Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


We Present Wessam The Educational Forum بسم الله الرحمن الرحيم نقدم لكم وسام المنتدي التربوي
 
الرئيسيةFace Bookأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  علم النفس التربوي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
zinab
نائبة المديرVice Administrator
نائبة المديرVice Administrator
zinab


عدد المساهمات : 4698
نقاط : 7895
تاريخ التسجيل : 20/01/2008

بطاقة الشخصية
تربوي:

 علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: علم النفس التربوي    علم النفس التربوي I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 20, 2012 6:41 am



علم النفس
التربوي

د. بلقاسم يخلف

مـقدمة:
السلوك الإنساني إما يحدده النشوء والإرتقاء النوعي، وإما يحدده ما
يتعلمه الفرد من المحيط. والإختلافات الهائلة فيما بين البشر تبرز أهمية
التعلم خاصة إذا علمنا أننا قد خلقنا على أسس فسيولوجية متشابهة، فهذا
الإختلاف ليس إلا نتاج التعلم.
التعلم من أولى مجالات علم النفس التي إهتم العلماء بدراستها نظريا
وتطبيقيا، إذ أن معظم التجارب التي أجريت في علم النفس بدءا من القرن
التاسع عشر إنصبت على التعليم والتعلم، فحاول العلماء ومازالوا يحاولون
تفسير عمليات التعلم من أجل الوصول إلى نظرية مقنعة عن كيفية حدوثه، بهدف
تحسين العملية التربوية وفهم سلوك المتعلم وتقديم المعرفة له، وتنمية
شخصيته من مختلف الجوانب ليكون معلما ومتعلما ناجحا وقادرا على الإستفادة
من الخبرات التعليمية بأقصى طاقة ممكنة له.
لتفسير ظاهرة التعلم تعددت النظريات وتنوعت. لهذا يعد علم النفس التعليمي
(التربوي) من أكثر فروع علم النفس تطورا وإنتشارا في العالم لما له من
أهمية نظرية وتطبيقية في العملية التربوية وفي مجالات التعلم والتعليم.
علم النفس التربوي يمكن إعتباره الفرع الوسيط بين التربية وعلم النفس
لإهتمامه بالجوانب التربوية في الميدان التربوي وإعتماده على القوانين
والمفاهيم النفسية في مجال علم النفس.
أهمية علم النفس التربوي لا يمكن إنكارها خاصة إذا علمنا أن موضوعاته
ومجالاته متنوعة ومتعددة والتي تدور وتلمس الخصائص النمائية للمتعلم من أجل
معرفة مراحل وخصائص النمو الإنساني والعوامل المؤثرة فيه والفروقات
الفردية بين المتعلمين وعملية التعلم التي تتناول دراسة سيكولوجية التعلم
وطبيعته ونظرياته وأشكاله وشروطه والعوامل المؤثرة فيه، ودافعية التعلم
لتوفير الظروف البيئية المناسبة لتحسين إقبال المتعلمين على التعلم إضافة
إلى القياس والتقويم من أجل معرفة مخرجات التعلم والتعليم.
أهمية علم النفس التربوي للمعلم تكمن في كونه يزوّد المعلم بالمبادئ والأسس
والنظريات التي تفسر وتتحكم بعملية التعليم والتعلم من أجل فهمها وتطبيقها
في غرفة الدراسة ومن أجل حل المشكلات التي تواجه المتعلم أو المعلم أثناء
أداء مهامه، وإكسابهما وبخاصة المعلم مهارات البحث العلمي الصحيح التي
تساعد على فهم الظواهر التربوية الجديدة وتفسيرها بطريقة علمية وموضوعية،
كما يساعد هذا العلم المعلم في التعرف على مدخلات عملية التعلم (خصائص
المتعلمين قبل عملية التعلم) ومخرجاته (قياس التحصيل والقدرات والإتجاهات
والميول) وغيرها من الفوائد التي نجنيها من دراستنا لهذا العلم الحديث
والمتطور والهام في حياة الإنسان وكل قائم على التربية والتعليم.
في الواقع أهمية علم النفس التربوي تتجاوز وتتخطى أصوار المدرسة وهموم
واهتمامات المعلم والمتعلم إذ يمكننا القول أن شقاء وسعادة الإنسان
والإنسانية تقوم على ما نتعلمه من سلوك: إننا نتعلم كيف نؤدي دورنا في
الحياة الإجتماعية ونتفاعل مع الآخرين ونتعامل معهم، ونتعلم البقاء والتكيف
وتحسين الحياة، ونتعلم الاتجاهات والقيم. بصورة أخرى فالحروب التي نشعلها،
ومشاكل العلاقات الإجتماعية التي قد نحدثها، والمشاكل البيئية المترتبة عن
سلوكنا، وصعوبة كسب الرزق التي نعاني منها وكيفية تربية أولادنا وتأقلمنا
مع مجتمعنا وغيرها من مختلف أمور الإنسان والمجتمع والإنسانية جمعاء كلها
من قضايا التعلم.
وكما هو معلوم إذا كان هدف العلم هو فهم الظاهرة ثم التنبؤ بها وضبطها فإن
علم النفس التربوي يصبح معارف ذات أهمية بالغة في حياة المعلم وواجب مهني.
نظرا للتغيرات التي يشهدها كل مجتمع فإن من واجب المدرسة النظر من حين لآخر
إلى محتوى برامجها وطرق تدريسها وكيفية تكوين القائمين عليها، لهذا السبب
وغيره فإن إعادة التفكير في فلسفة وممارسة التطوير المهني هو أمر مهم جدا
في رحلة التغيير هذه علما أن التطوير المهني لا يمكن أن يكون إلا من داخل
المدرسة.
فالحقل التربوي منذ العصر الحديث، يعرف تحولات عميقة سواء على مستوى طرق
التدريس والممارسة البيداغوجية أو على مستوى محتويات البرامج خاصة في زمننا
هذا، حيث أصبحت الحاجة إلى معطيات علم النفس التربوي مطلبا ملحا من أجل
تسيير مدارسنا ومواجهة تحديات العصر الكثيرة سواء على الصعيد المعرفي -
نظرا للتدفق الهائل لمختلف المعارف- أو على مستوى تسيير أقسامنا وإدارة
صفوفنا كمعلمين مثلا، لأن أقرب العلوم وأكثرها إفادة للمعلم هو علم النفس
التربوي حيث أنه يفيد في تجنب الطرق غير الصحيحة أو المضيعة للوقت في
تعلمنا وتوجيه تعلم الآخرين وإستبعاد ما هو غير صحيح حول العملية التربوية،
وجعل المتخصصين والمدرسين يفهمون حقيقة ما يجري داخل أقسامهم.
رغم ذلك يبقى ميدان التربية والتعليم بحاجة لمختلف العلوم وتبقى
التربية من الممارسات الأكثر تعقيدا وتنوعا، ويظل التركيز على مقاربة واحدة
لإيجاد الحلول لمختلف المشاكل البيداغوجية مقاربة أحادية وغير نسقية وغير
كافية وحتى أنها مرفوضة. فوضع المناهج في حاجة إلى المعطيات السيكولوجية
وغير السيكولوجية نظرا لصعوبة التحكم في موضوع الدراسة، إذ يصعب علينا
التحكم في سلوك الفرد ونشاطه نظرا إلى كون الإنسان وحدة معقدة لا يمكننا
معرفة جيدا ما يدور بداخلها
.
[size=21][size=21][b]:المحور الأول[/size]

مدخل إلى علم النفس التربوي

I- تعريف علم النفس التربوي وتحديد مجاله ومواضيعه.
II - أهداف علم النفس التربوي.
III - أهمية وفوائد علم النفس التربوي بالنسبة للمعلم.

I- تعريف علم النفس التربوي وتحديد مجاله ومواضيعه:
علم النفس التربوي من العلوم المتفرعة عن علم النفس الحديث النشأة.
أي هو ذلك الميدان من ميادين علم النفس الذي يهتم بدراسة سلوك الإنسان في
المواقف التربوية، أي دراسة عمليات التعلم والمعرفة والقياس والسلوك
الإجتماعي والنمو الإنساني والتكيف الشخصي من خلال تزويدنا بالمعلومات
والمبادئ والمفاهيم التي تساعد في فهم عملية التعلم والتعليم.
يعد جوهن فردريك هيربارت (HERBART, Johann Friedrich) (1776-1841) الفيلسوف
والبيداغوجي الألماني أول مبشر بهذا العلم عندما حاول أن يستشف من علم
النفس المبادئ التي كانت تبدو له ذات قيمة في التربية والتعليم، فيرفض
النظريات التي تدافع عن فكرة التمييز بين القدرات (الملكات) العقلية ويقترح
فكرة أن كل الظواهر العقلية أساسها التفاعل بين الأفكار الأولية.
فضْل هيربارت يعود إلى الربط المباشر بين الممارسة التربوية والمبادئ
النفسية التي صاغها، ويرى أن العقل كينونة وجدانية ينمو ويتطور ويكتسب
ملامحه عبر عملية الاتصال الحسي مع العالم الخارجي، ويحدد هيربارت مصدرين
أساسيين لتكوين المعرفة عند الإنسان هما:
- تفاعل الإنسان مع الطبيعة.
- تفاعل الإنسان مع الوسط الإجتماعي.
رغم إسهامات هذا العالم وغيره في ترسيخ علم النفس التربوي وتحديد
معالمه بين العلوم الأخرى فإنه (علم النفس التربوي) في الواقع، كعلم تجريبي
مستقل عن الفلسفة ظهر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر على يد ادوارد
ثرندايك (Thorndike, Edward Lee) (1874-1949) الأمريكي الذي ألف أول كتاب
له حول هذا الموضوع عام 1903 تحت عنوان "علم النفس التربوي" (Educational
Psychology) »ولم يبدأ هذا العلم في إتخاذ صورة واضحة إلا منذ عام 1920 وقد
تتابعت الإهتمامات والمؤلفات والبحوث الأكاديمية حول هذا العلم، وأنشئت
المعامل والمختبرات الخاصة به، وظهرت المجلات المتخصصة لمعالجة موضوعاته،
وعقدت المؤتمرات العلمية التي أسهمت في تحديد طبيعته، إلى أن أصبح هذا
العلم من المقررات الأساسية اللازمة لتدريب المعلمين في كليات ومعاهد
التربية بمختلف أنواعها ومستوياتها... وبدأ الإهتمام يتحدد ويزيد بعلم
النفس التربوي في الثلاثينيات من هذا القرن، حيث تم تحديد موضوع سيكولوجية
المواد الدراسية كالقراءة والحساب وانتشرت أبحاث كثيرة في طرق التدريس، وفي
الأربعينيات تطور هذا الفرع نتيجة تأثره بالمفاهيم الإكلينيكية المشتقة من
ميدان الطب العقلي والعلاج النفسي، حيث زاد الإهتمام بمشكلات التوافق
والتكيف والصحة النفسية للطالب وفي الخمسينيات زاد الإهتمام بعمليات التعلم
داخل غرفة الصف والعلاقات بين الطلبة أنفسهم من جهة أخرى.« ( )
علم النفس التربوي المعاصر إستفاد من نظريات التعلم ومن البحوث
والإستكشافات العلمية والتجريبية من ميادين بحث مختلفة خاصة في عصرنا
الحالي: حول النمو، وعلم الإجتماع، ومن الأبحاث والنظريات المتناقضة في بعض
الأحيان لمختلف المدارس (السلوكية والغشطالطية والمعرفية وغيرها).
تعاريف علم النفس التربوي تعددت نظرا لتعدد الزوايا التي يؤخذ منها هذا
العلم ونظرا كذلك لتعدد تعريفات العبارات المكونة لهذا المصطلح: "علم"،
"النفس"، "التربية". هذه العبارات التي تعددت معانيها بتعدد العصور
والمدارس والفلسفات.
فنجد برونر(Bruner) يعرفه على أنه الدراسة العلمية للسلوك الإنساني في
المواقف التربوية، أي أنه العلم الذي يربط بين علم النفس والتربية.( )
كما يعرفه ديبوا (Dubois) بقوله: علم النفس التربوي من العلوم النظرية
التطبيقية التي تحاول فهم ما يجري في المدرسة وفي غرفة الصف، وفهم أسباب
حدوثه.
كما يُعرف » بأنه علم تجريبي يدرس سلوك المتعلم خلال ممارسته لعملية التعلم.« ( )
من هذه التعاريف يمكننا تحديد مجال هذا العلم وموضوع الدراسة لنجد أن
الموضوعات في جوهرها تدور حول واقع المشكلات التي تواجه المعلم أثناء أداء
مهمة التعليم والتدريس سواء تعلق الأمر بالمعلم نفسه أو المتعلم أو المادة
المُعلمة أو ظروف التدريس، هي مواضيع تدور حول مختلف عناصر المنظومة كما هو
في الشكل رقم (1).

الشكل رقم (1) المنظومة الأساسية للعملية التعليمية كما اقترحها روبرت جليزر

موضوعات يمكن حصرها في العوامل والمتغيرات التي تساعد على فهم السلوك وضبطه
والتنبؤ به في إطار المواقف التعلمية والتي تحدد في الجوانب التالية:

1. خصائص المتعلم النمائية: وهي دراسة مراحل النمو الإنساني في
مظاهره المختلفة (المظهر النفسي- الحركي، الوجداني، وخاصة المعرفي)
والعوامل المؤثرة فيه قصد توظيف هذه الخصائص النمائية في عملية التعليم
والتعلم لتطوير القدرات الفردية (مع مراعاة الفروق الفردية).
2. عملية التعلم: ويتناول جميع جوانب السلوك الإنساني (السلوك
الإدراكي، المعرفي، الإجتماعي، النفسي- الحركي...)، معرفة كيفية حدوث
التعلم وقوانينه وشروطه والعوامل المؤثرة فيه.
3. دافعية التعلم: وهي المحرك الأساسي لحدوث عملية التعلم، أي معرفة
الظروف البيئية المناسبة والمساعدة على إحداث التغيرات الإيجابية المرجوة
في سلوك أي متعلم.
4. الفروق الفردية بين المتعلمين: نظرا لاختلاف العوامل المؤثرة في
النمو (العوامل البيئية (الطبيعية والإجتماعية والوراثية)، فإن الفروقات
الفردية تعد شيئا طبيعيا إذ نجد إختلافات جوهرية بين المتعلمين من حيث
القدرات العقلية والإنفعالية والنفسية- الحركية وغيرها. فعلم النفس يأخذ
بعين الإعتبار هذه الفروقات الفردية في تصميم المادة المُتعلمة وطريقة
عرضها من طرف المعلم.
5. قياس وتقويم عملية التعلم: من أجل معرفة مدى تحقيق الأهداف ونجاعة
الطريقة وملاءمة المادة للمتعلم كان التقويم من أهم الموضوعات التي يهتم
بها علم النفس التربوي.
6. بيئة التعلم: فالظروف العامة التي يحدث فيها أي تعلم تعتبر كذلك
أساسية: فالمحيط الفيزيائي والبشري أي غرفة الدراسة والعلاقات بين
المتعلمين والمعلمين والإدارة المدرسية ومختلف عمليات الاتصال من المواضيع
التي يهتم بها هذا العلم نظرا لتأثيرها على التعلم. هي مجالات مختلفة يهتم
بها علم النفس التربوي، هذه المجالات يحددها سيفرت وكليفن (Seifert &
Klevin) في أربع مجالات كما هو مبين في الجدول الموالي( ) رقم (1).

الجدول رقم (1) مجالات علم النفس التربوي وموضوعاته

المجال الموضوعات
التطور والنمو - المعرفي – الأخلاقي- الجسدي - اللغوي الإجتماعي - الإنفعالي - ...
التعليم والتعلم - التخطيط الصفي – إدارة الصف و ضبطه - تعليم التفكير
– نظريات التعلم (السلوكية، المعرفية، الاجتماعية، التكاملية...)
الدافعية للتعلم - دور الدافعية في التعلم ووظائفها،
- نظريات الدافعية (الإنسانية، الإجتماعية، المعرفية، التحليلية...)
التقويم - مختلف التقويمات (التقويم التشخيصي، البنائي، الإنتقائي...)


