تفعيل أداء أعضاء هيئة التدريس في جامعة الطائف في ضوء تقدير احتياجاتهم في مجال تكنولوجيا المعلومات
(إعداد د. محمد بن غازي الجودي/ أستاذ مشارك تكنولوجيا التعليم)
2009-2010م ملخص الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إلى تقدير احتياجات أعضاء هيئة التدريس في جامعة الطائف في مجال استخدام تكنولوجيا المعلومات وتفعيل ذلك للارتقاء بالأداء، وذلك من خلال استطلاع آرائهم حول مدى تفعيل استخدامهم لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجال الأكاديمي وتقدير مدى احتياجهم للتدرب عليها، لإتاحة الفرصة أمام دراسات قادمة يتم من خلالها العمل على وضع برامج تدريبية بشكل جيد وعلى أسس علمية. تم بناء استمارة استبيان تم توزيعها على أكثر من 630 عضو هيئة تدريس في جامعة الطائف وهم الأعضاء المسجلين في سجل الجامعة في الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 1429-1430هـ، على درجة أستاذ، وأستاذ مشارك، وأستاذ مساعد. بعد تحليل الاستبيانات التي تحصل عليها الباحث وعددها 280، أظهرت النتائج أن استخدام الأعضاء لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات في المجمل منخفضاً، حيث تراوح الاستخدام (عالي جداً وعالي) بين حوالي (78%) في مجال استخدام الشبكة العنكبوتية و (10%) في مجال تصميم الدروس التفاعلية باستخدام نظام جسور (جدول 9). وأشارت النتائج كذلك إلى تفاوت ملحوظ في مجال تقدير الاحتياج، ففي حين أشار 58% إلى حاجتهم للتدرب بدرجة عالية جداً وعالية على تصميم درس تفاعلي باستخدام نظام جسور، أظهر فقط 42% هذه الحاجة للتدرب على استخدام الكاميرا الرقمية (جدول 12).
مجموعة من الاختبارات تم إجرائها للتعرف على مدى العلاقة بين المتغيرات المستقلة، كالكلية التي ينتمي إليها العضو، والتخصص الذي يمارسه، والجنسية التي يحملها، والجنس، والخبرة التعليمية واستخدام العينة لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات، وتقدير احتياجهم للتدرب عليها. بعد تجميع المتغيرات في حزم موحدة أظهرت النتائج عدم وجود علاقة ذات دلالة إحصائية عند مستوى (0.05)، إلا في استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات مع التخصص الذي يمارسه أعضاء هيئة التدريس فقط عند مستوى (0.019)، لصالح الأقسام العلمية. تم إدراج مجموعة من التوصيات كان أهمها ضرورة إجراء دراسات مستقبلية في هذا المجال، ضرورة التخطيط لبرامج تدريبية في مجال تكنولوجيا المعلومات لأجل الارتقاء بأداء أعضاء هيئة التدريس، وليتمكنوا من استخدام هذه التطبيقات في جميع المجالات سواء في المجال الأكاديمي، أو في مجال البحث العلمي وفي خدمة المجتمع، وليتمكنوا من التواصل مع العالم الخارجي بشكل جيد.
مقدمة:
يحظى تطوير أداء أعضاء هيئة التدريس بأهمية كبيرة على المستوى المحلي والعربي والعالمي، وخاصة مع ظهور المستجدات الحديثة في مجال الاتصال، وتقنية المعلومات، وظهور مفهوم الجودة الشاملة والتقييم الأكاديمي، والتطوير الذاتي، والتفاعل مع العالم الخارجي الذي أصبح لا يؤمن بالحدود الجغرافية، ولا بالأطر المكانية، ولا بالتنظيمات الاجتماعية، بل ينطلق إلى العالمية اللامحدودة، ويؤمن بالعولمة كفلسفة للحياة، ونظام للمعيشة.
