Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
عزيزي الزائر يشرفنا إنضمامك لأسرة المنتدي بالضغط علي كلمة التسجيل وإن كنت عضوا في المنتدي فبادر بالضغط علي كلمة دخول وأكتب أسمك وكلمة السر فنحن في إنتظارك لتنضم إليناDear Guest ,We welcome to you with us & We hope That you will be a Member in our Forum
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


We Present Wessam The Educational Forum بسم الله الرحمن الرحيم نقدم لكم وسام المنتدي التربوي
 
الرئيسيةFace Bookأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدولة الموحدية..الخلفاء الامازيغ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سامي التلمساني iss.king
الوسام الذهبي
الوسام الذهبي
سامي التلمساني iss.king


الابراج : السمك

عدد المساهمات : 540
تاريخ الميلاد : 17/03/1983
العمر : 41
نقاط : 1372
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
رقم الهاتف الجوال : /

بطاقة الشخصية
تربوي:

الدولة الموحدية..الخلفاء الامازيغ Empty
مُساهمةموضوع: الدولة الموحدية..الخلفاء الامازيغ   الدولة الموحدية..الخلفاء الامازيغ I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 28, 2010 10:03 pm

name of Allah

الموحدون -- الدولة الموحدية بالمغرب --

في سنة 541هـ= 1146 م بزغ نجم دولة الموحدين، وكان أول حكّامها عبد المؤمن بن عليّ (487 - 558هـ= 1094 - 1163 م) صاحب "محمد بن تومرت" ويُعدّ عبد المؤمن بن علي الرجل الثانيبعد ابن تومرت المؤسس الحقيقي والفعلي لجماعة الموحدين.

نسبه وقبيلته:

هو عبد المؤمن بن علي بن مخلوف بن يعلى بن مروان، أبو محمد الكومي،نسبته إلى كومية (من قبائل البربر).
ولد في مدينة "تاجرت" بالمغرب قرب "تلمسان"، ونشأ فيها طالب علم، وأبوهصانع فخار.
وفي وصف "عبد المؤمن بن عليّ" قال عبد الواحد المراكشي في المعجب وكان أبيض ذا جسم عمم تعلوه حمرة شديد سواد الشعر معتدل القامة وضيء الوجه جهوري الصوت فصيح الألفاظ جزل المنطق وكانمحبباً إلى النفوس لا يراه أحد إلا أحبه وبلغني أن ابن تومرت كان ينشد كلمارآه:
تكاملت فيك أخلاق خصصت بها فكلنـا بك مسـرور ومغتبـط
فالسن ضاحكـة والكـف مانحة والصدر منشرح والوجه منبسط
وذكر الذهبي في كتابه العبر، وابن العماد في شذرات الذهب بأنه كان ملكًا عادلًا، سائسًا، عظيم الهيبة، عالي الهمة، متين الديانة، كثيرالمحاسن، قليل المِثل، وكان يقرأ كل يوم سُبُعًا من القرآن العظيم، ويجتنب لبس الحرير - وهذا يعني أن لبس الحرير كان عادة وإلفًا في زمانه - وكان يصوم الاثنينوالخميس، ويهتم بالجهاد والنظر في الْمُلْك كأنما خُلق له. ثم بعد هذه الأوصاف نجدهذه العبارة التي تحمل كثيرًا من علامات الاستفهام حيث يقول: وكان سفّاكا لدماء من خالفه.!!
وقال عنه "الزركلي" في "الأعلام": وكان عاقلًا حازمًا شجاعًا موفقًا، كثير البذل للأموال، شديد العقاب علىالجرم الصغير عظيم الاهتمام بشؤون الدين، محبًا للغزو والفتوح، خضع له المغربان (الاقصى والاوسط) واستولى على إشبيلية وقرطبة وغرناطة والجزائر المهدية وطرابلسالغرب وسائر بلاد أفريقية، وأنشأ الاساطيل، وضرب الخراج على قبائل المغرب، وهو أولمن فعل ذلك هنالك...
ومثل هذهالأوصاف ذكرها ابن كثير أيضًا في البداية والنهاية، وأضاف أنه كان يعيبه كثرة سفكالدماء لمن عارضه من أتباعه أو من غير أتباعه.
وهذه بالطبع- وكما ذكرنا - هي تعاليم محمد بنتومرت.
وإضافة إلى هذا المنهجالعقيم وتلك الصفة السابقة - التساهل في أمر الدماء - فقد كان "محمد بن تومرت" حين يعلم أن أتباعه ينظرون إلى الغنائم التي حصّلوها من دولة المرابطين في حربهم معهم كان يأخذها كلها فيحرقها.. وكان يعذّر بالضرب من يفوته قيام الليل من جماعته. فنشأت جماعة من الطائعين الزاهدين العابدين، لكن على غير نهج رسول الله صلى الله عليهوسلم الذي لم يكن يحرق الغنائم أو يضرب المتباطئين أو المتثاقلين عن قيام الليل، أويتبع مثل هذا المنهج وتلك الرهبنة المتشددة، فكره كثير من الناس مثل هذا الأسلوب،لكنهم مع ذلك اتبعوه...!!
وعلى مايبدو فقد كانت فكرتا العصمة والمهدية اللتين ادّعاهما محمد بن تومرت واقتنع بهماأتباعه من بعده لم يكن عبد المؤمن بن عليّ مقتنعا بهما ؛ لأنه أبدًا ما ادّعى أيامنهما،كما أنه لم يدّع فكر الخوارج الذي كان قد اعتقد به أو ببعضه "محمد بنتومرت".
وعلى الجانب الآخر فإن "عبد المؤمن بن عليّ" لم ينف مثل هذه الأفكار الضالة صراحة؛ وذلك لأن غالب شيوخالموحّدين كانوا على هذا الفكر وذلك الاعتقاد، فخاف إن هو أعلن أن أفكار "محمد بن تومرت" هذه مخالفة للشرع أن ينفرط العقد ويحدث التفكك في هذه الفترة الحرجة من دولةالموحدين....