II - أهداف علم النفس التربوي:
أهداف أي علم هي الفهم ثم التنبؤ ثم الضبط وعلم النفس التربوي الذي يدرس الظاهرة التربوية (موقف تعليمي تعلمي) يهدف إلى:
- فهم الظواهر: وصف العلاقة بين الظاهرة المراد دراستها وظواهر
أخرى تؤثر فيها تطبيقا للمسلمة السببية أن لكل ظاهرة طبيعية أسباب.
الفهم في جوهره هو تساؤلات في البداية نحاول الإجابة عنها مثل "كيف؟" و"لماذا؟" يحدث السلوك: غياب التلميذ مثلا خلال حصة له أسباب.
- التنبؤ: وهو توقع حدوث الظاهرة: هذا التنبؤ الذي بني على
الفهم الصحيح أي على طرح الأسئلة الجوهرية المساعدة على التنبؤ أي توقع
حدوث الظاهرة، وهذا بالإعتماد على مبدأ الإحتمالية وليس الحتمية في وقوع
الظاهرة لأن هناك إستقرار نسبي في الظواهر الطبيعية خاصة إذا تعلق الأمر
بالظاهرة الإنسانية.
- ضبط الظواهر أو التحكم فيها: معالجة أسباب الظاهرة بجعلها
تحدث أو لا تحدث. أي القدرة على التحكم في بعض العوامل أو المتغيرات
المستقلة المعروفة (التي تعرفنا عليها) التي تسهم في إحداث الظاهرة
(السلوك، الكفاءة، مخرجات العملية التربوية...) رغم أن الضبط في هذا المجال
ليس من السهل الوصول إليه بسبب تنوع وتغير وتفاعل الأسباب أو المتغيرات
التي تسهم في إحداث الظاهرة العلمية التربوية.
في الواقع الهدف الأساسي هو تطوير وتطبيق أسس علم النفس العام من أجل تطوير
العملية التربوية وإستغلالها والإستفادة منها. فمن وراء نشاطه العلمي يهدف
إلى الوصول إلى المعرفة التي تمكنه من تفسير العلاقة الموجودة بين
المتغيرات التي هي بمثابة السلوك في المواقف التربوية والعوامل المختلفة
المؤدية إلى حدوث هذا السلوك.
علم النفس التربوي يجيب على مجموعة من الأسئلة التي يطرحها كل أستاذ منها
على سبيل المثال حول طريقة التدريس ومحتوى المادة وقدرات المتعلم وظروف
العمل. هذه الأسئلة المختلفة يمكن تلخيصها في الشكل الموالي رقم (2)
الشكل (2) التساؤلات العامة التي يطرحها علم النفس التربوي

III - أهمية وفوائد علم النفس التربوي بالنسبة للمعلم:
هذا العلم، غير الدقيق بالطبع، يساعدنا على معرفة مختلف المظاهر الإنمائية
التي تطرأ على الإنسان عبر مراحل الحياة (من مرحلة ما قبل الميلاد مرورا
بالولادة إلى الرشد والشيخوخة) يساعدنا على كيفية توظيفها واستغلالها أي
الإستفادة منها. يساعدنا على التعرف على طرق وإستراتيجيات التعلم وغيرها من
عمليات عقلية وطرق التفكير. كل ذلك مهم خاصة إذا كنا معلمين وأساتذة
مهمتنا هي تلقين وتدريب المتعلمين مختلف النشاطات المعارفية.
إن جهلنا للمتعلم لن يزيد إلا من أخطائنا ويصعّد من صعوبة أداء مهامنا، لذا
كان هذا العلم الأداة الهامة في خدمة الإنسان. وكأولياء يساعدنا على فهم
قبل كل شيء ذواتنا مما يساعدنا هذا الفهم في تخطى مختلف العقبات التي
تواجهنا في حياتنا.
خلاصة القول إن أهمية علم النفس التربوي للمعلم تكمن في كونه:
- يساعد المعلم في تزويده بالمبادئ والأسس والنظريات التي تفسر وتتحكم
بعملية التعلم والتعليم وذلك من أجل فهمها وتطبيقها في غرفة الصف وحل
المشكلات التي تواجه المعلم أو المتعلم أثناء ذلك، حتى وإن كانت هذه الأسس
والنظريات لا يمكن تطبيقها في كل المواقف التربوية خاصة إذا علمنا أن
المبادئ السيكولوجية ليست كلها صالحة في كل المواقف التعليمية (قد يصلح
البعض لبعض الممارسات التربوية ولا يصلح للبعض الآخر.) لكن ورغم هذا يبقى
الإطلاع عليها ومعرفتها من ضروريات المهنة.
- الإبتعاد عن الممارسات العشوائية في أداء مهمة التدريس وإستبعاد كل ما
هو غير صحيح حول عملية التعلم والتعليم والتي تعتمد على ملاحظات غير دقيقة
وبخاصة تلك التي تعتمد على الأحكام الذاتية.
- كذلك إكساب المعلم مهارات البحث العلمي الصحيح وإنتقاء المعلومة
وإعادة صياغتها حسب المتعلم وتبليغها له مما يساعده على فهم الظواهر
التربوية الجديدة وتفسيرها بطريقة علمية.
- مساعدة المعلم في التعرف على مدخلات عملية التعلم (خصائص المتعلمين
في مختلف الجوانب الذهنية والفسيولوجية مثلا قبل عملية التعلم) ومخرجاته
(قياس التحصيل والقدرات والإتجاهات والميول وغيرها).
- إطلاع المعلم على المبادئ والمفاهيم والنظريات النفسية في مجالات
النمو والدافعية والذكاء والذاكرة والتفكير والإستفادة منها خاصة في حل
المشكلات لفهم عمليات التعلم والتعليم وتوجيهها وتقديم التطبيقات التربوية
الصعبة في هذه المجالات.

المحور الثاني
:
سيكولوجية التعلم
مقدمة
I- معنى التعلم، محدداته، مراحله وأنواعه
II- نظريات التعلم وتطبيقاتها التربوية
1. نظريات المدرسة السلوكية
أ- نظرية الإشراط الكلاسيكي.
ب- نظرية المحاولة والخطأ.
ج- نظرية الإشراط الإجرائي
.
2. المدرسة الغشتالتية
3. نظرية التعلم بالملاحظة

مقدمة
:
التعلم من العناصر الأساسية في حياتنا لأن وجودنا يتوقف على كل ما
نتعلمه. لأن لو تأملنا حياة الإنسان لوجدنا أن التعلم يشكل مكانا هاما
فيها، فعند الولادة يكون مزودا ببعض الأفعال المنعكسة الضرورية مثل المص
أثناء الرضاعة والبلع وإصدار بعض الأصوات والحركات البسيطة هدفها في الأساس
هو حفظ الذات، لكن ما يلبث أن يتعلم هذا المخلوق العاجز في البداية بعض
السلوكات الجديدة التي تتعقد مع الوقت وتتنوع عبر مراحل الحياة. عملية
التعلم هذه لا تشمل السلوك الواضح كاللغة والمشي بل إننا نتعلم الإتجاهات
والسمات والميولات والمعلومات.
بواسطته يكتسب الإنسان مجمل خبرته الفردية، وعن طريقه ينمو ويتقدم، وبفضله
يستطيع أن يواجه كل الأخطار المحيطة به في بيئته ويكوّن أنماط السلوك على
إختلافها.
بالتعلم يصبح الإنسان منتجاً للعلم والفن والثقافة وناقلاً إياهم عبر الأجيال. بالتعلم يحافظ الإنسان على إنسانيته.
إننا نتعلم من الوالدين والإخوة ومن الكتب التي نقرأها والأصدقاء الذين
نعاشرهم والأفلام التي نشاهدها وحتى الطبيعة المحيطة التي نحيى فيها.
نحن نتعلم ليس فقط السلوك المرغوب والأشياء الصحيحة بل نتعلم القراءة الخاطئة والعادات السيئة.
التعلم كذلك من المفاهيم الرئيسية في علم النفس، ومن المواضيع
الهامة التي شغلت بال الفلاسفة مند القدم، إذ لم يختلف أحد في إبراز أهميته
حتى وإن إختلفوا كثيرا في تفسيره وتبيان مراحل حدوثه.
التعلم مازال يشغل كثيرا بالنا نحن جميعا كآباء وأمهات ومربين ومتعلمين بل وكأعضاء في أي مجتمع من اﻟﻤﺠتمعات.
موضوع التعلم مازال كذلك يثير الكثير من الجدل حول ماهيته وطبيعة القوانين التي تحكمه وتحدد نظرياته وتطبيقاته.
في علم النفس هذا الموضوع يأخذ معنى أوسع وأشمل وأعم منه عن
المعنى العام والشائع عند الناس، إنه ليس فقط تلك المعارف والمهارات التي
نكسبها في المدرسة فقط بل إضافة إلى ذلك فهو يشمل كل ما من شأنه يغير من
سلوك الفرد من إتجاهات ومعارف وعادات لفظية وذهنية مثلا أو خلقية ايجابية
وحتى السلبية منها. وبهذا يكون التعلم له معنى الإكساب والتعود.
خلاصة القول أن التعلم له خصائصه المميزة التي تجعله يمارس دورا
رئيسيا وفعالا في تشكيل سلوك كل واحد منا وتكوين وتركيب شخصيتنا، الأمر
الذي يعكس أهمية دراسة طبيعته والوقوف على المبادئ المفسرة له.
موضوع التعلم إنكب فيه العلماء والدارسون بهدف تبيان طبيعته ومعرفة آلياته
والوقوف على الشروط المؤثرة فيه إيجابا وسلباً سعياً وراء الوصول إلى
قوانينه الخاصة فتبلورت عن ذلك ما يعرف باسم نظريات التعلم.
بكلمة واحدة التعلم من الموضوعات الهامة في علم النفس وجوهري للوجود الإنساني وأساسي للتربية ولازم لفهم حقيقة العقل البشري.

I- معنى التعلم، محدداته، مراحله وأنواعه:

أ- معنى التعلم:
التعلم مفهوم وعملية نفسية تربوية تتم بتفاعل الفرد مع خبرات البيئة
وينتج عنه زيادة إيجابية أو سلبية في مادة أو خبرة التعلم أو في المعارف أو
الميول أو القيم ومختلف المهارات السلوكية التي يمتلكها هذا الفرد. لقد
إختلف المختصون في تعريفهم له باختلاف مدارسهم الفلسفية والنفسية
والتربوية. وهنا نورد بعض التعريفات منها:
- تعريف جيتس (Gates) »التعلم عبارة عن عملية إكتساب الطرق التي تجعلنا
نشبع دوافعنا أو نصل إلى تحقيق أهدافنا، وهذا يأخذ دائما شكل حل المشكلات
«.
- تعريف جيلفورد (Guilford) »التعلم هو أي تغير في السلوك ناتج عن
إستثارة، وهذا التغيير في السلوك قد يكون نتيجة لأثر منبهات بسيطة، وقد
يكون لمواقف معقدة «.
- تعريف ماكونال (Mc Conel) »التغير المطرد في السلوك الذي يرتبط من
ناحية بالمواقف المتغيرة التي يوجد فيها الفرد، ويرتبط من ناحية أخرى
بمحاولات الفرد المستمرة والإستجابة لها بنجاح« .
- تعريف أحمد زكي صالح »التعلم كما نستدل عليه، ونقيسه، هو تغير في الأداء، يحدث تحت شروط الممارسة. «( )
وغيرها من التعريفات التي كلها تبرز أهمية هذه العملية في حياة الإنسان
وتبرز الوظيفة الأساسية له في إحداث التغيرات الهامة في سلوك الفرد بهدف
التأقلم مع المحيط وحل المشكلات، ليبقى التعلم تعديل في السلوك أي في
أساليب الإستجابة بإكساب الكائن الحي أساليب جديدة أو الكف عن أساليب كان
قد إكتسبها من قبل.
للتعلم خصائص منها:
1- أن كل تعلم يسفر عنه تغير في السلوك،
2- هذا التغير ثابت نسبيا،
3- التعلم يحدث نتيجة الممارسة فنستبعد هنا أي أداء يكون نتيجة تغيرات مؤقتة كالمرض والتعب أو تعاطي بعض المنشطات مثلا،
4- لا يمكننا ملاحظته مباشرة.( )

ب- محددات التعلم
:
التعلم يتأثر بعدة عوامل يمكن تلخيصها في:
أولا عوامل الفرد النفسية- الفسيولوجية:
كمختلف القدرات العقلية والإتزان والتوافق النفسي أو التحصيل السابق،
أو العوامل الوراثية التي لها الدور الكبير في تحديد الصفات التي ستسيطر
على الفرد، أو عامل النضج أو مرحلة النمو التي يعيشها الفرد.
ثانيا: عوامل البيئة الخارجية وهي كثيرة منها ظروف وشروط التعلم والمناهج
وطبيعة ونوعية المادة المتعلمة تنظيمها ووضوحها وملاءمتها للمتعلم،
والتحفيز والحوافز الإنسانية التي يتلقاها من محيطه (الأسري والمدرسي
والإجتماعي).
كل هذا يبين أن الموقف التعليمي عملية معقدة تتداخل فيها عدة متغيرات على المعلم ومن يهتم بالتعلم الإنتباه إليها.
لقد تنوعت تحليلات هذا الموقف بتنوع النظريات المفسرة له لكن يمكننا أن نلخصه في النقاط التالية:
- أن الموقف التعليمي موقف معين أو مشكل يقابل الفرد أو الكائن الحي،
ويتطلب من هذا الموف تعرفا معينا وهذا يتطلب مثلا تجنيد قدرات ذهنية معينة.

- وجود دوافع أو ميول لدى الكائن توجهه كي يقابل الموقف أو المشكل بطريقة خاصة.
- وجود حوافز تشجع الكائن الحي على التصرف.
- أن هناك نشاط يقوم به الكائن الحي ويرتبط هذا النشاط بأجهزة الجسم المختلفة (الجهاز العصبي ومختلف العضلات والحواس).
- تعترض هذا الكائن الحي عقبات مؤقتة منها ما هو متعلق بالمادة المتعلمة
والمحيط (كتنظيم المادة وظروف التعلم) ومنها ما هو متعلق بالكائن نفسه
(القدرات العقلية والفسيولوجية).( )
جملة القول أن التعلم هو نشاط فردي في الأساس، أي شخصي، أي لا أحد
يمكن أن يتعلم مكاننا، غير أن الموقف التعليمي بصورة عامة هو وحدة ذات
ثلاثة أقطاب أولاها المتعلم والثاني هو المجال الحيوي الذي يتحرك فيه،
والقطب الثالث هو المعلم، وكل واحد من هذه الأقطاب وحدة معقدة. هذه الأقطاب
تتفاعل فيما بينها لتحدد مقدار التعلم وكيفيته ونوعيته كما يبينه الشكل
الموالي رقم (3):

شكل رقم (3) مكونات الموقف التعليمي
....
نظرته الخاصة حول تعلم المتعلم،
طريقته في تصور أهداف التدريس،
طريقته في بناء المادة المتعلمة،
له: تاريخه الخاص،
له: أي:
خصوصيته الفسيولوجية والنفسية، الجو العام(المدرسي)،
تاريخه الخاص، بناء المادة المتعلمة،
بناءه المعرفي الخاص، توفير قدر من النشاط،
استعداداته المزاجية و تكامل الشخصية، توافق المادة مع
.... القدرات
....
هي مكونات متنوعة لا يمكن أن نهمل أو نركز على جانب واحد فقط من الجوانب
دون الآخر حتى و إن كانت فلسفة التربية الحالية تهتم وتركز على المتعلم
ذاته وذلك لما لهذا القطب من وزن في عملية التعلم.
ليبقى للتعلم الجيد شروطا عامة أساسية وأهمها الممارسة أي تكرار أسلوب
النشاط سواء تعلق الأمر بإكساب المهارات الحركية (كركوب الدراجة والكتابة
والقراءة..) أو طريقة التفكير وحل المشكلات مثلا.

ج- مراحل التعلم:
كما هو معلوم هناك أنواع مختلفة من التعلم وذلك حسب طبيعة المادة المتعلمة،
فتعلم المهارات النفسية- الحركية يختلف عن تعلم العادات الذهنية
والوجدانية: تعلم اللغة مثلا يختلف عن تعلم الرسم ومختلف الفنون، بل وحتى
في تعلم اللغة ذاتها هناك إختلاف بين تعلم اللغة الكتابية واللغة اللفظية
أو لغة الإشارات.
وكما دلت البحوث والدراسات فيمكن إختصار مراحل التعلم في:
1- مرحلة الإكتساب: وهي مرحلة إدماج أو إدخال أو تمثيل المتعلم
على إختلاف القدرات والظروف والمادة المتعلمة للسلوك الجديد حتى يصبح جزءا
من حصيلته السلوكية.
2- مرحلة الإختزان: أي حفظ المعلومات في الذاكرة.
3- مرحلة الإستعادة: وهي قدرة المتعلم على إسترجاع المعلومة في صورة إستجابة بشكل أو بآخر.( )
هي مراحل أو محطات في عملية التعلم على المعلم مراعاتها والإنتباه لها
أثناء ممارسته لمهنته. هذه المراحل لها علاقة وطيدة بالتذكر والذاكرة، لذا
كانت الذاكرة عنصرا مهما في عملية التعلم، كما أن لها علاقة بطبيعة وتنظيم
المادة والظروف النفسية التي يمر بها المتعلم كما أشرنا لذلك.
كما أن معرفة المعلم بخصوصيات التعلم ومراحله، تجعله قادرا على ضبط طرقه في التدريس مثلا وإدراك أساس التعثر عند كل متعلم.
وهذه المراحل مجموعة من الحلقات ما أن تنتهي مرحلة إلا وندخل في مرحلة أخرى، هذه المراحل هي:
. مرحلة عدم الرضا.
. مرحلة إختيار سلوكات جديدة.
. مرحلة ممارسة السلوكات الجديدة.
. مرحلة إحراز أدلة على النتائج.
. مرحلة التعميم والتطبيق والتكامل.
. مجابهة مشكلات جديدة.
يمكن تصورها في حلقة مفرغة عناصرها متأثرة بعضها ببعض كما يبنه الشكل الموالي رقم (4)

الشكل رقم (4) دورة التـعلم

هذا في الواقع ما يفسر ولو جزئيا ديمومة التعلم وعدم إكتماله ليبقى كل واحد منا بحاجة إليه مدى الحياة.
ومهما تنوعت وتعددت مراحل وخطوات التعلم فإن التعلم »يعد الوسيلة
الوحيدة لنمو الشخصية الفردية بمختلف جوانبها وحاجاتها النفسية والجسمية
والسلوكية. وإذا كان الذكاء يقرر نوع ودرجة التعلم، فان التعلم يقرر بدوره
ليس فقط شكل الفرد ومواصفاته الشخصية المتنوعة ومدى نجاحه في الحياة
الشخصية المتنوعة ومدى نجاحه في الحياة الخاصة والعامة، بل تركيبة المجتمع
بكامله: المتحضرة المنتجة أو الأمية المتواكلة. بإيجاز شديد، إن التعلم
البناء يؤدي لفرد ناجح وبالتالي لمجتمع واع متقدم. «( ) وهذا التعلم لن
يكون دائما حسب إرادتنا حتى وإن كان أهم وسيلة لتهذيب الإنسان والتحكم في
سلوكه وتطوير مختلف قدراته، ليبقى التعلم مفهوما نفسيا يحدث نتيجة التغيرات
المستحبة وحتى غير المستحبة في البناء النفسي- الحركي والبيوكيميائي
والإدراكي للكائن، هذه التغيرات يُستدل على وجودها بمؤشرات سلوكية مُلاحظة
للعيان.
في الأخير التعلم يتوقف بالأساس على سلامة مختلف حواس المتعلم حيث
تنتقل مختلف الإحساسات (المرئية، السمعية، اللمسية، الشمية، الحركية...)
ليستقبله الجهاز العصبي ويترجمه وينتج سلوكات معينة ثم التعلم المطلوب،
ويمكن تمثيل ذلك في الشكل رقم (5) الموالي )

