فعالية الوسائط المتعددة في التحصيل الدراسي وتنمية
مهارات إنتاج الشرائح المتزامنة صوتيًّا لدى طلاب
كلية التربية، جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية.
د. ذكريا بن يحيي لال ملخص الدراسة:
تستهدف الدراسة استقصاء فعالية الوسائط المتعددة في التحصيل الدراسي وتنمية مهارات إنتاج الشرائح المتزامنة صوتيًّا لدى طلاب كلية التربية جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية , وتحديد فعالية برنامج تكنولوجي متعدد الوسائط في التحصيل الدراسي , واستخدام برنامج في تكنولوجيا الوسائط المتعددة في تنمية مهارات تصميم و إنتاج الشرائح المتزامنة صوتيًّا، حيث تم استخدام اختبار تحصيلي في المحتوى التعليمي , و إعداد بطاقة ملاحظة لتقييم أداء الطلاب في مهارات تصميم و إنتاج الشرائح, مع برنامج معد على قرص مدمج, CD-ROM لتقييم المحتوى, وتم تحديد عينة الدراسة من مجموعتين: ضابطة قوامها (25 طالبا), وتجريبية قوامها (25 طالبا), ثم قام الباحث بتطبيق الدراسة على عينة البحث, وقد كشفت نتائج الدراسة عن عدم وجود فرق دال بين تحصيل المجموعتين التجريبية والضابطة قبل البدء في تطبيق البرنامج مما يؤكد تجانس المجموعتين وتكافؤهما في المحتوى التعليمي, كذلك كشفت الدراسة عن وجود فرق دال إحصائيًّا بين متوسطي درجات المجموعتين التجريبية والضابطة لصالح المجموعة التجريبية التي تم تدريسها باستخدام البرنامج التكنولوجي, واختتمت الدراسة بإبراز أهم التوصيات والمقترحات التي يمكن من خلالها تحقيق الفائدة المرجوة.
الإطار النظري
أصبحت اليوم البرامج والتطبيقات التي تعتمد في عرضها للمعرفة والخبرات المتنوعة، دمج وتكامل اثنين أو أكثر من الوسائط الحسية في بيئة تعليمية تعتمد الكمبيوتر، هي أحد الاتجاهات الحديثة في تحقيق نتائج تعلمية متعددة, وغالباً ما تشتمل هذه الوسائط على نص مكتوب Text أو صوت sound أو صور ثابتة Still image أو رسوم توضيحية أو حركية وخرائط .. إلخ
هذا وقد أكد عدد من المربين على أهمية استخدام الوسائط المتعددة في التدريس, حيث يمكن من خلالها تسهيل عمليتي التعليم والتعلم وبناء قاعدة بيانات معلوماتية Computer Data Base تمكن المتعلم من التفاعل والتجول Navigation بحرية داخل البرنامج التعليمي والوصول إلى المعرفة في أشكال وصيغ متعددة, ويرجع البعض سبب ذلك إلى عملية الاستخدام والتوظيف الصحيح للروابط Links والعقد Nodes الخاصة بالمعلومات المتداخلة عند المتعلم (Hofstetter, 1995,P-3) . الأمر الذي يساعد المتعلم أيضا على اكتساب عدد من المهارات العملية عند توظيف هذه المعارف في مواقف تعلمية جديدة (بسيوني, غانم, 2000, ص22) .
لا شك أن التدريس باستخدام الوسائط المتعددة , يتيح الفرصة للمتعلم لمواجهة قضايا وظواهر ومواقف تعليمية غير مألوفة , الأمر الذي تطلب تفسيراً من المتعلم في ضوء خبراته السابقة وخلق ما يسمى بالتعلم النشط Active Learning والذي بدوره يمكن المتعلم من اكتساب المعلومات التي تقدم عبر شاشات الكمبيوتر في شكل نصوص, وأصوات, ورسوم, وصور بأنواعها, ولقطات فيديو, وبالتالي قد يؤثر التدريس بالوسائط المتعددة في التحصيل والفهم لدى المتعلم، بل واكتساب المهارات العملية التي تمكنه من الاستمرارية في عملية التعلم .
