zinab نائبة المديرVice Administrator
عدد المساهمات : 4698 نقاط : 7895 تاريخ التسجيل : 20/01/2008
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: العطور .. تاريخها مع الانسان وأساليب تجارتها السبت نوفمبر 08, 2008 4:51 am | |
| العطور .. تاريخها مع الانسان وأساليب تجارتها
تقول دراسة طبية ان بامكان الانسان الذي يتمتع بصحة جيدة ان يميز حوالي عشرة الاف نوع من الروائح على انواعها، وعليه فان كل كائن حي وكل نبتة وحتى كل شيء جامد تنبعث منه رائحة خاصة به، لذا يعرف الرضيع رائحة امه قبل ان يتعرف على شكل وجهها.
ويقول العلماء المختصصون بالعلوم الانسانية ان ما يجمع بين الرائحة التي تنبعث من انسان او قمامة او شيء له صفة خاصة لان اساسها يعتمد على ترابط كيميائي ينتشر في المحيط الذي يتواجد فيه فتمتزج الرائحة بدورها مع الهواء في ظل درجة حرارة المكان.
وتصل بعض الروائح الى انفنا مثل اريج الزهور او النباتات فنحبها او نبتعد عنها مثل الروائح الكريهة. لذا فان الروائح هي مزيج معقد من مئات بل الاف العناصر الكيميائية التي تتمازج معا، وعلى سبيل المثال فان اريج الوردة يتكون من 500 مركب ورائحة القهوة من 200 مركب مختلف.
واول محطة لتمييز الرائحة هي الغشاء المخاطي في الانف. حيث يوجد فيه ثلاثة مليون خلية داخلية للشم منتشرة على مساحة صغير لا تتعدى النصف سنتم مربع. وكل خلية متخصصة بشم مادة معينة في الرائحة تسبب نبضات كهربائية. ويتواصل عمل خلايا الشم الذي يُنجز في لمح البصر ويتفاعل ليعطي اخر نتائج يرسلها الى منطقة الشم في الجزء العلوي من جذور الانف وهي الجزء الاقدم في الدماغ.
ويمكن القول ان الانف هو العضو الوحيد الذي يرسل الحوافز مباشرة الى الدماغ من دون اشتراك اي خلية عصبية بذلك. بعد ذلك ترسل هذه الحوافز على شكل حوافز عصبية لتصل الى ما يسمى بدماغ الشم في المخ. وفي المخ تعالج الرائحة مرة اخرى لترسل الى مكان اخر لتحديد نوعها ومقارنتها بروائح مخزنة وتكون روائح كريهة او جميلة وفقا للذكريات.
لكن مقارنة مع الحيوانات فان الانسان كائن لا يملك قدرة كبيرة على الشم، اذ ان للكلب العادي على سبيل المثال 125 مليون خلية شم وكلب رعاة الغنم 250 مليون خلية ترفع من قدرة الشم لديه. ويكاد الانسان ان يشتم اي رائحة حادة من الطابق الثاني، بينما يمكن للكلب ان يشمها وهي على علو مائة متر.
تاريخ العطر تاريخ العطور هو مثل تاريخ الانسان قديم جدا وقبل اكثر من 5000 سنة احرق المصريون القدماء مواد معطرة لتكون قرابين تقدم للاله رع وكانت تتكون من الراتينج وهو نوع من الصمغ مع مستخلص من انواع من النباتات لها رائحة عطرية، وكان يحرق كل ذلك مع شروق الشمس.
كما استخدم الاغنياء المصريون القدماء المراهم والدهون المصنوعة من الحامض واليانسيون وحص اللبان والزعتر. ولم يتعطر المصريون القدماء بالعطور والروائح بل استخدموها للعلاج ايضا مثل معالجة بعض الامراض النفسية بالصاق عجينة معطرة على جدران منازلهم تنبعث منها رائحة طيبة تساعد المريض على تجديد نشاطه وتشعره بالامل. وافرط اليونان باستخدام العطور الى درجة كبيرة كما في الامبراطورية الرومانية، ففي هذه الامبراطورية كان الرجال كما النساء يعطرون انفسهم وقيل ان الملك نيرون امر بان تمطر اسقف القاعات عند الولائم عطورا على رؤوس المدعويين.
ولقد ظلت العطور على شكل مرهن او مسحوق وليست كما هو الحال حاليا سائلا، وكانت توضع في زجاجات صغيرة تعلق في العنق لسهولة الوصول اليها واشتمامها.