عبد المؤمن بن عليّ في الأندلس*اول خليفة امازيغي

في سنة 543 هـ= 1148 م وبعد التدهور الكبير الذي حدث في بلادالأندلس، قدم إلى بلاد المغرب العربي القاضي ابن العربي صاحب (العواصم من القواصم) قدم من الأندلس وبايع "عبد المؤمن بن علي"،وطلب النجدة لأهل الأندلس.
وإن مبايعة القاضي ابن العربي لعبد المؤمن بن عليّ- ولم يكن الموحدون يدعون لبني العباس بل كانو يدعون بالخلفاء امير المؤمنين- لتعطي إشارة واضحة إلى أن عبد المؤمن بن عليّ لم يكن ليعتقد أو يدعو إلى أفكار ضالة كما في الدعوة إلى العصمة أو المهدية أو غيرها مماكان يدين بها محمد بن تومرت وبعض من أتباعه، وإلا لم يكن للقاضي ابن العربي - وهوالذي اشتهر وعرف عنه الذبّ عن الإسلام من الضلالات والانحرافات - أن يقدم من بلادالأندلس لمبايعته على الطاعة والنصرة.
قَبِلَ عبد المؤمن بن عليّ الدعوة من القاضي ابن العربي، وجهزّ جيوشهوانطلق إلى بلاد الأندلس، وهناك بدأ يحارب القوات الصليبية حتى ضم معظم بلادالأندلس الإسلامية التي كانت في أملاك المرابطين إلى دولة الموحدين، وكان ممن قاتله هناك بعض أنصار دولة المرابطين إلا أنه قاتلهم وانتصر عليهم وذلك في سنة 545 هـ= 1150 م .
وفي سنة 552 هـ= 1157 ماستطاع أن يستعيد ألمريّة، وفي سنة 555 هـ= 1160 م استعاد تونس من يد النصارى،وبعدها بقليل - ولأول مرة - استطاع أن يضم ليبيا إلى دولة الموحدين، وهي بعد لم تكنضمن حدود دولة المرابطين.
وبهذايكون قد وصل بحدود دولة الموحدين إلى ما كانت عليه أثناء دولة المرابطين إضافة إلىليبيا، وقد اقتربت حدود دولته من مصر كثيرا، وكان يفكر في أن يوحّد كل أطراف الدولةالإسلامية تحت راية واحدة تكون لدولة الموحدين.
يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ (533 - 580 هـ= 1138 - 1184 م)وحكم الموحدين:
في عام 558 هـ= 1163 م يتوفي عبد المؤمن بن عليّ في "رباط سلا" في طريقه إلى الاندلس مجاهدًا، ونقل إلى "تينملل" فدفن فيها إلى جانب قبر ابن تومرت وخلفه على الخلافة ابنه محمد ثم خُلع لفسقه وسوء خلقه وولي الخلافة يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ، وكان يبلغ من العمر اثنينوعشرين عامًا، وقد كان مجاهدًا شهمًا كريمًا إلا أنه لم يكن في كفاءة أبيهالقتالية.
قال عنه الزركلي فيالأعلام: وكان حازما شجاعا، عارفًا بسياسة رعيته، له علم بالفقه، كثير الميل إلىالحكمة والفلسفة، استقدم إليه بعض علماء الاقطار وفي جملتهم أبو الوليد ابنرشد...وهو باني مسجد إشبيلية، أتمّه سنة 567 وإليه تنسب الدنانير " اليوسفية " فيالمغرب، وكانت علامته في المكاتبات وعلامة من بعده: " الحمد لله وحده "...
وقد ظل يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ يحكم دولة الموحدين اثنين وعشرين عامًا متصلة، منذ سنة 558 هـ= 1163 م وحتىسنة 580 هـ= 1185 م وقد نظم الأمور وأحكمها في كل بلاد الأندلس وبلاد المغربالعربي، وكانت له أعمال جهادية ضخمة ضد النصارى، لكنه كان يعيبه شيء خطير وهو أنهكان متفرد الرأي لا يأخذ بالشورى، وهذا - بالطبع - كان من تعليم وتربية أبيه عبدالمؤمن بن علي صاحب محمد بن تومرت كما ذكرنا.
كان لانفراد يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ بالرأي سببا قويا في حدوث أخطاءكثيرة في دولته، كان آخرها ما حدث في موقعة له مع النصارى حول قلعة من قلاعالبرتغال كان يقاتل فيها بنفسه، فقد قتل فيها ستة من النصارى، ثم طُعن بعد ذلكواستشهد رحمه الله في هذه الموقعة التي تُسمّى وقعة "شنترين" فمات قرب الجزيرةالخضراء في سنة 580 هـ= 1184 م.

العصر الذهبي لدولة الموحدين

بعد وفاة يوسف بن عبد المؤمن بن علي ّتولى الخلافة من بعده ابنه يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن عليّ، وقد لُقب في التاريخبا لمنصور، وكان له ابن يُدعى يوسف فعُرف بأبي يوسف يعقوب المنصورالموحدي.
أبو يوسف يعقوب المنصورالموحدي (554 - 595 هـ= 1160 - 1199 م)

التعريف به:
قال عنه ابن خلكان في وفيات الأعيان: أبو يوسف يعقوب بن أبي يوسف بن أبي محمد عبد المؤمن بن علي، القيسي الكومي صاحب بلاد المغرب... كان صافي السمرة جداً، جميل الوجه أفوه أعين شديد الكحل ضخم الأعضاء جهوري الصوت جزل الألفاظ، من أصدق الناس لهجة وأحسنهمحديثاً وأكثرهم إصابة بالظن، مجرباً للأمور، ولي وزارة أبيه، فبحث عن الأحوال بحثاًشافياً وطالع مقاصد العمال والولاة وغيرهم مطالعة أفادته معرفة جزئيات الأمور ولمامات أبوه اجتمع رأي أشياخ الموحدين وبني عبد المؤمن على تقديمه فبايعوه وعقدوا لهالولاية ودعوه أمير المؤمنين كأبيه وجده ولقبوه بالمنصور، فقام الأمر أحسن قيام،وهو الذي أظهر أبهة ملكهم ورفع راية الجهاد ونصب ميزان العدل وبسط أحكام الناس علىحقيقة الشرع ونظر في أمور الدين والورع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأقامالحدود حتى في أهله وعشيرته الأقربين كما أقامها في سائر الناس أجمعين، فاستقامت الأحوال في أيامه وعظمت الفتوحات.
ولما مات أبوه كان معه في الصحبة، فباشر تدبير المملكة من هناك، وأول مارتب قواعد بلاد الأندلس، فأصلح شأنها وقرر المقاتلين في مراكزها ومهد مصالحها فيمدة شهرين. وأمر بقراءة البسملة في أول الفاتحة في الصلوات وأرسل بذلك إلى سائربلاد التي في مملكته. فأجاب قوم وامتنع آخرون...
وقد تولى أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي حكم دولةالموحدين خمس عشرة سنة متصلة، من سنة 580 هـ= 1184 م وحتى سنة 595 هـ= 1199 م وكانأقوى شخصيه في تاريخ دولة الموحدين، ومن أعظم الشخصيات في تاريخ المسلمين بصفةعامة، وقد عُدّ عصره في دولة الموحدين بالعصر الذهبي.
ونستطيع أن نتناول سيرته في الأندلس من خلال هذين العنصرين:

أولا: المنصور الموحدي الرجل الإنسان

مثل عبد الرحمن الداخل ومن قبله عبد الرحمن الناصر وغيرهم ممن فعلوا ما لم يفعله الشيوخ والكبارتولى أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي وكان عمره خمسا وعشرين سنة فقط، وقد قامبالأمر أحسن ما يكون القيام، وقد رفع راية الجهاد، ونصب ميزان العدل، ونظر في أمورالدين والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هيأحسن.
واستطاع أبو يوسف يعقوبالمنصور الموحدي أن يغير كثيرا من أسلوب السابقين له، فكان سمته الهدوء والسكينةوالعدل والحلم، حتى إنه كان يقف ليقضي حاجة المرأة وحاجة الضعيف في قارعة الطريق،وكان يؤم الناس في الصلوات الخمس، وكان زاهدا يلبس الصوف الخشن من الثياب، وقد أقام الحدود حتى في أهله وعشيرته، فاستقامت الأحوال في البلاد وعظمت الفتوحات.
بلغت أعمال أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي الجليلة في دولته أوجها، حتى وصلت إلى أن حارب الخمور، وأحرق كتب الفلاسفة، واهتم بالطب والهندسة، وألغى المناظرات العقيمة التي كانت في أواخرعهد المرابطين وأوائل عهد الموحدين، وقد أسقط الديون عن الأفراد وزاد كثيرا فيالعطاء للعلماء، ومال هو إلى مذهب ابن حزم الظاهري لكنه لم يفرضه على الناس، بل إنهأحرق الكثير من كتب الفروع وأمر بالاعتماد على كتاب الله وعلى كتب السنةالصحيحة.
وفي دولته اهتم أيضا أبويوسف يعقوب المنصور الموحدي بالعمران، وقد أنشأ مدينة الرباط وسمّاها رباط الفتح،وأقام المستشفيات وغرس فيها الأشجار، وخصّص الأموال الثابتة لكل مريض، وكان رحمهالله يعود المرضى بنفسه يوم الجمعة، وأيضا كان يجمع الزكاة بنفسه ويفرقها علىأهلها، وكان كريما كثير الإنفاق حتى إنه وزّع في يوم عيد أكثر من سبعين ألف شاة علىالفقراء.