حأشار "قنديل" إلى دور التدريس بالوسائط المتعددة في التحصيل الدراسي للمتعلم, باعتبار أن التدريس في هذه الحالة يساعد على تكوين ثلاث روابط هي:
رابطة الترميز اللفظي Verbal Encoding ورابطة الترميز البصري Visual Encoding ثم الروابط المرجعية، الأمر الذي يكون خريطة للعلاقات التركيبية لنظام المعلومات بين الترميزات المختلفة، وبالتالي يساعد على اكتساب الطلاب المعلومات وتوظيفها في حل المشكلات (قنديل, 2001م, ص23) .
ويمكن النظر إلى تكنولوجيا الوسائط المتعددة من ثلاث زوايا أساسية هي:
1- الوسائط الناقلة Delivery media (Mayer, 2001,P.5) الموجهة نحو عرض وتقديم المساحة التعليمية باستخدام اثنين أو أكثر من وسائل نقل المعرفة، والتركيز هنا على الأدوات المستخدمة في نقل المعلومات, وهذا ما أكده لويس (Lewis, 1993, p.340) ضرورة استخدام أكثر من أداة أو وسيلة لنقل المعلومات إلى المتعلم مثل الكمبيوتر, والتلفزيون وكاميرا الفيديو, وأشرطة الكاسيت ... إلخ..
2- نماذج العرض (Presentation Models): وينظر البعض هنا على أن "تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي طريقة لعرض المادة التعليمية التي تتطلب تكامل ودمج اثنين أو أكثر من الوسائط التي يتم التحكم فيها عن طريق الكمبيوتر لحدوث مرونة في استدعاء المعلومات (Tessmer, 1998, P.80).
وهكذا تستثمر الوسائط التعليمية بطريقة منظمة في الموقف التعليمي وفي إطار نص معلوماتي يساعد على اكتساب الخبرات عن طريق جهاز الكمبيوتر.
3- الوسائط الحسية sensory Media: وفي هذا الصدد أكد جلبريث (Galbreath, 1992,p.15) على أن تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي تكنولوجيا حديثة تستند إلى طبيعة المتعلم كإنسان متعدد الحواس Multi sensory وتبرز قدرتها نقل وعرض المعلومات في أشكال وصيغ متنوعة, الأمر الذي يسهل من عمليتي التعليم والتعلم، وفي هذا الصدد أشار "عبد المنعم " إلى أن تكنولوجيا الوسائط المتعددة هي ترميز المحتوى التعليمي ترميزاً عقليًّا عن طريق اللفظ أو البصر مما يسهل عملية التعلم لدي المتعلم (عبد المنعم, 1998, ص175).
هكذا نجد أن وجهة النظر الأخيرة تتمركز حول المتعلم أكثر من الأجهزة أو الوسائط باعتبارها تكنولوجيا تخلق الإثارة بالعيون والآذان وأطراف الأصابع لدى المتعلمين, وتقوم على تقديم محتوى تعليمي في أشكال مختلفة (نص, رسوم, صور, صوت .. إلخ) وتنتقل من أجهزة الاستقبال الحسية إلى الذاكرة طويلة المدى لدى المتعلم بطرق مختلفة كما وكيفا، ولذا يراعى عند تصميم برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة ميول واهتمامات المتعلم وكذلك قدراته واستعداداته الفعلية لتحقيق الأهداف المحددة .
عند تصميم البرامج التعليمية بالوسائط المتعددة يجب التركيز على الوسائط التي تحقق النتائج التعليمية المحددة, وفي هذه الدراسة تم تناول عدد من الوسائط وهي:
1- الوسيط الصوتي: Sound Medium:
الصوت كما يرى (رونتري, 1984, ص181) أنه سهل في تسجيله وتضخيمه وتقليل سرعته متى شئنا, والأصوات المقصودة في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة. قد تكون أصواتا طبيعية من مخلوقات الله أو صناعية أو تركيبية كالموسيقا، كما في الأصوات التعليمية التي تتضمن أصواتًا متعددة لتوضيح مفهوم معين .
