zinab نائبة المديرVice Administrator
عدد المساهمات : 4698 نقاط : 7895 تاريخ التسجيل : 20/01/2008
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: قصة هدف زوجة عمران: السبت أكتوبر 11, 2008 5:16 pm | |
| :بسم الله الرحم قصة هدف زوجة عمران:
عاشت زوجة عمران في فلسطين التي دخلها الرومان - بعد داود وسليمان وأحفادهم- بعقيدتهم الوثنية، فتعددت الآلهة: كإله الجمال، وإله الحب، والإمبراطور الإله..إلخ، كما اضطهدوا كل من يرفض تلك العقيدة، بما فيها من تعددٍ للآلهة، ففُتِنَ الناس وفسدوا ليس هذا فحسب فقد أكرهوا الناس على دينهم
رأت زوجة عمران هذا الوضع، بما فيه من إكراه في الدين وتغيير لعقيدة الناس إلى جانب الظلم الشديد الذي يرزح تحت نيرانه أهل فلسطين، والضرائب الكثيرة، والعنصرية التي جعلت معيشتهم صعبة، أما عامة المؤمنين فقد انتابهم الصمت، فماذا فعلت امرأة عمران؟
لم تكن زوجة عمران قد أنجبت سوى فتاةٍ واحدة، تزوجت هذه الفتاة من زكريا، الكبير في السن، حيث الآية (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا...) (مريم:4)، فما بالنا بها؟ فقد تقدمت في العمر هي الأخرى، وعلى الرغم من هذا دبت نيةٌ في قلبها أنها تريد الإنجاب، وهي لم تحرم من الذرية؛ فلديها ابنة، لكنها رفضت أن تستسلم لهذا الوضع، بل أرادت جيلاً جديدًا يصنع شيئًا لفلسطين، وكأنها تقول لابد أن يخرج من بطني من يصلح هذا الوضع، ويقدم شيئًا لهذه الأمة، وكبرت تلك النية بداخلها، وبدأت تتحدث مع زوجها عمران- وهو أحد كبار علماء بيت المقدس المتميزين- ، وكان كبيرًا في السن، وبالطبع يصعب الإنجاب في هذه السن المتقدمة، وأخذ يذكرها بابنتها وزوجها اللذين تقدم بهما العمر ولا يستطيعان الإنجاب فكيف بهما؟ فبدأت تقنعه بالفكرة فهما يريدان خيرًا للمجتمع، ولابد أن تمتد أسرتهما لتبقى الرسالة في الدنيا، والدليل على أن هذا كان محور تفكيرها هو أن سيدنا زكريا كان يقول الشيء ذاته حيث تقول الآية: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (مريم:6،5) فإنه يفكر في القضية نفسها من فساد المجتمع، والميراث هنا - بالرجوع إلى كتب التفاسير- هو ميراث النبوة والرسالة وليس المال، فالقضية واحدة لكن امرأة عمران هي أول من حركت هذا الموضوع بنيتها، فأين أنت من زوجة عمران؟ هل اقتصر دورك على الأكل والشرب والإنجاب فحسب؟ أين من تريد أن يكون ابنها صلاح الدين؟ أين من تتمنى أن تجعل ابنتها كالسيدة مريم؟
تأثير دور المرأة على الأسرة والمجتمع:
سميت سورة آل عمران باسم العائلة كلها لكن عندما تقرأها تجد دور المرأة واضحًا كما في الآية (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي...) (آل عمران:35) ولم يأتِ ذكر عمران في السورة، بل كان التركيز على المرأة، وكأنها رسالة أنها من بيدها إشارة البدء والتغيير، وهنا أخص النساء بكلمة وأقسم عليهن: إن كنتِ تحبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فعليكِ أن تنشئي أولادك وبناتك ليعزّوا الإسلام والمسلمين، وعليكِ دائمًا أن تتذكري أن السورة سميت باسم العائلة؛ لأنهم جميعًا ثبتوا على الهدف والتفوا حوله؛ لتحقيقه، وفيها رسائل لكل أفراد الأسرة؛ ليعيشوا من أجل أهدافهم، فإياكِ أن تثبطي في الطريق، وتنسي الهدف وتتراجعي.