ومن هنا بدأت المؤسسات التعليمية بجميع مستوياتها، وخاصة مؤسسات التعليم العالي تؤكد على أهمية التطوير المستمر لا في المعلومات المعرفية فقط، وهي التي تمثل الركيزة الأساسية للتعليم الجامعي، ولكن في الطريقة التي يتم بها نقل هذه المعلومة، والأسلوب الأمثل في سرعة التفاعل معها، وتقريبها لذهن المتلقي، مع التأكيد على أن باب تلقي المعارف أصبح مفتوحاً بلا حدود، وللمتلقي الحق في اكتساب المعرفة والتفاعل معها بما يتفق مع اتجاهاته ورغباته، وقدراته. وهذا الأمر في واقع الحال يضاعف الجهد على العاملين في قطاع التعليم العالي، كما يحفز المسئولين على توفير البرامج التدريبية المتميزة، وهو ما دفع بوزارة التعليم العالي بأن تتبنى مجموعة من البرامج التدريبية، وأن تطلب من الجامعات التنافس على تقديم البرامج التأهيلية، والتطويرية لمنسوبيها، وأن تتبادل فيما بينها هذه البرامج وتشجع العاملين فيها للالتحاق بها، سواء منهم حديثي التخرج أو الذين يتمتعون بخبرات عملية طويلة.
وقد ظهرت هذه التأكيدات منذ وقت مبكر، فقد ورد في التقرير النهائي للمؤتمر العالمي للتعليم العالي (1998م) التأكيد على أهمية اعتماد سياسة حازمة لتنمية قدرات العاملين في مؤسسات التعليم العالي، وضرورة وضع استراتيجيات واضحة لحفزهم على استيفاء كفاءتهم وتحسينها. وتأكيداً لذلك فقد أشارت الكثير من الدراسات لاحقاً على أن دور الهيئة التدريسية بمؤسسات التعليم العالي دور متجدد بصفة مستمرة.
لذا وجب على الجامعات أن تركز على التطوير الأكاديمي لعضو هيئة التدريس، بهدف تطوير العملية التعليمية، والتأكيد على رسالة مؤسسة التعليم العالي، واستيعاب التطورات الجديدة في مجالات وأدوار عمل هيئة التدريس المتعددة والتي تشمل (التطوير التدريسي، والمعلوماتي، والتقني، والمنهجي، و الإداري، والبحثي، والتقويمي، والتخصصي). كما أكدت هذه الدراسات على ضرورة ربط ترقية واستمرارية التطور الوظيفي لعضو هيئة التدريس بمشاركته الفاعلة في البرامج التدريبية ، على أن تكون هذه البرامج شاملة لكافة الجوانب المعرفية والمهارية مع التركيز على التنمية في مجال التدريس، وإشاعة ثقافة التنمية المهنية داخل المؤسسة التعليمية واستخدام التقانة في التدريس مع توفير التدريب المناسب على استخدام الحاسب الآلي ووسائل الاتصال والبرمجيات لمواجهة التقدم السريع في هذه المجالات، (العبد الغفور 2002م، زرعه 2002م، الجودي 1424هـ، آل زاهر 1425هـ، المهيري ،وأبو عالي 2005م، كمتور 1425هـ، الجبوري ،2005م، سرفيناز 2007م). ولمجاراة هذا التطور فإن سرفيناز (2007) أكدت على ضرورة تهيئة عضو هيئة التدريس للتعامل مع مجالات تقنية واستخدام الحاسب الآلي وكل ما يتصل به من خدمات قبل طرحها في شكل مقررات دراسية على الطلاب، وإضافتها في المحتوى الدراسي، من خلال الدورات تدريبية، وتوفير الفنيين المتخصصين والقادرين على التدريب في هذه المجالات، والعمل على تطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس تجاه تكنولوجيا المعلومات والبحث في قواعد البيانات، واستخدام شبكات المعلومات كأحد الركائز الأساسية لطرح المقررات المستحدثة.
