manar.seif الوسام الذهبي
الابراج :
عدد المساهمات : 270 تاريخ الميلاد : 22/06/1979 العمر : 45 نقاط : 451 تاريخ التسجيل : 07/02/2010
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) صدق الله العظيم -العلامة البوطي السبت نوفمبر 13, 2010 8:20 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] تاريخ الخطبة الجمعة، 06 ذو الحجة، 1431 الموافق 12/11/2010 وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِالحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك. سبحانك اللهم لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله. خير نبي أرسله. أرسله الله إلى العالم كلِّهِ بشيراً ونذيراً. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين. وأوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى. أما بعد فيا عباد الله:
تعالوا بنا إلى التأمل في سنة من سنن رب العالمين التي رسخها في محكم تبيانه في معاملته مع عباده في هذه الحياة الدنيا.
عندما يخاطب بيان الله سبحانه وتعالى الناس يدعوهم إلى الإيمان به وإلى معرفة أنفسهم وإلى معرفة منهاج الرحلة التي هم بصددها يخاطب بذلك الناس جميعاً، وعنوان هذا الخطاب الدائم قوله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، فهو يقول مثلاً:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [فاطر : 5].
ويقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات : 13].
ويقول:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ) الآية [الحج : 5].
وهكذا يخاطب البيان الإلهي الناس جميعاً إذ يأمرهم بمعرفة ذاته والإيمان بوحدانيته.
فإذا خاطبهم آمراً بالأحكام السلوكية المتفرعة عن الإيمان بالله عز وجل، إذا خاطبهم آمراً بالطاعات ناهياً عن المعاصي والمحرمات وجَّهَ خطابه إلى المؤمنين فقط بالله سبحانه وتعالى وعنوان هذا الخطاب الدائم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ).
فهو يقول مثلاً:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ) [المائدة : 1].
ويقول مثلاً:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ) [النساء : 43].
لاحظوا هذا المعنى جيداً يا عباد الله. لماذا يخاطب الناس جميعاً إذ يأمرهم بالإيمان به وبمعرفة ذاته العلية ثم إنه لا يأمر إلا المؤمنين به عندما يكلفهم بالأحكام السلوكية؟
ذلك لأن مهمة الإيمان بالله عز وجل واجب جعله الله عز وجل معلقاً بأعناق عباده جميعاً وقد شرَّفهم بذلك أيما تشريف. أما الأحكام السلوكية فإنما هي ثمرة للإيمان بالله عز وجل، فمن لم يكن قد آمن بالله سبحانه وتعالى لا معنى لأن يخاطبه الله عز وجل بالحلال والحرام من أحكام السلوك، بل إنه لو نفَّذَ الطاعات التي خاطب الله بها المؤمنين لن يثاب عليها يوم القيامة. وهكذا فإن الجاحد ليس بينه وبين الله عقد ومن ثم فإن العدالة الإلهية تقتضي ألا يُكَلَّفَ بفروع الأحكام.
أما المؤمنون فقد عاهدوا الله عز وجل وواثقوه على النهوض بما قد شرعه لهم عندما قالوا أو قال قائلهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، إذاً فقد وقَّعَ هذا الإنسان توقيعاً يتضمن خضوعه لشرائع الله وأحكامه ومن ثم فهو المكلف.
أما أولئك الآخرون الذين لم يؤمنوا بعد بالله عز وجل فلا معنى لتكليفهم بالصلاة والصيام والحج ونحو ذلك ولا معنى لتحذيرهم من المحرمات أيَّاً كانت ومن ثم فإن الله لا يعاقب أولئك الناس في الدنيا عندما يوغلون في ارتكاب المعاصي وارتكاب المحرمات إذ ليس بينهم وبين الله عقد. أما نحن الذين وقَّعْنَا عقد المعاهدة مع الله إذ قلنا له نشهد أنك الله الحي القيوم الذي لا شريك لك ونشهد أننا عبادك.
إذاً فلا بد أن نفي بالعهد الذي ألزمنا به أنفسنا لكي يفي الله لنا بالعهد الذي ألزم ذاته العلية به، وصدق الله القائل:
(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة : 40].