واشتهرت تجارة العطور لدى العرب في القرنين التاسع والعاشر، اذ لم يكتفوا بمستخلص النباتات العطرة بل طوروها مع الزمن وتفننوا بمجالات استخدامها في طقوسهم وشعائرهم واحتفالاتهم المتنوعة خاصة ما يتعلق بالبخور وماء الورد فاغتسلوا به. كما اخترعوا المقطر المائي وما زال يستعمل لاستخراج خلاصات الزهور والورود.
وبعد احتلال العرب للاندلس ادخلوا ثقافة العطر الى اوروبا عبر اسبانيا بتصديرهم انواع مختلفة من الورود والنباتات المعطرة مثل العنبر كما ازداد اهتمامهم باستعمال البخور والبلسم والكافور والورد الدمشقي ومصدره سوريا ولبنان.
وزاد اهتمام الاوروبيين بالعطور بعد وصولهم الى بلاد مثل شرق مدغشقر وجزر القمر والهند حيث احضروا معهم الكثير من البهارات من الهند والزهور من مدغشقر والخشب المعطر . وفي عهد الملك الفرنسي لويس الرابع اصبح العطر مهما جدا من اجل تغطية الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من كل مكان خاصة في باريس، لان وسائل النظافة والتطهير لم تكن منتشرة والنظافة امر غير معروف.
لكن كان يجب استخدام عطر ثقيل جدا من اجل التغطية على الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من الاجساد الوسخة، لذا تم تنظيم ما يسمى بانتاج العطور. وبعد الاعلان الذي اصدره الملك في القرن الـ17 تحسنت شروط النظافة وخفت حدة رائحة العطور المستخدمة من بعدها درجت عادة رش سيدات المجتمع المخملي عطرا خفيفا على محرمة اليد لتنشقها.
وفي القرن الـ19 تطورت صناعة العطور لتصبح مثل صناعة اي سلعة فاخرة، لكن مع حلول القرن العشرين وبسبب الاقبال الشديد على الروائح لجأت بيوت العطور الى المواد الكيماوية.
واشتهرت عدة بلدان ايضا في المغرب العربي بزراعة الورود التي تستخدم في صنع العطور وفي اوروبا مازالت قرية غراس الفرنسية الساحلية الجنوبية تزرع مئات الهكتارات باللفندر والياسمين. كما تسعى حاليا دول اوروبا مثل المانيا الى اقناع مزارعي الافيون في افغانستان لاستبدال زراعة الافيون بالورد الجوري ذو الاريج الجميلة وبالفعل نحجت الفكرة لكن في مساحات محصورة.
انواع الروائح ويوجد اكثر من 200 نوع من الروائح في الطبيعة يشمها المرء احيانا وتكون في الاثير فلا يعرف مصدرها بل تدخل في القلب مباشرة وقد تكون عبير زهرة او اريج ازهار شجرة وهذا ما يسمى بسحر العطر، لذا كانت مدام بونبادور الفرنسية تصرف الاموال الطائلة من اجل الحصول على عشرات الانواع مجرد ان تشتمها كما كانت تكثر من شراء مراهم العطر من اجل اغراء الملك الفرنسي لويس الخامس عشر وجعله رهينة اهوائها.
واستخلاص العطور يتم بعدة طرق لكن الطريقة الاكثر رواجا هي التقطير، بعدها يخلط بالدهن الحيواني كالمسك او غيره كي تزيد فترة بقاء العبير فيها ولا يتبخر السائل ايضا. لكن هناك زهور لا يمكن استبدالها بمستحضر تجاري مثل زنبقة الوادي والليلك لذا يجب الاستعانة بها .
تنوع العطور ومع مرور الزمن اصبح للعطور ابواب منها الكولونيا وماء العطور او ماء التوليت وتكون مخففة وتحتوي على ما بين الـ20 والـ30 بالمائة من مستحضر الزهور، لكن تحضير عطر واحد يحتاج الى خلط اكثر من خمسة انواع من الزهور او عناصر العطر مع كمية معنية من الدهون التي تثبت الرائحة.
واول صناعة عطور عرفت في اوروبا كانت في مصنع جيكي جيرلان عام 1889 وكان عطر الورد ثم ظهر عطر النرجس الاسود وفي عام 1920 عرفت سيدات باريس عطر شانيل Chanel N5، وفي سنة 1940 كان اول عطر مخفف ويعرف حاليا بالماء العطر وهو L Air du temps رافق ذلك ظهور الصابون المعطر.