شكل رقم (5) نظام التعلم

نظام الحواس النظام العصبي للدماغ النظام السلوكي للجسم
(إستقبال) (إدراك وتعلم) (سلوك)

د- أنواع التعلم
:
إذا كان التعلم يتضمن تغيرات في جوانب شخصيتنا فهذا يعني أننا نتعلم سمات
الشخصية من ميولات وقيم ودوافع واتجاهات وكل أنواع السلوكات: لفظية كانت أم
حركية، ذهنية أم إجتماعية، كما أشرنا وهذا يعني كذلك أننا نتعلم في كل
مواقف الحياة وأن التعلم لا يقتصر على مكان واحد أو هيئة معينة: إننا نتعلم
في البيت، في الشارع، في المدرسة، من الأستاذ والزميل والكتاب.
التعلم نظرا لتعقد مظاهره صنف إلى عدة أنواع من حيث أشكاله وصوره، أو
من حيث بساطته وتعقيده. هي تغيرات في الشخصية يمكن حصرها في ثلاث جوانب
رئيسية هي:
* التغير في النواحي الحركية: أي السلوك النفسي- الحركي، مثل الكتابة
والقراءة وطريقة الأكل وقيادة السيارة والمشي وغيرها من أنماط السلوك
الحركي التي يمكن أن تصبح عادات حركية نقوم بها دون شعور منا.
* التغير في النواحي العقلية المعرفية: تشتمل على ما نتعلمه من معارف وحقائق ومبادئ وطرق التفكير المختلفة.
* التغير في النواحي الوجدانية (الإنفعالية): أي تلك العواطف
والميولات (للأشخاص والأشياء...) وما نكتسبه من إتجاهات وقيم إجتماعية
وتذوق فني وجمالي وأدبي.( )
على العموم فالتعلم يصنف إلى خمسة أنواع رئيسية )

1- التعلم اللفظي: هي ليست القدرة على تعلم الكلام فحسب بل كذلك إستيعاب
بعض المعلومات والحقائق واسترجاعها وتوظيفها في مواقف مختلفة وتدريب الفرد
على عمليات التفكير وإدراك العلاقات والمقارنة بين المعلومات وإصدار الحكم
والتقييم السليم.
2- التعلم الحركي: هذا التعلم هو قدرة الفرد على إستخدام عضلاته
(الإرادية) بما يؤدي إلى توافق عضلي من نوع جديد كنموذج للإستجابة المطلوبة
مثل تعلم الفرد الكتابة أو الضرب على الآلة.
3- التعلم الإدراكي: إننا نتعلم كيف نرى الأشياء وندرك المواقف
والمواضيع بصورة جديدة، هذا النوع من التعلم يهدف إلى إعادة تنظيم المثيرات
الحسية في نماذج إدراكية جديدة.
4- تعلم الإتجاهات: الإتجاهات هي الموجه والمحرك لسلوك الإنسان نتعلمها
من محيطنا الإجتماعي الثقافي، فميلنا أو نفورنا من بعض الأفكار مثلا ما هو
إلا ناتج تعلم، فالتأثير عليها وتغييرها هو التحكم في سلوك الإنسان.
5- تعلم أسلوب حل المشكلات: عند تغير المحيط يميل الفرد إلى تغيير سلوكه
حتى يتأقلم (يتكيف) مع الوضعيات الجديدة أي إيجاد الحلول للمواقف الجديدة.


II - نظريات التعلم:
إهتم ويهتم العلماء والدارسون ومن قبلهم الفلاسفة بموضوع التعلم
وحاولوا معرفة آلياته وشروطه بغية الوصول إلى قوانين عامة تتحكم فيه.
فتصوُّر أرسطو مثلا للتعلم بني على أساس فكرة عملية الربط أو الإقتران،
حتى وإن كانت فكرته عن الترابط (الإقتران) في واقع الأمر نظرية حول
الذاكرة وخاصة ما يتصل باستدعاء أشياء تعرض لها الإنسان في الفترة السابقة.
فالفكرة الرئيسة في ربطية أرسطو هي أنه لا تتوافر لدى الكائنات أي معرفة
فطرية فهي تولد وعقولها صفحة بيضاء تخط عليها البيئة ما تشاء. وأن المعرفة
والعقل يتكونان من الإحساسات الإنسانية الأساسية كالأصوات، والمرئيات
والروائح وإحساسات البرودة والدفء لتتشابك (تترابط) معا عن طريق العملية
الميكانيكية الكاملة وفقاً لقوانين الربط أو الإقتران. هذه القوانين هي:
1 - قانون الترابط عن طريق التشابه.
2- قانون الترابط عن طريق الإقتران، أو التجاور الزماني أو المكاني.
3- قانون الترابط عن طريق الإقتران أو التجاور على أساس الإختلاف ( التضاد).
هكذا تتكون الأفكار المركبة من الأفكار البسيطة بنفس العملية الميكانيكية،
كما يمكن للمعرفة أن تصبح على درجات من التعقيد والخصوبة بقدر ما يشاء
المرء من جراء الربط وحلقاته المتعددة المستويات.
أفكار أرسطو تناولها مجموعة من الفلاسفة البريطانيين أطلق عليهم إسم
(الفلاسفة التجريبيين) وحولوها إلى ما يشبه علم نفس (حقيقي). وكان ذلك ما
بين (1650 - 1850م) أمثال هوبز (Hobbes, Thomas (1588- 1679)، لوك (LOCKE,
John, (1632-1704))، وجون سيتوارت مل (Mill, John Stuart (1806- 1874))،
لتنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ويبرز علماء أمثال جيمس (James,
William (1842-1910)) خاصة في أواخر القرن التاسع عشر ليتسم هذا المذهب في
أمريكا بالطابع العملي والإهتمام بوظيفة السلوك وفائدته ومنفعته -وخاصة في
التربية- وكان من نتيجة ذلك ظهور نظريات المثير والإستجابة ذات الإتجاه
السلوكي عند جون واطسون (J.WATSON) (1878-1958) الذي يعد من مؤسسي
السلوكية، ومن ثم عند سكنر (Skinner,Buhrrus Frederic (1904- 1990))
وغيرهم.
علماء النفس يبحثون في التعلم حتى في أبسط صوره ويحاولون معرفة
المهارات الأساسية ويسعون إلى إكتشاف مبادئه وقوانينه لأن هذه القوانين
أساسية في أي برنامج فعال في التربية والتكوين، وقد نتج عن هذا عدد من
الإطارات النظرية فانقسموا إلى إتجاهات وتيارات تبلورت على شكل ما يعرف
باسم نظريات التعلم، وهي عديدة من حيث نظرتها لجوهر التعلم والشروط الخاصة
به حتى وإن كان البعض منها يتناقض في تفسيره للتعلم فإن البعض الآخر متكامل
لأن بعض عملياته لا يمكن أن تفسرها بنظرية واحدة.
وما نود الإشارة إليه أن هذه النظريات المختلفة نابعة من المدارس العامة في
علم النفس المعاصر، هذه المدارس التي يمكن تقسيمها إلى أربعة إتجاهات
(مدارس) أساسية وهي:
1- المدرسة السلوكية.
2- مدرسة التحليل النفسي.
3- المدرسة الإنسانية.
4- الإتجاه المعرفي.
كذلك ما يمكن التنبيه إليه هو أن هناك تغيرات كبيرة مرت بها كل مدرسة مما أدى إلى إضعاف كلمة ومصداقية مدرسة لأسباب عديدة منها:
ا- الإنشطارات الفرعية التي حدثت لكل مدرسة مما أدى إلى تعدد
النظريات أو الإتجاهات الفرعية) داخل كل مدرسة) رغم أنها بقيت تشترك في
المسلمات العامة وبقي يحتفظ كل واحد من هذه الإتجاهات الفرعية بفرضياته
الخاصة التي تميزه عن غيره من النظريات داخل المدرسة الواحدة (فنتكلم مثلا
داخل المدرسة السلوكية عن الإشراط الإجرائي لسكينر والإشراط الكلاسيكي
لبافلوف...).
ب- قبول بعض النظريات في مدرسة ما لمسلمات أساسية لمدرسة أخرى مما أدى إلى تداخل بعض النظريات من مدارس مختلفة.
وسوف لن نتعرض لجميع هذه النظريات لكن للبعض منها.

1- نظريات المدرسة السلوكية:
مع إستقلال علم النفس، وبرفض فكر المدرسة البنائية ومنهجها (التأمل
الباطني)، ومن أجل إعطاء الصبغة العلمية لهذا العلم الجديد، ومن أجل فهم
السلوك الإنساني سادت دراسة العمليات العقلية (الشعور أو اللاشعور) حتى وإن
كان هذا المنهج لا ينسجم مع مسلمات المنهج العلمي المتعارف عليه في العلوم
الطبيعية. إضافة إلى الإهتمام بدراسة السلوك الحيواني وأبحاث الفسيولوجيا
إضافة كذلك إلى الأثر الإيجابي للحركات الفلسفية مثل الإتجاه الوضعي
التجريبي الذي مثله لوك (Locke) وهيوم (Hume) وجيمس ميل (James Mill)
وبيركلي (Berkeley) وغيرهم، كل ذلك مهد السبيل لتثبيت السلوكية في أمريكا.
في الواقع ترجع بدايات المدرسة السلوكية إلى ما قدمه بافلوف (Pavlov)
بروسيا (الإتحاد السوفياتي سابقا) ثم من بعده واطسن (Watson) (بأمريكا)
السلوكيون الكلاسيكيون ثم ما قدمه سكينر رائد السلوكية الراديكالية
المعاصرة (الإشتراط الإجرائي)، غير أن جذور هذه المدرسة كما قلنا يمتد إلى
الفلسفات الوضعية والنظرية التطورية لداروين على الخصوص فقد »عرفت تعاليم
كونت الوضعية والمبادئ والمفاهيم البراغماتية التي إستمدها جيمس وديوي
وأنجيل من النظريات التطورية إنتشاراً واسعاً وسريعاً بين المثقفين
والمتعلمين في الولايات المتحدة الأمريكية. وانعكس هذا الواقع الجديد في
العدد الكبير من الدراسات والطرائق التي إستخدمت فيها والنتائج التي خلصت
إليها، الأمر الذي مهد السبيل لظهور السلوكية التي ميزت علم النفس الأمريكي
وطبعته بطابعها طوال هذا القرن، بل وإمتد تأثيرها إلى كليات ومعاهد علم
النفس في أنحاء متعددة من العالم. ومن أشهر تلك الدراسات ما قام به إدوار
ثورندايك EDWARD THORNDIKE (1874-1949م).»( )
في مقال نشره واطسون عام 1913 بعنوان "علم النفس كما يراه السلوكي"،
والذي أطلق عليه البعض: "البيان السلوكي"، يتناول فيه نقطتين أساسيتين:
تتعلق الأولى بموضوع علم النفس، والثانية بمنهجه وطرائقه.
فبالنسبة للنقطة الأولى فإنه يرى أن ما درج الناس على إستعماله من مفاهيم
ومصطلحات سيكولوجية مثل الإدراك والتفكير والذاكرة هو خطأ وقع فيه العلماء
والباحثون. وقد حان الوقت لتصحيح هذا الخطأ ونقل تلك المصطلحات إلى لغة
سلوكية ويقترح واطسون، في النتيجة، أن يكون السلوك موضوع علم النفس بدلاً
من الوعي. من هنا جاءت تسمية هذه المدرسة بالسلوكية (BEHAVIORISM) والكلمة
بالإنكليزية مشتقة من كلمة (BEHAVIOR) أي سلوك وأن تحل المصطلحات السلوكية
كالمنبه أو المثير (STIMUL) والإستجابة أو الإنعكاس (REACTION) والمهارات
والعادات محل المصطلحات التقليدية البالية.( )
يقسم المؤرخون السلوكية إلى أنماط مختلفة:
1- تبعا لطبيعة الإشراط ونجد هنا قسمين:
أ- الإشراط الكلاسيكي الذي يركز على المنبهات، ويندرج
ضمن هذا التقسيم خاصة السلوكيون الأوائل أمثال بافلوف وثورندائك وواطسون
ومن تبعهم إن لم يضيفوا أشياء جديدة أمثال قاثري (Guthri, E.R.) كلارك هول
(Hall, K.) وتولمان (Tolman) ويكون التعلم على شكل:

مثير شرطي+ مثير طبيعي (بالتكرار) إستجابة شرطية.

ب- الإشراط الإجرائي ويعتمد الإشتراط فيه على اقتران
الإستجابات بالمعززات وذلك بصرف النظر عن المثير أو إرتباط المثيرات
ببعضها، يمثل هذه المدرسة سكينر.

2- تبعا لطبيعة دراسة وتفسير الإشتراط ومناهج البحث والتعميمات النظرية ونجد هنا ثلاثة أنماط غالبة:
أ- السلوكية النفسية: يصنف كل من بافلوف و ثورندايك تحت هذا النوع.
ب- السلوكية المنهجية: وتعني بالعلم نفسه ويمثلها واطسون.
ج- السلوكية التحليلية الفلسفية وأيضا تحليل السلوك، وترجع
إلى سكنر، حيث بدأ محاولته لإخراج العلم من واطسنيته، وحل أزمة العمليات
العقلية بالمناداة بأن أي نشاط عقلي يمكن تفسيره من خلال النشاط الظاهر
المرتبط به، فعندما نصف حالة الفرد العقلية أوإعتقاده فإنما نصف ما يظهر
عليه أو ما نتوقع أن يفعله من سلوك في الموقف.

3- كما يمكننا أن نجد التقسيم الموالي خاصة بعد ظهور بعض الرواد إبتداء من الثلاثينيات من القرن التاسع عشر:
أ- السلوكية الراديكالية ممثلة في فكر واطسن وسكنر بدرجة أساسية.
ب- السلوكية البيو- إجتماعية (Bio-social).
ج- علم نفس رد الفعل.
د- السلوكية الفسيولوجية.
هـ- السلوكية الاجتماعية.
و- الإنتقائية.
ترى النظرية السلوكية أن معظم ما يقوم به الإنسان من سلوكات متعلمة
وهي بمثابة إستجابات لمثيرات محددة في البيئة. فالإنسان يولد محايدا (فلا
هو خير ولا هو شرير وإنما يولد صفحة بيضاء) عدا بعض المنعكسات (الفطرية)
التي تولد معه، ومن خلال علاقته بالبيئة يتعلم أنماط الإستجابات المختلفة
سواء أكانت هذه الإستجابات سلوكات صحيحة أم خاطئة جانحة.
عموما يحدث التعلم نتيجة مثير ما دون أن يكون للتفكير الواعي أثر كبير
في حصوله. هذا التعلم حسب تفسير كل فريق من هذه المدرسة يحدث بواسطة
ملاحظة نماذج (سالبة أو موجبة) في حياته, أو يكون قد سلك كرد فعل إنفعالي
وحصل على تفريغ بعض شحنات نفسية سالبة أو عن طريق التعزيز.
قبل التطرق لبعض هذه المدارس نود تحديد بعض المفاهيم الأساسية المستعملة هنا.

1- تحديد بعض المفاهيم الأساسية:

* السلوك: الإستجابة الكلية التي يبديها كائن حي إزاء أي موقف يواجهه. ( )
* الإرتباطية: هو المذهب القائل بأن كل العمليات العقلية تتألف من
توظيف الإرتباطات الموروثة والمكتسبة بين المواقف والإستجابات، وينظر إلى
هذا المذهب باعتبار أنه الأساس في نظرية إرتباط المثير والإستجابة (م- س).(
)
* الإستجابات: وهي تطلق على أية ردود فعل ظاهرة قد تكون عضلية أو
غدية أو غيرها من ردود الفعل الظاهرة (بما فيها الصور والأفكار) والتي تحدث
كرد فعل لمثير ما. وقد أشار ثورندايك إلى ردود الفعل الفسيولوجية الظاهرية
والتي يمكن مشاهدتها وقياسها والتي تربط السلوك بالبيئة المحيطة به. أما
في الوقت الحاضر فان تعبير »الإستجابات« يطلق على ردود الفعل الفسيولوجية
(التي تقاس بطريقة مباشرة) والنفسية (التي تقاس بطريقة غير مباشرة).( )
* الإثارة: ولهذا التعبير أي الإثارة معنيان أي عامل خارجي (مثير ما يتعرض له الكائن الحي. و أي تغير داخلي في الكائن الحي نفسه عن طريق أي عامل خارجي.( )
كما تستعمل عبارة منبه ويقصد (بالمنبه) أو(المؤثر) و(المثير) (Stimulus) أي
عامل، خارجي (مادي كموجهات الضوء والصوت وتغيرات درجة الحرارة والروائح
المختلفة أو إجتماعية كمقابلة صديق) أو داخلي (إما منبهات فسيولوجية مثل
إنخفاض مستوى السكر في الدم، والتيارات العصبية التي تنشط العضلات والغدد،
أو نفسية كالأفكار والتصورات والمعتقدات والأوهام والحالات الوجدانية) يثير
نشاط الكائن الحي أو نشاط عضو من أعضائه، أو يغير هذا النشاط، أو يكفه
ويعطله.