المنصور الموحدي يتبرأ من أ باطيل ابن تومرت

يُعدّ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أول من أعلن صراحة فساد أقوال محمد بن تومرت في فكرة العصمةوالمهدية، وقال بأن هذا من الضلالات، وأنه ليس لأحد عصمة بعد الأنبياء، وكان مجلسهرحمه الله عامرا بالعلماء وأهل الخير والصالحين. وقد ذكر الذهبي رحمه الله في العبرأنه كان يجيد حفظ القرآن والحديث، ويتكلم في الفقه ويناظر، وكان فصيحا مهيبا، يرتديزي الزهّاد والعلماء ومع ذلك عليه جلالة الملوك.
وعدم اعتراف المنصور الموحدي بأفكار ابن تومرت المخالفةللكتاب والسنة يجعله من أهل السنة والجماعة ومن الفئة الصالحة المصلحة التي يحققالله بها النصر والتمكين لدينه والعزة والمنعة لأهله - تعالى - وقد أورد المراكشي ما يفيد براءة المنصور الموحدي من أفكار ابن تومرت الضالة جاء في "المعجب في تلخيصأخبار المغرب" عن "المراكشي" قوله: أخبرني الشيخ الصالح أبو العباس أحمد بن إبراهيمبن مطرف المري ونحن بحجر الكعبة قال: قال لي أمير المؤمنين أبو يوسف يا أبا العباساشهد لي بين يدي الله عز وجل أني لا أقول بالعصمة - يعني عصمة ابن تومرت - قال: وقال: لي يوماً وقد استأذنته في فعل شيء يفتقر إلى وجود الإمام: يا أبا العباس أينالإمام؟ أين الإمام؟.
ويقول أيضًا: أخبرني شيخ ممن لقيته من أهل مدينة جيان من جزيرة الأندلس يسمى أبا بكر بن هانئمشهور البيت هناك لقيته وقد علت سنه فرويت عنه قال: لي لما رجع أمير المؤمنين - يعني المنصور الموحدي - من غزوة الأرك وهي التي أوقع فيها بالأدنفش وأصحابه خرجنانتلقاه فقدمني أهل البلد لتكليمه فرفعت إليه فسألني عن أحوال البلد وأحوال قضاتهوولاته وعماله على ما جرت عادته فلما فرغت من جوابه سألني كيف حالي في نفسي فتشكرتله ودعوت بطول بقائه ثم قال: لي ما قرأت من العلم قلت: قرأت تواليف الإمام أعني ابن تومرت فنظر إلي نظرة المغضب وقال: ما هكذا يقول: الطالب إنما حكمك أن تقول قرأتكتاب الله وقرأت شيئاً من السنة ثم بعد هذا قل ما شئت...
وقال عنه "المراكشي" في كتابه "المعجب في تلخيص أخبارالمغرب": وكان في جميع أيامه وسيره مؤثراً للعدل متحرياً له بحسب طاقته وما يقتضيهإقليمه والأمة التي هو فيها كان في أول أمره أراد الجري على سنن الخلفاءالأول.
فمن ذلك أنه كان يتولىالإمامة بنفسه في الصلوات الخمس لم يزل على ذلك مستمراً أشهراً إلى أن أبطأ يوماًعن صلاة العصر إبطاء كاد وقتها يفوت وقعد الناس ينتظرونه فخرج عليهم فصلى ثم أوسعهملوماً وتأنيباً وقال: ما أرى صلاتكم إلا لنا وإلا فما منعكم عن أن تقدموا رجلاًمنكم فيصلي بكم أليس قد قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوفحين دخل وقت الصلاة وهو غائب أما لكم بهم أسوة وهم الأئمة المتبعون والهداةالمهتدون فكان ذلك سبباً لقطعه الإمامة.
وكان يقعد للناس عامة لا يحجب عنه أحد من صغير ولا كبير حتى اختصم إليهرجلان في نصف درهم فقضى بينهما وأمر الوزير أبا يحيى صاحب الشرطة أن يضربهما ضرباًخفيفاً تأديباً لهما وقال: لهما أما كان في البلد حكام قد نصبوا لمثل هذا فكان هذاأيضاً مما حمله على القعود في أيام مخصوصة لمسائل مخصوصة لا ينفذهاغيره.
وكان قد أمر أن يدخل عليهأمناء الأسواق وأشياخ الحضر في كل شهر مرتين يسألهم عن أسواقهم وأسعارهموحكامهم.
وكان إذا وفد عليه أهل بلد فأول ما يسألهم عن عمالهم وقضاتهم وولاتهم فإذا أثنوا خيراً قال: أعلموا أنكممسؤولون عن هذه الشهادة يوم القيامة فلا يقولن امرؤ منكم إلا حقاً وربما تلا في بعضالمجالس: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِشُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِوَالْأَقْرَبِينَ] {النساء 135}.
كل هذه الصفات السابقة لأبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي وهو ما زالشابًا بدأ الحكم وعمره خمس وعشرون سنة فقط.