هذا الكلام لا يُقال للمجتمعات الغربية، لا يُقال للمجتمعات الشاردة عن الإيمان بالله لكنه يُقال لأمثالنا الذين وقَّعوا صك عقد مع الله، متى؟ عندما قال قائلهم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم إنا مؤمنون بك ومسلمون لشرعك.
هل علمتم الفرق يا عباد الله؟
من هنا تنشأ هذه النتيجة التالية:
عندما يوغل الذين عاهدوا الله عز وجل على الالتزام بأمره، يوغلون بالمعاصي وعندما يستمرئون المحرمات ثم إنهم يتجاوزون ذلك إلى التباهي بها وإلى الاستخفاف بشرائع الله وأحكامه لابد تطبيقاً لسنة رب العالمين التي ألزم الله بها ذاته العلية أن يعجل العقاب لهم.
أما أولئك الآخرون الشاردون الذين لم يوقعوا صك العقد ولم يؤمنوا بالله عز وجل إيماننا و لم يسْلِموا لله سبحانه فإن الله لا يطالبهم – ولا معنى لمطالبته لهم – بشيء هو فرع عن الإيمان وهم لم يؤمنوا، ولذلك فقد تجد المجتمعات الغربية ترتكب ما تشاء من المحرمات، ترتكب ما تشاء من الموبقات، توغل في الشهوات الجانحة والأهواء المحرمة ومع ذلك لا تجد عقاباً ينزل بساحتهم، وكم استشكل ذلك أناس. السبب يا هذا أن أولئك لم يوقعوا صك العقد مع الله.
أما نحن فقد وقَّعنا صك العقد، ألم نقل أشهد أن لا إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله؟ ألم نعلن راية الإيمان بالله والإسلام لله عز وجل فوق رؤوسنا.
هذه السُّنَّة لو أننا تدبرناها ونحن نتلوا كتاب الله عز وجل لن يطوف بأذهان أيٍّ منا استشكال عندما يجدون أن تلك المجتمعات الغربية تتقلب في نعيم لا نظير له، الجواب معروف، هذا هو الذي ذكرته لكم.
شيءٌ آخر يُضاف إلى هذا الذي أقول، هي أيضاً سنة من سنن رب العالمين تجدونها في كتاب الله.
إن الله عز وجل يحب العدالة والسهر على موازينها ويثيب على هذه العدالة في الدنيا قبل الآخرة ولو كان العادل جاحداً كافراً بالله، ويكره الظلم ويعاقب عليه في الدنيا قبل الآخرة ولو كان الظالم مؤمناً مسلماً بالله، هذه قاعدة ألزم الله بها ذاته العلية. فإن وجدت مجتمعاً لا يقيم وزناً للإيمان بالله لكنه يرعى مبادئ العدالة، يرعى مبادئ التكريم للإنسان، يحرص أفراده على حقوق الإنسان وعلى حماية الكرامة الإنسانية أن تُهْدَر، إذا وجدتَ مجتمعاً بهذا الشكل فاعلم أن الله عز وجل يثيب أفراد هذا المجتمع في الدنيا قبل الآخرة، يكرمهم الله بالرزق الوفير هابطاً من السماء ويكرمهم بالرزق الوفير نابعاً من جنبات الأرض. وإذا رأيت مجتمعاً يشيع فيه التظالم، يشيع فيه الإعراض عن موازين العدل، يشيع فيه النسيان للكرامة التي متَّع الله بها الإنسان من حيث ذاته فاعلم أن هذا المجتمع مُعَرَّضٌ لعقاب عاجل من الله سبحانه وتعالى ولو كان أفراده يرفعون فوق رؤوسهم لواء الإيمان بالله، لواء شهادة أن لا إله إلا الله، ولو كان كتاب الله عز وجل يُتلى بين ظهورهم في آناء الليل وأطراف النهار يا أيها الإخوة.
هذه سُنَّةٌ ربانية اقرؤوها وتبينوها في كتاب الله سبحانه وتعالى لتعلموا أن العدالة الإلهية ماضية كأدق ما تكون العدالة في المجتمعات الإنسانية بل لتعلموا أن رحمة الله عز وجل قد سبقت غضبه.