أ- نظرية الإشراط الكلاسيكي
:
خلال دراسة العالم الروسي إيفان بترفيتش بافلوف (Pavlov, Ivan
Petrovich) (1849-1936) للأفعال المنعكسة المتصلة بعملية الهضم لاحظ أن
العصارة المعدية في الكلاب التي كان يقوم عليها بتجاربه لا تتأثر فقط بوضع
الطعام في فم الكلب لكن تتأثر بمجرد رؤية الطعام، بل كانت تبدأ بإفراز
لعابها بمجرد رؤيتها للحارس الذي يقدم لها الطعام، بل وحتى بمجرد سماعها
لخطوات قدميه قبل أن يصل الطعام إلى أفواهها فعلا. وأدرك بافلوف أن رؤية
الحارس لم تكن المثير الطبيعي للإنعكاسات اللعابية، ولكن رؤية الحارس قد
أصبحت من خلال تعوّد الكلاب على ذلك المؤشر الإشارة أو العلامة التي تستهدي
بها على قرب وصول الطعام. وسرعان ما أدرك بافلوف أنه إكتشف ظاهرة لا بد أن
يكون لها أهمية قصوى في مساعدة الكائن الحي على التكيّف مع ظروف بيئته،
وفي بادئ الأمر أطلق بافلوف على هذه الإنعكاسات المكتشفة حديثا إسم "إفراز
الغدد النفسي" ولكنه أبدله فيما بعد بما أسماه "الإنعكاس المشروط" والذي
يعني إنتقال أثر المثير الطبيعي للإستجابة إلى مثير غير طبيعي (لا يسبب
الإثارة أساسا) كنتيجة لاقتران المثيرين وتكرار حدوثهما.
تقوم الفكرة إذا على الإرتباط فعلا يبن منبه طبيعي (Stimulus) ( م . S)
وإستجابة طبيعية (ج . R) (Réponse) (م ج) وهذا ما يحدث مع
المتغيرات الطبيعية، إلا أن هذا لا يعتبر تعلما فهو السلوك الطبيعي.
والتعلم أو الإشتراط يقوم إذا على القيام بسلوك جديد، وهذا ما يحدث عن طريق
إرتباط المثيرات الطبيعية بمثيرات شرطية. إذ مع التكرار والدعم اللاحق
يحدث الإرتباط بين المثير الشرطي والمثير الطبيعي ويكتسب المثير الشرطي قوة
المثير الطبيعي في إحداث الإستجابة.
من تجارب بافلوف وضع على لسان كلب قليلا من مسحوق اللحم أو نقطة من
حامض (المنبه الطبيعي م) فوجد الكلب يستجيب لهذا المسحوق بسيلان اللعاب
(إستجابة طبيعية ج) وانتقل إلى خطوة ثانية حيث أسمع الكلب جرسا واستجاب
الكلب بأذنيه فقط لرنات الجرس وطبعا لم يفرز أي لعاب من غدده. أما الخطوة
الثانية فكانت قرع الجرس ومعه وبعد برهة تقديم الحامض إلى لسانه واستجاب
الكلب بإفراز اللعاب تحت تأثير الحامض وبعد تكرار التنبيه والإستثارة (جرس +
حامض) مرات عدة حذف الحامض وأسمع الكلب الجرس فوجد أن اللعاب قد أفرز
واستجاب لمجرد سماع الجرس لوحده.( )
بهذا الشكل تم تأسيس علاقة مؤقتة بين نشاط نظام معين (اللعاب) وموضوعات
خارجية (حامض + جرس) وأطلق بافلوف على هذه العلاقة إسم الفعل المنعكس
الشرطي الذي يتألف من:
فعل منعكس + منبه = ومع التكرار حدوث إستجابة للمنبه الثانوي التي
كانت فقط للمثير الأصلي.( ) هذه التجربة نلخصها كما يبينه الشكل الموالي
رقم (6):

الشكل رقم (6) ملخص تجربة بافلوف

المثير الطبيعي (الأكل مثلا) الإستجابة الطبيعية (اللعاب)

المثير الطبيعي (الجرس) الإستجابة السمعية

المثير الشرطي (الجرس)
+
المثير الطبيعي (الأكل)

بتكـــرار العـمليـــة

المثير الشرطي (الجرس) الإستجابة الشرطية (اللعاب)


2- خصائص الفعل المنعكس الشرطي:
من الخصائص العامة نذكر:
1- أنه فعل مكتسب ومتعلم.
2- أنه فعل قابل للتغيير والتعديل (ويتأثر بالشروط التي أحاطت بالكائن أثناء تكوينه.)
3- قابل للإطفاء والإمحاء إذ يمكن إمحاء الفعل المنعكس الشرطي بعد تكوينه
ورسوخه، وذلك بإتباع طريقة معاكسة لتكوينه: فإذا تكرر قرع الجرس مثلا مرات
عديدة دون أن يعقب ذلك تقديم الطعام فإن الجرس يتوقف عن القيام بوظيفته
الجديدة التي إكتسبها من جراء إقترانه بتقديم الطعام.(*)
4- الفعل المنعكس الشرطي متعدد المستويات: إذا تم إقران هذا المثير الشرطي
بمثير آخر لم يسبق له أن إقترن مع المثير غير الشرطي، فإنه بعد عدد من
المرات يصبح بمقدور المثير الجديد إحداث الإستجابة الشرطية (وق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wessam.gid3an.com
zinab
نائبة المديرVice Administrator
نائبة المديرVice Administrator
zinab


عدد المساهمات : 4698
نقاط : 7895
تاريخ التسجيل : 20/01/2008

بطاقة الشخصية
تربوي:

 علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم النفس التربوي    علم النفس التربوي I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 20, 2012 8:09 am



يهتم ثورندايك بثلاث مسائل أساسية تؤثر في استفادة المعلم منها في عملة داخل الصف )
- تحديد الروابط بين المثيرات والإستجابات التي تتطلب التكوين أو التقوية أو الإضعاف.
- تحديد الظروف التي تؤدي إلى الرضى أو الضيق عند التلاميذ.
- إستخدام الرضى أو الضيق في التحكم في سلوك التلاميذ.
- التركيز على التعلم القائم على الأداء وليس الإلقاء.

ج- نظرية الإشراط الإجرائي:
شكل آخر من أشكال نظرية التعلم السلوكية، كما أنه يطلق عليها إسم الشرطية
الإجرائية أو الوسيلية كما يشار إليها باسم التحليل التجريبي للسلوك.
إنطلقت هذه النظرية »من وجهة النظر القائلة بأنه لا بد من فهم السلوك ضمن
إطار المفاهيم السلوكية وليس ضمن إطار من المفاهيم التي تفرضها عليه العلوم
الأخرى. حقيقة إن تغير السلوك مرتبط دون شك بالتغيرات في النظام العصبي
ولكن الكائن العضوي ككل هو الذي يقوم بسلوك ما، فالكائن العضوي يرتبط
بالعالم من حوله من خلال أجهزته الحسية وهو يؤثر في هذا العالم، من خلال
أجهزته العضلية، والجهاز العصبي الذي لا يرتبط بهاتين اﻟﻤﺠموعتين من
الأجهزة لا أهمية له. ولهذا السبب فإن السلوك يتقدم على الفسيولوجيا (أو
علم وظائف الأعضاء.) «( )
تعود نشأة مفهوم الإجراء عند صاحب هذه النظرية بوروس فريدريك سكنر (Buhrrus
Frederic Skinner) (1904-1990) إلى سنوات دراسته العليا، حيث كان يقوم
بدراسة الزمن الذي تستغرقه الفئران في عودتها من نهاية علبة صممت لإجراء
تجاربه بعد حصولها على الطعام إلى علبة البداية عبر ممر مستقيم في المتاهة.
والحيوان يحصل على الطعام بفضل الإستجابات التي تصدر عنه خلال وجوده في هذا
الموقف، وقد لاحظ أن منحنى الحصول على الطعام كان ينخفض تدريجياً من
محاولة إلى أخرى. أي أن زمن الإستجابة اللاحقة هو أقل من زمن الإستجابة
السابقة. وإستمر في عمله هذا أعواماً طويلة حتى توصل إلى تصميم جهاز صغير
على شكل علبة أو صندوق، صار يعرف بإسم "صندوق سكنر". ويحتوي هذا الصندوق
على لوحة فيها رافعة وطبق للطعام ومصباح كهربائي. ويمكن إستبدال بعض هذه
العناصر تبعاً للخصائص العضوية للمفحوص.( )
الإجرائية (Conditionnement opérant) هو الإتجاه الأكثر إنتشاراً من
الإتجاهات الجديدة في السلوكية. وقد تمكن صاحب هذه النظرية بفضل أعماله
العديدة أن يتبوأ مكانة مرموقة بين علماء النفس الأمريكيين، وأن تجد أفكاره
سبيلها إلى المشتغلين بميدان التربية وعلم النفس في العديد من بلدان
العالم، وتحظى باهتمامهم. و» ربما يرجع الفضل في إنتشار إجرائية سكنر إلى
ربطها بمجالات حيوية، كالتربية والتعليم والصحة النفسية والصناعة. فقد عمل
سكنر على تطبيق التعليم المبرمج باستخدام التقنية الحديثة ومعالجة الأمراض
العصابية إعتماداً على الإستجابات الإجرائية والتعزيز.« ( )
أما في ميدان التربية والتعليم، فكرة التعليم المبرمج التي جاء بها
تتلخص في» وضع تلاميذ الصف أمام فرص متكافئة والإنتقال بهم من موضوعات
معروفة إلى أخرى مجهولة. ووجد أن الوسيلة التي تحقق هذا الهدف هي جهاز
التعليم؛ حيث أنه يوفر للتلميذ ما يوفره الصندوق للفأر أو الحمامة من خلال
تغذيته ببرنامج يحتوي على دروس قديمة وجديدة. وما على التلميذ في هذا
الموقف إلا أن يضغط على زر معين كي تظهر المادة التعليمية (تمارين، جمل،
أسئلة...) على الشاشة. ثم يطلب منه حلها أو الإجابة عليها. وليتعرف على ما
إذا كانت نتيجة عمله صحيحة أم خاطئة عليه أن يضغط على الزر المخصص لذلك.
ويعتبر إتفاق الإجابة التي تظهر على شاشة جهاز التعليم وإجابة التلميذ
بمثابة التعزيز. بينما يكون عدم الاتفاق بينهما فرصة لتعرف التلميذ على
خطئه وتفاديه في المحاولة الثانية. «( )

1- إضافات سكنر:
خصوصية الإشراط الإجرائي هو أن إذا كانت السلوكية الكلاسيكية ترى في
أن محور عملية التعلم هو الربط بين المنبه الشرطي والإستجابة الشرطية فإن
هناك الكثير من أشكال السلوك تصدر عن الكائن دون أن تكون مرتبطة بأي منبه
شرطي محدود، إذ هناك الكثير من مظاهر السلوك العشوائي التلقائي يصدر عن
الكائن ويتعلمه نتيجة حاجات ودوافع داخلية ومكافآت معينة. هذا النوع من
الإشراط إهتم به سكينر ويعطيه إسم الإشراط (التشريط) الفعال أو الإجرائي.
ويميز بين نوعين من السلوك: السلوك المنفعل (الإستجابي) وهو إستجابة مباشرة
تصدر ردا على إستثارة معينة كسيلان اللعاب عند تناول الطعام، والسلوك
الفعال يصدر عن الكائن لا كاستجابة لمنبهات خارجية معينة بل تلقائيا هدفه
الحصول على مكافآت معينة من المحيط.» فالإستجابة العضوية في المواقف
المختلفة (الطبيعية والتجريبية) هي، في إعتقاده، العنصر الأول في تشكل
السلوك. وباختصار فإنّ سكنر عوض الانعكاس الشرطي بالإجراء الشرطي.«( )
السلوك الإستجابي يتكون من الإستجابات التي تستجرها مثيرات محددة
معروفة مثل إتساع أو تضيق حدقة العين لكمية الضوء المؤثر في شبكية العين.
والسلوك الإجرائي هو سلوك معزز، وتشكيل السلوك ينطوي على عملية تحديد الهدف
السلوكي المرغوب فيه وتجزئته إلى سلسلة من الخطوات المتتابعة التي تقترب
تدريجيا من بلوغ الهدف والتي ينبغي تعزيز كل خطوة منها.
أما استراتيجيات تشكيل السلوك تتحدد من خلال بعض الخطوات منها:
- تحديد النتائج التي قد تكون مؤثرة في التوصل إلى التغيير المطلوب.
- تحديد العناصر السلوكية السليمة وغير السليمة بوضوح والقابلة للملاحظة.( )
- تحديد حجم الخطوات (ليست صغيرة جدا حتى لا يضيع الوقت في الأمور
الدقيقة جدا إن لم يكن ذلك ضروريا، ولا كبيرة فلا نستطيع تعزيز السلوك).
- تحديد المعززات التي ثبتت فعاليتها في معالجة مواقف التعلم المشابهة لها.
- التأكد من اكتساب السلوك في كل مستوى.
سكنر يرفض صيغة (منبه- إستجابة) ويتهمها بالعجز عن ضبط السلوك بسبب
إغفالها أثر الإستجابة في السلوك اللاحق. ويقترح صيغة أخرى ذات ثلاثة حدود:
1- الواقعة التي تحدث الإستجابة بسببها، 2- الإستجابة، 3- التعزيز.
ومن الواضح أن في هذه الصيغة تأكيداً على دور التغذية الراجعة (FEED BACK)
في تطور السلوك. كما أنها تمثل إضافة جديدة إلى ما جاء به السلوكيون. حيث
تفسر تقدم السلوك من منطلق الفعالية التي يتسم بها الكائن الحي في علاقته
مع العالم الخارجي.( )
كذلك حتى وإن كانت المكافأة مثلا في التعلم أمرا مهما ويتفق عليه الجميع »
لكن الشيء الذي لم يكن قد إتضح بعد، هو كيف نصف الحدث الذي أدى إلى إحداث
تلك التغيرات في السلوك. فالبعض مثل ثورندايك تحدث عن المكافأة بمعنى
إستبعاد ظرف مؤلم. والبعض الآخر مثل "كلارك هول"Clark Hull تحدث عن
المكافأة بمعنى قدرة بعض الأحداث على التقليل من التوتر. ولكن "سكنر"
وتلاميذه هم الذين جاءوا بتعريف بسيط لم يقتصر على تخطي المشكلات التي قد
يثيرها كل من هذين التعريفين فحسب، بل إنه أيضا قد أدى إلى إستبصار جديد.
فبالنسبة لسكنر، التدعيم هو أي حدث يمكنه أن يزيد من إحتمال صدور الإستجابة
التي تنتج ذلك الحدث.« ( )
ويميز بين نوعين أساسين من التعزيز هما:
- التعزيز المستمر: وهو تعزيز الإستجابة في كل مرة تحدث فيها، ولعل هذه الطريقة في التعزيز أبسط وأسرع في بناء الإستجابة.
- التعزيز المتقطع: ويقصد به تعزيز الإستجابة في بعض مرات حدوثها وليس
في كلها حيث يمكن بلوغ هدف التعلم، وذلك بتعزيز كل إستجابتين متتاليتين أو
إستجابة من كل ثلاث إستجابات أو أربع أو ... الخ.
ويعترف سكنر بأهمية المعزّزات الإيجابية، مثلما يعترف بوجود المعزّزات
السلبية. ويرى أن التعزيز يتم عن طريق تقديم المعزّز الإيجابي أو عن طريق
إستبعاد المعزّز السلبي. أي أن الكائن الحي يتعلم إستجابة ما بأسلوبين:
تقديم المعزّز الإيجابي وإستبعاد المعزّز السلبي. ويتوقف سكنر للتمييز بين
ما يعنيه بالتعزيز السلبي والعقاب. فالأول يحدث نتيجة حذف المعزّز السلبي. (
)
ولا يستبعد سكنر العقاب من عملية التعلم إذ يمكن أن يكون عاملا هاما في
تعديل السلوك »أما العقاب فهو، في نظره، أسلوب معاكس. إنه يعني تقديم معزّز
سلبي (الضرب، التوبيخ، الصدمة الكهربائية...) ولذا فإن الآثار التي تتركها
الحالتان مختلفة. فإذا كان التعزيز يقوي إمكانية صدور الإستجابة المطلوبة،
فإن العقاب لا يقود حتماً إلى إضعاف إمكانية حدوث الإستجابة غير المرغوب
فيها.»( )

2- التطبيقات التربوية لنظرية سكينر:
أفكار سكنر وأطروحاته، أحدثت عدة تغييرات في التفكير التربوي
والبيداغوجي بصفة عامة. فإضافة إلى التعليم المبرمج والمعززات التي تقترحها
هذه النظرية فنجدها تقدم بعض محددات التعلم منها:
* محدد الإثارة وهو أن كل مضمون معرفي يجب أن تتوفر فيه شروط
قادرة على إثارة إهتمام وميولات وحوافز المتعلم سواء في محتواه أو تقديمه.

* محدد العرض النسقي للمادة ومعناه تفكيك وتقسيم المادة وفق وقائع
ومعطيات، مع ضبط العلاقات بين مكوناتها, ثم تقديمها وفق تسلسل متدرج
ومتكامل.
*محدد التناسب والتكيف أي أن المادة المقدمة للتلميذ يجب أن
تتناسب وقدرات المتعلم، ومناسبة لمستوى نموه من جميع النواحي (الذهني
والفسيولوجي...).
* محدد التعزيز الفوري كلما تم تعزيز الإستجابات الإجرائية الإيجابية عند المتعلم وقع التعلم بسرعة أكبر.
على العموم ما يمكن الإستفادة منه من هذه النظرية هو إضافة إلى ما قيل يمكن الإشارة إلى بعض النقاط منها:
- إستخدام التعزيز الإيجابي وفي الوقت المناسب في عملية التدريس.
- تحديد حجم السلوك المراد تشكيله وتسلسل الخطوات وتتابعها.
- ضبط المثيرات المنفرة وتقليلها حتى لا يزيد إستخدام أسلوب العقاب أو التعزيز السلبي.
- معالجة السلوكات غير المرغوب فيها لأن السلوك ما هو إلا نتيجة
عملية تعلم. لذلك كان مجال هذا العلاج من أكثر المجالات أهمية في تطبيق
مبادئ الإشراط حيث يمكن تعليم الأفراد ذوي المشكلات السلوكية المختلفة طرق
إضعاف أو إزالة السلوك غير المرغوب فيه.( )
- الإعتماد على التغذية الراجعة أي إخبار المتعلم بنتائج تعلمه في
الوقت المناسب أي بعد المحاولة مباشرة، خاصة بنوع الخطأ الذي إرتكبه فذلك
يساعده على كيفية تصحيح الخطأ وبذلك يسرع التعلم.

