجية لمنازلهم .
ولع ��ل الحض ��ارة المصرية هي الحضارة الأغني والأكثر تطورا في مجال الرس ��وم الس ��اخرة “ إذ أنها تمتاز عن باقي
الحضارات بأن الرس ��وم التي تعود لها تس ��تمد مواضيعها م ��ن الحياة وليس من الأس ��طورة ، وتضفي عليها طابعا
فلسفيا ، فلا تكتفي فقط بالفكاهة ، وإنما ترمز إلى أمور أخرى.
ورغم تفوق الحضارة الإغريقية بعدد الرس ��وم والمنحوتات إلا أن الرس ��وم العائدة لها لا تصل إلى عمق ومستوى
الرسوم المصرية ، من وجهة نظر السخرية “) 6(
وفي هذا الصدد يرى فنان الكاريكاتير المصري الشهير “عثمان بهجت” أن فن الكاريكاتير ظهر في مصر الفرعونية
والدليل على ذلك الرسوم الموجودة في المتحف المصري بالقاهرة ، وأعطى العديد من الأمثلة مثل رسم لذئب ينقذ
أوزة ، ورسم لأسد يلعب الشطرنج مع نعجة ، وكذلك رسم آخر يوضح بعض الأشخاص وهم يجلسون على شجرة
وعصفور يحاول الصعود إليهم مستخدما سلما ، معلقا على ذلك بأنه في هذه الرسوم حاول الرسامون المصريون
القدماء غير المعروفين أن يستخدموا الأسلوب الهجائي برسومهم ،مؤكدا أن هذه الرسوم
) 5( ثقافة النص في الرسم الكاريكاتيري، د. عاطف سلامة.
) 6( د. ممدوح حمادة، المرجع السابق.
21 اتخذت قاعدة للفنانين المصريين ، وأن هناك عدد من رسوم القدماء المصريين في عهد رمسيس الثالث ، موجودة
في متحف الكاريكاتير في لندن.
وكم ��ا عرف المصريون الأقدم ��ون فن الكاريكاتير واس ��تعملوه في معابدهم ومقابرهم عرف ��ه غيرهم ، فظهر
في أيضا في رس ��وم و معابد ش ��عوب الحضارات القديمة . ولعل أبرز ما تم العثور عليه هو تلك الرس ��وم المنفذّة على
الصخ ��ور والت ��ي عثر عليها بكميات كبيرة في الصحراء الجزائرية ، والتي تتميز الس ��خرية فيها عن الس ��خرية في
فنون الحضارات القديمة الأخرى كما يؤكد القس «بريل » الخبير بفن ما قبل التاريخ، بأنها لا تحمل الطابع الديني. وبين
هذه الرس ��وم ما يكتفي بالتشويه والمبالغة في رسم الأش ��كال البشرية، وبينها ما يحتوي على عناصر الكوميديا
والسخرية في موضوعه.
فعلى جرف صخري في )وادي الجرات( مجموعة كبيرة من الرسوم ذات الموضوع الجنسي، وهي الرسوم الأكثر جرأة
من بين الرسوم الجنسية التي تعود لحضارات ما قبل التاريخ. على هذا الجرف رُسم رتل طويل من الرجال ذوي القرون،
وأعضاؤهم التناس ��لية جاهزة للاتصال مع أعضاء تناسلية مؤنثة، ومن الجدير بالذكر أن التفاصيل التشريحية في
هذه الرس ��وم منفذة جميعها بإتقان بالغ، ورغم الوضوح التام للش ��كل الخارجي لهذه الرسوم فإنه من غير المحتمل
أن البش ��ر س ��يفهمون في يوم ما المضمون الحقيقي الذي أراده الرسام من هذه الرس ��وم المضحكة. وفي مكان آخر
على هذه الصخور امرأة، على رأس ��ها قبعة من القش حادّة الأطراف يهدّدها من ثلاث جهات ثلاثة أعضاء جنس ��ية
ذكرية.
