مراحل تطور النظام الدولي من القرن الرابع عشر إلى نظام الأمم المتحدة في القرن العشرين ومخاطر تغييره

يتناول هذا البحث مراحل تطور النظام الدولي بداية من القرن الرابع عشر وصولاً إلى نظام الأمم المتحدة في القرن العشرين والمحاولات اللاحقة لتعييره عقب انهيار الإتحاد السوفييتي والمخاطر المترتبة على هذا التغيير.

1- تاريخ الصراعات الدولية:
شهدت أوربا بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر صراعات وأزمات دامية كانت إما ذات دوافع سياسية توسعية كحرب المائة عام التي بدأت في 1337 بين فرنسا وإنكلترا لمطالبة إنكلترا بعرش فرنسا أو حروب ذات طبيعة دينية كالحروب ضد الممالك الإسلامية في الأندلس وحروب محمد الفاتح في أوربا وفتحه للقسطنطينية عام1453 والحروب الكاثوليكية-البروتستانتية. وتميزت هذه الفترة أيضاً بانتشار الطاعون "الموت الأسود" الذي حصد أرواح من 25 إلى 50% من سكان أوربا(1) . وتبرز نقطة مميزة في القرن السابع عشر تتمثل بمعاهدة ويست فاليا التي أرست مبدأ السيادة والدولة القومية والتمثيل الدبلوماسي.

2- تاريخ تشكيل المنظومات الدولية:
كان أول مشروع يطرح لتشكيل نظام عالمي هو المشروع الذي تقدم به الوزير الفرنسي "سلي" إلى الملك هنري الرابع في عام 1603 من خلال إنشاء دولة مسيحية تضم جميع شعوب أوربا وتعمل على حل الكشاكل بقوة وحزم صوناً للقوميات الناشئة ولوضع حد لمآسي الحروب الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت في أوربا. تميز هذا المشروع بأنه كان يحتوي على قوة تنفيذية ألا وهي الجيش والأسطول لتنفيذ قرارات هذا الإتحاد. لم يبصر هذا المشروع النور نتيجة مقتل الملك هنري الرابع. من الواضح ان هذا المشروع لم يكن الهدف منه حل الأزمات سلمياً بل بالقوة العسكرية؛ أي أنه كان مخططاً له أن يكون منظومة لتنظيم الحروب آنذاك.
ولأن الحروب أمر دائم فقد اقتضت الضرورة وضع مجموعة من القوانين لتنظيم الواجبات والحقوق للأطراف المتحاربة. فكانت كتابات الفقيه القانوني الهولندي Grotius مثل "في قانوني السلم والحرب" عام 1625 وكذلك كتابات الفقيه القانوني السويسري Vattel أثراً كبيراً في وضع معاهدات دولية مفصلة للحرب كان أولها إعلان باريس عام 1856 وتلاه معاهدات كثيرة أهمها مواثيق جنيف الأربعة.
الحرب هي دبلوماسية العنف. تشن الحروب دائماً بغية تحقيق أهداف سياسية أو دينية من ورائها؛ أي أنه لا يوجد حرب لأجل الحرب. فحرب المائة عام بين فرنسا وإنكلترا كانت وراءها مطالبة إنكلترا بفرنسا وحرب الثلاثين عاماً على الرغم من طابعها الديني كانت ساحة لتجاذب النفوذ بين الدول الأوربية (2). وعندما تفشل دبلوماسية العنف في فرض شروط أطرافها وإراداتها يفتح المجال لدبلوماسية السلم لتنهي الحرب. فحلت معظم القضايا التي اندلعت الحرب بسببها في معاهدة ويستفاليا من عام 1648. وهذه المعاهدة هي مجموعة تشتمل على الإتفاقيات التي أنهت حرب الثلاثن عاماً وأرست أسس نظام التمثيل الدبلوماسي بين الدول. الدبلوماسية هي فن وعلم إدارة العلاقات الدولية. وشهد العصر الحديث في وستفاليا أول مجلس دبلوماسي في العصر الحديث حيث تمثلت فيه الأطراف المتحاربة وبلغ عدد هذه الوفود 109 وفداً، ما شهدته وست فاليا كان اللبنات الأولى للدبلوماسية بناءاً على مبدأ سيادة الدولة على أراضيها وحدودها (3).