ولقد تنبهت الجامعات السعودية مؤخراً إلى الحاجة الماسة إلى تطوير إمكانات وقدرات أعضاء هيئة التدريس فأنشأت وأحدثت عمادات وإدارات مسئولة عن تدريب أعضاء هيئة التدريس، كما عقدت الندوات والمؤتمرات والاجتماعات للترتيب لمثل هذه الأنشطة. فقد قامت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية مع بداية الفصل الثاني من العام الجامعي 1429-1430هـ بإطلاق أضخم برنامج تدريبي على مستوى الجامعات السعودية (جريدة الجزيرة الخميس 06 ربيع الثاني 1430 هـ، العدد 1333)، كما قامت عمادة تطوير مهارات أعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، مثلاً في ذات الفترة بعقد ورشة عمل شارك فيها أكثر 100 عضو من أعضاء هيئة التدريس وذلك لتحديد احتياجاتهم التدريبية، (جريدة الجزيرة الخميس 20 ربيع الثاني 1430 العدد 13349)، وقامت وزارة التعليم العالي بإطلاق برنامجها التدريبي الطموح الذي تبنت تنفيذه عدد من الجامعات السعودية وهو برنامج التميز والإبداع لأعضاء هيئة التدريس، (جريدة الجزيرة، السبت 24 ربيع الأول 1430 العدد 13323).
وكإجراء تنفيذي خصصت جامعة الملك سعود 30% من ميزانيتها لعام 1430-1431هـ لبرامج التدريب، والتقويم، والاعتماد الأكاديمي، وقامت بإنشاء 950 قاعة ذكية، (ستقوم برفعها إلى 2000 قاعة في خطتها القادمة) وذلك للتخلص من التدريس التلقيني، كما أنها تدرس بجدية عدم منح جداول دراسية لأعضاء التدريس الوطنيين الغير الراغبين في الالتحاق بالدورات التدريبية التي تعقدها الجامعة وذلك لحرمانهم من المكافأة المخصصة لبدل التدريس، (جريدة عكاظ، الاثنين 01/11/1430 هـ العدد : 3046).
وتحقيقاً لمبدأ الارتقاء بمستوى أداء أعضاء هيئة التدريس قامت جامعة الطائف (أسوة بنظيراتها في المملكة) بإنشاء عمادة خاصة للتطوير والتقويم والاعتماد الأكاديمي، أوكل إليها كجزء من مسئولياتها التخطيط لبرامج التطوير والعمل على تنفيذها، سواء من خلال برامج محلية يقدمها أعضاء هيئة التدريس المتخصصين في المجالات التربوية والتخطيطية، أو من خلال التعاون مع الجامعات سواء المحلية، أو الأجنبية، أو التنسيق مع الجهات التدريبية المتخصصة. وقد تم تنفيذ العديد من البرامج التأهيلية والتطويرية، والتي استفاد منها عدد كبير من الأعضاء ولقيت تشجيعاً وتحفيزاً من قبل إدارة الجامعة والقائمين على شئونها. وهذه الدراسة، المدعومة من قبل عمادة البحث العلمي في الجامعة، والتي تهدف إلى استقصاء وتحديد احتياجات أعضاء هيئة التدريس في جامعة الطائف في مجال توظيف تكنولوجيا المعلومات التعليمية في التدريس ومدى استخدامهم لها، ما هي إلا جزء من الأعمال المتميزة في هذا المجال والتي تسعى الجامعة من خلالها إلى تحديد مدى هذا الاستخدام، وتقدير الاحتياج التدريبي وفق أسس علمية مدروسة، وبناء على منهجية بحثية يشارك في رسم أطرها المستفيدين من هذا التدريب مباشرة، ليتم بناءاً على نتائجها ومخرجاتها التصميم والتخطيط للبرامج التدريبية الفاعلة لتعظيم الاستفادة من الإمكانات الحالية والمستقبلية لهذا المجال في الارتقاء بمستوى الأداء في العملية التعليمية والبحثية والإدارية في الجامعة، ونشر الوعي الثقافي التقني، والاستفادة من الإمكانيات التقنية والتجهيزات المعملية المتوفرة في أروقة الجامعة.