ثانيا: المنصور الموحدي وبلاد الأندلس

إضافة إلى أعماله السابقة في دولة الموحدين بصفة عامة، فقدوطد أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي الأوضاع كثيرا في بلاد الأندلس، وقوى الثغورهناك، وكان يقاتل فيها بنفسه، وقد كانت أشد الممالك ضراوة عليه مملكة البرتغال ثممن بعدها مملكة قشتالة. وقد كان له في الأندلس ما يلي:
أولا: القضاء على ثورات بني غانية:
في سنة 585 هـ= 1189 م وفي جزر البليار من بلاد الأندلسقامت قبيلة بني غانية من أتباع المرابطين بثورة عارمة على الموحدين، وقد كان لهذهالقبيلة ثورات من قبل على عبد المؤمن بن عليّ وابنه يوسف بن علي أيضا من بعده،فقاموا بثورة في جزر البليار وأخرى في تونس.
ما كان من أبي يوسف يعقوب المنصور إلا أن عاد من داخل بلاد الأندلس إلىجزر البليار فقمع ثورة بني غانية هناك، ثم رجع إلى تونس فقمع أيضا ثورتهم، وكان منجراء ذلك أن ضعفت كثيرا قوة الموحدين في الأندلس.
استغلّ ملك البرتغال انشغال أبي يوسف يعقوب المنصوربالقضاء على هذه الثورات واستغل الضعف الذي كان نتيجة طبيعية لذلك، واستعان بجيوشألمانيا وإنجلترا البرية والبحرية، ثم حاصر أحد مدن المسلمين هناك واستطاع أنيحتلها ويخرج المسلمين منها، وقد فعل فيها من الموبقات ما فعل، ثم استطاع أن يواصلتقدمه إلى غرب مدينة أشبيليّة في جنوب الأندلس. وهنا يكون الوضع قد أضحى في غايةالخطورة.
وحول ثورات بني غانية. فقد كان مقبولًا منهم أن يقوموا بثورات على السابقين من حكام الموحدين قبل أبي يوسفيعقوب المنصور بحجة أفكارهم الضالة التي خرجت عن منهج الله سبحانه وتعالى، لكنالسؤال هو لماذا الثورة على هذا الرجل الذي أعاد للشرع هيبته من جديد، والذي أقامالإسلام كما ينبغي أن يقام، والذي أعاد القرآن والسنة إلى مكانهماالصحيح؟!
كان من الواجب على بنيغانية أن يضعوا أيديهم في يد أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي رحمه الله ويضمواقوتهم إلى قوته ليحاربوا العدو الرئيس الرابض والمتربص لهم، والمتمثل في دول الشمالالأندلسي، سواء أكانت دول قشتالة أو البرتغال أو الممالك الأخرى، لكن هذا لم يحدث،فأدت هذه الثورات الداخلية إلى ضعف قوة الموحدين في بلاد الأندلس، وإلى هذاالانهيار المتدرج في هذه المنطقة.
ثانيا: المواجهات مع النصارى واستعادة السيطرة:
بعد القضاء على ثورات بني غانية أخذ أبو يوسف يعقوبالمنصور الموحدي يفكر في كيفية إعادة الوضع إلى ما كان عليه، ووقف أطماع النصارى فيبلاد الأندلس.
علم أولا أن أشدقوتين عليه هما قوة قشتالة وقوة البرتغال، لكنه رأى أن قوة البرتغال أشد وأعنف منسابقتها، فقام بعقد اتفاقيه مع قشتالة عاهدهم فيها على الهدنة وعدم القتال مدة عشرسنوات.
اتجه أبو يوسف يعقوبالمنصور بعد ذلك إلى منطقة البرتغال، وهناك حاربهم حروبا شديدة وانتصر عليهم فيأكثر من مرة، واستطاع أن يحرر المنطقة بكاملها ويسترد إلى أملاك المسلمين من جديدما كان قد فقد هناك.
وقبل أن يكتملله تحرير تلك المنطقة نقض ملك قشتاله العهد الذي كان قد أبرمه معه، وعليه فقد بدأيعيث تهجما وفسادا على أراضي المسلمين، ثم بعث ألفونسو الثامن- ملك قشتالة في ذلكالوقت، وهو من أحفاد ألفونسو السادس الذي هُزم في موقعة الزلاّقة الشهيرة - بعثبرسالة إلى أبي يوسف يعقوب المنصور الموحدي يهين فيها المسلمين ويهددهويتوعده.

رسالة ألفونسو التي أثارت حميّة المسلمين

كتب ألفونسو الثامن ملك قشتالة إلى سلطان الموحدين "المنصور الموحدي" كتابًا يشابه الكتاب الذي أرسله ألفونسو السادس إلى يوسف بنتاشفين، يدعوه إلى القتال وهذا نص خطابه - كما أورده ابن خلكان في وفيات الأعيان -: باسمك اللهم فاطر السموات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح روح الله وكلمتهالرسول الفصيح، أما بعد فإنه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب ولا ذي عقل لازب، أنك أميرالملة الحنيفية كما أني أمير الملة النصرانية، وقد علمت الآن ما عليه رؤساء أهلالأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرعية، وإخلادهم إلى الراحة، وأنا أسومهم بحكمالقهر وجلاء الديار وأسبي الذراري وأمثل بالرجال، ولا عذر لك في التخلف عن نصرهمإذا أمكنتك يد القدرة، وأنتم تزعمون أن الله تعالى فرض عليكم قتال عشرة منا بواحدمنكم، فالآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحدمنا لا تستطيعون دفاعاً ولا تملكون امتناعاً، وقد حكي لي عنك أنك أخذت في الاحتفالوأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك عاماً بعد عام، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فلاأدري أكان الجبن أبطأ بك أم التكذيب بما وعد ربك، ثم قيل لي إنك لا تجد إلى جوازالبحر سبيلاً لعلةٍ لا يسوغ لك التقحم معها، وها أنا أقول لك ما فيه الراحة لكوأعتذر لك وعنك، على أن تفي بالعهود والمواثيق والاستكثار من الرهان، وترسل إليّجملة من عبيدك بالمراكب والشواني والطرائد والمسطحات، وأجوز بجملتي إليك، وأقاتلكفي أعز الأماكن لديك، فإن كانت لك فغنيمة كبيرة جلبت إليك وهدية عظيمة مثلت بينيديك، وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك، واستحقيت إمارة الملتين والحكم علىالبرين، والله تعالى يوفق للسعادة ويسهل الإرادة، لارب غيره ولا خير إلا خيره، إنشاء الله تعالى.
فلما وصل كتابهإلى الأمير يعقوب مزّقه وكتب على ظهر قطعة منه: [ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْمِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ] {النمل: 37} الجواب ما ترى لا ما تسمع.
وعلى الفور أعلن الجهادوالاستنفار العام في كل ربوع المغرب والصحراء، وأمر بنشر ما جاء في كتاب ألفونسوالثامن ليحمس الناس ويزيد من تشويقهم للجهاد.
قبل هذا الوقت بسنوات قلائل كان المسلمون في كل مكان يعيشون نشوة النصرالكبير الذي حققه صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في موقعة حطين الخالدة في سنة 583 هـ= 1187 م أي قبل هذه الأحداث بسبع سنوات فقط، وما زال المسلمون في المغربيعيشون هذا الحدث الإسلامي الكبير ويتمنون ويريدون أن يكرروا ما حدث في المشرق،خاصة بعد أن قام أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي بتحفيزهم في الخروج إلى الجهاد،فتنافسوا في ذلك [وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ] {المطَّففين:26}.
(( دوّت صيحةالجهاد في جميع أنحاء المغرب، من مدينة "سلا" على المحيط الأطلسي، حتى "برقة" شرقًاعلى حدود مصر، ضد الذين غدوا خطرًا على الإسلام...
لقد هرع الرجال والشباب والشيوخ وسكان الهضاب والصحارىوالشواطيءفي جميع أنحاء المغرب إلى الانضمام إلى ألوية الجهاد في الأندلس، وأخذالخطر الداهم ينذر الغرب في الوقت الذي حاول فيه النصارى أن يرفعوا الصليب فيالشرق...)) الأرك - شوقي أبو خليل
بدأ هذا الاستنفار في سنة 590 هـ= 1194 م وبعدها بعام واحد وفي سنة 591هـ=1195 م انطلقت الجيوش الإسلامية من المغرب العربي والصحراء وعبرت مضيق جبل طارقإلى بلاد الأندلس لتلتقي مع قوات الصليبيين الرابضة هناك في موقعة ما برح التاريخيذكرها ويجلّها.