3- عصبة الأمم:
نشأت عصبة الأمم نتيجة معاهدة فرساي لتمثل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى وكانت هذه المنظمة فكرة للرئيس الأمريكي Woodrow Wilson الذي مثل الولايات المتحدة في معاهدة فرساي، ولم تنضم الولايات المتحدة إلى هذه المنظمة على الإطلاق. كان الهدف الظاهري من المنظمة الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين(4) والهدف الحقيقي هو المحافظة على المكاسب التي نتجت عن تلك الحرب. فهدفها لم يكن إحقاق الحق بل كان الحفاظ على الأمن والسلم بناءاً على الخارطة الجيوسياسية لعالم ما بعد الحرب العالمية الأولى وضمان عدم قدرة الدول المنهزمة في الحرب على إعادة بناء قواتها وجيوشها لاسترداد هيبتها ونفوذها وأراضيها ومستعمراتها التي تقاسمتها الدول المنتصرة. يبدو هذا جلياً في معاهدة فرساي، التي قامت على أساسها، التي نزعت أسلحة الدول المنهزمة وفرضت عليها غرامات باهظة وحُملت ألمانيا المسؤولية عن الأضرار والخسائر كلها. وأكد ميثاقها أيضاً على فرض واقع ما بعد الحرب عندما صرح أن من اختصاص هذه العصبة الإشراف على الشعوب المتأخرة والمستعمرة سياسياً واقتصادياً وإدارياً و أن تتولى بنفسها تقرير مصير هذه الشعوب،وهذا ما أدى إلى شرْعنة الانتدابات.
من حيث البنية تألفت العصبة من جمعية ومجلس وأمانة. قبل الحرب العالمية الأولى كانت تعقد جلسات الجمعية في جنيف على نحو منتظم وتحظى كل دولة بثلاثة ممثلين وصوت واحد. أما المجلس فكان يتألف من دول دائمة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان ولاحقاً انضمت ألمانيا والإتحاد السوفيتي بالإضافة إلى دول غير دائمة وكانت الأمانة العامة الذراع الإداري للمنظمة(5).
كما كانت معاهد فرساي سبباً وراء وجود المنظمة كانت هي أحد الأسباب التي قادت لانهيارها، فقد أجبرت تلك المعاهدة ألمانيا على التخلي عن مساحات واسعة من أراضيها ومنعها من امتلاك قوى جوية وحدد عدد قواتها ولعل أكثر بند في المعاهدة إذلالاً لألمانيا كان ما عُرف باسم "فقرة ذنب الحرب" التي قضت بتحمل ألمانيا المسؤولية الكاملة لاشعال فتيل الحرب وبالتالي مسؤولية التعويض عن أضرارها منفردةً لجميع الدول المتضررة. داخلياً أدت هذه الشروط المجحفة بحق ألمانيا إلى عزل القادة الألمان الديمقراطين وبروز الحزب الإشتراكي الوطني "النازي" بزعامة هتلر(6) . انسحب هتلر من هذه المنظمة 1933 فقد أذلت ألمانيا وأصابت كبرياءها في الصميم.
إلى جانب انسحاب هتلر كان عدد من االأسباب التي أدت لانهيارها فقد كانت ضعيفة ولم يكن لها قوة تنفيذية لما تقرره وظلت القوة العظمى آنذاك، ألا وهي أمريكا، خارج المنظمة ولقيام الأعضاء الأساسيين في المنظمة المفترض بهم حماية الميثاق وبنود المنظمة بخرق ذاك تاميثاق وضرب مبادءها عرض الحائط؛ فقد اجتاحت إيطاليا واليابان دولاً ضعيفة في الثلاثينيات من القرن العشرين فقد غزت إيطاليا الحبشة واليابان دولاً في جنوب الصين واندلعت حرب بين ألمانيا و بولندا حول الحدود التي أسست لها معاهدة فرساي(7).

4- تشكيل الأمم المتحدة:
و لقد جاءت هيئة الأمم المتحدة انعكاساً لميثاق الأطلنطي بين بريطانيا وأمريكا في 4/آب أغسطس/1941 الذي نادى بالاتجاه نحو إنشاء هيئة عالمية، ومتابعة الحرب ضد قوى المحور. أما في تشكيلها فقد جاءت لتمثل حال ما بعد الحرب والقوى المنتصرة فيها على أساس الواقع الجيوسياسي الذي فرضته الحرب العالمية الثانية التي انتصرت بها هذه القوى الكبرى الثلاث "أمريكا والإتحاد السوفيتي وإنكلترا". و تأكدت مبادئ ميثاق الأطلنطي في مؤتمر يالطا الذي ضم الثلاثة الكبار. كان المؤتمر صراع للمصالح، فروسيا كانت ترغب في أن تمد نفوذها إلى أوربا الغربية من خلال جسر ألمانيا وتوطد سيطرتها على أوربا الشرقية من خلال بولندا وأمريكا في أن تكسب معونة روسيا في حرب الأولى على اليابان اما بريطانيا الحلقة الأضعف في الثلاثة الكبار فما كانت تريد إلا ان تستحصل لفرنسا تمثيلاً في مجلس قيادة الحلفاء في ألمانيا. وأمام المعارضة السوفيتيية، تم التوصل إلى تسوية تمنح من خلالها منطقة نفوذ لفرنسا تقتطع من كلاً من بريطانيا و أمريكا من دون أي تمثيل لفرنسا في مجلس قيادة الحلفاء(8) .
وتلى ذلك في نفس العام الإعلان التأسيسي للأمم المتحدة التي تكونت وظهرت «العالمية» في هذه الهيئة، وادعت حفظ الأمن والسلام الدولي. كما أنها ألزمت الدول غير الأعضاء بضرورة حفظ الأمن الدولي. أي أنها جاءت انعكاساً لواقع الحرب والحلفاء المنتصرين، وألزمت العالم بما أرادته. بل إنها جاءت أيضاً بعد التشكيل الجيو سياسي القسري في أوروبا وآسيا وإفريقيا باتفاقات عالمية. وكان أن ظهرت الدول السياسية الحديثة التي انضمت تلقائياً إلى هذا التشكيل الذي كان نظرياً (عالمياً)، إلا أنه كان بالفعل تعبيراً عن قيادة من الدول (العظمى) لعالمية إرادتها وتشكيلاً عاماً دون إرادة شعوب الدول الأخرى.
ومن حيث البنية تألفت الأمم المتحدة عند التأسيس من ستة أفرع أهمها مجلس الأمن و الجمعية العامة للأمم المتحدة:

الجمعية العامة:
هي أحد الفروع الرئيسة للأمم المتحدة وهي هيئة تمثيل جماعي(منظمة تجميعية) وهي تتألف من جميع أعضاء الأمم المتحدة ولكل عضو خمسة ممثلين على الأكثر ولكن له صوت واحد. وهي هيئة التمثيل الجماعي التي اتفقت الدول المجتمعة في سان فرانسيسكو على إقامتها وهي أوسع فروع هيئة الأمم المتحدة من حيث عدد أعضائها.
نص الميثاق على أن للجمعية صلا حيات واسعة لكنها كلها مرتهنة بإرادة مجلس الأمن فقبول أي دولة جديدة يتم بقرار من الجمعية العامة بناءً على توصية مجلس الأمن وظيفة الجمعية العامة للأمم المتحدة هي العرض والنقاش والتداول والتوصية فلها أن تنظر في المبادئ العامة في حفظ السلم والأمن الدولي وأن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق الميثاق أو يتصل بسلطات فرع من فروع الأمم المتحدة ولها أن تجري البحوث وتصدر التوصيات لتعزيز التعاون الدولي وتطوير القانون الدولي والعمل على تحقيق مبادئ حقوق الإنسان و حماية حرياته الأساسية وزيادة التضامن الدولي ولها أيضاً أن تسترعي نظر مجلس الأمن إلى الأحوال التي يمكن أن تعرّض الأمن والسلم الدولي للخطر وتستقبل التقارير الواردة من مجلس الأمن و بحثها ولها أن توصي باتخاذ التدابير لتسوية أي خلاف يسيء إلى العلاقات الودية بين الأمم تسوية سلمية متى رأت أن هذا الموقف قد يضر بالرفاهية العامة أو يعكر صفو العلاقات الودية بين الأمم، كما لها انتخاب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين (العشرة) وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي الـ 54 والأعضاء المتممين في مجلس الوصاية والاشتراك في انتخاب قضاة محكمة العدل الدولية وتعيين الأمين العام للأمم المتحدة بناء على توصية مجلس الأمن، والنظر في ميزانية الأمم المتحدة ونسب اشتراكات الأعضاء، وعندما يعجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرار بسبب حق النقض من قبل الدول الدائمة العضوية أو أحدها يجوز للجمعية أن تبحث الموقف خلال 24 ساعة وتوصي بإجراءات جماعية بما فيها استخدام القوة المسلحة
ومما سبق نرى بوضوح أنه ليس للجمعية العامة أية صفة تنفيذية أو إلزامية ومجمل دورها هو صالون للنقاش والتداول ويسيرها مجلس الأمن بقيادة الخمسة الكبار على مبدأ "لا أريكم إلا ما أرى".

