________________________________________
عالم البحار الفرنسي جاك كوستو : القرآن يقوم وحده
جاك كوستو عالم البحار والمحيطات الفرنسي الشهير ، ولد سنة 1910 وشهد مآسي الحربين العظميين اللتين شهدتهما أوروبا في عز غطرستها وعدوانها على الحق والعدل والسلام ، حين تلبسها الشيطان ، ولا يزال ، بروح الاستعباد والاستعمار ، حيث انتقلت تلك اللوثة عبر المحيط الأطلسي إلى أميركا.
لقد عمل هذا العالم في مجال علم البحار والمحيطات والأحياء البحرية والتقنيات الاستكشافية والتصويرية لهذا العالم الذي كان مجهولا ، ثم أصبح واضحاً مشهودا تحت الشمس بفضل هذا العالم الجسور ، ولقد استغرقت رحلة كوستو مع البحر ستين عاماً ، ولم تكن مجرد مغامرة استكشاف ، حيث ساهم في أعمال علمية عديدة تخص عالم البحار والمحيطات واستكشافاته ، منها المساهمة في اختراع كاميرا حديثة متطورة تصور تحت ماء البحر بعمق 350 مترا ثم 500 متر ، وقام بإنتاج العديد من الأفلام الوثائقية العلمية ، أشهرها برنامج عالم البحار والعالم الصامت ، ولم يتوقف عن عمله البحثي العلمي رغم تجاوزه 86عاما ، ولم توقفه إلا بارجة صدمت سفينته (كالبسو) وأغرقتها في أواخر عمره ، فمرض بعدها بأشهر وأصيب بنوبة قلبية أودت بحياته.. لكنه كان قد شرع مع ابنه ومساعديه في إنشاء سفينته الثانية الأكثر تطورا ، فيما يخص أبحاث عالم البحار ، وهي كالبسو.
لقد ترجم هذا العالم الفذ مقولة ؟القرآن يقوم وحده؟ أجمل ترجمة ، حين وقف على منصة المؤتمر العلمي البحري العالمي في أكاديمية العلوم بمدينة باريس ، وأمام حشد كبير من العلماء والباحثين من كل دول العالم عام م1977 ، وهو في قمة مجده وتألقه وشهرته التي امتدت في الآفاق ، حتى شملت كل الأصقاع والأقطار ، ليعلنها مدوية ، خالدة في سماء الزمن ، شاهدة على عمق إيمان وشجاعة هذا الرجل العظيم ، ويملأ بها آذانا وعقولا ، طالما جحدت النور والحق في القرون التي خلت ، وما زالت تحجب النور الإلهي ورسالة السماء ، بحجة التفوق العلمي وسيادة الرجل الأبيض ونهاية التاريخ وتوقفه المفترض في محطة الأمركة والعولمة الحالية.
لقد قالها كلمة ثقيلة تملأ الميزان ، بجرأة وشجاعة فائقة ونادرة: أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ، قالها بلسان عربي مبين وتمتم بها بلسانه المؤمن عبر المايكروفون ، ولم يفهمها أكثر الحاضرين ، لأنها كانت باللغة التي اختارها جاك لتكون لغته المقدسة( لغة القرآن).
وما أن ترجم المترجم الشهادة إلى اللغة الفرنسية حتى ضج الحاضرون وبهتوا وقالوا متسائلين: لماذا يا جاك يا عالم أوروبا وسبب فخرها وعزها وتألقها؟ لماذا تريد أن تهب كل ذلك الفخر والعز إلى الإسلام وتتجه صوب الشرق ؟.. ونسوا أن أوروبا كانت ولا تزال عالة على الشرق وتراثه وفكره وحضارته ، وهي مهما كبرت وعظمت في أعين أهلها ، ثمرة الشرق ونتاجه ، وهي تجسد غروب شمس الشرق ، كما قال أحد مفكريها معرفاً الغرب ممثلاً بأوروبا وحضارتها ، فالنور جاء من الشرق حين أشرقت منه حضارة الأنبياء.