مشكلة الدراسة:
تتمثل مشكلة هذه الدراسة في كونها محاولة جادة لتحديد احتياجات أعضاء هيئة التدريس في جامعة الطائف في مجال يعتبر من أهم المجالات التدريبية التي ينبغي أن توجه إليها جهود التدريب، وهو مجال تكنولوجيا المعلومات الذي أصبح يحتل أهمية خاصة كونه من المجالات المعينة في مجال التعلم والتعليم وفي مجال الاتصال، والتواصل مع العالم الآخر. فمجال تكنولوجيا المعلومات التعليمية وما يتصل به من خدمات الحاسب الآلي وتطبيقاته المتنوعة كبرنامج معالج النصوص، وبرامج العرض، وبرامج التحليل الإحصائي، وما يتصل بالتصميم التعليمي، والتعلم الإلكتروني، والتعلم عن بعد، ومدى معرفة أعضاء هيئة التدريس بها، وحاجتهم للتدرب عليها سيعين المخططين للتدريب على بناء برامج تدريبية فاعلة، ومؤثرة.
وعند استطلاع العديد من الدراسات في هذا المجال اتضح أن هناك قصوراً ملحوظاَ في التعامل مع تطبيقات تكنولوجيا المعلومات ليس فقط على المستوى المحلي بل حتى على المستوى الإقليمي والعربي، مقارنة بما هو موجود في العالم المتقدم. ففي حين أشار الجودي (1424هـ)، والأسمري (2005م)، والشهري (1425هـ)، والصالح (1428هـ) من خلال دراساتهم التي تم إجرائها على عينة من الكليات والجامعات السعودية، ونشوان (2004م) في دراسته عن أعضاء هيئة التدريس في جامعة الأقصى إلى قصور واضح في استخدام تطبيقات تكنولوجيا المعلومات، أظهرت دراسات أخرى عملت في الولايات المتحدة في ذات الفترة أو حتى قبل هذه الفترة استخداماً أوسع لهذه الأساليب والتطبيقات (Jacobsen 1998م، Savery 2002م، Jankowska 2004م).
ولرغبة الباحث في مساعدة القائمين على برامج التطوير بوضع خطط متكاملة، ومبنية على دراسات موضوعية، ومقننة، فقد قام بتنظيم هذه الدراسة التي تهدف إلى تحديد الاحتياجات بشكل موضوعي، ومدروس، وذلك من خلال التعرف على مدى الاستخدام الفعلي لتطبيقات تكنولوجيا المعلومات، وتحديد مدى الاحتياج للتدرب على استخدامها من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس أنفسهم. فاستقصاء خبرات راغبي التدريب والتعرف على احتياجاتهم التدريبية تعتبر نقطة البداية وحجر الأساس للعملية التدريبية الناجحة والفاعلة كما أشار إلى ذلك الخطيب (2006م).
وتعد نتائج هذه الدراسة عاملاً أساسياً في تطوير العملية التعليمية والأكاديمية، خاصة وأنها تأتي على شكل مخرجات تلبي بدورها متطلبات التنمية وتساير الاحتياجات الحقيقية للتعامل مع التكنولوجيا بشكل عام، وتكنولوجيا المعلومات بشكل خاص، وفق ما توصلت إليه أدبيات البحث في هذا المجال.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى استقصاء خبرات أعضاء هيئة التدريس في جامعة الطائف للتعرف على احتياجاتهم التدريبية في مجال تكنولوجيا المعلومات ،وممارساتهم التطبيقية لأساليب وتطبيقات هذه التقنيات، وذلك من أجل الوصول إلى العديد من المقترحات التي تساعدهم على تنمية مهاراتهم في هذه المجالات. ويتفرع الهدف الرئيسي هذا للعديد من الأهداف الفرعية التي من أهمها:
1) التعرف على أهم السمات الشخصية لأعضاء هيئة التدريس العاملين في جامعة الطائف من حيث الكلية، التخصص، الدرجة العلمية، الجنس، الفئة العمرية، مدى ملكيتهم لأجهزة حاسب آلي وشبكة إنترنت سواء في المنزل أو في مقر العمل.
2) التعرف على مدى استخدامهم لمجموعة من التطبيقات العملية والبرامج الفعالة في مجال تكنولوجيا المعلومات
3) استطلاع آراء عينة الدراسة عن تقدير احتياجاتهم للتدرب على تطبيقات تكنولوجيا المعلومات التي تم تحديدها لهم.