مجلس الأمن:
اعتبرت المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة أن مجلس الأمن يتألف من 5 أعضاء دائمين ومن 10 أعضاء (بعد أن كانوا 11) غير دائمين، والأعضاء العشرة غير الدائمين ينتخبون من الجمعية العامة أو العمومية لمدة عامين ولا يجوز إعادة انتخاب أحد من هؤلاء الأعضاء العشرة غير الدائمين مباشرة حيث يراعى في انتخابهم التوزيع الجغرافي. يستند مجلس الأمن في مطلقية قدرة الفرض في قراراته إلى الدول الحليفة المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. أي أن هذا المجلس لم يكن أكثر من تجسيد لواقع قائم. وهذا الواقع ناجم بالتالي عن إرادة القوى المنتصرة، لا إرادة القوى النازعة إلى السلام.
وأوجدت هذه الخمسة الكبار الفيتو لضمان عدم اقرار أي قرار في المجلس من دون موافقتها. وكان الفيتو موضع استخدام من جميع الدول دائمة العضوية على تفاوت حيث أن تكرار استخدام الفيتو كان يعكس القوة و السيطرة اللتان تتمتع بهما تلك الدولة. وبنظرة متأنية على احصائيات استخدام الفيتو نرى ان الإتحاد السوفيتي كان أكثر الدول التي استخدمت الفيتو من عام 1946 إلى عام 1972 حينما كان هو الأقوى وهكذا كان أكثر الدول استخداماً للفيتو. لكن بحلول عام 1972 تسيدت الولايات المتحدة الأمريكية العالم وهكذا كانت تقريباً المستخدم الأوحد للفيتو حيث استخدمته في معظم القرارات المتعلقة باسرائيل ووصل عدد هذه "الفيتوهات" إلى 42 أولها عام 1972 وآخرها عام 2006(9). ولم تستخدم باقي الدول الدائمة الفيتو خلال فترة تسيد الولايات المتحدة إلا فيما ندر في شؤون هامشية للتذكير بوجودها. لكن شهد عام 2007 رسالة قوية وجهتها كلاً من روسيا والصين للولايات المتحدة والمملكة المتحدة عندما قامتا مجتمعتين بنقض قرار أمريكي-بريطاني بشأن مينمار، وتكمن رمزية هذا الفيتو المزدوج أنه الفيتو المزدوج الأول منذ انهيار الإتحاد السوفيتي عام 1989 أي نهاية الحرب الباردة بهزيمة الاتحاد السوفييتي فيما اصطلح لاحقاً على تسميتها بالحرب العالمية الثالثة وأول فيتو-روسي مشترك منذ عام 1972 (10).


5- دور الأمم المتحدة في إدارة الصراع في الحرب الباردة:
اطلق اسم الحرب البداردة على التنافس بين حليفي الأمس عدوا وقطبا العالم آنذاك: الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي. كانت الحرب باردة لعدم استخدام أي من الطرفين القوة مباشرة ضد الآخر باستثناء بعض الأزمات العابرة كخليج الخنازير عام 1961 و أزمة الصواريخ الكوبية 1962.
لم يكن للأمم المتحدة أي دور يذكر في هذه المرحلة إلا بتوافق المعسكرين الإشتراكي والرأسمالي. وكانت مقاطعة الإتحاد السوفييتي لجلسات مجلس الأمن في عام 1950 لمطالبة الإتحاد بنقل تمثيل مقعد الصين الدائم من حكومة تايوان إلى حكومة بكين فرصة للولايات المتحدة لفرض القرار 82 الذي يدعو كافة الدول الأعضاء لتقديم المساعدة العسكرية لكوريا الجنوبية في حربها مع كوريا الشمالية(11) .

6- انهيار الأتحاد السوفييتي وبدأ مشاريع تغيير المنظومة الدولية:
انتهت الحرب الباردة بهزيمة الإتحاد السوفيتي وانهياره عام 1991وبانهياره انهار معه النظام العالمي ثنائي القطبية. خرجت الولايات المتحدة منتصرة في الحرب العالمية "الثالثة" فبدأت تنقلب على المنظمة التي مثلت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. وكان هذا جلياً في إدارة جورج دبليو بوش عندما سيطر المحافظون الجدد على زمام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية وكانوا يجاهرون ويطالبون بتغيير هذا النظام وبإنشاء نظام أحادي تكون لأمريكا فيه الزعامة المطلقة لا تنازعها فيه الزعامة أية دولة. وكان أهم مشروع لتغيير المنظومة الدولية هو "مشروع القرن الأمريكي الجديد". قبل التعمق في هذا المشروع لا بد من التعريف بهم وأفكارهم ومفكريهم.
حركة المحافظين الجدد هي حركة سياسية، نشأت بشكل رئيسي في الولايات المتحدة وكندا، وقد ظهرت عموما في الستينات، والتحمتا في السبعينات، وكان لها حضور كبير في إدارة "جورج و. بوش".