قال لهم جاك: لقد أسلمت لأني جبت البحار والمحيطات ، أستكشف هذا العالم المجهول العجيب فوجدت آيات الله الباهرة فيه ، لأنه أبدعه الخالق سبحانه ، ثم وجدت في القرآن ما يؤكد هذه الآيات والمكتشفات التي لا يعلمها إلا الله ، والتي كشف العلم الحديث عن بعضها الآن ، فكيف لرجل مثل محمد أن يعرف تلك الآيات ويدونها في كتابه ، إن كان قولكم في القرآن صحيحا؟ وأضاف: من تلك الحقائق العلمية التي جاء ذكرها في القرآن والتي أبهرتني: أنني اكتشفت وجود برزخ وحاجز بين البحرين حين يلتقيان في نقاط التماس ، في كل بحار العالم ومحيطاته ، وهو عبارة عن بحر ثالث يختلف عن البحرين الملتقيين ، فمثلا في مضيق جبل طارق ملتقى البحر المتوسط بالمحيط الأطلسي وفي مضيق باب المندب ملتقى البحر الأحمر بالبحر العربي والمحيط الهندي ، وجدت وشاهدت ذلك البرزخ والفاصل والحاجز بين البحرين شاهدته بنفسي وصورته وتفحصته وتجولت في أطرافه وأعماقه ، انه بحر آخر متفرد ومنفصل عن البحرين ببيئته وجوه ومائه وملوحته وأسماكه وحيواناته ونباتاته البحرية ، وحرارته وضغطه وصفاته الفيزيائية والكيميائية ، لا يشابه أيا من البحرين.
إن هذا البحر الذي أشار إليه القرآن بوضوح ، له خصائصه التي يتفرد بها عن البحرين ، وهذا التفرد الذي قدّره الله سبحانه في كل شيء ، في الملوحة والكثافة وفي الأسماك وفي درجة الحرارة ، بل الأمواج والأسماك لا تدخل هذا الفاصل أبداً. وكان من المتوقع أن نجد اختلاط البحرين وامتزاجهما وتشابههما ، حسب نظرية الأواني المستطرقة المعروفة ، ولكننا وجدنا الحقيقة غير ذلك.. فمن علم محمدا (صلى الله عليه وسلم) تلك الحقيقة العلمية الحديثة التي تعرفنا عليها واكتشفناها اليوم.. انه الله.. الله سبحانه. لقد أرشدني أحد البحارة العرب من اليمن ، وأنا أبحر في باب المندب إلى نص في القرآن يشير إلى تلك الحقائق العلمية المذهلة ، ومنها الآيات التالية:
«مرج البحرين يلتقيان . بينهما برزخ لا يبغيانû (الرحمن:19ـ 20.
اسلامه
لا تكاد تمر فترة قصيرة ، حتى يصل العلماء إلى اكتشاف يهللون له ويفخرون ، وينوِّهون به في كل مكان ثم لا يلبثون أن يجدوا القران الكريم قد سبق إلى ذلك ؛ فتقوم حجة جديدة على الناس بأن هذا القران حق .
وهذه قصة أثارت اهتمام الصحف الغربية والدوائر العلمية في العالم تلك هي قصة إسلام الباحث المكتشف ( جال ايف كوستو ) .
رجل ولد عام 1910 م وما زال كأنه في شرم الشباب نشاطا وتفكيرا وتخطيطا . ومما زاد من نشاطه وحيويته وهو في هذا العمر : انه اعتبر نفسه ولد من جديد في عالم الأيمان والهداية والنور ، عالم الإسلام العظيم .
كوستو هو البحار القديم الذي امتهن مهنته من قبل اكثر من سبعين عاما ، لقد شاهده الناس يعرض تجاربه من وراء الستار المضيء ( التلفاز) : يكتشف السفن الغارقة ، يروض الدُّولفين ، يتابع الحيتان ، يغوص في عمق البحار يبحث عن اللؤلؤ والمرجان .
مرَّ كوستو بتجارب علمية هزت نفسه وحركت وجدانه وأشعلت فكره ، فاخذ يبحث عن الحقيقة والحل الذي يقف عنده وتطمئن به نفسه .