كما تم العثور على رس ��وم ذات مواضيع، يؤكد الكثير من الباحثين بش ��كل قاطع أنها س ��اخرة. حتى أن القس
«بري ��ل » دُهش للطابع القصصي الذي تحمله مجموعة من الرس ��وم التي تم العث ��ور عليها في الصحراء الجزائرية، و
قام بدراس ��تها بش ��كل عميق وأكد على أن المضمون الفكاهي فيها، يحتل المكانة الأولى، وقد أثارت هذه الرس ��وم
تس ��اؤلاتٍ كثيرةً لديه ، فهل يدور الحديث في الرس ��وم عن حركة قطيع من الثيران؟ أم عن مضارب الرعاة المكونة من
الأكواخ، أم عن ثيران مقيّدة أم عن نساء يمشطن شعور بعضهن بعضاً أم عن صيد الغزلان أم عن اقتسام لحم حمار
الوحش أم عن كل هذه الأش ��ياء مجموعة؟ والتي تشكل مع بعضها بعضاً صورة مكتملة لحياة رعاة القطعان في
البراري السودانية.”) 7(
الكاريكاتير في الصحافة:
بعد إرهاصات لظهور صحف الكاريكاتير في هولندا في القرن السابع عشر وفي انجلترا في القرن الثامن عشر ،
تطورت في فرنسا صحف الكاريكاتير وتحديدا في القرن التاسع عشر وصدرت لأول مرة بشكل أقرب لشكلها الحالي
حي ��ث تدوال ��ت المجلات والصحف التي تعتمد الكاريكاتير منهجا لها في الس ��خرية من أم ��ور عدة . ثم تبعتها دول
أخرى في أوروبا مثل ألمانيا التي ش ��هد فن الكاريكاتير في بدايات القرن العش ��رين تطورا كبيرا فيها . أما في مصر
فيعزى ظهور الرسوم الساخرة في الصحافة لأول مرة إلى المسرحي والصحفي الساخر “ يعقوب صنوع” حين أصدر
مجلته الشهيرة” أبونضارة “ “تلا ذلك مجلة “اللطائف المصورة “ التي أصدرها في العام 1915 التي أصدرها اسكندر
مكاريوس”) 8(، وتبعتها مجلة “ الكش ��كول “ في العام 1921 ، ثم جاءت تجربة الكاريكاتير المصري الأكثر اكتمالا في
مجلة روز اليوسف والتي كان لها الدور الأهم في إظهار هذا الفن ودوره في صحافة مصر التي شهدت ظهور فنان
) 7( د. ممدوح حمادة، المرجع السابق.
) 8( المراحل الأساسية لتطور فن الكاريكاتير، ممدوح حمادة.
23 الكاريكاتي ��ر أرمن ��ي الأصل صاروخان ، مبتكر ش ��خصية المصري أفندي ، وفي بداية الثلاثين ��ات أصدر “محمود عزت
المفتي” مجلته “الراديو “التي حولها فيما بعد إلى “البعكوكة” وقد حوت العديد من الشخصيات المبتكرة أيضا ، و
حققت البعكوكة انتش ��ارا ونجاحا واسعين ، وتأتي تجربة مجلة “صباح الخير” الصادرة عن مؤسسة روز اليوسف في
الع ��ام 1956 لتكرس لنجاح العديد من عظماء فنان ��ي الكاريكاتير في مصر أمثال زهدي ، و صلاح جاهين ، وبهجت
عثم ��ان وحجازي ، وجمال كامل وجمعة وغيرهم الكثيرين حتى إننا يمكننا القول إن تجربة مدرس ��ة الكاريكاتير في
صباح الخير في الخمس ��ينات والس ��يتينات كان بمثابة العصر الذهبي لهذا الفن في مصر .وفي العام 1990 صدرت
مجلة “كاريكاتير” عن مؤسس ��ة أخبار اليوم ، وكان يرأس تحريرها فناني الكاريكاتير طوغان و مصطفى حس ني� ،
الذي كان يحقق ذيوعا كبيرة وقتها بعد النجاح الكبير الذي حققته شخصية فلاح كفر الهنادوة التي كان يكتبها
أحمد رجب ويرسمها مصطفى حسين في أخبار اليوم . ولكن المجلة التي صدرت لتحرك ركود فن الكاريكاتير قليلا
، وقدمت المجلة بالفعل رس ��وما جميلة ورس ��امين موهوبين ، واس ��تمر ذلك لفترة قصيرة ، توقفت بعدها المجلة عن
الصدور ، ثم صدرت ثانية وإن كان بش ��كل غير منتظم وبالأبيض والأس ��ود بعد أن كانت تصدر بالألوان في إصدارها
الأول .فيما واجه ملحق أيامنا الحلوة الذي كان يصدر مرفقا بأهرام الجمعة ، مصيره بالإغلاق بعد أن اس ��تمر لبضع
سنوات ، طارحا تساؤلا حول تراجع الكاريكاتير والروح الساخرة عن الصحافة المصرية بشكل كبير .