موقعة الأرك الخالدة

"الأرك": حصن على بعد عشرين كم إلى الشمال الغربي من قلعة رباح، علىأحد فروع نهر وادي آنة، غرب المدينة الاسبانية الحديثة giadad real "المدينةالملكية". والأرك هي نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في حينه. الأرك - شوقي أبوخليل
في التاسع من شهر شعبان لسنةسنة 591 هـ=1195 م وعند هذا الحصن الكبير الذي يقع في جنوب "طليطلة" على الحدود بينقشتالة ودولة الأندلس في ذلك الوقت التقت الجيوش الإسلامية مع جيوش النصارىهناك.
أعد "ألفونسو الثامن" جيشهبعد أن استعان بمملكتي "ليون ونافار"، وبجيوش ألمانيا وإنجلترا وهولندا.. في قوةيبلغ قوامها خمسة وعشرين ألفا ومائتي ألف نصراني، وقد أحضروا معهم بعض جماعاتاليهود لشراء أسرى المسلمين بعد انتهاء المعركة لصالحهم، ليتم بيعهم بعد ذلك فيأوروبا.
وعلى الجانب الآخر فقدأعدّ أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي جيشا كبيرًا، بلغ قوامه مائتي ألف مسلم منجراء تلك الحمية التي كانت في قلوب أهل المغرب العربي وأهل الأندلس على السواء،خاصة بعد انتصارات المسلمين في حطين (583 هـ= 1187 م ) فيالشرق...
البدايات وأمور جديدة علىالموحدين
في منطقة "الأرك" وفي أولعمل له عقد أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي مجلسًا استشاريًا يستوضح فيه الآراءوالخطط المقترحة في هذا الشأن، وقد كان هذا على غير نسق كل القادة الموحدينالسابقين له والذين غلب عليهم التفرد في الرأي، فنهج منهج رسول الله صلى الله عليهوسلم في ذلك الأمر.
وفي هذا المجلسالاستشاري استرشد أبو يوسف يعقوب المنصور بكل الآراء، حتى إنه استعان برأي أبي عبدالله بن صناديد في وضع خطة الحرب، وهو زعيم الأندلسيين وليس من قبائل المغربالبربرية، وكان هذا أيضًا أمرًا جديدًا على دولة الموحدين التي كانت تعتمد فقط علىجيوش المغرب العربي، فضم أبو يوسف يعقوب المنصور قوة الأندلسيين إلى قوة المغاربةوقوة البربر القادمين من الصحراء.
الاستعداد ووضع الخطط
في خُطة شبيهة جدًا بخطة موقعة الزلاقة قسم أبو يوسف يعقوب المنصورالجيش إلى نصفين، فجعل جزءا في المقدمة وأخفى الآخر خلف التلال وكان هو على رأسه،ثم اختار أميرا عاما للجيش هو كبير وزرائه أبو يحيى بن أبي حفص، وقد ولى قيادةالأندلسيين لأبي عبد الله بن صناديد؛ وذلك حتى لا يوغر صدور الأندلسيين وتضعفحماستهم حين يتولى عليهم مغربي أو بربري.
وإتمامًا لهذه الخطة فقد جعل الجزء الأول من الجيش النظامي الموحدي ومنالأندلسيين، وقد قسمه إلى ميمنه من الأندلسيين وقلب من الموحدين وميسرة من العرب،ثم جعل من خلفهم مجموعة المتطوعين غير النظاميين، الذين ليست لهم كفاءة عالية فيالقتال.
وهو يريد بذلك أن تتلقىالجيوش النظامية التي في المقدمة الصدمة والضربة الأولى من قوات الصليبيين فيصدونهمصدا يليق بتدريباتهم؛ مما يوقع الرهبة في قلوب الصليبيين ويرفع من معنويات الجيشالإسلامي، أما المتطوعين غير النظاميين الذين ليست لهم كفاءة عالية في القتالفوضعهم من وراء المقدمة حتى لا يُكسروا أول الأمر، ومكث هو - كما ذكرنا - فيالمجموعة الأخيرة خلف التلال.
راحبعد ذلك أبو يوسف يعقوب المنصور يوزع الخطباء على أطراف الجيش يحمسونه على الجهاد،وعند اكتمال الحشد وانتهاء الاستعداد للقتال أرسل الأمير الموحدي رسالة إلى كلالمسلمين يقول فيها: إن الأمير يقول لكم اغفروا له فإن هذا موضع غفران، وتغافروافيما بينكم، وطيبوا نفوسكم، وأخلصوا لله نياتكم. فبكى الناس جميعهم، وأعظموا ماسمعوه من أميرهم المؤمن المخلص، وعلموا أنه موقف وداع، وفي موقف مهيب التقىالمسلمون مع بعضهم البعض وعانقوا بعضهم بعضًا، وقد ودّعوا الدنيا وأقبلوا علىالآخرة.

اللقاء المرتقب

فيتلك الموقعة كان موقع النصارى في أعلى تل كبير، وكان على المسلمين أن يقاتلوا منأسفل ذلك التل، لكن ذلك لم يرد المسلمين عن القتال.
وقد بدأ اللقاء ونزل القشتاليون كالسيل الجارف المندفع منأقصى ارتفاع، فهبطوا من مراكزهم كالليل الدامس وكالبحر الزاخر، أسرابا تتلوهاأسراب، وأفواجا تعقبها أفواج، وكانت الصدمة كبيرة جدا على المسلمين، فقد وقع منهمالكثير في تعداد الشهداء، ثم ثبتوا بعض الشيء ثم تراجعوا، وحين رأى المنصور ذلك نزلبنفسه ودون جيشه، وفي شجاعة نادرة قام يمر على كل الفرق مناديا بأعلى صوته في كلالصفوف: جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم. ثم عاد رحمه الله إلى مكانه منجديد.
استطاع المسلمون بعدها أنيردّوا النصارى في هذا الهجوم، ثم ما لبث النصارى أن قاموا بهجوم آخر، وكان كسابقه،انكسار للمسلمين ثم ثبات من جديد وردّ للهجوم للمرة الثانية، ثم كان الهجوم الثالثللنصارى وكان شرسا ومركزا على القلب من الموحدين، فسقط آلاف من المسلمين شهداء،واستشهد القائد العام للجيش أبو يحيى بن أبي حفص.
وهنا ظن النّصارى أن الدائرة قد دارت على المسلمين وأنالمعركة قد باتت لصالحهم، فنزل ملك قشتالة إلى الموقعة يحوطه عشرة آلاف فارس، عندئذكانت قد تحركت ميمنة المسلمين من الأندلسيين وهجمت على قلب الجيش القشتالي مستغلةضعفه في تقدم الفرسان القشتاليين نحو الموحدين في القلب، وهجمت بشدة على النصارى ،واستطاعت حصار العشرة آلاف الذين يحوطون ألفونسو الثامن.
حدث لذلك اضطراب كبير داخل صفوف الجيش القشتالي، واستمرتالموقعة طويلا، وقد ارتفعت ألسنة الغبار الكثيف، وأصبح لا يسمع إلا صوت الحديد وقرعالطبول وصيحات التكبير من جيش المؤمنين، وبدأت الدائرة تدريجيا تدور على النصارى،فالتفوا حول ملكهم وقد تزعزت قلوبهم.
وهنا وحين رأى ذلك أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي أمرَ جيشه الكامن خلفالتلال بالتحرك، وقد انطلق معهم وفي مقدمة جيشه علم دولة الموحدين الأبيض، وقد نقشعليه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، لا غالب إلا الله.

ارتفعت بذلك معنويات الجيش الإسلامي كثيرًا، وقد أسلمالنصارى رقابهم لسيوف المسلمين فأعملوها فيهم قتلًا وتشريدًا، وانتصر المسلمونانتصارًا باهرًا في ذلك اليوم الموافق التاسع من شهر شعبان لسنة 591 هـ= من الهجرة،وأصبح "يوم الأرك" من أيام الإسلام المشهودة، قالوا عنه: مثل الزلّاقة،

وقالوا عنه: بل فاق الزلاقة.