2- المدرسة الغشتالتية:
كلمة غشتالت GESTALT الألمانية، التي ليس لها مرادفا محددا سواء في
اللغة العربية أو الفرنسية مثلا تعني "الصيغة" أو "الشكل" أو الكل المتكامل
الأجزاء، أو "النمط" (pattern)، وهذا ما جعلها تحتفظ بهذا الإسم (غشتالت
أو جشطلت).
الجشطلت هو كل مترابط الأجزاء باتساق وإنتظام، حيث تكون الأجزاء
المكونة له في ترابط فيما بينها من جهة، ومع الكل ذاته من جهة أخرى؛ كل
عنصر أو جزء في الجشطلت له مكانته ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل.
فالجملة مثلا صيغة كلية والكلمات المكونة لها عناصرها والحروف عناصر فرعية،
فأي تغير في أي عنصر من عناصر الكل المتكامل يؤدي إلى تغير الصيغة، وهذا
الكل لا يساوي مجموع العناصر. أليست السيمفونية شيئا يختلف كل الإختلاف عن
مجرد مجموع الأصوات التي تصنعها مجموعة مختلفة من الموسيقيين عن طريق
مجموعة من الآلات الموسيقية في آن واحد وفي غرفة واحدة؟
الشيء الذي أدى إلى ظهور النظرية الجشطلتية والنظريات الأخرى المنافسة لها
يمثل الإعتقاد الراسخ بأن الصورة الآلية الإرتباطية الخاملة للنفس البشرية
لا تعبر بحق عن الطبيعة الفنية الخلاقة ذات الطبيعة المعقدة التنظيم
للعمليات والحوادث العقلية.( )
ظهرت هذه المدرسة في وقت أسرف فيه كثير من علماء النفس في تحليل
الظواهر النفسية إلى عناصر جزئية. كانوا يحللون الإدراك إلى إحساسات جزئية
وعملية التعلم إلى روابط عصبية، والشخصية إلى سمات مختلفة. غير أن هذه
المدرسة ترى أن الظواهر النفسية وحدات كلية منظمة وليست مجموعة من عناصر
وأجزاء متراصة. فالإدراك أو التعلم أو بناء الشخصية ليس كلاً كالحائط
المكون من قوالب ملتصقة بل كالمركب الكيميائي إندمجت عناصره بعضها في بعض.
ولو حللنا المركب إلى عناصره تلاشى المركب نفسه.
مؤسسو هذه المدرسة هم ماكس ورتايمر (MAX WERTHEIMER) (1880-1942م) وكورت
كوفكا (KURT KOFFKA) (1886-1941م) وولفانغ كوهلر (WOLFANG KOHLER) (1887-
1967م). إختارت المجموعة الإدراك ليكون موضوعاً لسلسلة من التجارب المخبرية
التي تولى ورتايمر الإشراف عليها وشارك فيها كوفكا وكوهلر كمفحوصين. وكانت
الظاهرة الإدراكية التي أطلق عليها ورتايمر ظاهرة فاي (PHI PHENOMEN)
الحلقة الأولى في تلك السلسلة. وكان هدفه معرفة الشروط التي تجعل الإنسان
يدرك الصور الساكنة وكأنها تتحرك.
كما إختارت هذه المدرسة حيوانات أخرى أكثر رقيا من الكلاب والقطط والفئران
التي كانت المدرسة السلوكية تعتمد عليها في تجاربها هذه الحيوانات هي
القردة.
من أهم ما قدمه علماء الجشتالت في مجال الإدراك هو تحديدهم لقوانين
المجال الإدراكي (الشكل والخلفية، التشابه، الإغلاق، التقارب، الإقفال،
الإستمرارية.) بالإضافة إلى أبحاثهم وتجاربهم في مجال التفكير والتعلم التي
أدت إلى الكثير من التطبيقات التربوية.
كما أنها أسلوب من أساليب العلاج النفسي الذي يدعى الجشطالت ويستخدم مبدأ المدرسة في معالجة المصابين بالإضطرابات العاطفية.
كما مهدت لنظريات أخرى في مجال التعلم وعلم النفس التربوي منها التعلم بالإكتشاف وحل المشكلات.

1- التعلم عند الغشطالط:
ركزت أبحاث وتجارب مؤسسو هذه النظرية، على موضوع الإدراك والإستبصار
كآلية أساسية في التعلم كما أشرنا لذلك. ومن بين التجارب الأولى التي أجريت
على القردة أن وضع كوهلر قردا جائعا وسط قفص ومعه عصا كبيرة وعلق له موزة
في القفص ولاحظ أن القرد تمكن من إسقاط الموزة باستعمال العصا بعد تفكير
وبعد أن سقط بصره على العصا، أي بعد أن أدرك أنه يمكنه إستعمالها، وفي
تجارب أخرى إستبدلت العصا بعصاتين وفي تجربة أخرى مثلا بصندوقين إذا وضع
القرد الصندوق فوق الآخر سيتمكن من أن يمسك بالموزة.
فإذا كان الإدراك يأتي غالبا كمرادف لمفهوم التعلم، فالإستبصار يأتي
كمرادف لدلالة العبارة الألمانية Insight التي تدل على النشاط الذهني للفرد
خلال عملية الإدراك أو التعلم.
وهو آلية من الآليات الذهنية التي لها علاقة كبيرة بعملية الإدراك أو التعلم. ولقد ميز الجشتالتيون، في إطارها، بين طريقتين:
- طريقة يقوم فيها الفرد المتعلم بسلوكات إستكشافية أولية ليتعرف إلى ما
تتضمنه الوضعية أو الموضوع من خصائص وعلاقات وعناصر، تتلوها فترة هدوء
مؤقتة يداهم فيها الحل الفجائي ذهن الفرد.
- طريقة يقوم فيها الفرد بمعالجة ممنهجة للوضعية أو الموضوع، بحيث يبدأ
بفرز عناصره ومكونات بنيته الكلية، لينتقل إلى بناء أو تكوين خطوات تساعده
على إيجاد حل للوضعية المشكلة التي يكون قد فكر فيها بإمعان وترتيب. في هذه
الطريقة يحاول المتعلم إكتشاف العلاقات الداخلية للوضعية، من خلال سلوكات
منظمة تستبعد المحاولات العشوائية.
ويقدم كوفكا وصفاً لمراحل تشكل الغشتالت على النحو التالي:
- إن ظهور الغشتالت هو نتيجة العلاقة بين الذات والموضوع (أو بين
موضوعين "أو أكثر" إذا كان الحديث يدور حول الصيغ والأشكال الطبيعية),
وإنحلال طرفي (أو أطراف) العلاقة فيه.
- عند ظهور الغشتالت (الصيغة) تبرز قوى أو قوانين جديدة وتبدأ بتوجيه الأجزاء.
- تعتبر العمليات الفيزيائية أساس تلك القوى أو القوانين.
ويرى كوفكا أن هذه القوانين هي صفة جميع الظواهر والحوادث الإجتماعية والطبيعية.( )
أما الإدراك فهو ليس تسجيلا بسيطا للمعلومات الواردة داخل المثيرات،
بل هو إستنتاج لما في البنية أو الجشتالت. وإعتبر الجشتالتيون الصيغة
الكلية للموضوع، المسؤولة الأولى في عملية تحقيق الإدراك وحدوثه، فالجشتالت
وحده يؤدي إلى إقامة العلاقات مع الشكل الكلي، وبالتالي يحقق عملية
الإدراك.
إنطلاقا من مختلف التجارب التي أجريت خاصة على القردة إنتهى كوهلر»
إلى أن التعلم لدى الكائن الحي لا يغير العلاقات عن طريق الإرتباط الشرطي
كما قال بافلوف ولا بواسطة المحاولة والخطأ كما ظن ثورندايك، بل هو يقوم
على أساس فهم الكائن الحي وإدراكه المفاهيم للعلاقات القائمة بين الأشياء
والمواقف التي يعيش فيها الكائن، بالضبط كما أدرك القرد العلاقة الموجودة
بين العصاتين الصغيرتين والتجويف الذي في إحداهما للحصول على الموزة
المعلقة. «( )
من خلال التجارب المختلفة توصلت هذه النظرية إلى تحديد جملة من الآليات
والشروط التي تتحكم في عملية التعلم وإبراز القوانين المتحكمة في الغشتالت
منها:
- قانون "الصورة والخلفية" المعروف، وقانون "إستبدال الوضع
(TRANSPOSITION)" الذي يتضمن الإستجابة على علاقات المثيرات، وليس على
المثيرات بحد ذاتها،
- قانون "الشكل الحسن"، أي حضور الشكل المميز بين جملة من الأشكال
الممكنة في الوعي. ويعكس هذا القانون نزعة الموضوع المدرك لأن يتخذ شكلاً
أحسن.
هذا القانون الإدراكي الأساسي فحواه أن التنظيم النفسي الإدراكي يميل إلى
الإتجاه دوماً نحو صيغة إجمالية جيدة أو شكل جيد نظراً لأن هذا الشكل يتميز
بالبساطة والإنتظام والثبات. لذا كان من خصائص التعلم الجيد أنه يتضمن
البساطة والدقة والتناسق.
- قانون "ثبات الشكل(CONSTANTE)" إذ يفسر بقاء أشكال الأشياء على حالها بصرف النظر عما يطرأ على ظروف إدراكها من تغيرات.
- "قانون التقريب" الذي يجسد عندهم، نزعة الفرد إلى توحيد الأشياء
والموضوعات المتجاورة في الزمان والمكان، أي أن تقارب الأشياء من بعضها
مكانياً مثلا يساعد على إدراكها كمجموعة أو مجموعات.
- "قانون الإغلاق" الذي يكتسي أهمية خاصة في نظرهم. فهو يؤلف
محاولة لتفسير نزعة الفرد إلى سد الثغرات في موضوعات إدراكاته، والربط يبن
أجزائه المتباعدة وتوحيدها في صيغة واحدة.
فالأشكال الكاملة أو المغلقة أكثر ثباتاً من الأشكال الناقصة أو المفتوحة
لأن هذه الأشكال تميل إلى أن تكمل نفسها وتكون صيغة كلية في الإدراك الحسي،
ويصدق هذا على التعلم حيث نجد أنه طالما كان النشاط ناقصاً فإن كل موقف
يؤدي إلى النشاط يصبح مرحلة إنتقالية بالنسبة للمتعلم، كما أن الأشكال
والمواقف غير المكتملة تولد التوتر.
ما أراده الغشتالتيون بهذه القوانين وغيرها هو أن الفرد ينزع إلى
إدراك الأشياء بصورة كلية ومتوازنة وحسنة بفعل العمليات الفسيولوجية
الفطرية التي يقوم بها الدماغ. فالصورة ندركها كاملة ولو تخلّلتها فجوات أو
ثغرات أو حتى إذا كانت مجرد خطوط متقطعة. كما ننزع إلى الربط (الإغلاق)
بين النقاط الموجودة أمامنا على الورقة وإدراكها كشكل هندسي. ونؤلف بين
الأشياء القريبة بعضها إلى بعض في صورة كلية.( )
هذه القوانين لا تنطبق على الإدراك البصري فحسب، بل ترى أنها تصلح لتفسير
الأنواع الأخرى من الإدراك والعمليات النفسية العليا كالتفكير والتذكّر.

2- التطبيقات التربوية لنظرية الغشتالت:
التعلم هو عملية اكتشاف للبيئة وللذات، كذلك يعني إكتشاف طبيعة
الحقيقة أو معرفة ما هو حقيقي. والتعلم متعلق بإدراك ما هو حاسم في أي موقف
من المواقف أو معرفة كيف تترابط الأشياء والتعرف على البنية الداخلية
للشيء الذي على المرء أن يتعامل معه.
والشيء الذي نتعلمه يتواجد أولا في الإدراك أو المعرفة قبل أن ينتقل إلى
الذاكرة، فمن هنا فإن فهما ما في الذاكرة يتطلب فهم المدخلات الأساسية التي
يبنى عليها الفهم.
وعملية إحداث الأثر في الذاكرة، وهو ما يقابل الأحداث المدركة أو المعروفة،
هذه العملية هي التي تجعل التذكر أمرا ممكنا وإذا لم تدرك الشيء في المقام
الأول، فمن الواضح أنك لن تستطيع أن تتذكر أي شيء عنه. أما كيف تدرك شيئا
ما فهو الأمر الذي يؤثر تأثيرا مباشرا في كيفية ترميزه في الذاكرة. وهكذا
فمن البديهي القول إن ما هو موجود في الذاكرة لا بد من أن يكون قد قدم بشكل
محسوس أو مدرك أو معروف. و بهذا فالإدراك يحدد التعلم.( )
هذه النظرية لو إعتمدنا وطبقنا القوانين التي جاءت بها فيمكن الإستفادة منها في عدة نواحي منها:
- فمادام الكل يسبق الأجزاء ففي ميدان التربية والتعليم فعرض موضوع
التدريس في جملته وتوضيح النظرة العامة وبعد ذلك التطرق إلى أجزائه يساعد
على فهم الوحدة الكلية للموضوع.
- كذلك إتباع الطريقة الكلية أي البدء مثلا في التعليم بالجمل عوضا عن
الكلمات والحروف يكون أحسن بالنسبة للتلميذ، فالحرف لا معنى له بالنسبة
للطفل المبتدئ أما الجملة فإن لها مدلول ومعنى يسهل على الطفل إدراكه.
- لو إعتمدنا على قانون الثبات والإقفال مثلا فإن الحقائق (الجمل،
الأفكار، الكلمات..) الناقصة، والمعلومات غير المرتبة سيميل الفرد إلى
إكمالها وترتيبها في ذهنه وبذلك يتخلص من القلق الذي تثيره هذه الحقائق
المشوهة (غير الكاملة).

3- نظرية التعلم بالملاحظة:
ظل علم النفس يبحث في أسباب السلوك (الحيواني والإنساني) وتقصي
المثيرات البيئية الخارجية التي ترتبط بالقدرة على الإستجابة عند الكائن
الحي ولماذا تتم هذه الإرتباطات، أو نحو تقصي القوى الدافعة، أو المسيرة
الداخلية الرئيسة التي تجعل الحيوان والإنسان يتصرفان على النحو الذي
يتصرفان به، ليأتي موقف بديل يؤكد على أهمية العاملين الداخلي (المتعلق
بالمتعلم) والخارجي (المتعلق بالمحيط) والتفاعل المتبادل حتى وإن كان هناك
إختلاف حول كيفية حدوث هذا التفاعل المتبادل.
وقد صُور هذا الاتصال أو هذه النظرة الثالثة بطرق ثلاثة تختلف إختلافا أساسيا.
- أول هذه الإختلافات تكمن في النظرة إلى الفرد والبيئة كما لو كانا
كيانين مستقلين يتحدان بطرق مختلفة لإحداث النتاج السلوكي. ويمكن تمثيل هذا
الاتحاد بالمعادلة: (P,E) B=F وهذا يمثل الفكرة القائلة: إن السلوك (B)
هو دالة للمتغيرات الذاتية المستقلة (P) والمتغيرات البيئية المستقلة (E)،
لتصبح المعادلة على الشكل التالي: (P--E) B=F
- يصور الطريق الثاني التفاعل بين طرفي المعادلة والنظر للفرد وللبيئة
كسببين معتمدين على بعضهما البعض لإحداث الأثر السلوكي، وليس كأسباب مستقلة
عن بعضها البعض وتتمثل هذه الخطة على النحو التالي: (P_E) B=F

- أما الطريق الثالث يتصور السلوك والمحددات الفردية والبيئية كما لو
كانت جميعها نظاما متشابكا من التأثيرات المتبادلة أو المتماثلة لتصبح
المعادلة بهذا الشكل:

الشكل رقم (7) محددات السلوك
وراء إفتراضات الكثير من أبحاث التصميم العاملي الذي تحلل فيه
المقاييس السلوكية لتحديد كم من التباين السلوكي يكون نتيجة للخصائص
الفردية، وكم من التغير نتيجة لأوجه التغيرات الموقفية، وكم من نتيجة
للتفاعل بين الإثنين معا.
عند النظر إلى هذه المصادر الرئيسية الثلاثة من المحددات، فلا تعطى
لأي منها أي مكانة متميزة على حساب المصدرين الآخرين، رغم أنه في بعض
المواقف فإن أيا من العوامل الثلاثة قد تبرز كمؤثر مسيطر. ويقول باندورا إن
هذا هو موقفه هو، أو ما يسمى بالحتمية المتتبادلة.( )
يعود تاريخ نشأة نظرية التعلم بالملاحظة إلى بداية الستينيات، عندما
قدم زعيمها ألبرت باندورا (Albert BANDURA) بحثاً إلى ندوة نبراسكا
(Nebraska) بعنوان "التعلم الإجتماعي من خلال المحاكاة ("SOCIAL LEARNING
THROUGH IMITATION") (1962). ونشر بالإشتراك مع أحد طلابه وهو ريتشارد
ولترز (R. WALTERS) كتاباً تحت عنوان "التعلم الإجتماعي ونمو الشخصية"
(SOCIAL LEARNING AND PERSONALITY DEVELOPMENT)" (1963). ولم تتخذ أبعادها
وتكتمل محاورها كنظرية إلا بعد مضي أكثر من عقد من الزمن، أي في نهاية
السبعينيات.
فبعد أن أشار الباحثان إلى كتاب ميللر ودولارد "التعلم الإجتماعي والتقليد"
وما إحتواه من فرضيات تستثير الفكر، سجلا حقيقة ذات مغزى تطوري وتاريخي،
حيث قالا: "وقد تطلب الأمر عشرين سنة أخرى كي تصبح المحاكاة مشكلة نظرية
ومشكلة بحث على قدر كبير من الأهمية وقد تحول محور إهتمام رئيسي من محاور
البحث من تحليل التعلم القائم على المحاكاة إلى تحليل التعلم بالملاحظة.
وهذا النوع من التعلم يتصدى إلى قضايا إكتساب الإستجابات الجديدة."( )
يُنظر إلى التأثيرات المحددة على أساس أنها إحتمالية في طبيعتها أكثر
من كونها الحتمية السببية، محددات السلوك هذه يمكن تمثيلها في الشكل
الموالي رقم (8)

الشكل رقم(8) محددات السلوك

لعوامل الشخصية
(التوقعات، المعتقدات، الإدراكات الذاتية، الأفكار، التفضيلات،...)