اغلى الروائح يعتبر المسك والعنبر من اغلى العطور على الاطلاق التي منحتها الطبيعية للانسان. ويعتمد العديد من صانعي العطور على هاتين المادتين ويشترونها باموال طائلة عندما يريدون انتاج عطر مميز وباهظ الثمن حيث يستعملون المادة المستحضرة منهما.
وبقي مصدر حجر العبر مجهولا واعتقد البعض ان هذا الحجر الرمادي اللون ذو الرائحة الجميلة ويعثر عليه على شواطيء جنوب المحيط الهادي واستراليا من فعل جني بالبحر، لكن مع مطلع القرن التاسع عشر تم كشف النقاب عن هذا السر، حيث عثر صيادو الحيتان على العبر في جوف امعاء حوت البوت او حوت العبر وهو من الحيتان الضخمة جدا وتتغذى باسماك التونا.
واستخدم العنبر قبل البخور في المعابد وبيوت اغنياء مصر القدماء قبل قرون عديدة لكن ايضا كمادة شافية وليس كعطر.
ويكون العنبر عادة اساسا لكل خلطة عطر لدى صناع العطور المعروفين. والسبب في ذلك انه والى جانب رائحته العطرية يعتبر مثبتا لروائح الزيوت العطرية التي تستخرج في اغلب الاحيان من الزهور ويبطأ من تبخر اثيرها لكن وبسبب اسعار العنبر المرتفعة جدا يستخدم اليوم في عطور خاصة.
ولقد جنى سكان شواطئ استراليا والمحيط الهادي من جمع حجار العنبر في مطلع الحرب العالمية الثانية اموالا طائلة حيث باعوه الى تجار العطور الفرنسييين، لكن اليوم يكاد يصل وزن ما يجمع في احد جزر الهادي الى مائة كلغ في السنة لذا لجأ التجار الى المواد الكيمائية لصنع العطور عدا عن ذلك فان عدد حيتان البوت قد قلة. ويصل ثمن كلغ واحد من العنبر الى اكثر من 8000 يورو وتستخدمها شركات عطر عالمية مثل Rochas و chanelوguerlain.
واشار كتاب متخصص بالعطور الى ان نساء احد القبائل الزنجية في السودان بشكل خاص يدهن اجسامهن بعشب عطر لا يعرفه غيرهن ويبلغ من نجاح هذه الوصفة انهن يتوصلن الى اجتذاب الرجال الاوروبيين فيرضون حتى مشاركتهم حياتهن القبلية.
وحذر الكتاب الرجال من رائحة التبغ والسجاير لانها تصل الى انف المرأة رائحة كريهة خاصة اذا كانت غير مدخنة. واشار الى ان العطر لم يعد مقتصر على النساء بل والرجال على حد سواء والدليل على ذلك المليارات التى تصرف سنويا في العالم من اجل شراء الروائح.
في نفس الوقت ذكر الكتاب الى ان كل رائحة تتخذ طابعا خاصا حسب الشخص الذي تفوح منه وتتجانس مع جلده، وان قوة تأثير الرائحة يكون افضل في النفس كلما كانت منسجمة مع رائحة الجسم الطبيعية.
جزر القمر ومن الجزر التي تشتهر باجمل الزهور ذات العطور الفواحة جزر القمر واكتشفها البرتغاليون عبر بحثهم عن طريق للتجارة الى الهند وجزر الهند الشرقية اي اندونسيا حاليا. وتوصف جزيرة انجوان بالجزيرة المعطرة لكثرة الزهور والثباتات العطرية فيها.
وتشتهر جزر القمر بالازهار المختلفة الانواع التي تصدر معظمها الى فرنسا لتستخلص منها اثمن انواع العطور وبعض المستحضرات الطبية واشهر الزهور فيها يلانغ بلانج التي تملا الجزر وتمثل نسبة كبيرة من دخلها القومي.
تحديد سعر العطر وما يحدد جودة العطور وارتفاع سعرها هو نوع المكونات التي استخدمت فيها والزهرة التي استخرجت منها مادة الخام ، ايضا عدد المواد التي يتكون منها العطر فهناك عطور فيها اكثر من 50 مادة يتم خلطها معا.
واهم انواع الزهور هي القرنفل والورد والزنبق والفل والياسمين وازهار واوراق اللفندر والبنفسج وخشب الارز السدر وجذور الايرس ، كما تلعب الحيوانات دورا في صناعة العطور. | |
|