أنواع الكاريكاتير :
يرى البعض أن فن الكاريكاتير هو فن تشكيلي بالدرجة الأولى ،ويرى آخرون أنه فن صحفي بالدرجة الأولي. فنانو
الكاريكاتير قليلا ما يقيمون المعارض لعرض لوحاتهم على الجمهور مباش ��رة بعيدا عن الصحف والمجلات و مقارنة
بانتش ��ار هذا الفن في الصحافة التي ارتبط بها وتطور معها وكان س ��ببا مهما في انتشارها وتوسعها تميل كفة
24
اعتباره فنا صحفيا .
ف ��ي منتص ��ف القرن الماضي ظهرت العديد من الاتجاه ��ات في فن الكاريكاتير والتي كان ��ت بمثابة توجهات جديدة
آنذاك ، فهناك الكاريكاتير الذي يعتمد رس ��ما دون نص أو تعليق وهو ما يعتبره البعض أقوى انواع الكاريكاتير ، حيث
إنه يعتمد في تصوير المضمون وإيصاله للجمهور على أدوات الفن التش ��كيلي فقط دون أن يستخدم أي من الكلمات
المصاحبة . كان الفنان الفلسطيني وشخصيته الشهيرة “حنظلة “ هذا الطفل الفلسطيني الواقف معطيا ظهره
للدني ��ا معترض ��ا علىها ، نموذجا للكاريكاتير المعتمد على الرس ��وم فقط غير المصحوب بكلم ��ات ، كما يعد الفنانان،
السوري على فرازات ، والليبي محمد الزواوي أشهر الفنانين العرب الذين قدما هذا النوع .
أما النوع الثاني فهو رس ��م مع نص تعريفي وهو يعتمد على الأداتيين التعبيرية والتش ��كيلية وأحيانا أداة التعبير
الأدبي ��ة وفيها يرفق الفنان النص بالرس ��م للتعريف بش ��خصية ما وأش ��هر من قدموا هذا النوع م ��ن الفنانين العرب
الفنانيين أحمد طوغان وأمية جحا ، وخليل أبوعرفة وجلال الرفاعي وحميدة فاروط .
الن ��وع الثال ��ث يعتمد على التعلي ��ق المكتوب ال ��ذي يعتبر عنصرا ثابتا ف ��ي اللوحة ليوضح مضمونها ويس ��مى
الكاريكاتير المصحوب بالنص التعليقي وهو الذي دون تعليق تصبح اللوحة غير مفهومة أو قابلة للتأويل .
والنوع الرابع هو رس ��م يعتمد على أدوات التعبير التش ��كيلي وفيه يعد التعبير الأدبي عنصرا ثابتا أساس ��يا لأنه
يش ��ير لأس ��ماء الأشياء الداخلة في الرس ��م . وهو المعروف بالكاريكاتير ذي النص الداخل في اللوحة ، وأشهر مقدميه
الفنان بهاء البخاري .
25 يأتي النوع الأخير تحت اسم الكاريكاتير المرافق للنص ، وهو الذي يعتمد في إظهار مضمونه على أداتي التشكيل
والأدب ، حيث يش ��كلا وحدة متكاملة حتى إنه لا يمكن أن يعبر الواحد منهما عن نفس ��ه في حال حذف الآخر ، وكان
ناجي العلي أيضا حين كان يرفق برسومه نصوصا لاشعار محمود درويش وغيره،أحد أهم من استخدموا هذا النوع
علما بأنه قد تعامل مع بأنواع أخرى .