بدأت امرأة عمران تدعو ربها أن تنجب، وإذا بمفاجأةٍ عجيبةٍ، أن يستجاب الدعاء، وإذا بالجنين في أحشائها يتحرك، وكنا قد ذكرنا في حلقات سابقة أن الله يستجيب الدعاء، على الرغم من أنها طعنت في السن لكن من بيده الأمر؟ ومن بيده ملكوت السماوات والأرض؟ إنه الله سبحانه وتعالى لذا اذهب إليه، ولاحظ أن كل هذا بدأ بنيتها، وعندما استجاب الله لها وهبت ما في بطنها لله حيث تقول الآية: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي...)، عادةً ما ينذر الناس من أجل أمورٍ دنيوية، كأن ينذر أحدٌ بشيء ما إذا وفق في العمل الفلاني مثلاً، لكن لم نر قط نذرًا من أجل الدين كما فعلت امرأة عمران التي نذرت إن كان ذكرًا ستكون حياته كلها من أجل الله، وهي من الأصل لم تطلب الإنجاب لحاجةٍ في نفسها؛ وإنما دعت الله لترزق بولدٍ تكون حياته في سبيل الله.
رُبَّ عملٍ صغير تكبره النية:
لامرأة عمران قضيةٌ أخرى تشغلها ألا وهي القبول؛ فهي تخشى ألا يتقبل الله منها ما نذرته، فهي امرأةٌ صاحبة رسالة، تمكنت منها وسيطرت على كيانها والله تعالى يعلم صدق النوايا، فإن كانت النية خالصة، سيبارك الله ويتقبل،كما سنرى في نية ونذر امرأة عمران، حيث امتدت العائلة وستبقى ليوم القيامة. فحقًّا: رُبَّ عملٍ صغيرٍ تكبره النية، ورُبَّ عملٍ كبيرٍ تصغره النية، فكم من أعمالٍ عظيمة لله تصغر لأنها لم تصاحب بنية! وكما حدث بصدق نية امرأة عمران؛ حيث نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان ليقيم الحق.
قمة الحرية تكمن في الإخلاص لله:
تخلصت امرأة عمران من كل شريك في نيتها، وأخلصت أن يكون ما في بطنها لله وحده، لا لعزوةٍ تستشعرها بولد، ولا لمتاعٍ في الدنيا فقالت: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (آل عمران: 35) وتأتي دقة استخدام كلمة(مُحَرَّرًا) كلمة (مُحَرَّرًا) لأن كمال الحرية يكمن في أن يكون الشيء لله وحده خالصًا لله وحده، فكلما كان المرء أسيرًا لشيءٍ ما، كأن تكون أسيرًا لشهرةٍ، أو أسيرًا لمنصبٍ، أو معصية، أو أسيرًا لكرسي فقد فقدت حريتك. أما قمة حريتك فتشعرها عندما تكون عبدًا خالصًا لله. فالحرية هي ألا تسيطر عليك الأرض بما فيها، وألا يسيطر عليك إلا الله، هذا ما فعلته زوجة عمران أن نوت أن تربي ابنها على ألا يكون أسيرًا لأي شيء وإنما يكون خالصًا لله، فيالك من فائزةٍ أيتها الزوجة إذا نويت أنت ذلك، فيتحول كل ما تفعلينه من أمور التربية، والتعليم، والإنفاق مع أبنائك وصبرك عليهم إلى كنوز حسناتٍ في ميزانك.
بعدما نذرت زوجة عمران ما في بطنها لله وسألته تعالى القبول جاء الرد مباشرةً (...فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ...) (آل عمران:37) فهي استجابة من السميع العليم. مرت أشهر حمل امرأة عمران، وهي تدعو الله بالقبول، منتظرةً أن تضع ذكرًا؛ لينصر الحق، حتى اكتشفت أن ما حملته أحشاؤها كان أنثى ولم يكن ذكرًا، تقول الآية (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى...) (آل عمران:36) وما أرادته امرأة عمران لا تستطيع الأنثى أن تفعله، لكن كأنها رسالةٌ من الله لنا، يريد فيها أن يعلمنا أن ليس الذكور فقط هم من باستطاعتهم النصر والعزة، فها هي مريم التي ستصبح سيدة نساء العالمين، وستدل على صفة الله الخالق بما سيحدث لها من معجزة ولادتها لسيدنا عيسى، الذي سيكون لها أثرٌ بالغٌ في الأرض؛ وسيكون سببًا في إيمان روما بعد 3000 عام من وفاته؛ وذلك لما لله من سنن في كونه، وكل هذا الامتداد وتلك البركات بسبب نية الجدة المخلصة لله، وباكتشافها أن ما حملته أنثى، خشيت ألا يكون الله تقبل منها ما نذرت، لكن لأنها ثابتة على ما نوت استطردت قائلة: (...وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ...) (آل عمران: من الآية36) ومريم تعني: (العابدة أو خادمة العباد) أي رغم أنها وضعت أنثى فهي مصرةٌ على هدفها، فإن لم تستطع هي تحقيق الهدف، فلعل يخرج من ذريتها من يحقق ذلك، وأول ما دعت به للمولودة أن يصرف الله عنها وذريتها الشيطان، وللنبي (صلى الله عليه وسلم) حديثٌ جميلٌ يقول فيه: (ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها) وذلك لما استجيب من دعوة امرأة عمران.