هذا وقد أشار "عزمي" إلى أن الصوت من أهم العناصر الحسية في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة، ويمكن أن يوجد عدد من الصيغ الصوتية مثل الكلمات المنطوقة, والموسيقا والمؤشرات الصوتية المصاحبة, وكل ذلك يساعد المتعلم على فهم المحتوى التعليمي البصري من خلال الصوت, وزيادة إدراكه بالواقعية واستثارة انتباهه للتدعيم والتعزيز واكتسابه لأسس نظرية مرتبطة بمهارات عملية متنوعة (عزمي, 2001م, ص29).
2- الوسيط النصي Text Medium:
رغم أهمية الصوت لتوجيه المتعلم نحو التعلم الصحيح إلا أن المتعلم يحتاج دائما إلى التواصل اللفظي المكتوب، وهنا تبرز أهمية استخدام النصوص في برامج تكنولوجيا الوسائل المتعددة سواء أكانت عناوين أم خطوط رئيسة, أم قوائم أم تعليمات لشرح محتوى تعليمي محدد .
وأشار (Vaughan, 1994, p.23) إلى عدد من الأشكال التي يمكن أن يعرض بها النص في مثل هذه البرامج مثل: الكلمات أو العبارات أو الجمل أو الفقرات للتعريف بالبرنامج وأهدافه وأهم موضوعاته والتوصيات المختلفة للمتعلم .كذلك مجموعة الأوامر التي تظهر على شاشة الكمبيوتر وأزرار التفاعل كالأزرار النصية مثل المساعدة أو الغلق أو الخروج .
أكد أيضا ((Tway, 1995,P.35) على عدد من القواعد التي يجب مراعاتها عند استخدام النصوص في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة منها:
عدم استخدام الفقرات الطويلة واستخدام الخطوط المعتدلة , والتباين اللوني والتعليل بين الخطوط المزخرفة مع التأكيد دائماً على الجمع بين الرسوم أو الصور والنصوص الشارحة لها في نفس الشاشة , ترك مساحات فارغة بين الخطوط مع إدخال تأثيرات حركية على النص .
3- وسائط الرسوم والصور الثابتة Still images & Graphic:
وهي وسائط مرتبة ذات بعدين (طول وعرض ) لتمثيل الواقع دون حركة ومن أهم أشكالها في برامج تكنولوجيا الوسائط المتعددة (Brevetion, 2001,p.131) الصور المطبوعة , والصور الفوتوغرافية والشخصية, والصور الزيتية , والرسوم الثابتة مثل: الكاريكاتير , والرسوم المسلسلة Comies والتخطيطية والخرائط , والرسوم البيانية جميعها تعد تمثيلاً حرًّا بالخطوط لفكرة أو للتعبير عن المعنى. وتبدأ أهمية هذه الوسائل في تلك البرامج في قدرتها على التسجيل والتعبير الدقيق للشيء وإتاحة الفرصة لاكتساب معارف ومهارات عملية وتقريب المعاني للمتكلم.
4- وسائط الرسوم المتحركة Animation:
وهي وسائط في التأثيرات البصرية لبرامج التكنولوجيا مثل: المسح والظهور والاختفاء التدريجي Fade in-out)) والتقريب والابتعاد (zoom in-out) والإذابة Dissolve وهي بمثابة سلسلة من الصور والرسوم الثابتة والمعدة مسبقاً لعرضها على شاشة الكمبيوتر في تتالٍ وتتابع وسرعة منتظمة ينتج عنها إيحاء بالحركة (أبو الحسن, 1998, ص25) .
وتساعد الرسوم المتحركة في توضيح الحركات غير المرئية , والعلاقات والعمليات المجردة في المفاهيم العلمية وتوفير الخبرات البديلة للخبرات الواقعية, كما تعرض الحركة كاملة , كما يحدث في الواقع فعلاً الأمر الذي يجعلها تسهم في اكتساب المعرقة وتنمية المهارات العملية وتعلمها لدى الطلاب (النجدي،راشد،وعبد الهادي, 1999, ص35).