الدور والتأثير:
لم يكن الكاريكاتير أبدا مجرد نكتة عابرة ،عند المصريين الذي دوما ما تداولوا النكات للس ��خرية من أفراحهم
ومشكلاتهم ،حتى في أحلك لحظات الانكسار ،و لعب فن الكاريكاتير الدور ذاته في التعبير عن كل هذا في النصف
قرن الماضية كلها . حيث س ��اهم في تخفيض حدة الاحتقان والقهر الاجتماعي والاقتصادي والسياس ��ي ، في فترة
من أقس ��ى الفترات التي مرت على الش ��عبين المص ��ري والعربي . فالكاريكاتير ليس مجرد نكت ��ه عادية ولكنه أحد
أس ��لحة التغيير والتطهير ف ��ي المجتمع وهو إلى جانب هذه الحيلة التي تجعلك تقبل مرارة الواقع بطريقة س ��اخرة
يساعدك على التعايش من جهة وأكثر قدرة على محاولة تغييره من جهة أخرى .
“ لعل هزيمة حرب يونيو العام 1967 أبلغ مثال على ذلك فقد وظف المصريون النكسة والكاريكاتير في صحفهم
وتدوالها بطريقة أزعجت السلطات أنذاك “.
وقد استطاع عدد من فناني الكاريكاتير أن يثير قضايا الشعوب ويبرزها، وأن يلعبوا دورا هاما في الأحداث الجارية
، من خلال رسوم لاذعة معبرة مستوحيين هواجس الشعوب وهمها ، وقد ازداد الاهتمام بفن الكاريكاتير ودوره فيما
يحدث في واقعنا . ومنذ أواخر خمس ��ينات القرن الماضي لمعت في س ��ماء الوطن العربي أس ��ماء فنانين مرموقين ،
26
اكتسبوا شهرة عالية تقديرا لفنهم ، حيث تميزوا بقدرتهم الفائقة على التقاط اللحظة الشعبية والتعبير عنها
من خلال حس عميق بهموم الفقراء والمقهورين ، وبرزت أسماء كبيرة في هذا السياق مثل “زهدي”و “ صلاح جاهين “
و” ناجي العلي” و”حجازي” “ بيكار”و “مصطفى حسين”و “جمعة “ و”على فرازات “ ومحمد الزواوي وغيرهم .
ويذكر تقرير صادر عن مؤسس ��ة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنس ��ان،) 9( حادثتين يدلل بهما على الدور الذي
يلعب ��ه ف ��ن الكاريكاتير في وجدان الجماهير ، الأول ��ي : حدثت في العام 1962 ، عندما قام طلبة الأزهر برش ��ق مبنى
جريدة الأهرام بالحجارة ، احتجاجا على نش ��ر رس ��وم لصلاح جاهين ينتقد فيها الشيخ الغزالي “ والحادثة الثانية في
8 يونيو 2005 عندما نشرت صحيفة المصري اليوم في صفحتها الأولي تحت عنوان “الأحداث في مصر” رسما يصور
ام ��رأة حامل وش ��خص يق ��ول لصديقة” ماهو يا ولد يا بن ��ت “ فيرد عليه الآخر “ ليه؟ مش جاي ��ز يكون حمل كاذب “
أقلق هذا الرسم السلطات العليا إلى الحد الذي أمرت فيه بتغيير الجملة الأخيرة من الحوار لتكون “ مهما كان الألم
المولود الجديد يفرح “ ليكون معنى مخالفا للمعنى الذي كان يقصده الرسام.

زائر

اشكرك يا بوسى جدا و على فكرة فن الكاريكاتير فن راقى و جميل و ياريت كلنا نحاول نتعلمه او على الاقل نطلع عليه و نعلمه لكل اجيالنا

:سلمت يداك: بذاكر

اشكرك ياسمينا جدا على مرورك الكريم

فن الكاريكاتير -لك