[
b]
أثر البيئة في تعزيز التحصيل الدراسي لدى الطلاب
تأليف : مُنيرة بنت خميس بن حمد المعمَريّة المقدّمــــــــــــة
غالبا ً ما تكون نتائج التحصيل الدراسي التي يحصل عليها الطالب ... تكون مؤشّرا ً هاما ً يعطينا صورة سلبية أو إيجابية عن طبيعة بيئات الطالب المؤثرة في تحصيله الدراسي بشكل مباشر ، والتي ساعدته على الحصول على نتيجة ما ، في زمان ومكان ما .
إن تفحص عملية التحصيل الدراسي بنظرة تحليلية وما يرتبط من عوامل عديدة تؤثر فيها وترتبط بها لها الأهمية القصوى, ذلك أن بمعرفة هذه العوامل وآثارها على التحصيل الدراسي يمكن معرفة ما يعوق تلك العملية وبالتالي دراسة الطرائق والأساليب المناسبة لتفادي المعوقات والوصول بالتحصيل الدراسي إلى أقصى حد ممكن. ولما كان من الطبيعي أن أي إصلاح تربوي يجب أن يبدأ بمحاولة رصد الواقع بانجازاته ونواحي قصوره كان عليه أن يواكب التطور في التربية تطورا مماثلا في رفع الأداء الدراسي للوصول إلى مستوى عال مرتفع من التحصيل العلمي للطلاب.
وفي اجتماعيات التربية يكثر استعمال جملة الظروف والمؤثرات الاجتماعية المباشرة كالأسرة ... في تأثيرها على التفوق أو القصور الدراسي على اعتبار أنهما لا يظهران في عزلة عن تلك السياقات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية...التي تشكل المناخ التربوي العام المساعد لإفراز التفوق أو القصور الدراسي. ونقصد بالمناخ في معناه الواسع ذلك الوسط المباشر والتأثيرات الاجتماعية والنفسية والثقافية والتعليمية التي يعيش فيها التلميذ ويتأثر بها.
إلا أن أهم المناخات وأكثرها تأثيرا على التحصيل الدراسي هو المناخ المجتمعي الأسري بحيث أن مستوى ثقافة الأسرة وإمكاناتها ومدى قدرتها على مساعدة الطالب في تحصيله الدراسي,وكذلك توفر المناخ الأسري المهيأ للتحصيل والقائم على التفاعلات الايجابية بين التلميذ ووالديه وأخوته فضلا عن الرعاية والتوجيه الايجابي الأسري للأبناء كلها ظروف وعوامل وجودها يؤدي إلى تحقيق التفوق.
وفي مسح أجراه كولانجيلو و دوتمان Colangelo & Dutmak حول الدراسات التي تعرضت لأسر الطلاب المتفوقين مع الاهتمام بخصائص هذه الأسر والعلاقة بين الآباء والأبناء خلالها , وقد تبين أن اسر الطلاب المتفوقين تتميز بتشجيع الاهتمامات والنشاطات الإبداعية وإعطاء الحرية الكافية للأبناء في اتخاذ قراراتهم وباتجاه ايجابي من قبل الوالدين نحو المدرسة والمدرسين والنشاطات العقلية وبمشاركة الوالدين في بعض النشاطات اللامنهجية او المنهجية للأبناء.
وقد أوضح بعض الباحثين أن التنشئة المجتمعية القائمة على تشجيع الأبناء على الاستقلال المبكر عن الوالدين يؤدي إلى تنمية الطموحات المبكرة عند الأبناء والى تحقيق تفوق دراسي في المراحل المتقدمة من التعليم وخاصة التعليم الجامعي.