ليو شتراوس:
عرّاب هذا التيار هو ليو شتراوس Leo Strauss. ولد ليو شتراوس عام 1899 لأبوين يهوديين متدينين في مدينة كيرفهاين في ألمانيا في إقليم هيس القريب من ماربوغ وانتقل للعيش في الولايات المتحدة عام 1938 وظل فيها حتى وفاته في مدينة أنابوليس بولاية ماريلاند عام 1973. ألّف ما لا يقل عن ستة عشر كتاباً، معظمها من الكتب الطويلة وتحمل عناوين لا تثير الاهتمام مثل "المدينة والإنسان" أو "الحق الطبيعي والتاريخ". تتسم كتاباته بالغموض وبوجود طبقة ثخينة من الإبهام والإملال حيث أن الغاية من ذلك أن يضمن أن الغالبية الكبرى من القراء سوف "يملون" بعد أن لا يجدوا شيئاً فيها سوى بعض المواعظ المألوفة مثل نصائح بأن يكون المرء أخلاقياً ومحباً للوطن ويخشى الله.
درس، عندما حظي بمنحة دراسية في فرنسا، الفلسفات العربية اليهودية في العصور الوسطى وكذلك درّس ونظّر في كتابات أفلاطون، فكان لأفلاطون وللفارابي عظيم الأثر في كتابات ستروس وخاصة في الكتابة النخبوية "الباطنية الفلسفية" و الكذب النبيل.
إذن كان الغموض في كتاباته هو السائد أما هو فقد "كان يلطف هذا الوصف بالقول إن كتابته «نخبوية» غير أن «سيئة» هي أفضل ما توصف به، أو على أقل تقدير «مبهمة». إننا أمام رجل لم يكن يريد أن يكون مفهوماً إلا من قبل قلة هم مريدوه."(12) ولعل دراسته المبكرة للفارابي قد أثرت فيه فالفارابي وهو شخص آخر من المؤلفين "الذين يتحدثون للفئة القليلة" حسب رأي شتراوس، يوضح كيف أن المرء قد يقول الحقيقة بكلمات معينة تكون غايتها الخداع فقط.
بالنسبة لشتراوس، شأن أفلاطون، فإن فضيلة الكذبة تعتمد على شخصية الكاذب. فإذا ما كذبت الزوجة على زوجها الفاسد من أجل حماية العائلة فإن من غير الممكن التسامح معها. المرأة ليست نبيلة ولهذا لا يمكن لكذبتها أن تكون نبيلة. أما حين يقول زعيم العالم الحر بأن «الأمم الحرة لا تمتلك أسلحة دمار شامل» فإن هذه ليست سوى كذبة نبيلة، خرافة يطلقها رئيس أرستقراطي لبلد يمتلك من أسلحة الدمار الشامل ما يكفي لجعل الأرض شيئاً أشبه بالقمر. وفي مقابلة لها مع داني بوستل، تقول شادية الدروري "يبرر شتروس موقفه باستخدام مبدأ أفلاطون في الكذب النبيل. لكن في الحقيقة إن تصور شتراوس عن الكذب النبيل ليس إلا تصورٌ فقير عن مبدأ أفلاطون. لقد أعتقد أفلاطون أن الكذبة النبيلة هي قصة ذات تفاصيل خيالية، لكن في صميم هذه القصة حقيقة عميقة . (13)"

فؤاد عجمي:
وهؤلاء المحافظين الجدد ليسو جميعاً أمريكيين او من أصول أوربية، فيوجد بينهم عرب ارتضوا أن يبيعوا قضاياهم مقابل المال والشهرة، أبرز هؤلاء هو اللبناني الليكودي فؤاد عجمي. ولد فؤاد عجمي في جنوب لبنان وتلقّى تعليمه في بيروت للتخصّص في العلوم السياسيّة غادر إلى الولايات المتحدة عام 1963 بعد الدراسة الثانويّة ليتعلّم في كليّة بشرق أوريغون قبل أن ينتقل إلى جامعة واشنطن في سياتل. توسم به إدوارد سعيد خيراً كمدافع حقيقي عن القضية الفلسطينية في أمريكا أما هو فقد كان حريصاً كل الحرص على ألا يظهر أي عداء تجاه الصهيونية. كانت نقطة التحول لفؤاد عجمي هي قبوله دعوة من شبكة «سي.بي.إس»، التي كانت خاضعة لإدارة لورانس تش، وهو صهيوني متعصّب. الصهاينة يستشهدون بكلامه كما يستشهد المسلم بالآيات القرآنيّة. كان يغالي في إظهار حقده وكرهه على أبناء جلدته فكان صهيونياً أكثرمن الصهاينة. "كان يظهر أمام لجان الكونغرس (الصهيونيّة، طبعاً) ويسخر مِن (ويهجو) كلّ العرب. قال مرّة في الثمانينيات أمام لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس النوّاب ردّاً على سؤال عن «النفسيّة» الشيعيّة إن «الشيعة انتحاريّون والسنّة قَتَلة»(14). لا يئلو هذا الشخص يثير النزعات الطائفية ويحقر العرب، ويحرض ضدهم. فهو وبرنارد لويس من أخبر جورج بوش إبان حرب العراق أن العرب لا يفهمون إلا لغة العنف (15).