الإخلاص في الدعاء سببٌ في الإجابة:
رغم استحالة الإنجاب في عمرٍ متقدمٍ كعمر زوجة عمران إلا أنها أنجبت! وتمنت ألا يمس الشيطان مولودتها وذريتها، فاستجاب الله لها! كما تمنت أن يصلح ابنها وضع الإيمان في الأرض، فخرج عيسى وحقق ذلك، وسيظل له أثرٌ حتى يوم القيامة. فهل يوجد في نسائنا من لديها هذا الإحساس وتلك القوة والثبات لتنوي وتربي لتحقق هدفها؟
التواصل الدائم مع الله والقرب منه: من خلال قصة آل عمران، يظهر صلة الزوجة بالله تعالى؛ فهي على تواصلٍ دائمٍ مع الله تحدثه دائمًا، والتواصل مع الله نوعان:
1. الدعاء. 2. المناجاة.
والمناجاة: حديثٌ مع الله، فيمكنك وأنت تقود سيارتك أن تناجيه- تعالى- أن تسأله أراضٍ عني يا رب؟ أن تقول له تعالى: لو غضبت الدنيا كلها مني فيكفي رضاك عني. أن تطلب منه ألا يَكِلُكَ إلى نفسك، أن تبثه همومك، فهذا ما فعلته زوجة عمران. ألاحظتم كيف تتحدث إلى الله؟ وكأنها اعتادت على ذلك فالمناجاة مستمرة، وفي أوقات مختلفة: (...رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، (آل عمران:36،35) ثم يأتي الرد: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا...) (آل عمران: من الآية37) فهل تستطيع أن تكون علاقتك مع ربك كهذه؟ إذا فعلت فستشعر في قلبك بحلاوة لم تتذوقها من قبل، ستستشعر اسم الله الحكيم، والودود، فعيسى ومريم نتاجٌ من نية أم ونذر أم، ودعاء أم، وهدف أسرة. إلى هنا انتهت قصة امرأة عمران؛ لتبدأ قصة مريم التي تناولناها سابقًا، فلن نستطرد في الحديث فيها.
الدعاء مجابٌ لامحالة:
بقي أن نلمح أن زوجة عمران حزنت ظنًّا أن دعوتها لم تستجب حين رزقت بأنثى، على الرغم من أن الحقيقة أنه قد استجيبت؛ وولد عيسى من ذريتها، لكن لا يجب أن تكون الاستجابة في الحال، وهذا درسٌ آخر يُساق إلينا؛ فالدعاء بلا شك مستجاب، وإن تأخرت الإجابة، فلله قوانينٌ في أرضه، ولكل شيء وقت وموعد، فزمن عيسى لم يكن وقتها، والتغيير لم يحن آنذاك، ولكنّ التجديد موجودًأ ودعوتها لم تذهب سدىً، وستجاب بعد حين، وستصبح ابنتها هي أم عيسى؛ فالتغيير في الأرض والإصلاح، وإحياء الأمم يحتاج إلى وقت، وربما الجيل الموجود في ذاك الوقت ليس هو من استحق النصر، وقد يكون هو المسئول عما يحدث، قد يكون جيلاً متخاذلاً لم يعمل، وقد يكون جيلاً عاملاً، لكن الأمر احتاج إلى وقتٍ لجني ثمار ما زرع. ترى ما بال جيلنا الآن؟ أهو جيل نهضة؟ هل نحن نعمل ونصلح في الأرض؟ وهل منا صاحب نيةٍ كزوجة عمران؟ هل منا أبٌ وأم لهما هدفٌ كهذا؟ فقد قال الله لموسى(وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً...)(يونس: من الآية87) ليكن هذا هو هدف الأسر؛ لتجتمع على طاعة الله والإنتاج والتنمية..إلخ، فكيف هو حال بيتك؟
نية أم تعز أمة:
أتمنى أن نجد بعد هذه الحلقة من النساء، من تأخذ نيةً، وتستعين بالله وتدعو أن تملك هذه النية وما ستأخذه من هدف في كيانها وتثبت عليه، كحال امرأة عمران، فلعل ما نويت يصبح مشروع النهضة الذي يعز به الله الإسلام والمسلمين، فالقصة كلها تتلخص في أن نية أم قد تعز أمة. أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم،
رب اغفر لي ولوالدي واصحاب الحقوق على والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات ونتوب اليك
| |
|