وظل يبحث في المجهول وهو في قمة تأملاته ، لفتت انتباهه ملاحظة غريبة أثارت عجبه وفضوله ؛ ذلك انه لاحظ أن الكائنات الحية من نبات وحيوان – التي تحيا وتعيش في البحر الأبيض المتوسط – تختلف في دقائق تركيبها عن شبيهاتها التي تحيا وتعيش في المحيط الأطلسي المجاور له ! ولامتحان هذه الحقيقة أبحر كوستو تصحبه بعثته العلمية إلى مضيق جبل طارق حيث البرزخ : وهو الحد الفاصل بين البحرين وبدا البحث والسير والتنقيب ، ليسفر له هذا السر الغريب ؛ فنسمعه ينادي :
(( أثارت الحقائق الأولية التي توصلنا إليها إلى أمور أثارت فضولي ودهشتي ؛ إذ تحققنا من جريان سيل مائي يفصل بين مياه البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي ؛ فلا يدع أحدهما يلامس الآخر أو يختلط به )).
ويضيف الكابيتن كوستو إلى ذلك قوله :
(( لقد سبقتنا بعثة ألمانية في علوم البحار إلى ملاحظة مماثلة ، تنصب على الحد الفاصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي : وذلك في موضع مضيق ( باب المندب ) : فهناك يقوم تيار مائي يمنع اختلاط المياه أيضا ، ويترك لكل منهما كيانه الخاص به ، وما يحتويه من نبات وحيوان )).وانتهى الأمر عند رائدنا البحار إلى وضع فرضية علمية مفادها : أن مياه البحار والمحيطات ذوات التركيب المختلف لا تختلط أبدا : وذلك بفعل حاجز مائي يمنع امتزاجها )).
وذكر كوستو –بعد ذلك- انه حدَّث صديقا له اسمه ( موريس بوكيل ) في هذا الأمر بوصفه من العجائب المجهولة في هذا العالم ! وهنا حصلت المفاجأة العظمى ؛ إذ روى ( كوستو ) أن صديقه ( بوكيل ) هزه هزا عنيفا بقوله :
إذا أردت أن تعرف أنت ومن سبقك من زملائك الألمان وتكتشف هذه الحقيقة ، فما عليك إلا أن تراجع كتاب المسلمين المقدس ( القران ) الذي قص علينا هذا النبأ قبل ألف وأربعمائة سنة !!!
قال كوستو : فأسرعت إلى القران الكريم في ترجمته الإنكليزية أو الفرنسية أراجعه في شوق وترقب ، فوجدت ضالتي نصب عيني في الآيات الثلاث من سورة الرحمن :
مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{20} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{21}
وتفسيرها يقول : أن الله تعالى أرسل البحر المالح والبحر العذب يتجاوران ويلتقيان ولا يمتزجان ، فكل منهما محتفظ بخصائصه ومكوناته الكيماوية ؛ بسبب أن بينهما برزخا لا يلتقيان . والبرزخ هو الحاجز والفاصل بين المضيق يفصل بينهما ، فلا يطغى أحدهما على الآخر بالممازجة والاختلاط . ثم وجدت في الآية [53] من سورة الفرقان :
{وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً }الفرقان53
وتفسيرها أن الله بقدرته ، خلى وأرسل البحرين متجاورين متلاصقين لا يختلطان ولا يمتزجان مع بعضهما ، فيكونان ماءا ذا خصائص ومركبات جديدة ، بل ويبقى كل ماء محتفظ بأوصافه التكوينية ، أحدهما عذب فرات أي شديد العذوبة ، قاطع للعطش من فرط عذوبته ، والآخر : ملح أجاج أي بليغ الملوحة ، مر شديد المرارة ، ولكل منهما نباته وحيوانه التي تكيفت للعيش فيه [ وجعل بينهما برزخا ] أي حاجزا من ماء المضيق لا يغلب ويطغى أحدهما على الآخر : [ وحجرا محجورا ] أي ومنعهما من وصول اثر أحدهما على الآخر وامتزاجهما مع بعضهما في ماء ذي أوصاف ومكونات جديدة .
وفي النتيجة قال كوستو : الآن اشهد يقينا أن القران هو وحي من الله وان محمدا نبي الله ورسوله ، وان العالم المعاصر يحبو في اثر ما جاء في أناة وصبر على فترة أربعة عشر قرنا مضت من الزمن