برنارد لويس:
معلق ومؤرخ مختص بالدراسات الإستشراقية. متخصص بتاريخ الإسلام وتفاعله مع الغرب ومشهور في الدوائر العلمية بدراسته لتاريخ الإمبراطورية العثمانية. ولتخصصه بالشرق الأوسط كانت مشورته تطلب من كثير من السياسيين بمن فيهم جورج بوش، وكان له مع فؤاد عجمي الدور الأبرز، كما سلف، بإقناع جورج بوش أن العرب لا يفهمون إلا بلغة القوة وبذلك فكان له عظيم الأثر بشن الحرب على العراق. وفي نقاش لديك تشيني مع أحد المحافظين الجدد وسّـع تشيني تـوقعاته هـذه حـول "نزهة التحرير" ليـؤكد أن العمـل العسـكري الـوقائي الأمـريكي للإطـاحة بصدام حسين سيكـون مـن شـأنه أن يجلـب الاستـقرار إلـى الشـرق الأوسـط وضـرب أمثلـه استقاهـا مـن الدكتور برنارد لويـس (Bernard Lewis)، العميـل السـري للمكـتب العـربي البـريطاني ومؤلف كتـاب " قـوس الأزمـات" واستـعان بمـا قـاله حــول إخفـاق "الـورقة الإسـلامية" حيـن قـال :" أعتقـد جـازماً، كمـا يعـتقد رجـال آخـرون مـن أمثـال برنارد لويس الـذي يعـد مـن أعظـم مـن درسـوا تلـك المنطقـة مـن العالـم، أن الـرد الأمريـكي القـوي والحـازم علـى الإرهـاب وعلـى التهديدات المحتـملة للولايات المتـحدة سـوف تسـتغرق، بصـراحة القـول ، زمنـاً طويـلاً فـي محاولة تهـدئة الأمـور فـي ذلـك الجـزء مـن العـالم.
وقبيل الحرب على العراق نصح برنارد لويس نصيحة مشابهة لما قاله لتي للرئيس بوش، ألا وهي: "من بين الأشياء التي عليك القيام بها مع العرب هو أن تضربهم بين أعينهم بعصىً غليظة" (16).

لويس ليبي
لويس ليبي صهيوني يهودي متطرف، وهو كبير موظفي نائب الرئيس ديك تشيني ومن مؤسسي مشروع القرن الأمريكي الجديد والمساهمين في تقريره عام 2000 عن إعادة بناء دفاعات أميركا، وهو عضو في مجلس إدارة مؤسسة راند ولابأس ان نذكر أنه شريك في شركات سلاح ونفط، ويعمل مستشاراً لشركة نورثروب-غرومان التي تنفذ عقوداً لوزارة الدفاع. رئيـس الأركـان وكبـير مستـشاري الأمـن القـومي لـدى نائـب الرئيـس تشيني أدين في حزيران 2007 بالسجن لمدة ثلاثين شهراً بتهم إعاقة مجرى العدالة والحنث باليمين وغرامة مالية بـ 250,000 $ لكشفه اسم لضلوعه بكشف اسم عميلة الإستخبارات المركزية الأمريكية فاليري بليم(17) . لكن الرئيس جورج بوش أسقط عنه السجن دون أن يسقط الغرامة بعد شهر واحد من نفس العام. (18)

مشروع القرن الأمريكي:
فـي مطلع 1997 ضـم ويليام كريستول وروبرت كـاغان وهمـا اثنان مـن كبـار المفـكرين مـن أتباع شتراوس و زعمـاء المحـافظين الجـدد فـي واشنطن جهـودهما إلـى جهـود متعـاونين معهـما فـي معـهد أمريكان انتـربرايز فـي محـاولة لإقـناع إدارة الرئيـس كلينتون باتبـاع سيـاسة "الفرصة النظيفة" كمـا جـاءت فـي الوثيقة المعـروفة باسمها. واستـخدم كريستول وجماعـته بعـض المكاتب فـي الطـابق الخـامس فـي مقـر معهد أمريكان انتربرايز وأسسـوا مجموعة واجهة جـديدة معفـاة مـن الضـرائب باسـم "مشـروع القـرن الأمريكي الجـديد" (the Project for the New American Century) الـذي يهـدف تحديداً إلـى التـرويج لفـكرة بنـاء قـوة عسكرية أمـريكية تقـوم بصورة أحـادية الجـانب بدور الشـرطي فـي هـذا العالم وتـبدأ عمـلها بـالإطاحة بصدام حسين ضمن ما أسموه "الدفاع الذاتي الإستباقي". وبتـاريخ 26/1/1998 أصدرت مجموعة مشـروع القـرن الأمريـكي الجديـد رسـالة إلـى الرئـيس كلينتون يـدعو فيهـا إلى إجـراء تدخل لتغيير فـوري فـي النظام فـي العراق، لأن العراق يشكل خطراً على الولايات المتحدة وعلى العالم بأسره وكـان مـن بيـن الموقعين علـى هـذه الرسـالة المفتـوحة الأشخـاص التاليـة أسماؤهم والـذين كانوا جميعـاً ضمـن إدارة الرئيـس بوش الثالث والأربعين: ابرامز وريتشارد أرميتاج وجون بولتون وفوكوياما وخليل زاد وبيرل وبيتر رودمان ورامسفيلد، و وولفويتز وروبرت زوليك كمـا حملت الـرسالة توقيع كريستول(19). لم يلق كلنتون بالاً لهذا المشروع رماه في أحد الأدراج إلا عندما استلم بوش الحكم في الولايات المتحدة وكانت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 نقطة تحول حاسمة في المشروع الذي وضع قيد التنفيذ ويعلن المشروع اطرواحاته بأن: "قيادة الولايات المتحدة أمر جيد لكل من أمريكا والعالم؛ وأن قيادة كهذه تتطلب قوة عسكرية ونشاط دبلوماسي والتزاماً بالمبادئ الأخلاقية". (20)