والآن ما الثمرة التي نقطفها من هذا الكلام أيها الإخوة؟
الثمرة التي نقطفها هي أن ننظر إلى النذير الخطير الذي تشتد وطأته مع الأيام، هذا النذير الخطير الذي لا عهد لي به من قبل قط، نذير هذا الصيف الذي لم يُطْوَ بعد، نذير الينابيع التي تُسْرِع في التراجع، نذير هذا النبع الكبير الذي لم يبق منه إلا ثلُثُه. هذا النذير ما موقفنا منه، أنقول إنها الطبيعة؟! فما للذين يؤمنون بالطبيعة لا يستنزلون رزق الله من سحبه؟ مالهم لا يستمطرون عن طريق القنابل التي تعتصر السحب أمطاراً؟ ما لهم لا يفعلون ذلك؟
الأمر بيد الله والأمر ليس عائداً إلى أحدٍ من البشر أبداً. إذاً
(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الذاريات : 50].
(فِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) والفرصة سانحة.
(فِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) وها هي ذي فرصة الأيام العشرة الأولى من شهر ذي الحجة هي خير أيام العام كله.
ولقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس: (ما من أيام العمل الصالح فيهن خيرٌ منه في هذه الأيام، قال قائلهم حتى الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بماله ودمه فلم يرجع من ذلك بشيء).
انتهزوا هذه الفرصة، أقولها لنفسي أولاً وأقولها لكم جميعاً وأقولها لسائر الإخوة والأخوات السامعين والسامعات: اطرقوا باب الله بيد الذل، اطرقوا باب الله بيد المسكنة، قولوا بصوت قلوبكم قبل أن تقولوها بحركات ألسنتكم ها نحن قد عدنا إليك يا رب فاقبل توبة التائبين، ها قد عدنا إليك يا رب أبدل عسرنا يسراً.
وإذا جاء يوم عرفة فاعلموا أن ذلك هو اليوم الأغر الذي يتجلى فيه على عباده بالرحمات التي لا نهاية لها، صوموا هذا اليوم عباد الله.
سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وغيره عن صوم يوم عرفة فقال: صيام ذلك اليوم كفارة لسنة قبله ولسنة بعده.
دعاء يوم عرفة مستجاب، (أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وخير الدعاء دعاء يوم عرفة).
تعالوا نعاهد الله أن نلتجئ إلى الله ونحن متذللون بجلباب الذل والعبودية جميعاً، نجأر إلى الله بالضراعة، نجأر إلى الله بالذل أن يرفع عنا هذا البلاء، أن يكرمنا بالسقيا وألا يأخذنا بجريرة أفعالنا ولا بجريرة أفعال غيرنا.
أقول قولي هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الرشد وأسأله سبحانه وتعالى أن يوقظ فطرة العبودية لله بين جوانحنا قبل فوات الأوان، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.موقع نسيم الشام [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
| |
|
زائر زائر
| |
manar.seif الوسام الذهبي
الابراج :
عدد المساهمات : 270 تاريخ الميلاد : 22/06/1979 العمر : 45 نقاط : 451 تاريخ التسجيل : 07/02/2010
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: رد: بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) صدق الله العظيم -العلامة البوطي الإثنين نوفمبر 15, 2010 3:54 pm | |
| | |
|
Admin//د.وسام محمد المدير العام Administrator
الابراج :
عدد المساهمات : 3746 تاريخ الميلاد : 13/10/1981 العمر : 43 نقاط : 6263 تاريخ التسجيل : 04/01/2008 رقم الهاتف الجوال : 0020169785672
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: رد: بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) صدق الله العظيم -العلامة البوطي الإثنين نوفمبر 15, 2010 4:22 pm | |
| | |
|
manar.seif الوسام الذهبي
الابراج :
عدد المساهمات : 270 تاريخ الميلاد : 22/06/1979 العمر : 45 نقاط : 451 تاريخ التسجيل : 07/02/2010
بطاقة الشخصية تربوي:
| موضوع: رد: بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) صدق الله العظيم -العلامة البوطي الإثنين نوفمبر 15, 2010 4:41 pm | |
| | |
|