وقد هرب "ألفونسوالثامن" في فرقة من جنوده إلى "طليطلة"، وطارت أخبار النصر في كل مكان، ودوت أخبارذلك الانتصار العظيم على منابر المسلمين في أطراف دولة الموحدين الشاسعة، بل وصلتهذه الأخبار إلى المشرق الاسلامي، وكانت سعادة لا توصف، خاصة وأنها بعد ثمانيةأعوام فقط من انتصار حطيّن العظيم.
قال "المقرّي" في "نفح الطيب": وكان عدّة من قتل من الفرنج - فيما قيل - مائة ألف وستّة وأربعين ألفاً، وعدّة الأسارى ثلاثين ألفاّ، وعدّة الخيام مائة ألفوستّة وخمسين ألف خيمة ، والخيل ثماني ألفاً، والبغال مائة ألف، والحمير أربعمائةألف، جاء بها الكفّر لحمل أثقالهم لأنّهم لا إبل لهم، وأمّا الجواهر والأموال فلاتحصى، وبيع الأسير بدرهم، والسيف بنصف درهم، والفرس بخمسة دراهم، والحمار بدرهم،وقسم يعقوب الغنائم بين المسلمين بمقتضى الشرع، ونجا الفنش ملك النصارى إلى طليطلةفي أسوأ حال، فحلق رأسه ولحيته، ونكس صليبه، وآلى أن لا ينام على فراش، ولا يقربالنساء،ولا يركب فرساً ولا دابة، حتى يأخذبالثأر، وصار يجمع من الجزائر والبلادالبعيدة ويستعدّ، ثم لقيه يعقوب وهزمه وساق خلفه إلى طليطلة وحاصره ورمى عليهابالمجانيق وضيّق عليها، ولم يبق مدينة إلا فتحها، فخرجت إليه والدة الأذفونش وبناتهونساؤه وبكين بين يديه، وسألنه إبقاء البلد عليهن، فرقّ لهن ومنّ عليهن بها، ووهبلهن من الأموال والجواهر ما جلّ،وردّهنّ مكرماتٍ، وعفا بعد القدرة، وعاد إلى قرطبة،فأقام شهراً يقسم الغنائم...

نتائج انتصار الأرك

تمخض عن انتصار الأرك الكبير آثار ونتائج عظيمة،أهمّها ما يلي:

أولًا: الهزيمةالساحقة لقوات النصارى
كان من أهمآثار انتصار الأرك تبدد جيش النصارى بين القتل والأسر، فقد قتل منهم في اليوم الأولفقط - على أقل تقدير - ثلاثون ألفا، وقد جاء في نفح الطيب للمقرّي، وفي وفياتالأعيان لابن خلّكان أن عدد قتلى النصارى وصل إلى ستة وأربعين ألف ومائة ألف قتيلمن أصل خمسة وعشرين ألفا ومائتي ألف مقاتل، وكان عدد الأسرى بين عشرين وثلاثين ألفأسير، وقد منّ عليهم المنصور بغير فداء؛ إظهارا لعظمة الإسلام ورأفته بهم، و عدماكتراثه بقوة النصارى.
ثانيا: النصر المادي:
رغم الكسب الماديالكبير جدا، إلا أنه كان أقل النتائج المترتبة على انتصار المسلمين في موقعة الأرك،فقد حصد المسلمون من الغنائم ما لا يحصى، وقد بلغت - كما جاء في نفح الطيب - ثمانينألفا من الخيول، ومائة ألف من البغال، وما لا يحصى منالخيام.
وقد وزع المنصور رحمه اللههذه الأموال الضخمة وهذه الغنائم كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوزععلى الجيش أربعة أخماسها، واستغل الخمس الباقي في بناء مسجد جامع كبير في أشبيلية؛تخليدا لذكرى الأرك، وقد أنشأ له مئذنة سامقة يبلغ طولها مائتي متر، وكانت من أعظمالمآذن في الأندلس في ذلك الوقت، إلا أنها - وسبحان الله - حين سقطت أشبيليّه بعدذلك في أيدي النصارى تحولت هذه المئذنة والتي كانت رمزا للسيادة الإسلامية إلى برجنواقيس للكنيسة التي حلت مكان المسجد الجامع، وهي موجودة إلى الآن، ولا حول ولا قوةإلا بالله.
ثالثا: النصرالمعنوي:
كان من نتائج موقعة الأركأيضا ذلك النصر المعنوي الكبير الذي ملأ قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،فقد ارتفع نجم دولة الموحدين كثيرا، وارتفعت معنويات الأندلسيين وهانت عليهم قوةالنصارى، وارتفعت أيضا معنويات المسلمين في كل بلاد العالم الإسلامي حتى راحوايعتقون الرقاب ويخرجون الصدقات فرحا بهذا الانتصار.
وكان من جراء ذلك أيضا أن استمرت حركة الفتوح الإسلامية،واستطاع المسلمون فتح بعض الحصون الأخرى، وضموا الشمال الشرقي من جديد إلى أملاكالمسلمين كما كان في عهد المرابطين، وحاصروا طليطلة سنوات عديدة إلا أنها - كماذكرنا من قبل - كانت من أحصن المدن الأندلسية فلم يستطيعوافتحها.
وارتفعت معنويات الموحدينكثيرا حتى فكروا بجدية في ضم كل بلاد المسلمين تحت راية واحدة، خاصة وأن المعاصرلأبي يوسف يعقوب المنصور في المشرق هو صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، لكن لم يردالله سبحانه وتعالى لهذا الأمر أن يتم، حيث وافت أبا يوسف يعقوب المنصور الموحديالمنية قبل أن يكتمل حلمه هذا.
رابعا: صراعات شتى بين ممالك النصارى:
نتيجة لموقعة الأرك أيضا حدثت صراعات شتى بين ليون ونافارمن ناحية وبين قشتالة من ناحية أخرى.. فقد ألقى عليهم ألفونسو الثامن (ملك قشتالة) مسؤلية الهزيمة، وكان من نتائج ذلك أيضا أن وقعت لهم الهزيمة النفسية. وترتب علىهذا أيضا أن أتت السفارات من بلاد أوروبا تطلب العهد والمصالحة مع المنصور الموحديرحمه الله والتي كان من أشهرها سفارة إنجلترا، تلك التي جاءت المنصور الموحدي فيأواخر أيامه.
خامسا: معاهدة جديدةبين قشتالة والمسلمين:
أيضا كان مننتائج موقعة الأرك أن تمت معاهدة جديدة بين قشتالة و المسلمين على الهدنة ووقفالقتال مدة عشر سنوات، بداية من سنة 595 هـ= 1199 م وحتى سنة 605 هـ= 1208 م أرادالمنصور أن يرتب فيها الأمور من جديد في بلاد الموحدين.
وقبل أن نفارق هذا القائد العظيم يحسن بنا أن نلقي نظرةعلى سياسته العامة في الحروب....يقول الدكتور علي الصلابي في كتابه "إعلام أهلالعلم والدين بأحوال دولة الموحدين" تحت عنوان:
((سياسة أبي يوسف يعقوب المنصور فيالحروب:
تعتبر السنوات الخمس عشرالتي حكمها أبو يوسف يعقوب المنصور ثالث الخلفاء الموحدين، العصر الذهبي للدولةالموحدية والذروة التي وصل إليها التطور السياسي في المغرب نحو التوحيد وإقامةالدولة الموحدية.
ولقد كان العصرالذهبي قصيرًا لا يتناسب مع دولة ضخمة مترامية الأطراف غزيرة الثروة والموارد مثلدولة الموحدين، فإن خلفاء الموحدين حكموا بلادًا تضاهي ما حكمه العباسيون في أوجقوتهم وكان تحت إمارتهم حشود من الجند القوي القادر على كسب المعارك لم تتيسرللكثير من الدول في التاريخ الإسلام، فقد كانت جيوش الموحدين تعج بحشود من أبناءالقبائل المغربية من المصامدة أولًا، ثم من بقية الصنهاجيين والزناتيين ممناجتذبتهم الدولة الموحدية بقوتها وهيبتها، ثم أضيفت إلى هؤلاء حشود من العربالهلاليين الذين انضووا تحت لواء الدولة الكبيرة، ولم يخل الأمر منه قوات أندلسيةذات قدرة ومهارة.
ورغم وجود هذهالقوات إلا أن هذه القوة العسكرية الموحدية كانت دائمًا مفككة، تتقصها القيادةالحازمة التي تقبض على الجيش قبضة محكمة، وتوجه الأعمال وفق خطة واحدة مرسومة، وكانأبو يوسف يعقوب المنصور من زعماء الموحدين القلائل الذين استطاعوا قيادة جيوشهمقيادة سللايمة حكيمة، وكان الرجل في نفسه كذلك رجلًا حازمًا موهوبًا في شئونالإدارة والقيادة، وكان شديد الإيمان فانتقل إيمانه إلى رجاله وكسبت جيوش الموحدينفي أيامه قوة ضاربة كبرى.)) أ. هـ الصلابي نقلًا عن مصادرمتنوعة