إذن كانت قيادة أمريكا للعالم هي الهدف من وراء هذا المشروع، لكن كان هناك عقبة بوجه هذا المشروع ألا وهي الأمم المتحدة التي كانت تمثل الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية. اعتبرت الولايات المتحدة أنها هي من انتصرت بالحرب العالمية الثالثة ضد الإتحاد السوفيتي وبالتالي لها وحدها حق حكم العالم. ولإزاحة عقبة الأمم المتحدة عملت الولايات المتحدة على اضعاف الأمم المتحدة من خلال قطع المساعدات المالية عنها بذريعة الفساد، ففي عام 2005 تبنى مجلس النواب الأمريكي قانون H.R.2745 لخفض تمويل الأمم المتحدة مالم تقم الأخيرة بإصلاحات تريدها الولايات المتحدة.(21) ولا يوجد أشد وقعاً من الكلام العنجهي لمندوب أمريكا المحافظ الجديد الموقع على مشروع القرن الأمريكي جون بولتون الذي يقتبسه المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي عندما قال "لا يوجد شيء اسمه الأمم المتحدة، فعندما تقود الولايات المتحدة تتبعها الأمم المتحدة عندما يناسبنا أن تقوم بهذا". (22)
يتعدى شبق الهيمنة والسيطرة لدى المحافظين الجدد الأمم المتحدة إلى دول الشرق الأوسط، فضمن مخططاتهم التوسعية يمثل العراق حجر الدومينو الأول الذي كانوا يتوقعون بسقوطه سقوط دول خرى في الشرق الأوسط ضمن ما يسمى "نظرية الدومينو". فكما نشرت صحيفة "الغارديان" أنه كان لهذه النظرية تأثير كبير على تفكير الصقور في إدارة بوش وبالصلة لسورية تورد الصحيفة: "كثيراً ما تُذكر سوريا، إضافة إللى إيران، كأحد الأنظمة الأولى التي من المتوقع أن تتقوض أو تُصلح جذرياً نتيجة تنصيب حكومة جديدة في بغداد". (23)
في أيلول سبتمبر 2002 أي بعد عام فقط من أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر أُعلنت الاستراتيجية الأمريكية، وهي نسخة مزوّقة ومزينة عن مشروع القرن الأمريكي الجديد لفايث وجماعة المحافظين الجدد، وبالأخص للأفكار التي يقف وراءها المحافظون الجدد، حيث ينتهي نص الاستراتيجية الأمريكية كما صيغ في تقرير البيت الأبيض ببادئة تعكس محور عمليات سياسة التدخل الانتقائي القادمة ومسرح العملياتها بالقول أن الحرب ضد الإرهاب لا تقوم على أساس صراع حضارات و لكنه صراع على مستقبل العالم الإسلامي؛ أي أن منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي هو حقلها.
وتستكمل الاستراتيجية الأمريكية صورة سيطرة الولايات المتحدة بالموقف ممن تسميهم الدول المارقة، التي ليس لها تعريف محدد ولكن لها أوصاف مطاطة قابلة للاتساع والتضييق حسب الظروف:

أولا: حكامها يضطهدون شعوبهم ويسرقون ثرواتهم.
ثانيا: لا يحترمون القوانين الدولية ويهددون جيرانهم.
ثالثا: يؤيدون الإرهاب (وطبعاً بما فيه دفاع الشعوب عن أراضيها ومقاومة الاحتلال).
رابعا: يكرهون أميركا و مبادئها‍‍‍‍‍‍!!! وهذا أخطر ما في هذا التوصيف، لأنه يدخل في حقل الوجدان العام للبشر والمواطنين.
إضافة لذلك كان هناك عقبة أمام هؤلاء المحافظين ألا وهو مبدأ السيادة الذي أرسته ويست فاليا الذي يحفظ سلامة حدود وسلامة أراضي الدول. كان المحافظون الجدد يحاولون استبدال مبدأ السيادة بالتدخل الإنساني ما يضمن لهم التدخل بشؤون أي دولة تحت هذه الذريعة محققين مأربهم بتوسيع نفوذهم عبر الدول والمحيطات. ويشير مصطلح "التدخل الإنساني" إلى التدخلات المسلحة بدولة من قبل دولة أخرى (أي انتهاك سيادتها وإقليمها) بهدف إنهاء أوتقليل معاناة السكان في الدولة الأولى. قد تكون تلك المعاناة ناجمة عن حرب أهلية أو أزمة إنسانية أوجرائم ترتكبها الدولة المُحتَلّة. فهذا توني بلير يناظر في مبدأ "التدخل الإنساني" ويقول: "لكن فكرة التدخل لأسباب إنسانية إكتسبت رواجاً. لقد بينت هذا عقب حرب كوسوفو في خطاب في شيكاغو عام 1999 عندما ناديت بمبدأ للمجتمع الدولي حيث في بعض الحالات الجلية نتدخل بقوة حتى لو لم نُهدد مباشرة". (24)
يخطئ من يظن أن المحافظين الجدد قد خرجوا من المسرح السياسي في واشنطن حينما سقط المرشح الجمهوري جون ماكين وجاء باراك اوباما ليحتل منصب الرئلسة في الولايات المتحدة الأمريكية، فإدارة الرئيس أوباما تحتوي على عدد من المحافظين الجدد أعُدُ منهم هؤلاء الثلاثة:
1) سوزان رايس مندوبة أمريكا في مجلس الأمن.
2) سمانثا بلورز التي اشتغلت مع جورج سورس وعملت في «معهد المجتمع المفتوح» المتفرع من مدرسة المحافظين الجدد.(25)
3) إيلينا كيغان التي عُينت مؤخراً لمنصب النائب العام الأمريكي. (26)
7- المرحلة التي حكمت فيها أمريكا مجلس الأمن:
كام ذكر سابقاً، تسيدت أمريكا العالم ومجلس الأمن منذ إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1989 إلى حرب تموز 2006 التي انهزمت فيها إسرائيل ومن وراءها أمريكا أمام رجال حزب الله ومن وراءهم سورية وإيران. كانت هذه الحرب نقطة تحول في موازين القوى في العالم فقد أرّخت لفقدان الولايات المتحدة أحادية قطبيتها في العالم. استخدمت أمريكا في مرحلة حكمها المطلق لمجلس الأمن الفيتو 26 مرة كان لأسرائيل فيها حصة الأسد ب12 فيتو. (27) في تلك المرحلة كانت أمريكا تمارس نوعاً آخر من الهيمنة على المجلس من خلال تفريغ أي قرار من محتواه أو إضافة بنوداً عليه ما يضطر الدولة التي قدمته إلى سحبه.
بعد نهاية هذه المرحلة بدأت تظهر دعوات لتطوير النظام الدولي لكن ليس عن طريق إنشاء هيئة جديدة أو تطوير جذري للمنظمة الحالية إنما من خلال "ترقيع" النظام الراهن من خلال منح العضوية الدائمة والفيتو لدول جديدة مثل اليابان والصين والهند ودول أخرى.

المراجع:

1 http://www.eyewitnesstohistory.com/plague.htm
2 The New Oxford Encyclopedia
3 http://en.wikipedia.org/wiki/Peace_of_Westphalia
4 http://www.nps.gov/archive/elro/glossary/league-of-nations.htm
5 Microsoft ® Encarta ® 2009. ©
6 http://www.ushmm.org/wlc/en/article.php?ModuleId=10005425
7 http://www.johndclare.net/league_of_nations8.htm
8 http://www.spartacus.schoolnet.co.uk/2WWyalta.htm
9 http://www.krysstal.com/democracy_whyusa03.html
10 http://www.un.org/apps/news/story.asp?NewsID=21228&Cr=myanmar&Cr1
11 http://history.howstuffworks.com/korean-war/korean-war.htm/printable
12 http://hem.bredband.net/b155908/m314.htm
13 http://www.informationclearinghouse.info/article5010.htm
14 http://www.al-akhbar.com/ar/node/172256
15 Ibid.
16 http://www.observer.com/node/33072
17 http://www.npr.org/templates/story/story.php?storyId=10741249
18 http://thecaucus.blogs.nytimes.com/2007/07/02/bush-commutes-libbys-sentence
19 http://www.newamericancentury.org/iraqclintonletter.htm
20 http://www.newamericancentury.org
21 http://www.associatepublisher.com/e/h/h/h.r.2745.htm
22 http://bostonreview.net/BR30.3/chomsky.php
23 http://www.guardian.co.uk/world/2003/mar/29/syria.iraq
24 http://news.bbc.co.uk/2/hi/3536131.stm
25 http://www.daralhayat.com/portalarticlendah/120972
26 http://www.salon.com/news/elena_kagan/index.html
27 http://www.krysstal.com/democracy_whyusa03.html