البارانويا(جنون العظمه)
<BLOCKQUOTE>
<BLOCKQUOTE>نعيش اليوم عصرا تفوق فيه الإنسان على نفسه محققا أعز أمانيه من تقدم حضاري و تكنولوجي ، و لكنه في المقابل لم يستطع أن يحقق ماهيته من خلال تلك المظاهر المختلفة من التقدم و ظهر ذلك كله في تلك الاضطرابات التي تغشى شخصية الإنسان و سلوكه في هذا العصر. و من تلك الإضطرابات ذهان الهذاء (البارانويا) أو جنون العظمة، الذي يعتبر من بين الأمراض العقلية الخطيرة و التي تستمد خطورتها مما قد يرتكبه المريض من جرائم مدفوعا بالهذيان الذي يسيطر على تفكيره دون أن يكون لهذا الهذيان أو تلك الأفكار الزائفة أي أساس أو سند من الواقع الفعلي.
أولا: تعريف الهذاء (البارانويا) Paranoid :
الهذاء (البارانويا) اضطراب ذهاني وظيفي يميزه الأوهام و الهذيان الواضح المنظم الثابت. أي الهذيانات و المعتقدات الخاطئة عن مشاعر العظمة و الإضطهاد مع الإحتفاظ بالتفكير المنطقي و عدم وجود هلوسات في حالة الهذاء النقي. أي أن الشخصية رغم وجود المرض تكون متماسكة و منتظمة نسبيا و على اتصال لا بأس به بالواقع ، و لا يرافقه تغير في السلوك العام إلا بقدر ما توحي به الأوهام و الهذيانات.
و يعرف الهذاء أحيانا باسم "رد فعل الهذاء" و أطلق عليه البعض اسم "جنون العظمة و جنون الإضطهاد"
ثانيا: تصنيف الهذاء (البارانويا) :
يصنف الهذاء على النحو التالي:
1- الهذاء النقي أو الهذاء الحقيقي Pure or True Paranoid :
حيث تسود أوهام العظمة أو أوهام الإضطهاد أو الهذاء الجنسي أو هذاء المشاكسة أو هذاء الغيرة.
2- حالة الهذاء النقي State Paranoid :
و أهم أعراضها الأوهام العابرة غير الدائمة و غير المنتظمة تماما ، و لكنها غريبة مع بعض اضطرابات في الفكر. و تعتبر حالة الهذاء حالة بين الهذاء النقي
و بين الفصام الهذائي.
3- الفصام الهذائي Schizophrenia Paranoid :
ومن أعراضه التفكك والبلادة الانفعالية , ومن أشكاله هذاء العظمة , وهذاء الاضطهاد , وتكون أعراض الفصام الهذائي مختلطة بأعراض الفصام الأخرى.
4- الهذاء المنقول (الهذاء الثنائي) Folie à Deux:
حيث تنتقل الأوهام الهذائية من المريض الى شخص قريب أو متعلق به مثل الوالد و الولد أو الزوج و الزوجة أو الأخ و الأخت. و هي حالة تقمص ، و ينتقل عادة من الشخص المسيطر الى الشخص الأقل سيطرة و القابل للإيحاء و يكون الشخصان غالبا سيئي التوافق ذوي محيط بيئي متماثل و يواجهان نفس الظروف النفسية.
ثالثا: مدى حدوث الهذاء :
الهذاء أقل انتشارا من الفصام و يمثل مرضى الهذاء حوالي 2% من نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية. و لكن نسبة انتشاره في المجتمع لا شك اكبر من هذا الرقم ، لأن مريض البارانويا لا يذهب الى المستشفى إلا إذا ساءت حالته جدا و تحولت مشاعر الاتهام و الاضطهاد التي يشعر بها نحو ذاته و باتت تهدده بالنزعات
الانتحاريه والرغبه بالخلاص من الموقف الذي يهدده.
و يكثر ظهور الهذاء في منتصف العمر أي في مرحلة الرشد و خاصة في الأربعينات أكثر مما يشاهد في مرحلة الشباب.
و يشاهد الهذاء لدى الذكور أكثر منه لدى الإناث ( و تقول بعض الدراسات أن نسبة الحدوث في الجنسين تكاد تتساوى).
وقد لوحظ في بعض الدراسات أن الهذاء أكثر انتشارا بين المطلقين ، و أكثر وضوحا لدى المهاجرين.
ولم يتبين لماذا ينتشر هذا الاضطراب بين الطبقات العليا والمثقفة أكثر منه بين الطبقات الدنيا والجاهلة ولكن بعضهم يفسر ذلك بأن المطامح الكبرى المستحيلة التي يحتضنها أبناء هذه الطبقات ( العليا والمثقفة ) تجعله ينظر لنفسه ككائن متناه في الصغر أمام مطامح يستحيل تحقيقها ويعيش في دوامة صعبة تجعله يندفع لبلوغ القمة بعد زيف نزعاته وكبتها وإخفاء طبيعتها الدنيئة ، على العكس من أفراد الطبقات الجاهلة والدنيا التي تكون طموحاتها محدوده.
الى لقاء آخر مع بقية الموضوع.</BLOCKQUOTE></BLOCKQUOTE>