وعن أهمية المستوى الاجتماعي –الاقتصادي وأثره على الانجاز المدرسي, أشار بيكر Becker(1970) إلى ضرورة عزل اثر المستوى الاجتماعي- الاقتصادي عند دراسة اثر المتغيرات المختلفة في التحصيل الدراسي وهكذا يعطي بيكر أهمية للمستوى الاجتماعي والاقتصادي في التحصيل الدراسي إذ يأتي التلاميذ في المدرسة من مستويات اقتصادية اجتماعية متباينة ومن أوصاف ثقافية متعددة ولاشك انه ترتبط بكل مستوى من هذه المستويات قيم وأنماط وسلوك واتجاهات متمايزة ولا شك أيضا في أن انتماء الطفل إلى مستوى اجتماعي- اقتصادي معين يؤثر بصور مختلفة في الظروف التي تحيط به في المدرسة وفي العلاقات التي تنشا بينه وبين زملاءه بل في دافع الانجاز والتحصيل.
مُشكلة البحث:
إن التحصيل الدراسي بحدّ ذاته قضية ٌ تحتاج منّا الوقوف عليها من زوايا عدّة ، كونه ذا أبعاد مهمة تعطينا مؤشرات واضحة على مستقبل الدارسين .
ولقد زاد في الوقت الحاضر الاهتمام بالدراسات والبحوث التي تناولت البحث في أثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من العوامل الأخرى في التحصيل الدراسي فبدأ الباحثون التربويون والنفسيون وعلماء الاجتماع بالبحث في الخلفية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للطلبة ، لمعالجة المشكلات التي تنجم عنها ومحاولة تجاوزها ، والتكيف مع الظروف التي تطرأ على العملية التربوية لرفع مستوى تحصيل الطلبة في المواد الدراسية. ويعتبر التحصيل الدراسي جانباً من جوانب كثيرة يظهر فيها دور المجتمع والأسرة واهتمامها وخاصة عندما تكون ذات مستوى تعليمي معين .
كما أن احد سمات نواتج التعليم في البلدان العربية هو تدني التحصيل المعرفي بمعناه الشامل. ومن هنا فان ظاهرة القصور الدراسي- والذي نتجت عنه إعادة الصفوف و الانقطاع عن التعليم...- من أكثر المشكلات التعليمية التي يعاني منها التعليم العربي كما ورد في التقرير الإحصائي لمنظمة اليونسيف أن عدد التلاميذ المعيدين للصف الدراسي بلغ عام 1995 في عشر دول عربية 1,036,110 وهذا ينم عن تدن في نوعية التعليم حيث تشير اغلب الدراسات أن هذا التدني في مستوى التحصيل الدراسي على مستوى التعليم يعود لعدد من العوامل, ولكن أهم هذه العوامل هي العوامل الاجتماعية والتي لم تعطَ حقها في دراساتنا التربوية.
أسئلة البحث:
السؤال الرئيس : ما أهم عوامل البيئية الاجتماعية المرتبطة بالتحصيل الدراسي؟
وهناك تساؤلات أخرى مرتبطة بهذا السؤال هي :
1 . ما مدى تأثيرالمجتمع المدرسي في تحصيل الطالب ؟
2 . ما المتغيرات الاجتماعية المرتبطة ببناء الأسرة ؟
3- ما المتغيرات الاجتماعية المرتبطة بالمستوى التعليمي ووسائله المتوفرة ؟
4 . - ما المتغيرات الاجتماعية المرتبطة بالتنشئة الاجتماعية ؟
5- ما المتغيرات الاجتماعية المرتبطة بالمستوى الاجتماعي الاقتصادي؟
أهداف البحـــــث:
يهدف البحث إلى الإجابة عن الأسئلة التالية :
1 ـ سيحاول تقديم صورة قريبة عن البيئة المحيطة بالطالب ، ومدى فاعليتها في الطالب وتحصيله الدراسي .
2- سيحاول تحديد أهم المتغيرات الاجتماعية المرتبطة بالتحصيل الدراسي.
3 . سيهدف إلى تحديد اثر المتغيرات الاجتماعية على التحصيل الدراسي والاستبعاد الاجتماعي.
4 . انه سيحاول الكشف عن أشكال علاقات القوة والاستقطاب الاجتماعي وأثرها في تحديد نوعية التعليم والتحصيل الدراسي وبالتالي نواتج التعلم.