التدريس باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة:
اتفق العديد من التربوين على أن التدريس باستخدام الوسائط المتعددة يخلق التفاعل النشط الإيجابي والمتبادل بين المتعلم والبرنامج التعليمي من خلال الممارسة والتدريب والمحاكاة وحل المشكلات وحرية التعامل مع المحتوى التعليمي (Stresbel, 1998, p.297) فما توفره الوسائط المتعددة من بيئة تعليمية فعالة تسمح للمتعلم بالاستعراض والبحث، والتعلم , فهي توفر له بيئة ثنائية الاتجاه على الأقل (عبد المنعم , 1998م , ص161)، على الجانب الآخر يدعم التدريس باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة، مفهوم البنائية constructivis ((Honnum, 2001, p.25 باعتبار أن التعلم يحدث عندما يكون المتعلم أكثر نشاطاً وقدرة على بناء هيكله المعرفي بنفسه , وبالتالي يتم بناء المعني لديه ى من خلال المشاهدة الهادفة والتفاعل مع العروض واللقطات والنصوص والأصوات والتصفح والبحث عن المعرفة بحرية داخل البرنامج .
هكذا يحقق التدريس بالوسائط المتعددة المبادئ التي تقوم عليها البنائية مثل الانتقال من التدريس إلى البناء أو من التدعيم إلى الميل أو من الطاعة إلى الاستقلالية ومن الإلزامية إلى التعاونية (Kahn & Friedman , 1998, p.163).
وفي هذا الصدد أكد (Aggrawal, 1997, P.356) على أن التدريس بتكنولوجيا الوسائل المتعددة يسهم في تحقيق الفردية individnalisation في التعلم ويشجع على التعلم الذاتي حيث يراعي الفروق الفردية بين المتعلمين, وإعطاء البدائل للبدء السليم في البرنامج, بمعنى أن المتعلم يستطيع ضبط المادة التعليمية وفق استجابته, وفي إطار متنوع أساليب التدريس والتدعيم والتدريبات والأمثلة (الكندري, 1999, ص21) .
واتفق أيضا عدد من الباحثين (عبد الحليم, 1995م, ص36)، (Shellnit, & et.al .1999 p.186) (Nelson, 1998, p.250))، (Milheim, 1995, p.7) (البغدادي, 1998, ص266)
Mc-connell, 2000.p.2)), على فعالية التدريس باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة ودورها في استثارة الدافعية لدى المتعلم وجذب انتباهه وتمكينه من التعلم الصحيح وتتابعه في المحتوى التعليمي، وكذلك فهم الهيكل البنائي لأنواع المعارف بمعني تكوين معرفة متكاملة ذات معنى وليس معرفة مجزأة, وفي نفس الوقت تدعيم التعلم التعاوني عندما يعمل الطلاب في مجموعات تعاونية لمناقشة الاستراتيجيات التعليمية المختلفة في بيئة تتناول المفاهيم المجردة وطرق تبسيطها وتعلمها وفي زمن تعلم مختصر تتراوح نسبته من 20-40% من الوقت المخصص لحدوث التعلم مقارنة بالطريقة التقليدية (الفار، 1998, ص59) .
من العرض السابق أدرك الباحث أهمية ودور الوسائط المتعددة في العملية التعليمية، وأن استخدامها في التدريس قد يخفف الكثير من النتائج التعلمية المرغوبة، بالإضافة إلي أن التدريس بالوسائط المتعددة يحقق المبادئ التي تقوم عليها البنائية كما سبق توضيحه الأمر الذي يحقق التعلم الفعال .كذلك قد يكون هناك علاقة ارتباطيه بين زيادة التحصيل الدراسي لدى المتعلم واستخدام الوسائط المتعددة في التدريس كما أشار البعض، ولاشك أن ما يحدث من إجراءات تعليمية ومحاكاة وتفاعل مثمر في البيئة التعليمية التي يستخدم فيها الوسائط المتعددة قد يسهم في تنمية عدد من المهارات العملية خاصة مهارات تصميم وإنتاج الشرائح المزامنة صوتيًّا لدي طلاب كليات التربية،الأمر الذي تحاول استقصائه الدراسة الحالية .