هو شكل مثلث والعوامل الشخصية وُضعت في رأس المثلث المقلوب لما لها من
أهمية حسب باندورا. العمليات المعرفية التي تعتبر نظما تمثيلية رمزية، عادة
ما تتخذ شكل الأفكار والصور الذهنية، وتلعب دورا مركزيا في نظرية باندورا
إذ تتحكم في سلوك الفرد والبيئة، وفي الوقت ذاته محكومة لذلك بسلوك الفرد
والبيئة. على كل حال كل هذه العناصر متأثرة ومؤثرة بعضها في بعض.
»في الحتمية المتبادلة فإن السلوك الإنساني هو وظيفة المحددات السابقة
المتعلمة واللاحقة المحددة. وكل مجموعة محددات تحتوي على متغيرات هي في
طبيعتها معرفية إلى حد كبير، وإن لم تكن كذلك بصورة مطلقة. وهذه الأشكال من
أشكال المعرفة تحدث من خلال ملاحظة الإنسان لنتائج سلوكه هو و/ أو من
ملاحظته لسلوك الآخرين وهكذا فإن مصدرين رئيسيين للتعلم هما نتائج
الإستجابات (التعلم بالعمل) وما ظل حتى الآن يدرس بصورة تقليدية تحت عناوين
مختلفة مثل المحاكاة (أو التقليد)، والعمليات الإبدالية النموذجية، أو
التعلم القائم على الملاحظة (التعلم بالملاحظة).» ( )
أما فيما يخص المحددات السابقة للسلوك» هي تلك التأثيرات المعقدة التي تحدث
قبل قيام السلوك، وتشمل المتغيرات الفسيولوجية والعاطفية، والأحداث
المعرفية مثل التوقعات والترقبات، والآليات الفطرية للتعلم أما المحددات
التالية فتشمل أشكال التعزيز (التدعيم) أو العقاب التي قد تكون خارجية في
طبيعتها. أو داخلية، أو حثا ذاتيا.» ( )
نموذج التعلم بالملاحظة يقوم على إفتراض أن الإنسان ككائن إجتماعي
يتأثر بإتجاهات الآخرين ومشاعرهم وتصرفاتهم أي بسلوك الآخر. ونتعلم
الإستجابات الجديدة ﻟﻤﺠرد ملاحظة سلوك الآخرين. هؤلاء الناس الآخرون
يعتبرون من الناحية التقنية نماذج، وإكتساب الإستجابات من خلال مثل هذه
الملاحظة يسمى الإقتداء بالنموذج وهذا الإقتداء يكون عن طريق الملاحظة التي
تقتضي الإنتباه.

1- الانتباه والتعلم:
من بين التجارب التي قام بها باندورا في إحدى رياض الأطفال هي أنه قام بتقسيم الأطفال إلى خمس مجموعات كما يلي:
1- شاهد أفراد المجموعة الأولى رجلا يعتدي جسديا ولفظيا على دمية كبيرة بحجم الإنسان مصنوعة من المطاط مملوءة بالهواء.
2- أفراد المجموعة الثانية شاهدوا نفس الأحداث مصورة في فيلم سينمائي.
3- أفراد المجموعة الثالثة شاهدوا هذه الأحداث العدوانية نفسها لكن في فيلم كرتوني.
4- أفراد المجموعة الرابعة لم يشاهدوا أيا من هذه الأحداث وإعتبروا كمجموعة ضابطة
5- أفراد المجموعة الخامسة شاهدوا شخصا مسالما غير عدوانيا.
ثم وضع كل طفل من هذه المجموعات الخمس إلى وضع مشابه للوضع الذي شاهد فيه
سلوك النموذج وقامت مجموعة من الملاحظين بالمراقبة، من وراء زجاج نافذة ذو
إتجاه واحد، إستجابات كل طفل للوضع الذي هو فيه وتسجيل الإستجابات
العدوانية. وبينت نتائج الدراسة أن متوسط الإستجابات العدوانية للمجموعات
الثلاثة الأولى (التي شاهدت الموقف العدواني) يفوق بكثير متوسط إستجابات
المجموعتين (الرابعة والخامسة).( )

2- آثار التعلم بالملاحظة:
هي بما يسميها أيضا باندورا التعلم بالمحاكاة ويقترح على الأقل ثلاثة أنواع من آثار هذا التعلم بالملاحظة:
1- تعلم سلوكات جديدة: عندما يقوم النموذج بأداء إستجابة جديدة فإن
الملاحِظ يحاول تقليدها، والنموذج ليس بالضرورة أن يكون حيا حقيقيا، بل
يكون في التمثيلات الصورية، والرمزية الموجودة في الأساطير والكتب والأفلام
والحكايات الشعبية وغيرها، كل ذلك يقوم بوظيفة النموذج الحي.
2- الكف والتحرير: ملاحَظة النموذج تؤدي إما إلى تحرير بعض
الإستجابات التي كانت متاحة من قبل في رصيد الشخص الملاحِظ وإما إلى الكف
وتجنب أداء بعض السلوكات.
3- تسهيل ظهور إستجابات: هي الإستجابات التي تقع في حصيلة الملاحظ
السلوكية فالأمر لا يستدعي إكتساب إستجابة جديدة بل يساعد على إزالة الخوف
ومنع الكف.
والواقع أن آثار النماذج لا تقتصر على مجرد المحاكاة علما أن عمليات
الإنتباه لها محددات والإنسان لا ينتبه لكل الحوادث التي تحصل في الحياة.
ووفقا لما قاله باندورا هناك على الأقل متغيران رئيسيان، بالإضافة إلى
الدافعية، يؤثران على هذه العملية. الأول يرتبط بخصائص النموذج، ويرتبط
الثاني بخصائص الفرد الملاحظ.
فالنماذج التي تهتم بحاجات الأشخاص الذين يقومون بالملاحظة، والتي تقدم
غالبا مكافأة لهؤلاء الملاحظين هي التي يتم إنتقاؤها من قبل الملاحظ، بينما
يجري تجاهل تلك النماذج التي تنقصها مثل هذه الخصائص، ونتيجة لذلك فإن
الأفراد الملاحظين لابد من أنهم يتعلمون بالملاحظة من النوع الأول أكثر من
النوع الثاني.
وخاصية أخرى من خصائص الأشخاص الملاحظين التي تؤثر على الإنتباه هي مستوى
النمو (فالأطفال الأكبر سنا لديهم مدى إنتباه أطول من الأطفال الأصغر سنا.
وبالإضافة لذلك فالأطفال الأكبر سنا قد يعرفون متى ينتبهون ومتى لا ينتبهون
للنموذج.)

3 - التطبيقات التربوية:
- هذه النظرية تساعد على مراجعة أساليب نمذجة السلوك والتنشئة
الإجتماعية ومراجعة الأدب التربوي والنفسي والإنتباه لأهمية وتنوع مصادر
المعرفة سواء بالنسبة للمتعلم أو المعلم ذاته، باختيار النصوص التربوية
مثلا والشخصيات التاريخية المدروسة ومآثرها.
- التعلم بالملاحظة يساعد على إكساب سلوكات جديدة نتيجة ملاحظة
النماذج التي يعايشها التلميذ سواء من خلال الزملاء أو المعلمين أو النماذج
التي يقرأ عليها في النصوص المدروسة مثلا ويشاهدها في الأفلام والأقراص
المضغوطة، ولذا فمراقبة هذه النماذج يعتبر أمرا مهما لكل من يقف عمله على
التربية والتعليم.
- إذا كانت عملية النمذجة هي نسخ سلوك آخرين مهمين للمتعلم مثلا فان مراعاة التعزيز في العملية التربوية يعتبر أمرا ضروريا.
- تساعد عملية التعلم بالملاحظة في تعلم العادات الإجتماعية أي ثقافة المجتمع وإكساب اللغات.
- التلميذ الذي يتعامل مع معلمين (نماذج) مختلفين يساعده ذلك على زيادة خبراته غير المباشرة.

المحور الثالث:
دافعية التعلم

مـقدمة
I - معنى الدافعية أنواعها وظيفتها وأهميتها في التعلم.
II - دافعية الانجاز في المجال الدراسي.
III - العوامل المؤثرة في قوة الدافعية للتعلم.

مقدمة:
"ما الذي يسبب السلوك ؟" سؤال كان ولا يزال محور إهتمام، ليس علماء
النفس فحسب، بل كل واحد منا. وليس من السهل الإجابة عنه وتحديد مختلف
العوامل المحددة للسلوك لأن هناك أكثر من سبب واحد وراء كل سلوك. هذه
الأسباب ترتبط بعوامل مختلفة متشابكة وليس من السهل الإحاطة بها وتحديدها
ودراستها، فمنها ما يتعلق بحالة الكائن الحي الداخلية وقت حدوث السلوك من
جهة، ومنها ما يتعلق بمثيرات البيئة الخارجية من جهة أخرى. بمعنى أننا لا
نستطيع أن نتنبأ بما يمكن أن يقوم به الفرد في كل موقف من المواقف إذا
عرفنا منبهات البيئة وحدها، وأثرها على الجهاز العصبي وعرفنا حالته الصحية،
بل لابد أن نعرف شيئا عن حالته الداخلية، كأن نعرف حاجاته وميوله
وإتجاهاته، ورغباته، وما يسعى إلى تحقيقه من أهداف. هذه العوامل وغيرها
مجتمعة هي ما تسمى (بالدوافع). لذا ينظر إلى الدوافع عادة على أنها
المحركات التي تقف وراء سلوك الإنسان والحيوان على حد سواء. هذا الموضوع
يهم كل واحد منا.
إن الكثير من العاملين في الميدان التربوي والمهتمين بشؤون الأبناء
من الآباء والأمهات يواجهون عدم وجود رغبة التعلم في كثير من الأحيان لدى
المتعلمين نحو التعلم وعدم إستمرار هذه الرغبة، هذا الإتجاه السلبي الملاحظ
والذي يقلق المعلمين والآباء قد يؤدي في نهاية المطاف إلى التسرب من
الدراسة أو إلى الضعف الدراسي الذي يشتكي منه الجميع.
ومما يزيد من أهمية موضوع الدافعية هو عندما نعرف أن الإرتباط بين
الذكاء والتحصيل الدراسي ليس بالعامل الوحيد المحدد للنجاح لأننا كثيرا ما
نجد بعض المتعلمين (الطلاب) قدراتهم الذهنية منخفضة ورغم ذلك يتميزون
بتحصيل دراسي عال، ونرى متعلمين آخرين من ذوي الذكاء المرتفع ولكن تحصيلهم
الدراسي منخفض، وغالبا ما يكون العامل المسؤول في مثل هذه الحالات هو
إرتفاع أو إنخفاض الدافعية للتحصيل.
من أجل ذلك كل ما يبذل من جهد في فهم دوافع الطلاب نحو التعلم يعد من
مؤشرات نجاح المعلمين والتربويين عامة في أداء مهمتهم التربوية، وما يهمنا
هنا أننا نضع أيدينا على بعض الجوانب التي من خلالها يمكن التعرف على موضوع
الدافعية للتعلم حتى نتمكن من أداء مهامنا كمعلمين وأولياء ومهتمين
بالتربية والتعليم، لأن فهم موضوع الدافعية ولو جزئيا سيزيد من فعاليتنا في
ميدان العمل.

1- معنى الدافعية أنواعها وظيفتها وأهميتها في التعلم:
كما هو معلوم نشاط الفرد توجهه وتحركه "طاقة" التي يعبر عنها
بمفردات "كالدافع" أو "الدافعية" »وعلى الرغم من محاولة البعض التمييز بين
المفهومين، فإنه لا يوجد حتى الآن ما يبرر مسألة الفصل بينهما. ويستخدم
مفهوم الدافع كمرادف لمفهوم الدافعية، حيث يعبر كلاهما عن الملامح الأساسية
للسلوك المدفوع -وإن كانت الدافعية هي المفهوم الأكثر عمومية-. «( )
كذلك فإن أي نشاط يقوم به الفرد لا يبدأ أو لا يستمر دون وجود دافع،
وليس من الثابت أن نجد كل المتعلمين (الطلاب) مدفوعين بدرجة عالية أو
متساوية، أو أن نجد نفس مستوى الدافع من بداية النشاط إلى نهايته، وهذا ما
يجب أن يعرفه الآباء والمربون في الميدان التربوي والذين يرغبون دائماً أن
يجدوا كل متعلم مهتماً بالدراسة ويميل إليها.
في البداية نود أن نشير أن كلمة Motivation ("دافعية") فجذورها هي كلمة
Movere اللاتينية التي تعني الحركة والدفع. ولقد قدمت عدة تعريفات لهذا
المصطلح والتي نحاول أن نورد البعض منها:
- أبرهام ماسلو (A.H. Maslow) الذي يعرف الدافعية بأنها خاصية ثابتة،
ومستمرة، ومتغيرة، ومركبة، وعامة تمارس تأثيرا في كل أحوال الكائن الحي.
- ستايتس (Staats) يرى بأنها تشريط إنفعالي لمنبهات محددة ومركبة، يوجهها مصدر التدعيم.
- أما هب (Hebb) فيعرفها بأنها أثر لحدثين حسيين هما الوظيفة المعرفية
التي توجه السلوك، ووظيفة التيقظ أو الإستثارة التي تمد الفرد بطاقة
الحركة.( )
كما أن للدافعية بعض المفاهيم المرتبطة بها مثل الحاجة التي تشير إلى
شعور الفرد لافتقاد شيء والتي هي حالة تنشأ لدى الكائن الحي لتحقيق الشروط
البيولوجية أو السيكولوجية اللازمة المؤدية لحفظ بقاء الفرد. والحافز الذي
يشير إلى العمليات الداخلية الدافعة التي تصحب بعض المعالجات الخاصة بمنبه
معين التي تؤدي إلى إصدار السلوك. والباعث الذي يشير إلى محفزات البيئة
الخارجية المساعدة على تنشيط دافعية الأفراد. أو الهدف الذي هو ما يرغب
الفرد في الحصول عليه، ويؤدي في الوقت نفسه إلى إشباع الدافع. وغيرها من
المفاهيم. لتبقى الدافعية في حقلها الدلالي ذات تعريفات مختلفة ومفردات
متنوعة تعبر عن نفس الغرض وهو تلك الحالة من الإستثارة التي تدفع بالفرد
للقيام بسلوك ما. أو ذلك الجانب السيكولوجي للحاجة.
ومن الواضح أن الدافعية لا يمكن ملاحظتها مباشرة، وإنما نستدل عليها من
الآثار السلوكية التي تؤدي إليها، لتبقى القوة الذاتية التي تحرك سلوك
الفرد وتوجهه لتحقيق غاية معينة يشعر الكائن الحي بالحاجة إليها أو
بأهميتها العادية (المادية) أو المعنوية (النفسية).

أ- أنواع الدافعية:
هناك عدة تصنيفات للدوافع منها:
* التصنيف الذي يميز بين: الدوافع الوسيلة التي يؤدي إشباعها إلى
دوافع أخرى والدوافع الإستهلاكية التي وظيفتها هي الإشباع الفعلي للدافع
ذاته.
* التصنيف الذي يميز بين الدوافع الأولية والثانوية:
أ‌- الدوافع (الحاجات) الأولية ويطلق عليها الفطرية أو
الوراثية، أساس هذه الدوافع يرجع إلى الوراثة التي تتصل إتصالا مباشراً
بحياة الإنسان وحاجاته الفسيولوجية الأساسية، وأهم أنواع هذه الدوافع دافع
الجوع والعطش والأمومة والدافع الجنسي.
ب‌- الدوافع الثانوية: ويطلق عليها الدوافع المكتسبة أو
الإجتماعية أو المتعلمة، وتنشأ نتيجة تفاعل الفرد مع البيئة والظروف
الإجتماعية المختلفة التي يعيش فيها.
كل من هذه الدوافع له أثره على الإنسان ولا يمكن التقليل من أثر أي من هذه الدوافع على حساب الدوافع الأخرى.
* أما ماسلو فقد قدم تقسيما للدوافع بستة مستويات كما يبنه الشكل الموالي رقم (9)

(9) هرمية ماسلو للحاجات


حاجات
المعرفة
والـفـهــم

حاجات تحقيق
الـذات


حـاجـات تـقدير الـذات


حــاجــات الـحب والانـتـماء

الحــــاجــة للأمــــــــن

الحــاجـات الفـســـيـولــوجـــــية


الحاجات الفسيولوجية هي أساس كل الحاجات لأن حياة الكائن الحي متوقفة
عليها والمتمعن لنمو الإنسان يجد أن هذه الحاجات تتنوع بزيادة العمر
والإندماج في المجتمع إذ نجدها »تمتد على مراحل نموه الفردي. فالحاجات
الفسيولوجية تحتل مكان الصدارة في سلوك الوليد. وما أن يكبر قليلاً حتى
يصبح الأمن بالنسبة له أكثر أهمية وحيوية. وبعد مرور بعض الوقت يتجه بنشاطه
نحو إقامة صلات متعددة مع الآخرين، ثم إلى تقويم ذاته وتقديرها. وعندما
يصير مراهقاً تبدو على مظاهر سلوكه تأثيرات الحاجة إلى تحقيق الذات. ويزداد
شأن هذه التأثيرات شيئاً فشيئاً إلى ما بعد سن الرشد.» ( ) ولقد أكد ماسلو
على أهمية الحاجة إلى تحقيق الذات فكتب يقول: »حتى عندما تشبع هذه الحاجات
جميعاً، فإن بوسعنا، مع ذلك، أن نتنبأ في الغالب (إن لم يكن على الدوام)
إذا لم يقم الفرد بعمل ما أعد له بأنه سرعان ما ينشأ عدم رضا وقلق جديدان.
ولكي يكون الموسيقار منسجماً مع نفسه يتعين عليه أن يبدع الموسيقى، وعلى
الفنان أن يرسم، وعلى الشاعر أن ينظم الشعر. إن على الإنسان أن يكون من
يمكنه أن يكون. ولعل بالإمكان أن ندعو هذه الحاجة إلى تحقيق الذات... فهي
تعني رغبة الإنسان في أن يحقق ذاته، بل وسعيه لكي يصبح من بوسعه أن يكون.» (
)

ب- وظائف الدافعية:
تلعب الدافعية الدور الأهم في مثابرة الإنسان على إنجاز عمل ما،
وتحقيق الأهداف وضمان حفظ الذات والبقاء، لذا كانت للدافعية عدة وظائف نذكر
منها:
1- إستثارة السلوك: هي التي تحث الإنسان على القيام بسلوك
معين، مع أنها قد لا تكون السبب في حدوث ذلك السلوك، وما يشترط فيها هي أن
تكون في المستوى المتوسط لتحقيق نتائج إيجابية. لأن المستوى المنخفض من
الدافعية يؤدي في العادة إلى الملل وعدم الإهتمام، كما أن المستوى المرتفع
عن الحد المعقول يؤدي إلى إرتفاع القلق والتوتر. »وعلى أساس أن الدافعية في
شكلها العام ما هي إلا صورة من صور الإستثارة فقد إتضح أن تعبئة الكائن
بدرجة شديدة قد يؤدي إلى تشتته. ولهذا فان زيادة الدافعية فوق حد أمثل يعوق
الأداء أكثر مما ييسره.«( )
2- تحديد مستوى الطموح: إذ تؤثر في نوعية التوقعات التي يحملها
الناس تبعاً لأفعالهم ونشاطاتهم؛ وبالتالي فإنها تؤثر في مستويات الطموح
التي يتميز بها كل واحد منهم. والتوقعات بالطبع على علاقة وثيقة بخبرات
النجاح والفشل التي كان الإنسان قد تعرض لها.
3- توجه السلوك: الدافعية تؤثر في توجيه سلوكنا نحو المعلومات
المهمة التي يتوجب علينا الإهتمام بها ومعالجتها، وتدلنا على الطريقة
المناسبة لفعل ذلك حيث تعمل كخطط حتى وإن كانت تتأثر بالعوامل الداخلية
الخاصة بالفرد كمستوى الذكاء والخبرة السابقة وقيم الفرد، أو بالعوامل
الخارجية كالظروف العامة المحيطة وما يوفره المحيط الإجتماعي مثلا.
4 - تحسين الأداء: الدافعة تساعد على تركيز الإنتباه في اتجاه
واحد وحول نشاط معين حسب اللزوم ومقتضيات الظروف، فالطلبة المدفوعين
للتعلم هم أكثر الطلاب تحصيلاً وأفضلهم أداءً مما يؤدي إلى تحسن أداء الفرد
لأنه مدفوع لذلك، وغيرها من الوظائف.