المنصور و صلاح الدين
وصلت أصداء الانتصارات، التي حققها الموحدون في فتوحاتهم وغزواتهم إلى المشرق، و أصبحت الدولة الموحدية تحظى بالاحترام ويهابها الجميع. في هذا السياق، تأتي الدعوة التي وجهها صلاح الدين الأيوبي إلى المنصور الموحدي من أجل مده بالأساطيل لمواجهة هجمات المسيحيين. وقد تحدث عن هذا الأمر أبو شامة في كتابه «الروضتان في أخبار الدولتين النورية والصلاحية»، و ابن خلكان في «وفيات الأعيان»، و غيرهما. ويتساءل عز الدين عمر أحمد موسى في كتابه «دراسات في تاريخ المغرب الإسلامي» عن السر في سكوت العديدين عن هذه الحكاية، وإن كانت القصة حقيقية أم مخترعة.
وأضاف المصدر ذاته أن القائد صلاح الدين الأيوبي بعد انتصاره في معركة حطين وفتح القدس الشريف، بدأ يتوجس من الصليبيين، خاصة أن جي دي لوزينيان لم يزل محاصرا لمدينة عكا، فضلا عن سقوط القدس، مما جعل المسيحيين يتأهبون ويستعدون للرد، وبدأت منذ 585 هجرية تصل إلى أسماعه أنباء تلك الاستعدادات. ويعتقد نفس الكاتب أن صلاح الدين الأيوبي أرسل إلى ملك المغرب يطلب مساعدته العسكرية لأنه كان يعلم أن الموحدين يملكون أسطولا بحريا قويا. وقال ابن خلدون «وانتهت أساطيل المسلمين على عهده في الكثرة والاستجادة ما لم تبلغه من قبل ولا من بعد فيما عهدنا».
ويخصص الناصري في كتابه «الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى» حيزا مهما للمراسلة والملتمس الذي بعث به صلاح الدين الأيوبي إلى يعقوب المنصور الموحدي. يقول الناصري: «كانت الإفرنج قد ملكوا سواحل الشام في آخر الدولة العبيدية منذ تسعين سنة قبل هذا التاريخ وملكوا معها بيت المقدس شرفه الله، فلما استولى السلطان صلاح الدين رحمه الله على ديار مصر والشام اعتزم على جهادهم وصار يفتح حصونها واحدا بعد واحد حتى أتى على جميعها، وافتتح بيت المقدس سنة ثلاث و ثمانين وخمسمائة وهدم الكنيسة التي كانت بنواحيه وانقضت أمم النصرانية من كل جهة وتتابعت أساطيلهم الكفرية بالمدد لكل ناحية لتلك الثغور القريبة من بيت المقدس، واعترضوا أسطول صلاح الدين في البحر ولم تقاومهم أساطيل الإسكندرية لضعفها يومئذ عن ممانعتهم فبعث صلاح الدين صريجة إلى المنصور سنة خمس وثمانين وخمسمائة يطلب إعانته بالأساطيل لمنازلة عكا وصور وطرابلس الشام وأوفد عليه أبا الحارث عبد الرحمان بن منقذ من بيت بني منقذ ملوك شيزر من حصون الشام، وكان صلاح الدين قد ملكها من أيديهم وأبقى عليهم في دولته. بعث صلاح الدين عبد الرحمان هذا إلى يعقوب المنصور طالبا مدد الأساطيل لتحول في البحر بين أساطيل الفرنج وبين إمداد النصرانية بالشام، ولمنازلة الثغور التي ذكرنا، وبعث معه إلى المنصور بهدية تشتمل على مصحفين كريمين منسوبين ومائة درهم من دهن البيلسان وعشرين رطلا من العود وستمائة مثقال من المسك والعنبر و خمسين قوسا عربية بأوتارها وعشرين من النصول الهندية وسروج عدة مثقلة فوصل إلى المغرب فصادف المنصور بالأندلس فانتظره بفاس إلى أن رجع فلقيه، وأدى الرسالة، وقدم الهدية، وكان الكتاب الذي بعث به صلاح الدين من إنشاء الأديب عبد الرحيم البيسني المعروف بالقاضي الفاضل، وكان عنوان الكتاب من صلاح الدين إلى أمير المسلمين وفي أوله الفقير إلى الله تعالى يوسف بن أيوب وبعده الحمد لله الذي استعمل على الملة الحنفية من استعمر الأرض وأغنى من أهلها من سأله القرض وأجرى من أجرى على يده النافلة والفرض وزين سماء الملة بدراري الذراري التي بعضها من بعض وهو كتاب طويل، ولما وقف عليه المنصور ورأى من تجافيهم فيه عن خطابه بأمير المومنين لم يعجبه ذلك وأسرها في نفسه وحمل الرسول على مناهج البر والكرامة ورده إلى مرسله ولم يجبه حاجته ويقال إنه جهز له بعد ذلك مائة وثمانين أسطولا ومنع النصارى من سواحل الشام، والله تعالى أعلم. وقال ابن خلدون: وفي هذا دليل على اختصاص ملوك المغرب يومئذ بالأساطيل الجهادية وعدم عناية الدول بمصر والشام لذلك العهد بها».
وقال ابن عذارى إن يعقوب المنصور أجمل له القول إجمالا وأحاله لوزرائه ليشرحوا له التفاصيل. ويعتقد عز الدين عمر أحمد موسى أن فشل ابن منقذ في مهمته لدى المنصور ليس فقط في عدم مخاطبته السلطان الموحدي باسم أمير المؤمنين، إنما لكونه كان منشغلا في أموره الداخلية، خاصة أنه خرج من ثورات وفتن أنهكته
عسكريا

وفاة المنصور الموحدي وبداية النهاية لدولة الموحدين

في نفس العام الذي تمت فيه الهدنة بين قشتالةوبين المسلمين، وفي سنة 595 هـ= 1199 م يلقى المنصور الموحدي ربه عن عمر لم يتعدىالأربعين سنة، تم له فيه حكم دولة الموحدين خمس عشرة سنة، منذ سنة 580 هـ= 1185موحتى وفاته في سنة 595 هـ= 1199 م.