التحصيل الدراسي ( مفهومُه وأهدافه )
مفهومه :
التحصيل الدراسي هو إتقان جملة من المهارات والمعارف التي يمكن أن يمتلكها الطالب بعد تعرضه لخبرات تربوية في مادة دراسة معينة او مجموعة من المواد .
ويمثل مفهوم التحصيل الدراسي قياس قدرة الطالب على استيعاب المواد الدراسية المقررة ومدى قدرته على تطبيقها من خلال وسائل قياس تجريها المدرسة عن طريق الامتحانات الشفوية والتحريرية التي تتم في أوقات مختلفة فضلاً عن الامتحانات اليومية والفصلية .
أهدافــــه :
وللتحصيل الدراسي أهداف منها :
1 - تقرير نتيجة الطالب لانتقاله إلى مرحلة أخرى .
2 – تحديد نوع الدراسة والتخصص الذي سينتقل إليه الطالب لاحقا.
3 – معرفة القدرات الفردية للطلبة.
4 – الاستفادة من نتائج التحصيل للانتقال من مدرسة إلى أخرى .
وقد أكدت البحوث على وجود علاقة وظيفية بين التحصيل الجيد والاتجاهات الموجبة نحو المدرسة وينعكس كذلك على سلوك الطلبة نحو المدرسة والتعليم ويسهم في تعديل التوافق النفسي والاجتماعي للطلبة.
أن للوضع الاجتماعي والاقتصادي للطالب الأثر الكبير في التوجه نحو التحصيل الدراسي وكذلك موقع المدرسة ونوعها الذي يؤثر ايجابيا في العلاقة بين الطالب والمعلم أو المدرس.
وسنحاول التركيز على مدة الدراسة الثانوية كونها مدة دراسية متوسطة بين سنوات الدراسة وتقع ضمن المدة العمرية المتمثلة بالمراهقة وهي مرحلة نمو الطالب وما يصاحبها من سلوكيات قد يغفلها البعض من المدرسين مما يتطلب وجود الأخصائي أو الباحث الاجتماعي .
وتأتي أهمية المرحلة الدراسية في المدرسة من جانبين :
1 – الإعداد العام للحياة .
2 – الإعداد العلمي لمواصلة التعليم الجامعي .
ويمكن أن يضاف إلى الجانبين ما يأتي:
1 – المراهقة والتغيرات الجسمية أو السلوكية .
2 – الارتباط بمشاكل المجتمع .
3 – المرحلة العبورية .
4 – التنمية الاجتماعية والتطور الحضاري .
العوامل المؤثّرة في التحصيل العلمي للطّالب :
ليس باستطاعتي تحديد العوامل المؤثرة في التحصيل العلمي لدى الطالب بدقة متناهية فأغلب الدارسين يؤكّدون أنّ أكثر من 75 % من العوامل المؤثرة في تحصيله هي أسباب مجهولة ، لكنني أقف ُ على العوامل البيئية وأخصّ منها البيئة الاجتماعية ( الأسرة ـ المدرسة ـ المجتمع ) ... فهناك عوامل كثيرة مؤثرة على التحصيل العلمي للطالب وقد ظل الإهتمام مركزا لفترات طويلة على دراسة التحصيل العلمي متأثرا بجوانب عقلية في الشخصية وذلك عن اعتقاد قوي أن هذه الجوانب تعتبر أكثر تأثيرا على التحصيل العلمي بالزيادة والنقصان , ولكن الإتجاه الحديث أصبح يهتم بالجوانب النفسية إضافة إلى الجوانب العقلية بالنسبة للأداء.
ويؤثر الجو المدرسي العام وحالة التلميذ الإنفعالية على تحصيله الدراسي , وقد يكون الجو العام الصالح من أهم دوافع التعلم فشعور التلميذ بأنه يكتسب تقدير زملائه له وإعجابهم به يزيد من نشاطه وإنتاجه كما يؤدي شعور التلميذ بأنه ليس محبوبا من زملائه ومدرسيه إلى كراهية المدرسة وإنصرافه عن التحصيل[/b]