ج- أهميتها في التعلم:
تعتبر إثارة ميول المتعلمين عند التعلم أو لأداء معين وإستخدام
المنافسة بقدر مناسب بينهم من الأمور الهامة التي تستخدم لتحقيق الأهداف
التربوية والتعليمية. (مع مراعاة قدرات وإستعدادات المتعلمين) لأن دفع
المتعلم إلى القيام بأداء مهام لا تتناسب مع قدراته وإمكانياته لاشك أنه
يؤدي إلى التعثر والإحباط نحو التعلم.
لذلك يمكن للمعلم أن يعمل على رفع مستوى طموح المتعلمين بدرجة تعادل درجة
إستعدادهم وميولهم وقدراتهم نحو الأنشطة المختلفة حتى يتسنى للمتعلمين
النجاح والإستمرارية في الأداء وعدم التعرض للإحباط.
علما كذلك أن علينا أن لا ننسى الفروق الفردية ودورها في إنجاح الإنجاز
في التعلم حيث أن المتعلمين يختلفون من حيث القدرات والإستعدادات كما هم
يختلفون بالأوصاف الجسمية.
كذلك نود أن نشير هنا أن هناك مصادر متعددة لدافعية التعلم منها:
أ- مصادر خارجية: منها محيط التعلم أو الأداء والإنجاز والمعلم أو
إدارة المدرسة أو أولياء الأمور أو حتى الأقران. فقد يُقْبِل المتعلم على
التعلم سعيا وراء إرضاء المعلم وكسب إعجابه أو إرضاءًً لوالديه والحصول على
تشجيع مادي أو معنوي منهما.
ب- مصادر داخلية: أي المتعلم نفسه حيث يقدم على التعلم مدفوعا برغبة
داخلية لإرضاء ذاته وسعيًا وراء الشعور بمتعة التعلم وكسب المعارف مثلا.
وهذه المصادر هامة إذ لها الدور الأساسي في تحديد مستوى الدافعية وتوجيهها.

ويعد المعلم الوسيط التربوي المهم الذي يتفاعل مع تلامذته أطول ساعات
يومهم, ويكون "ممثلا" للسلطة وصورة للمجتمع ومثال المستقبل ومصدر المعرفة
في أعين تلامذته خاصة إذا تعلق الأمر بمتعلمين مازالت شخصيتهم في "طور
الإنجاز"، ومحركا للنشاط، لذلك يستطيع إحداث تغيرات وتعديلات في سلوكهم
أكثر من أي شخص آخر, ولهذا فانه يُؤمل أن يكون فاعلا, نشطا, مخططا, منظما,
مسهلا, ومثيرا لدافعيتهم للتعلم. كل ذلك يكون عن طريق الممارسات التي يقوم
بها كل معلم فتسهم في زيادة الدافعية أو على العكس تدنيها، خاصة إذا علمنا
أن الحاجة للإنجاز متوافرة لدى جميع الأفراد ولكن بمستويات متباينة، وقد لا
يبلغ مستوى هذه الحاجات عند بعض المتعلمين لسبب أو لآخر حتى يتمكّنوا من
تحقيق الأهداف وبذل الجهود اللازمة. لذلك يترتب على المعلم توجيه إنتباه
خاص لهؤلاء الطلاب، وخاصة عندما يظهرون سلوكاً يدل على عدم رغبتهم في أداء
أعمالهم المدرسية.
لذلك فإن تكليف ذي الحاجة المنخفضة للإنجاز والنجاح بمهام سهلة نسبياً
مثلا، يمكن أن يؤدي إلى إستثارة حاجة الطالب للإنجاز وزيادة رغبته في بذل
الجهد والنجاح؛ لأن النجاح يمكّنه من الثقة بنفسه وقدراته، ويدفعه لبذل
المزيد من الجهد.
دون أن ننسى الدور الهام للمدرسة كذلك في تقوية أو إضعاف دافعية الطفل
للدراسة والتعلم. فالمدرسة أحيانا لا تلبي حاجات الأطفال أو ميولهم الخاصة,
وقد لا يجدون فيها ما يجذب إنتباههم ويشدهم إليها مما يؤدي إلى إنخفاض
دافعيتهم للتعلم.
تحمِل البيئة المدرسية بدءا من المبنى المدرسي نفسه جزءا من المسؤولية،
علاوة على نظامها الدراسي ومحتوى البرامج بما يضمه من عدد الحصص التدريسية
في اليوم، أو كثرة التقويمات، وتتابع الإمتحانات أو حتى إنعدام هامش الحرية
المتاح أمام تلامذتنا في ممارسة الأنشطة أو إبداء الرأي في هذا النظام
وأساليبه إلى إحساس المتعلم بأنه في سجن داخل أسوار ورقابة.
2- دافعية الإنجاز في المجال الدراسي:
الدافعية للإنجاز حالة متميزة من الدافعية العامة، وتشير إلى حالة
داخلية عند المتعلم تدفعه إلى الإنتباه للموقف التعليمي والإقبال عليه
بنشاط موجه، والإستمرار فيه حتى يتحقق التعلم.
تعد الدافعية للإنجاز مكونا أساسيا يسعى وراءه الفرد ليحقق من خلاله
ذاته، وحتى وإن كانت لم تذكر في سلم الدوافع التي صنفها ماسلو فإنها أحد
الدوافع النفسية الإجتماعية المتأثرة بالعديد من العوامل الثقافية
والإجتماعية.
الدافعية للإنجاز لها عدة تعريفات منها أنها إستعداد ثابت نسبيا في
الشخصية يحدد مدى سعي الفرد ومثابرته في سبيل تحقيق وبلوغ نجاح يترتب عليه
نوع من الإرضاء. وذلك في المواقف التي تتضمن تقييم الأداء في ضوء مستوى
محدد من الإمتياز.( ) كما عرفها أحمد عبد الخالق بأنها الأداء على ضوء
مستوى الإمتياز والتفوق أو الأداء الذي تحدثه الرغبة في النجاح. ( )
كما أوضح فاروق موسى أن الدافع للإنجاز هو الرغبة في الأداء الجيد وتحقيق
النجاح. وهو هدف ذاتي ينشط ويوجه السلوك، ويعتبر من المكونات الهامة للنجاح
المدرسي.( )
بمعنى آخر يتمثل دافع الإنجاز (التحصيل، التعلم،...) في الرغبة في القيام
بعمل جيد، والنجاح في ذلك العمل. وهو ما يمكن تسميته بالسعي نحو التميز
والتفوق. والناس يختلفون في المستوى المقبول لديهم من هذا الدافع، فهناك من
يرى ضرورة التصدي للمهام الصعبة والوصول إلى التميز، وهناك أشخاص آخرون
يكتفون بأقل قدر من النجاح.
على العموم ه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wessam.gid3an.com
zinab
نائبة المديرVice Administrator
نائبة المديرVice Administrator
zinab


عدد المساهمات : 4698
نقاط : 7895
تاريخ التسجيل : 20/01/2008

بطاقة الشخصية
تربوي:

 علم النفس التربوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم النفس التربوي    علم النفس التربوي I_icon_minitimeالثلاثاء نوفمبر 20, 2012 9:16 am


جدول الاتصال لفلاندرز
كـلام الـمـعـلم غـير مـبـاشر

1) تقبل مشاعر المتعلمين
على المعلم تقبل مشاعر المتعلمين بأسلوب مرن كقوله: أنا
أشاطرك الرأي، هذا المشكل يستحق الاهتمام به. تقديرات يمكن إعطاؤها لو أردنا تقييم حصة للأستاذ بالاعتماد على هذا الجدول
1 2 3 4
10
2) التقديرات والتشجيعات
على المعلم تقدير وتشجيع المتعلمين لحثهم على المبادرة كقوله:
هذا جيد، هذا رائع، عمل يستحق التشجيع.
3) تقبل وجهة نظر المتعلمين
المعلم يستمع بتأني لأفكار المتعلم ليستعملها أو ليغيرها، قوله
هذه الفكرة سنستعملها لاحقا أو في الدرس كذا.
4) طرح الأسئلة للمتعلمين
الأسئلة تكون حول موضوع الدرس والهدف هو حث التلاميذ
على الإجابة
مـبـاشـر 5) الشرح
المعلم يقدم الدرس مع الشرح بواسطة أسئلة يجيب عنها هو نفسه
6) النصائح و الأوامر
يقدم المعلم النصائح و يعطي الأوامر وينتظر الامتثال والتطبيق كأن يطلب من التلميذ قراءة نص
7) نقد المعلم لتلامذته
نقد الأستاذ لسلوك متعلم بهدف تغير هذا السلوك
كـلام الـمتـعـلم 8) استجابة المتعلم
تشتمل على كل استجابات المتعلم للأسئلة التي يطرحها الأستاذ
9) مبادرة المتعلم
التلميذ يبدي رأيه يطلب رأيا دون أن يطلب ذلك الأستاذ
10) الهدوء أو الفوضى
السكوت أو الفوضى داخل القسم هي علامة عن انقطاع
الاتصال: الإجابة الجماعية لسؤال الأستاذ


ب- العوامل المؤثرة في الإدارة الصفية:
يمكن إستعراض العديد من العوامل المؤثرة في الإدارة الصفية لكن يمكن حصرها في مجموعة من العناصر التي يمكن تلخيصها في ثلاثة جوانب رئيسية، إذا تحكمنا فيها تحكمنا في إدارة الصف هذه العوامل منها ما يتعلق: بالمعلم، ومنها ما يتعلق بالمحيط المادي وبالنشاطات التعليمية الصفية، ومنها ما له صلة بالمتعلم ذاته.
التعليم قبل كل شيء هو عملية تواصل وتفاعل دائم ومتبادل ومثمر بين المعلم وتلاميذه أنفسهم, لذا كان التفاعل الصفي كما اشرنا لذلك هو محرك لعملية التعليم ويتوقف بدرجة كبيرة على إتقان المعلم لمهارات التواصل والتفاعل الصفي, علما أن نشاطات المعلم في غرفة الصف هي نشاطات لفظية بالأساس من أهدافها، إلى جانب توصيل المعرفة، إثارة الدافعية للتعلم لدى التلاميذ وهذا يتوقف على مختلف قدرات المعلم ونشاطاته من تنظيم الدروس وتحديد الأهداف وربط علاقات ودية مع المتعلمين والإحترام المتبادل، ذلك الجو العاطفي الذي يسمح للمتعلمين بإبداء آرائهم ويمنحهم الأمن والطمأنينة والثقة بحيث لا يشعرون بالأذى نتيجة رفض مقترحاتهم أو نتيجة تقديم إستجابات خاطئة، ذلك يساعد المعلم على الوصول إلى أعلى مستويات العمل من ناحية التلاميذ، كما يساعد شخصياً في إدارة الصف بسلاسة ويسر.
كذلك هذا التواصل إذا حدث في جو إنساني فإن هناك جو مادي (فيزيقى) له دوره الأساسي ويمكن التحكم فيه بيسر كحجم حجرة الدراسة، ونوعية المقاعد، والتهوية، والإضاءة، أي البعد عن مختلف عوامل التشتيت، لأن توفر العوامل المريحة هو تهيئة الأرضية وضمان التواصل الفعال.
المتعلم مهم كذلك لأن قدرته ونموه العقلي ومسايرته مع المواد والمواضيع المُدرّسة لها أثرها على الإدارة. له دور لا يستهان به خاصة وأن طريقة التعليم الحديثة تركز على المتعلم أو ما يصطلح عليه بعملية التعلم الذاتي أو المقاربة بالكفاءات. للمتعلم دور كبير في التعلم الصفي الفعال إذ نجده يشارك في التخطيط للتعلم، يناقش، يستوضح بعض جوانب الخبرة، يتبادل الأدوار مع المعلم لتحقيق التعلم القيادي، يرصد المعارف ويحاجج. كما يلعب أدوارا مختلفة مع زملائه إذ في موقف ما يكون مخطط لعملية التدريس وموجه لها، متسائل، مجيب، كما يمارس نشاطات التعلم الذاتي ويتحمل نتائج أعماله الصفية.
لكن نحن هنا نركز على العوامل الإنسانية بالدرجة الأولى ويتمثل ذلك في الجو العام بين المعلم والتلميذ داخل غرفة الدراسة، هذه العوامل يمكن حصرها في:
أولا: » الجو الإنفعالي العاطفي الإجتماعي الذي يسود داخل غرفة الصف.
ثانيا: مشاركة الطلبة بشكل أو بآخر في إدارة الصف الدراسي.
ثالثا: التفاعل بين أطراف العملية التعليمية (المعلم/ الطلبة).
رابعا: التماسك بين أطراف الموقف التدريسي.
خامسا: مطالب العمل داخل غرفة الصف الدراسي.» ( )
ويستمر الجو العاطفي بعد تكوينه داخل غرفة الدراسة إذا ما إستطاع:
- أن يساعد المعلم كل متعلم على الشعور بحرية المشاركة في المناقشة.
- أن يزيل المعلم التوتر الذي ينتاب بعض التلاميذ (تزعزع الثقة في النفس وفي الأستاذ، غموض الأهداف، صعوبة الفهم.)
- أن يشارك المعلم بثقله في حل الصراعات الشخصية التي قد تنشأ بين بعض التلاميذ.
- أن يتقبل كل من المعلم والتلميذ أفكار الآخر.
- أن تتسم العلاقة بينهما بالثقة وحسن التقدير.