ومن بعده يتولى ابنه الناصر لدين الله أبو محمد عبد الله، وعمره آنذاكثمان عشرة سنة فقط، ورغم أن صغر السن ليس به ما يشوبه في ولاية الحكم، خاصة وقدرأينا من ذلك الكثير، إلا أن الناصر لدين الله لم يكن على شاكلة أبيه في أمورالقيادة.
كان المنصور الموحدي قداستخلف ابنه الناصر لدين الله قبل وفاته على أمل أن يمد الله في عمره فيستطيعالناصر لدين الله أن يكتسب من الخبرات ما يؤهله لأن يصبح بعد ذلك قائدا فذا علىشاكلة أبيه، لكن الموت المفاجئ للمنصور الموحدي عن عمر لم يتجاوز الأربعين عاما بعدكان أن وضع الناصر لدين الله على رئاسة البلاد، وهو لم يتجاوز الثامنة عشرة منعمره. وقد كان من الواجب على الموحدين أن ينتخبوا من بينهم ومن حين الوفاة من يصلحللقيادة بدلا منه.


الناصر لدين الله وعقبات في الطريق

كان الناصر لدين الله شابا طموحا قويا مجاهدا لكنه لميكن في كفاءة أبيه، وفضلا عن هذا فقد كانت البلاد محاطة بالأعداء من كل جانب، والنصارى بعد لم ينسوا هزيمتهم في موقعة الأرك التي كانت قبل سنوات قلائل، ويريدونأن يعيدوا الكرة من جديد على بلاد المسلمين، وفوق ذلك فبعد وفاة المنصور الموحديقامت من جديد ثورات بني غانية المؤيدة لدولة المرابطينالسابقة.

وقطعا - كما ذكرنا قبلذلك - ما كان يجوز لبني غانية أن يثوروا وينقلبوا على الناصر لدين الله، إلا إن ذلكهو عين ما حدث، فبدأت الخلخلة والاضطرابات تتزايد داخل الدولة الاسلاميّةالكبيرة.
وفي سبيل استعادة الوضعإلى ما كان عليه وجّه الناصر لدين الله جلّ طاقته للقضاء على ثورات بني غانية داخلدولة الموحدين، فخاض معهم معارك وحروب كثيرة، حتى استطاع نهاية الأمر إخمادهاتماما، وذلك في 604 هـ= 1207 م أي أنها استمرت تسع سنوات كاملة منذ بداية حكمه وحتىذلك التاريخ.
ألفونسو الثامنواستغلال الوضع الراهن
في هذهالأثناء التي كان يسعى فيها الناصر لدين الله للقضاء على ثورات بني غانية، كان قدتجدد الأمل عند ألفونسو الثامن، فعمل على تجهيز العدة لرد الاعتبار، وأقسم على ألايقرب النساء ولا يركب فرسا ولا بغلا، وأن ينكس الصليب حتى يأخذ بثأره من المسلمين،فأخذ يعد العدة ويجهز الجيوش ويعقد الأحلاف ويعد الحصون تمهيدا لحرب جديدةمعهم.
وقبل انتهاء الهدنة ومخالفةللمعاهدة التي كان قد عقدها مع المنصور الموحدي قبل موته هجم ألفونسو الثامن علىبلاد المسلمين، فنهب القرى وأحرق الزروع، وقتل العُزّل من المسلمين، وكانت هذهبداية حرب جديدة ضد المسلمين.
دولةالموحدين وعيوب خطيرة في مواجهة النصارى
إضافة إلى ضعف كفاءة القيادة في دولة الموحدين المتمثلة في الناصر لدينالله، والتي لم تكن بكفاءة السابقين، فقد كان ثمة عيب خطير آخر في القيادة كانمتأصلا في أجداده من قبله، وهو اعتداد الناصر لدين الله برأيه ومخالفته أمر الشورى،ذلك العيب الذي تفاداه أبوه من قبله، فأفلح وساد وتمكن ونصره الله سبحانه وتعالى،وفوق هذا وذاك فكان المسلمون قد أنهكوا في رد الثورات المتتالية لبني غانية داخلدولة الموحدين.
وزاد من ذلك أمرآخر كان في غاية الخطورة، وهو أن الناصر لدين الله كان قد استعان ببطانة سوء ووزيرذميم الخلُق يدعى أبا سعيد بن جامع، والذي شكّ كثير من المؤرخين في نياته، وشك كثيرمن الأندلسيين والمغاربة المعاصريين له في اقتراحاته.
ورغم أن هذا الوزير كان من أصل أسباني فإن كثيرا من الناسقالوا بأنه كان على اتصالات مع النصارى، والتي أدّت بعد ذلك إلى أمور خطيرة في دولةالموحدين، ومع كل هذا فقد كان هو الرجل الوحيد الذي يأمن له الناصر لدين اللهويستعين بآرائه، ضاربا عرض الحائط كل آراء أشياخ الموحدين وقادة الأندلسيين في ذلكالوقت.
النصارى والتعبئةالعامة
على الجانب الآخر من أحداثدولة الموحدين فقد كانت هناك تعبئة روحية عالية في جيش النصارى يقودها البابا فيروما بنفسه، وقد أعلنوها حربا صليبية وراحوا يضفون عليها ألوانا من القداسة، وقدرفعوا صور المسيح، وصرح البابا بأن من يشارك في هذه الحرب سيمنح صكوك الغفران،تماما كما حدث في موقعة الزلاّقة.
أتبع ذلك استنفار عام في كل أنحاء أوروبا، اشتركت فيه معظم الدولالأوروبية حتى وصل إلى القسطنطينية في شرق أوروبا وبعيدا جدا عن بلاد الأندلس، وقدتولت فرنسا مهمة الإنفاق على الجيوش بالإضافة إلى إمداد الجيش القشتالي بالرجال،وكانت فرنسا يهمها كثيرا هزيمة المسلمين لكونها البلاد التالية لبلاد الأندلس، فإنقامت لدولة الموحدين دولة قوية فحتما ستكون الدائرة عليها في المرحلةالتالية.
وقد زاد الأمر تعقيداإرسال البابا رسالة إلى مملكة نافار - وكانت قد وقعت معاهدة مع المنصور الموحدي قبلوفاته - يحضها فيها على نبذ المعاهدة التي مع الموحدين، وعلى استعادة العلاقة معالقشتاليين، وكان القشتاليون - كما ذكرنا - قد اختلفوا مع مملكة ليون ونافار بعدهزيمة الأرك، لكن البابا الآن يريد منهم التوحد في مواجهة الصف المسلم، فخاطبه بنقضعهده مع المسلمين ومحالفة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wessam.gid3an.com/
 
الدولة الموحدية..الخلفاء الامازيغ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الامازيغ او البربر
» العلاقات بين الخلافة الموحدية و المشرق الاسلامى 524-936 هـ / 1130-1529 م
» موسوعة حكام مصر (عهد الخلفاء الراشدين)
» الدولة الرستمية في الجزائر
» عصر الدولة القديمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Wessam The Educational Forum وسام المنتدي التربوي :: التاريخ الإسلامي The Islamic History-
انتقل الى: