زائر زائر
| موضوع: علم اجتماع الجريمة والانحراف الأحد نوفمبر 14, 2010 6:03 pm | |
| علم اجتماع الجريمة والانحراف
كتبهامصطفى شريك ، في 5 مايو 2008 الساعة: 14:17 م
يمثل ميدان الانحراف والجريمة محورا هاما وخصبا من ميادين المعرفة المرتبطة بالخدمة الاجتماعية التي تنظر في واقع شريحة من الأشخاص الذين أثرت فيهم عوامل سواء كانت داخلية أو خارجية، فتكونت لديهم تجارب سلبية كونت منهم نماذج لا سوية، مما جعل من الانحراف ظاهرة اجتماعية واقعة، وقد أشار إليها الأخصائيون بأنها من الموضوعات التي احتلت موقعا هاما في دراسة الشخصية الإنسانية، وفي هذا يقول فينك "إن ميدان الجريمة والانحراف يعتبر من أهم الميادين التي تتعامل معها الخدمة الاجتماعية، غير أنه ينبغي توفر التصورات التي تزيد من وضوح الظاهرة حتى يسهل عمل الاختصاصي أيا كان مجاله (الاجتماعي، النفسي، التربوي، الصحي، المهني، …).
إن تحليل ظاهرة الانحراف أو الجريمة وفهمها، أو محاولة معرفة لماذا يرتكب الشخص فعلا لا سويا، أو معاديا للمجتمع، يتضمن تفسير كيفية تكوين هذه الظاهرة ذاتها، وهنا نكون أمام تفسيرات لبعض النظريات القائمة على بعض الفرضيات، والمعطيات وربما بعض الحقائق، هذا ماد فع بالكثير من الدارسين إلى فهم هذه الظاهرة الاجتماعية، والوقوف على مسبباتها، فركزوا على الطبقات الدنيا، التي لازالت تنال الاهتمام الأول للباحثين، في موضوع الانحراف، الذين أثبتوا أن الشخص المنحرف يتصرف وفقا لظروفه الاجتماعية الخارجية، ودوافعه النفسية الداخلية، وهي الظروف التي تسهم في تكوين انحرافه الاجتماعي، إن حماية الفرد من خطر الجريمة والانحراف دعا بالمجتمع إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التي توفي بأغراض السياسة الجنائية المعاصرة، بإتباع خطوات معينة، ابتداء من محاكمة الشخص أمام القضاء، حيث يخضع لقواعد ضبط خاصة، ليتم توجيهه وإرشاده في حالة براءته، أو إيداعه في مؤسسة إعادة التربية إذا تمت إدانته، بغية التكفل به والعمل على إعادة تأهيله، ومن ثم إدماجه في المجتمع من جديد بشكل طبيعي.
إن التكفل الذي يسند لمؤسسات إعادة التربية هو دور بالغ الأهمية، من خلال تقديم يد العون للنزلاء المنحرفين، كي يستعيدوا تكيفهم مع الحياة الاجتماعية، كما أنها عملية تقوم على جملة من الأسس، وتتم عبر خطوات أساسية، وبالتالي تمثل هذه المؤسسات في مضمونها حسب الرأي العام، جملة المساعدات التي يسهر على تقديمها متخصصون في مجالات عدة، فعلاوة على أنها مؤسسات احتجازية، فهي مؤسسات إصلاحية، علاجية، تعمل على تأهيل نزلائها وفق حركة إصلاح وتقويم سلوك المنحرفين:
- الاتجاه الإنساني الأخلاقي الهادف إلى عزل هذه الفئة لوحدها لتعالج وتقوم.
- الاتجاه المهني الواقعي الهادف إلى التأهيل المهني والمدرسي والديني والنفسي…
- الاتجاه العلمي الهادف إلى بلورة قاعدة نظرية علمية لمختلف أساليب العلاج والتأهيل والمعاملة المؤسسية واللاحقة.
- الاتجاه المجتمعي الذي يقوم على تحقيق مصلحة المجتمع (رد الفعل الاجتماعي)، واتخاذ الإجراءات والتدابير التي تمثل الدفاع الاجتماعي لمواجهة خطر الانحراف.
هذه الاتجاهات الأربعة وأخرى كلها تستدعي توفر الكثير من الشروط الأساسية التي تمهد لنجاحها، ووفق أساليب تقويمية تأهيلية تتبع مع الحدث المنحرف النزيل بمؤسسة إعادة التربية على سبيل المثال تبعا لحالته وذلك على النحو التالي:
- القيام ببحث دقيق لحالة لكل طفل، والبيئة التي يعيش فيها، وعلاقة هذا كله بأعمال التشرد أو الإجرام التي تصدر عن. ويشمل مثل هذه البحث الاجتماعي ببحث حالة الطفل النفسية والصحية، حتى يكون في متناول القاضي كل المعلومات الدقيقة التي يستنير بها في تفهم حالة كل طفل.
- اقتراح الحل الملائم لكل حالة تعرض سواء فيما يتعلق بالتربية أو المعالجة النفسية بتغيير بيئة الطفل أو بإلحاقه بإحدى المنشآت التي تلائم حالته الخاصة وهلم جرا.
- المساعدة في تنفيذ العلاج المقترح وبوجه خاص مراقبة الطفل وأسرته والتأثير الصالح في كل منهما.
- بذل النصائح اللازمة للهيئات والأفراد الذين يعنون بشؤون الأطفال، وإيجاد الصلة بين المحاكم وهذه الهيئات.
ضبط بعض المفاهيم
تتضافر مجموعة من العلوم والفنون من أجل فهم الجريمة من حيث طبيعتها ومنطلقاتها ودوافعها ومحركاتها… من أجل ضبطها والتحكم فيها ومكافحتها. والجريمة سلوك مدمر له آثاره السلبية من جهة الأمن أو من المنظور الاجتماعي أو الاقتصادي. فهي تؤدي إلى انعدام الأمن وإلى تفكك الجماعة وشيوع الاضطراب والفوضى داخل المجتمع، إلى جانب أنها من المنظور الاقتصادي مكلفة سواء من حيث ما تؤدي إليه الجريمة من ضياع للأموال والممتلكات، أو من حيث ما يصرف من أموال على مكافحة الجريمة وضبط المجرمين ومحاكمتهم وعقابهم أو علاجهم.
وهناك العديد من العلوم التي تهتم بأمر السلوك الإجرامي مثل علم الاجتماع الجنائي، وعلم النفس الجريمة، والقانون الجنائي، وعلم العقاب..الخ. وهناك علم الإجرام الذي يدرس الجريمة بوصفها ظاهرة اجتماعية، ويدرس إجراءات إعداد القوانين، وكيف يتم الخروج عليها، ويدرس كذلك إجراءات رد الفعل الاجتماعي إزاء الخروج عليها وانتهاك المعايير والقواعد القانونية. ويتمثل رد الفعل هذا فيما يطلق عليه العقاب أو العلاج والإصلاح أو الوقاية.
ويشير –أدوين سوذرلاند- E. Sutherland- إلى أن علم الإجرام يتضمن أقساما ثلاثة وهي:
أ- علم اجتماع القانون: "هو محاولة لتحقيق الفهم والتحليل العلميين للظروف الثقافية والاجتماعية والبيئية التي توضع في ظلها التشريعات والقوانين بما فيها القوانين الجنائية، والتي نادرا ما تهتم بها المؤلفات العامة في علم الإجرام. إلى جانب دراسة البناء القانوني في ارتباطاته الوظيفية ببقية مكونات البناء الاجتماعي، ودراسة العوامل التي تحكم تغيره وتطوره، وما يؤديه من وظائف داخل المجتمع".
ب- علم تشخيص الأمراض الجنائية: "يتمثل هذا العلم في المحاولات العلمية للوصول إلى مسببات وعوامل ظهور السلوك الإجرامي".
ج- علم العقاب: "هو العلم الذي يهتم بضبط الجريمة ومكافحة السلوك الانحرافي… كما يشمل مجموعة من وسائل الضبط ليس لها الصفة الجنائية كالعلاج والإصلاح والتربية وإعادة التنشئة الاجتماعية والعديد من الإجراءات الاجتماعية..الخ".
* تعريف الجريمة: :هي أي انتهاك للقانون الجنائي، كما تعد عدوانا ضد المجتمع، وبهذا تمثل ظاهرة اجتماعية قانونية تمارس داخل المجتمعات ترتبط من حيث طبيعتها ونوعها وكثافتها ومسارها بظروف المجتمع وبنائه الاجتماعي ونظمه الاجتماعية وبتاريخ المجتمع وتقاليده وأعرافه وعادات أبنائه"
* تعريف علم الإجرام: يمكن من خلال هذه المفاهيم القول أن علم الإجرام "يستهدف التوصل إلى مجموعة من المبادئ العامة التي تتعلق بالعمليات القانونية وفهم السلوك الإجرامي ومكافحة الجريمة من خلال مختلف العمليات الوقائية أو العلاجية، والتوصل إلى أنجح الأساليب لضبط السلوك الانحرافي والتحكم فيه بالقضاء عليه أو تقليل معدلاته إلى أقل حد ممكن".
* تعريف الانحراف: "يعرفه –بول تابان Tappan. Paul- (1947) بأنه "مجموع المخالفات المرتكبة، والمشهر بها، والمتابعة، والمعاقب عليها، ولا يعتبر جانحا أو مجرما إلا من اعترفت له بذلك المحكمة"، كما يرى أيضا أنه "أي فعل أو نوع من السلوك، أو موقف يمكن أن يعرض أمره على المحكمة ويصدر فيه حكم قضائي"، كما يمثل الانحراف "الفعل الذي يضر بمصلحة الجماعة أو المجتمع، ويهدد كيانه، نتيجة عدم التزام من يأتيه بالقيم والمعايير التي تطبق في المجتمع، والتي تقيمها الجماعة وتحرص للحفاظ عليها. ومعنى ذلك أن الانحراف يتضمن أنماط من السلوك المضاد للمجتمع، ويؤدي إلى الإضرار بالتنظيم الاجتماعي"، من كل ذلك يمكن إعطاء تعريف للانحراف على أنه "اعتداء على قوانين المجتمع، ونظمه بسلوك يعبر عن اضطراب الشخصية (اجتماعيا، ونفسيا)، يدفع إلى الفعل اللاسوي، ويقضي بمعاقبة مرتكبه، ليتم إيداعه بفعل سلوكه ذاك داخل مؤسسة إعادة التربية لإعادة تأهيله".
* تعريف القانون: "هو عبارة عن إفراز اجتماعي يعكس قيم الجماعة وتقاليدها وتراثها الثقافي وتطلعاتها، وتاريخها، عادة ما يضع من أجل تنظيم العلاقات والتعاملات والمصالح داخل الجماعة في ظل ثقافتها وتراثها".
أ/ مصطفى شريك
http://mostaphacharik.maktoobblog.com/1000301/مدخل-إلى-علم-اجتماع-الجريمة-والانحراف/
|
|