III - الأدوار الأساسية للمعلم داخل الصف:
أدوار المعلم بصورة عامة تحددها الفلسفة التربوية والنصوص القانونية المحددة لعملية التعليم، أما إذا تعلق الأمر بدوره في إدارة الصف فذلك يتوقف على مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية، أي المادية والمتعلقة بفلسفة التربية السائدة في المجتمع، لذا كان الدور مختلف ومتنوع بحسب التدرج في المستوى التعليمي ومراحل التعليم والمجتمعات. حتى أن المفردات التي نستدل بها على القائم بمهمة التدريس مختلفة، إذ نجد عبارة "المعلم"، "المدرس"، "المربي"، "الأستاذ"، "المرشد"، ونتكلم عن "موظف" وزارة التربية. كلما إختلفت العبارات إختلفت كذلك دلالاتها أي الأدوار التي يقوم بها. غير أن »مهنة التعليم تُحدَّدُ أولا ليس بنشاط التعليم لكن بواسطة النشاطات التعليمية للتلاميذ. مثله مثل الطبيب الذي لا يمارس مهنته إلا من أجل أن يعالج بطريقة أحسن مرضاه، مثله مثل الصحفي الذي لا يتحرى المعلومة إلا من أجل أن يخبر بصورة جيدة قراءه، فالأستاذ لا يدرس إلا بهدف أن يسمح للتلاميذ أن يتعلموا. » ( )
ومهما إختلفت فلسفة التربية من البراغماتية إلى المثالية والوجودية أو الماركسية الشيوعية أو الإسلامية وغيرها فتبقى للمعلم أدوار أساسية يقوم بها داخل القسم، كتلقين المعلومات وتوصيل المعارف (الذهنية أو اليدوية الأدائية أو الأخلاقية) وحفظ النظام والمحافظة على المجتمع وتراثه واستمراره وغيرها. » ماهية التعليم تغيرت، لكن الفعل التعليمي بقي يسير، بين معلم والتلاميذ في الميكرو- نظام للقسم بواسطة الخطاب البيداغوجي.» ( ).
ورغم هذه الإختلافات في التربية وتنوع أهدافها وتنوع الأدوار التي يلعبها المعلم فإننا يمكن تحديد دورين أساسين له داخل قسم الدراسة:
» 1- دور الملاحظ لتقدم نمو التلاميذ وسلوكهم، وملاحظة بيئاتهم وفهمها، وتحديد الأجواء المحيطة بهم والتعرف عليها.
2- دور المرشد أو الموجه للتلاميذ، ليساعدهم على بناء مفهوم إيجابي عن أنفسهم.» ( )
ليبقى المعلم "الجيد" هو ذلك الذي يهتم بإدارة شؤون صفه من خلال ممارسته للمهمات التي تشتمل عليها هذه العملية بأسلوب يعتمد على مبادئ العمل التعاوني والجماعي بينه وبين تلاميذه في إدارة هذه المهمات وتحقيق الأهداف التعليمية.
ومن أبرز المجالات نذكر:


1- المهمات الإدارية العادية في إدارة الصف: وما لها من أهمية في حفظ النظام وضبط الصف المدرسي كتفقد الحضور والغياب وتأمين الوسائل والمواد التعليمية وكل ما من شأنه يضمن سير العملية التعليمية بسهولة ويسر.
2- المهمات المتعلقة بتنظيم عملية التفاعل الصفي وإثارة الدافعية: نظرا لأهمية التفاعل الصفي في عملية التعليم كون هذا الأخير هو عملية تواصل وتفاعل دائم ومتبادل ومثمر بين المعلم وتلاميذه أنفسهم, فإتقان المعلم مهارات التواصل والتفاعل الصفي, هو إتقان لإدارة الصف خاصة إذا علمنا أن التعليم الحديث يركز في الأساس على المتعلم، والمعلم الذي لا يتقن هذه المهارات يصعب عليه النجاح في مهماته التعليمية، إضافة إلى قدرة المعلم على إثارة الدافعية للتعلم وذلك من خلال توفير والمحافظة على مختلف مصادر الدافعية.
3- المهمات التقويمية: لا يمكن أن تتم أية عملية إلا إذا كانت محل فحص وتنقيب ومراجعة ونقد. المهمات التقويمية (التقييمية) المعروفة لا تتوقف على تقويم المعلم للمتعلم فقط (إعطائه علامة أو تقدير لينجح أو يرسب في نهاية السنة) بل تقويم الذات الفاعلة، فالمعلم بحاجة لمراجعة عمله أي طريقته في التدريس من حين لآخر والآثار التي تركها، لأن ذلك يساعده على تحسين أدائه وتصحيح الأخطاء التي يقع فيها. كذلك إعطاء الفرصة للمتعلم لتقييم ذاته بنفسه.
هي مهمات ليست جامعة لكن ما نود أن نشير إليه هنا، وهو عنصر مهم في تحديد مهمات المعلم، هو وعي المعلم بأدواره، فان ذلك سينعكس لا محالة إيجابا على نجاحه المهني. إن إدراكنا للدور الذي نقوم به ووعينا بمهمتنا الأساسية تجعل منا أفرادا نعرف ما نقوم به ونجيده ونتمتع بأدائه ونحاول في كل مرة أن نحسن منه. لتبرز هذه الصفات الدالة على نجاح الفرد المهني نجد ذلك في معارفه المتوسعة والمتجددة والمسايرة للمواقف التعليمية والعصر، في اتصالاته الحسنة بين تلامذته وزملائه والإدارة وأولياء التلاميذ، في إنفعالاته المتزنة وحياته الإجتماعية داخل المؤسسة التعليمية ولِمَ لا خارجها.


IV- الاتصال والتواصل في الإدارة الصفية:
العملية التعليمية هي تواصل واتصال قبل كل شيء، لذا كان ومازال الاتصال من المواضيع التي يجب أن نوليها الأهمية الكافية حتى نحسِّن في كل مرة من أدائنا التربوي، فمهما كان لدينا من المخزون المعرفي ومهما كانت قدراتنا المعرفية فإن لم نعرف كيف نوصلها للمتعلم فانها بالطبع ستتعثر مما يؤثر سلبا على التعلم.
عموما يعرف الاتصال على أنه عملية يتم عن طريقها إنتقال المعرفة (معلومة، خبر...) بواسطة لغة من شخص لآخر، بحيث تؤدي إلى حدوث نوع من التفاهم بين هذين الشخصين أو أكثر مما يترتب عليه تعديل السلوك. وهذا الشخص ليس بالضرورة الأستاذ بل مختلف النماذج التي يمكن الإعتماد عليها لتوصيل الخبر (المعلومة).
الاتصال من الناحية التربوية هو عملية تحدث في الموقف التعليمي بين جميع الأطراف والعناصر لتنظيم التعليم. و»يمكن النظر إلى كون عملية التعليم وعملية التعلم وعملية التربية والمنهاج التربوي الظاهر منه والخفي على أنها أنماط التواصل. والتواصل نفسه هو عملية ولكن لبناء منظومة من الرسائل (الأهداف التعليمية) بقصد إحداث إنماء فكري محدد (تعلم مفهوم أو مبدأ أو حقيقة أو مهارة) أو تهذيب عاطفة (عادة أو إتجاه أو قيمة).» ( ) هذا التواصل يحدث بأشكال مختلفة »أي أن التواصل هو كل ما يقال ويكتب ويقرأ وكل ما يحدث من حركات أو أفعال أو إيحاءات وأعمال تعزز التعاون والتفاعل بين المشتركين فيه أو تعبر عن عدم الرضى والغضب والنفور أحيانا. ويؤدي التعديل أو التغيير في أنماط التواصل تغيرات في محتوى وطرائق التعليم. فهناك نمط تواصل يشجع على الحفظ وآخر يشجع على التفكير والمحاكمة والإستدلال وهكذا.» ( )

أ- عناصر الاتصال وفعاليته:
مخطط الاتصال المعروف لجاكوبسون (Jakobson , Roman ) (1896- 1982) المتمثل في الشكل الموالي رقم (15) يوضح لنا المكونات الأساسية لكل عملية اتصال.
شكل (15) يمثل مخطط الاتصال لجاكوبسون

هي عناصر أساسية في كل اتصال.
المرسل يرسل رسالة إلى المرسل إليه، هذه الرسالة تتحدث عن موضوع، وكي تصل الرسالة إلى المتكلم إليه يستعمل في ذلك رمزا (لغة شفوية أو رموز أخرى أو إشارات وإيماءات)، هذه الرسالة تمر عبر قناة (أو وسيلة اتصال ما). ويمكن أن يكون المرسل هو المرسل إليه كما في حالة التحدث إلى النفس. وغياب أي عنصر سوف يحدث خللا في الاتصال.
هذا عن الاتصال بصورة عامة أما فيما يخص الاتصال في غرفة الدراسة فيمكننا تصور العناصر الأساسية للاتصال على الشكل الموالي:

شكل (16) يمثل عناصر الاتصال داخل غرفة الصف

المرسل: الذي هو المعلم أو التلميذ نفسه نظرا لتبادل الأدوار داخل غرفة الدراسة لأن لكل واحد فكرة يريد طرحها.
المستقبل: هم التلاميذ وكذلك المعلم.
الرسالة: وهي مجموعة من المعلومات والمهارات والخبرات والقيم والعادات والإستفسارات تتبادل بين طرفي عملية الاتصال، من صفاتها مناسبة لمستوى المرسل إليه وتلبي حاجاته مثلا.
الوسيلة: وهي كل ما يساعد على توصيل الرسالة، وتقبلها: من مختلف وسائل التدريس المادية (الكتاب المدرسي ومختلف الأدوات) إلى الكلمة الشفوية والمكتوبة إلى الحركات وتعابير الوجه وحتى نبرات الصوت.
التغذية الراجعة: مهمة جدا وشرط من شروط الاتصال الفعال لأن معرفة النتائج التي توصل إليها المتعلم تزيد من الجهد، ومعرفة الأخطاء التي إرتكبها ونوعها تعزز عملية التعلم إذ تساعده على تفهم المواقف التعليمية مما يزيد من تحسين نتائج التعلم.
كل ذلك وغيره يحدث داخل محيط فيزيقي ونفسي- إجتماعي من حجرة ومقعد مريح وإضاءة كافية ودافعية ورغبة في العمل وتفاعل صفي وصحة نفسية وقدرة عقلية وقيم إجتماعية مثلا.

ب- العوامل المؤثرة في فعالية الاتصال:
تتوقف فعالية الاتصال على عدة عوامل أو مقومات مختلفة تتعلق بكل عنصر من عناصر الاتصال المبينة في الشكل رقم (15) كالراحة النفسية البدنية لكل من المرسل والمرسل إليه والمكان والجو المناسب وأهمية الخبرات التي تُقدم ووضوح الرسالة والقدرة العقلية والتمكن من المادة المُقدمة وغيرها.
من المقومات التي نريد أن نركز عليها في غرفة الدراسة هي العلاقات الإنسانية التي إن إستطعنا التحكم فيها وتهيئة الجو المناسب فإننا نتحكم في الاتصال، لأن العوامل المادية يمكن التغلب عليها بأية طريقة، غير أن الأجواء النفسية- الإجتماعية إذا ما كانت متدهورة فإنه مهما كان المحيط المادي مريحا فإن عملية الاتصال سوف تكون مبتورة: ما الفائدة إذا كانت الدراسة في غرفة مكيفة والأجواء النفسية مكهربة؟
ومن هذه العوامل والتي تبدوا لنا أساسية نذكر:
* الإصغـاء (الإنصات): الإنصات يبدأ بالإستعداد لسماع قول الآخرين، هو الإهتمام بما يقوله الآخر وذلك يعنى أن ما يريد قوله الآخر مهم عندي، فاستيعاب الرسائل التي يعبر عنها خاصة التلميذ بطريقة لفظية وغير لفظية تعد أول خطوة لزرع الثقة بين الأستاذ والمتعلم، وبالتالي خلق رغبة ودافعية للتعلم عنده لأن بناء العلاقات الإنسانية يبدأ من الإنصات الجيد، كيف أعرف مشكلات التعلم إن لم أنصت للمتعلمين!؟ كيف أنصت جيدا للفرد وأنا لدي أفكار مسبقة عنه أو عما يقول!؟
الإنصات هو تحمل أقوال الآخر حتى و إن كانت غير مطابقة لأفكاري ومعتقداتي، حتى وإن كانت خاطئة.
فإذا ما أشعرت المتعلم بأن ما يقوله غير مهم فإن ذلك سيكون مثبطا لهمته.
* الشـرح: لابد من أن تصاغ الرسالة بلغة واضحة حتى يسهل على الآخرين فهمها، ويتطلب ذلك أن يكون مضمون الرسالة واضحا في ذهن المرسل (المعلم) قبل أن يبدأ بعملية الاتصال بحيث يبدأ بتنظيم أفكاره وتوضيح المفهوم نفسه، وأن لا تكون أوامره وتعليماته غامضة أو متضاربة. أما إذا تعلق الأمر بغموض أفكار التلميذ فعلى الأستاذ إعادة صياغة الأفكار الغامضة عند المتعلم بطريقة يسهل على الجميع فهم المقصود وبالتالي التدرج في المعارف. وحتى نوضح ونوصل أفكارنا للمرسل إليه فإضافة إلى الأسلوب السهل والكلمات المناسبة للموضوع وللمستوى الذهني فإنه يمكننا الإعتماد على لغة الإشارة والتي يقصد بها الوسائل غير اللفظية مثل حركات الجسم والإيماءات، وحركات العينين واليدين، وطريقة الجلوس والمشي، التي يكون لها في بعض الأحيان تأثير أقوى من الرسائل اللفظية.
* التخطيط الجيد للأنشطة التعليمية وتنفيذها: وهي في مجملها إجابات على بعض الأسئلة كقولنا:
- ما هي المهارات والمفاهيم والإتجاهات التي سيتعلمها التلاميذ؟
- ما هي المهام والأنشطة التي يمكن أن تحقق التعلم الأفضل؟
- وما هي الوسائل المساعدة على ذلك؟
- وكيف تنفذ الخطة؟
- كيف يمكن التأكد من تعلم التلاميذ؟

* التفاعل الصفي: هذا التفاعل الصفي هو في الواقع نتيجة للعوامل التي سبق ذكرها لأنه يتكون نتيجة الاتصالات المختلفة، وتبادل الآراء، والتفاعل فيما بين أطراف العملية التعليمية، أهميته تكمن كذلك في كونه يساعد على تحسين مستوى التعليم ويقلل من هيمنة الأستاذ ويعطي الفرصة للمتعلم لإبداء الرأي والتعبير عن أفكاره وإثرائها. هو خلق جو للتعلم الذاتي.

V- مشكلات الإدارة الصفية:
لا تمر دوما العملية التعليمية كما خُطط لها بل في الغالب ما تتعثر وتتأخر نظرا لتعقد العملية من جهة وتعقد الظاهرة الإنسانية. للإدارة الصفية مشكلات مصادرها مختلفة: من المشكلات ما ينتج عن سلوك المعلم مثل عدم التحكم في المادة المقدمة، أو عدم التخطيط الجيد للدرس، أو عدم مراعاة الفروقات الفردية مثلا، أو حتى من مواقفه الشعورية واللاشعورية كحساسياته المؤثرة سلبا على المتعلم وردود فعله الزائدة للمحافظة على النظام في القسم، أو سرعة سير المعلم في إعطائه للمواد التعليمية دون إعطاء فرصة إلتقاط الأنفاس بين الفترة والأخرى للمتعلمين، وقد يقع في ذلك الأستاذ رغبة منه في إنهاء البرنامج مثلا، أو عن النشاطات التعليمية الصفية كتكرارها، غموضها أو عدم مسايرتها للمستوى الذهني للمتعلم أو من تركيب الجماعة الصفية الجو التنافسي السائد، والتباين الكبير في المستويات بين المتعلمين، غياب الإستعداد وشيوع الإحباط والعدوى السلوكية، أي إنعدام الدافعية كما أشرنا لذلك. وغيرها من المصادر المختلفة. كالملل والضجر الناتج مثلا عن شعور المتعلم بالرقابة والجمود في الأنشطة الصفية، أوالإحباط والتوتر إذ هناك أسباب تدعو لشعور المتعلم بالإحباط في التعليم الصفي لذلك تحوّله من متعلم منتظم إلى متعلم لا مبالي وحتى مشاكس منها مثلا التركيز على العمل الفردي الصعب والذي ليس في متناول معظم المتعلمين، أو ميل المتعلم إلى جذب الإنتباه فقد يعجز المتعلم على النجاح في فهم الدرس أو بعض الدروس فيلجأ إلى بعض السلوكات لجلب الإنتباه داخل الصف.

* أساليب معالجة المشكلات الصفية:
1 - أساليب الوقاية: هو أحسن أسلوب حيث أن أسهل المشاكل السلوكية التي يتعامل معها المعلم هي التي يمكن تجنبها بوضع قواعد للنظام الصفي وصياغة تعليمات صفية منذ البداية، وجعل المتعلمين مندمجين بأعمال مفيدة.
2 - إستخدام التلميحات غير اللفظية: وذلك باستخدام النظر إلى المتعلمين الذين يقومون بسلوك مزعج أو التحرك نحوهم مثلا للفت إنتباههم إلى مجريات الحصة.
3- إذا لم تنجح التلميحات في إيقاف السلوك المخل بالنظام فإن إستخدام تذكيرات لفظيه يمكن أن تعيد هذا التلميذ للمسار الصحيح والإنتظام مع زملائه في إكمال النشاط، وينبغي أن يركز المعلم على السلوك وليس على المتعلم.
4 - مدح السلوك الجيد: حيث يمدح المعلم السلوك المرغوب فيه الجيد بهدف إيقاف السلوك الذي لا ينسجم مع سلوكيات المتعلم الجيدة.

المراجع:
1- بدر الدين عامود، علم النفس في القرن العشرين (ج.1)، منشورات اتحاد الكتاب العرب دمشق– 2001.
2- كامل محمد محمد عويضة، علم النفس، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1416هـ.- 1996م.
3- محمد زياد حمدان، الدماغ والإدراك والذكاء والتعلم، دار التربية الحديثة، عمان- الأردن، 1406-1986.
4- مصطفي ناصف، نظريات التعلم، ترجمة: د.علي حسين حجاج مراجعة: د. عطية محمود هنا، عالم المعرفة، سلسلة كتب يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، أكتوبر1983.
5- مصطفي ناصف، نظريات التعليم، دراسة مقارنة، ج.2. ترجمة، على حسين حجاج، عالم المعرفة، سلسلة كتب يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت 1986.
6- نبيل عبد الهادي وآخرون، التفاعل الصفي، دار قنديل للنشر والتوزيع، عمان، ط.1. 2003.
7- سامي محمد ملحم، سيكولوجية التعلم والتعليم: الأسس النظرية والتطبيقية، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، ط.2، 2006.
8- سارنوف وآخرون، التعلم، ترجمة محمد عماد الدين إسماعيل، مراجعة محمد عثمان نجاتي، دار الشروق، ط.3، 1409هـ - 1989م.
9- عبد المجيد كركوتلي، بافلوف أبحاثه في الجهاز العصبي والتعلم والتدريب وظواهر أخرى، مطبعة الهلال، ط.3 1986.
10- عبد اللطيف محمد خليفة، الدافعية للإنجاز، دار غريب للطباعة والنشر- القاهرة، 2000 .
11- عدنان يوسف العتوم وآخرون، علم النفس التربوي: النظرية والتطبيق، عمان، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الأولى، 2005.
12- صالح محمد علي أبو جادو، علم النفس التربوي، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة-عمان، الطبعة الأولى، 1998.
* المعاجم:
1- معجم علم النفس والتربية، ج.1، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، 1984.

* المواقع الإلكترونية:
- الموقع الإلكتروني للدكتور عبد الله المقبل :

* مراجع باللغة الأجنبية:

- Michel Develay, Peut-on former des enseignants? ESF Editeur, Paris, 1994.
2- Marguerite ALTET, La formation professionnelle des enseignants, Paris, PUF, 1994.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wessam.gid3an.com
 
علم النفس التربوي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي :: قسم التربية الخاصة Special Education Department-
انتقل الى: