تمهيد :
يعنى فن المخطوطات بإظهار الكتب المخطوطة مطبوعة ، مضبوطة ، خالية نصوصها
من التصحيف و التحريف ، مخدومة في حلة قشيبة ، تيسر سبل الانتفاع بها و ذلك
على الصورة التي أرادها مؤلفوها أو أقرب ما تكون إلى ذلك و لا يدرك ذلك
إلا بعناء و صبر على البحث و التمحيص .
و أصل " التحقيق " لغة ً : من حق الشيء إذا ثبت صحيحاً فالتحقيق : إثبات
الشيء و إحكامه و تصحيحه ، تقول : حققتُ الأمر و أحققته إذا أثبتّه ، و صرت
منه على يقين .
و المراد ب " النصوص " في باب التحقيق : أقوال المؤلف الأصلية لتمييزها عما
يكتبه المحقق في الهامش من شروح و تعليقات .
[b]الفصل الأول :
في دراسة المخطوط العربي :
اختيار المخطوط :
على المحقق عند اختياره لمخطوط معين يود تحقيقه أن يتنبه لأمور عدّة كما أن
عليه يلتزم بأمور منها :
1 ـ أن يأخذ حذره من أن يكون المخطوط نشر مسبقاً و ذلك بالرجوع إلى المصادر
و الببليوغرافيات التي تساعده في الدلالة على ذلك .
2 ـ أن تكون ثقافة المحقق تقع ضمن دائرة موضوع المخطوط الذي يودّ العمل فيه
لأن مصطلحات كل علم لا يدري بها إلا المختص بها لذلك إذا كان في المخطوط
تحريف في مثل ذلك سَهُلَ على المتخصصين تلافيه .
3 ـ أن يتأكد أن للكتاب نسخاً أو نسخة على الأقل مخطوطة متوافرة يسهل
الحصول عليها و ألا يكون من الكتب المفقودة و أن يأخذ فكرة عنه من الكتب
التي أشارت إليه أو ذكرته .
جمع النسخ :
بعد اختيار المخطوط يقوم الباحث بعملية جمع للنسخ و للتعرف على مكان وجودها
لديه طرق عدة للتعرف على مكان توافرها في مكتبات العالم نذكر منها :
1 ـ كتاب تاريخ التراث العربي للأستاذ فؤاد سزكين .
2 ـ قاعدة معلومات المخطوطات العربية في العالم التي أنشأها مركز الملك
فيصل منذ فترة وجيزة المسماة " خزانة التراث " .
3 ـ معهد المخطوطات العربية بالقاهرة .
4 ـ مركز جمعة الماجد للثقافة و التراث بدبي .
5 ـ فهارس المخطوطات .
6 ـ سؤال المتخصصين من أهل العلم .
دراسة النسخ :
بعد الانتهاء من جمع ما تيسر للمحقق تحصيله من جمع النسخ فإن المرحلة
التالية المتوجبة عليه هي قيامه بدراسة هذه النسخ و تقوم هذه الدراسة على
ما معرفة ما في النسخ من تباين في الخط و العصر الذي كتبت فيه و توثيق هذه
النسخ لمعرفة تباينها و اختلافها .
فعلى المحقق أن يتعرف نهج كل ناسخ و مقدار كفايته العلمية ليتعرف على مقدار
ضبطه في الأداء و عيوبه في الوقت نفسه .
و لا بد من الإشارة أخيراً إلى وجوب الاستفادة من فهارس المخطوطات التي
تبين الناسخ و تاريخ النسخ إذ أن دراستها دراسة أولية بواسطتها يمكّن
الباحث من اختيار النسخ التي يحتاج إلى تصويرها و إن كان الشك يتطرق في
كثير من الأحيان إلى صحة الوارد فيها سواء بأسماء النساخ أو تاريخ النسخ أو
مكانه أو نحو ذلك من المعلومات الوصفية .
ترتيب النسخ :بعد أن يقوم المحقق بجمع النسخ الخطية و دراستها يقوم عملية ترتيب أفضلي
للنسخ و ذلك على حسب الترتيب التالي :
1 ـ نسخة المؤلف و التي نسميها النسخة الأم و يجب ملاحظة اعتماد آخر نسخة
كتبها المؤلف فقد يكتب المؤلف كتابه ثم يضيف إليه من خلال قراءاته له و
تدريسه له و مراجعته إياه لذلك فإن ما يمكن أن نسميه
" الإبرازة الأخيرة " هي التي يجب أن تعتمد .
2 ـ تلي نسخة المؤلف نسخة قرأها المؤلف أو قرئت عليه و أثبت بخطه أنه قرأها
أو قرئت
عليه .
3ـ تليها النسخة التي نقلت عن نسخة المصنف أو عورضت بها و قوبلت عليها .
4 ـ ثم نسخة كتبت في عصر المصنف عليها سماعات على عالم متقن ضابط أو علماء .
5 ـ ثم نسخة كتبت في عصر المصنف ليس عليها سماعات .
6 ـ نسخ أخرى كتبت بعصر المؤلف و فيها يُقدم الأقدم على المتأخر و التي
كتبها عالم أو قرئت على عالم و في حالات أخر نصادف نسخة متأخرة مضبوطة تفضل
أقدم منها يعتورها تصحيف و تحريف و سقط .
لا يجوز نشر كتاب عن نسخة واحدة إذا كان للكتاب نسخ أخرى معروفة لئلا يعوز
الكتاب إذا نُشر التحقيق العلمي و الضبط مرة أخرى .
مؤلف المخطوط :تصادف المحقق أحوال في نسبة الكتاب إلى المؤلف :
1 ـ فإما أن يكون الكتاب يقيناً لمؤلف معين أشارت إليه المصادر مثل كتب
التراجم و كشف الظنون و أدلة الكتب .
2 ـ أو أن يُنسب إلى أكثر من مؤلف فتتنازع المصادر و تتردد في نسبة الكتاب
لمصنف معين .
3 ـ أو أن يكون مجهول المؤلف فلا يُظهر المخطوطُ اسم مصنفه و لا تكون عليه
دلالة .
لذلك فإن على المحقق أن يسلك الطرق التالية التي من الممكن أن تساعده على
معرفة مؤلف المخطوط :
1 ـ معرفة تاريخ النسخ سواء عن طريق ما هو مثبت من على المخطوط أو من خلال
الخط إذ يعين ذلك الباحث على معرفة الفترة التي تلت حياة المؤلف أو عاش
فيها و ليحذر من أمارات التزوير في الخط التي من الممكن الوقوع فيها نتيجة
فعل تجار المخطوطات و الآثار .
2 ـ معرفة نوع الورق و الحبر المستخدمين في المخطوط إن تيسر له معاينة
المخطوط مادياً .
3 ـ قراءة المخطوط قراءة متأنية للوقوف على شواهد و قرائن تساعد المحقق على
معرفة المؤلف .
4 ـ إن كان الكتاب جزءاً حديثياً وجب علينا تتبع الراوي الذي يروي عنه
المصنف أسانيده و هذا ما يدلنا على معرفة الطبقة التي أخذ المؤلف عنها و
بالتالي فإن مراجعة كتب التراجم و تتبع تلاميذ شيوخ المصنف يمكننا من معرفة
صاحب الكتاب .
5 ـ إن الموضوع الذي يتناوله المصنف يساعدنا بشكل رئيس على معرفة مؤلفه إذا
حصرنا العصر الذي أُولف فيه .
6 ـ إن لغة الكتاب أم مهم جداً في معرفة عصر المؤلف و ربما المؤلف ذاته .
7 ـ و أود أن أشير هنا إلى أنه لا يجب النظر إلى المصادر و المراجع الهامة
بقدسية تحجر و تمنع الباحث من إعمال فكره فقد يعتورها كغيرها من الكتب
تصحيف أو تحريف أو سقط أو خطأ من مؤلفها أو من النسّاخ أو من محققها أو من
طابعها .
[/b]
عنوان
المخطوط :
على المحقق أن يثبت عنوان المخطوط كما وضعه مؤلفه و لا يتصرّف في تغير شيء
من ألفاظ العنوان .
و قد يصادف المحقق أن للكتاب أكثر من عنوان و في هذه الحالة عليه التثبت من
العنوان من خلال مقارنته و مفاضلته بين النسخ التي اعتمد عليها في تحقيق
الكتاب و ما ورد للمؤلف في ترجمته من كتب الطبقات و التراجم و ( كشف الظنون
) و ذيوله .
الفصل الثاني :
في توثيق المخطوط العربي :
يهدف توثيق المخطوط العربي إلى صيانة المصنفات و الدّقة في نقلها بعيدةً عن
العبث و التحريف و التزوير .
و نجد كثيراً من النساخ ينبهون على أن ما نقلوه هو من خط المؤلف أو أنهم
كتبوا نسختهم عن نسخة تمت مقابلتها على نسخة المؤلف أو نسخة كُتبت بخط عالم
ثقة متقن صحيح النقل ، جيد الضبط و لا شك أن غايتهم من كل ذلك هي توثيق
النص .
و كانوا ينسبون القول إلى قائله مراعين الدقة في ذلك فإذا نقلوا النص و فيه
تصحيف أو تحريف نقلوه كما هو ثم نوهوا عنه بعبارة " كذا وجدته " و ذكروا
وجه الصواب فيه .
توثيق المخطوط بطرق التحمل :
1 ـ السماع : و هو أرفع أقسام التحمل و أرفعه
ما كان إملاءً لما يلزم فيه من تحرز الشيخ و الطالب و صيغة التحمل به :
حدثنا ـ أو سمعت ـ أو حدثنا إملاءً .
2 ـ العرض : و هي القراءة على الشيخ من حفظ
القارئ أو من كتاب بين يديه و هي طريقة صحيحة في التحمل و الرواية به سائغة
بالإجماع لكن اختلفوا هل هو مثل السماع في المرتبة أو دونه أو فوقه و يمكن
أن نوفق فنقول : برجحان العرض فيما إذا كان الطالب ممن يستطيع إدراك الخطأ
فيما يقرأ و الشيخ حافظ غاية الحفظ أما إذا لم يكن الأمر كذلك فالسماع
أرجح.
3 ـ الإجازة : هي إذن المحدّث للطالب أن يروي
عنه حديثاً أو كتاباً أو كتباً من غير أن يسمع ذلك منه أو يقرأه عليه كأن
يقول له : أجزتك أو أجزت لك أن تروي عنّي صحيح البخاري .
و قد أجاز الرواية بها جمهور العلماء من أهل الحديث و غيرهم .
4 ـ المناولة : و هي أن يعطي الشيخ للتلميذ
كتاباً أو صحيفة يرويه عنه و هي إما أن تكون مقرونة بالإجازة مع التمكين من
النسخة و هي أعلى أنواع الإجازة على الإطلاق أو أن تكون من غير تمكين من
النسخة و هذا لا يمتاز في ظاهره عن الإجازة لكن أهل العلم يرون له مزية على
الإجازة لتضمينها معنى الإخبار الذي اشتملت عليه الإجازة و تقوية لأمره .
أو أن تكون مجردة عن الإجازة فيقول له : " هذا من حديثي أو من سماعاتي " و
لا يقول له : اروه عني أو أجزتُ لك روايته عني أو نحو ذلك .
5 ـ المكاتبة : و هي أن يكتب المحدث إلى
الطالب شيئاً من حديثه و يبعثه إليه و هي على نوعين :
1 ـ الأول : المكاتبة المقرونة بالإجازة و هي في الصحة و القوة شبيهة
بالمناولة المقرونة بالإجازة .
2 ـ الثاني : المكاتبة المجردة من الإجازة و الصحيح المشهور بين أهل العلم
تجويز الرواية بها فإنها لا تقل عن الإجازة في إفادة العلم و قد استمر عمل
السلف من بعدهم من علماء الحديث بقولهم : كتب إليّ فلان ،
قال : أخبرنا فلان ، و أجمعوا على مقتضى هذا الحديث و عدّوه في المسند بغير
خلاف يعرف في ذلك و هو موجود في الأسانيد كثير .
6 ـ الإعلام : و هو إعلام الراوي للطالب أنّ
هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان ، من غير أن يأذن له في روايته عنه
أي من غير أن
يقول : " اروه عني أو أذنتُ لك في روايته " أو نحو ذلك .
و الراجح جواز الرواية بها .
7 ـ الوصية : و هي أن يوصي المحدّث لشخص أن
تُدفع له كتبه عند موته أو سفره .
و قد رخص بعضُ العلماء من السلف بالرّواية بهذه الطريقة .
و الصحيح منعها لضعفها لأن الوصية إن أفادت تمليك الكتاب فلا تفيد الإذن
بروايته .
8 ـ الوجادة : و هي أن يجد المرء حديثاً أو
كتاباً بخط شخص بإسناده فله أن يرويَ عنه على سبيل الحكاية فيقول : " إذا
وجدت بخط فلان ، حدثنا فلان " و له أن يقول : " قال فلان " إذا لم يكن فيه
تدليس يوهم اللقي .
أما روايته ب " حدثنا " أو " أخبرنا " أو نحو ذلك مما يدل على اتصال السند
فلا يجوز إطلاقاً .
السماعات و القراءات و المطالعات :
1 ـ المُسَمِّع أو المُسْمَع :
و هو الشيخ ، يُسمِعُهُ القارئ أصله الذي يرويه ليجيزه لسامعيه فهو مسمع و
الغاية من إسماعه إقراره لما يسمع إمّا حالاً أو فعالاً فيعتدّ به بعد ذلك
إجازة منه ليتحمله عنه السامعون و يحق لهم روايته بعد ذلك كما يستعمل بلفظ
اسم الفاعل ( المُسمِع أو المُسمَع ) بمعنى أنّه يسمعهم حديثه ، إذا كان
قارئاً أو مجيزاً لهم سماعه و روايته .
2 ـ قارئ الأصل : و هو الذي يتولى قراءة
الكتاب الذي يُُراد تحملُه من الشيخ بعرضه عليه و يُقدّم في القراءة عادة
أتقنهم و قد يكون من أقران الشيخ أو من تلاميذه المتقدمين و قد يشترك في
القراءة أكثر من شخص في مجلس أو مجالس .
3 ـ كاتب السماع : و هو الذي يتولى تدوين ما
تمّ في المجلس و قد يكون هو القارئ على الشيخ أو غيره و يدّون فيه ما يلي :
1 ـ من سمُع الأصل ُعليه أو قُرئ ، فيذكره بألقابه العلمية و كُنيته و اسمه
و نسبه و قد يكون واحداً أو أكثر .
2 ، سند الشيخ المستمع للأصل المسموع منه .
3 ـ من شارك في مجلس السماع سواء كان ذلك سماعاًَ أو حضوراً أو إحضاراً .
4 ـ تاريخه .
5 ـ مكانه .
6 ـ قد يعقب على السماع بقولهم : " صحّ ذلك و ثبت في ... "
7 ـ قد يكون هذا التعقيب بخط الشيخ و توقيعه كالشهادة .
و قد اشترط المحدثون شروطاً في كاتب السماع و هي :
ـ الأهلية : بأن يكون موثوقاً به غير مجهول الخط .
ـ التحري و الدقة : ببيان السامع و المسموع منه بلفظ غير محتمل فإن كان
مثبتُ السماع غير حاضر في جميعه لكن أثبته معتمداً على إخبار من يثق بخبره
من حاضريه فلا بأس بذلك .
ـ الأمانة : و ذلك بأن يكون أميناً فيما يُثبته من الأسماء فيحذر إسقاط أو
إضافة اسم لغرض فاسد .
4 ـ القراءة :
و قد تُثبت في حاشية أول ورقة من الكتاب التي تحمل عنوانه أو فوق سطر
التسمية أو على ظهر الكتاب أو في نهاية النص و هو الأغلب و ترد صيغتها "
بلغ قراءة " أو " قرئت " و قد تشفع بمكان القراءة و تاريخها و قد يطلق على
القراءة " العرض " ذلك أن القارئ يعرض ما يقرؤه على الشيخ كما يعرض القرآن
الكريم على القارئ .
5 ـ المطالعة :
و يطلق عليها " النظر " فتعني أن يطالع عالم أو متعلّم أو قارئ في الكتاب
بقصد الاستفادة منه أو المذاكرة فيه .
و في العادة فإنهم يضعون دوائر بين الأخبار تفصل بينها فمتى ينتهي مجلس
السماع يضع طالب العلم نقطة في داخل دائرة دليلاً على السماع أو العرض أو
المقابلة .
تسلسل النص في المخطوط العربي :
لضبط تسلسل النص :
1 ـ التعقيبات : التعقيبة : قد تكون كلمة أو جزءاً من الكلمة أو عبارة أو
رقماً يكتب في آخر كل صفحة سواء كان ذلك داخل الجدول أو الإطار ـ أي في
حدود النص ـ أو تحت نهاية السطر الأخير من الصفحة اليمنى أي في الزاوية
اليسرى إلى يسار الصفحة اليمنى و قد تتعدد صورها فقد تتألف من حرف واحد أو
كلمة واحدة أو كلمتين أو ثلاث أو أكثر و قد تكون التعقيبة رقماً .
2 ـ الترقيم : أ ـ أرقام عددية : فهناك ترقيم للكراسات و ترقيم للأوراق و
ترقيم للصفحات .
ب ـ علامات الترقيم المعروفة .
صفات المحقق :
للمحقق صفات جبلّيةٌ و كسبية من تحلّى بها ملك أسباب التحقيق و من فقدها ـ
أو بعضها ـ قصرت عنه هذه الملكة و عسرتُ عليه رموز المخطوطات و سُبُل نشرها
كالعقد إذا خٌُرم منه شيء و هذه الصفات هي :
1 ـ الأمانة في أداء النص صحيحاً دون تزيد أو نقصان : فالمحقق بمثابة راوية
للكتاب الذي يرويه بطريقة الوجادة .
و على المحقق ألا يجيز لنفسه التصرف في المخطوطات التي بين يديه فيعدل في
عبارتها أو أساليبها . و يتعين عليه البعد كل البعد عن الأهواء الشخصية و
المذهبية أو العبث بإخراجها على أي شكل و صورة رغبة في الاستكثار و تحقيق
المكاسب المادية أو بالسطو على جهود الآخرين .
2 ـ الصبر و الأناة : فقد يكون تحقيق كتاب في أكثر الأحيان ـ أشق على
الأنفس من تصنيف كتاب جديد فالصبر و الجلد و سعة الصدر أمور أساسية يجب أن
يتحلى بها الباحث .
3 ـ المؤهلات العلمية : ذلك بالتمكن من العلم الذي يخوض غماره و الخبرة
بالعمل الذي يمارسه و حُسن الفهم لما يقرؤه .
لذلك فإن من تمام آلة المحقق أن يكون ذا اختصاص و ما يشبه الاختصاص في
الكتاب و مادته و ذلك :
ـ بأن يكون ذا ثقافة واسعة بالعلم الذي يحقق فيه الكتاب و درايةً بتاريخه
و ما ألف فيه من كتب .
ـ أن يكون ذا خبرة بلغة أهل الفن الذي يحقق فيه .
و مهما يكن العلم الذي يحقق فيه فإن على المحقق إتقان اللغة العربية نحواً و
لغةً .
4 ـ التواضع : و استعداده للحوار و المناقشة و البعد عن التمسك بالرأي و
الوقوف عليه .
5 ـ أن يكون عارفاً بأنواع الخطوط العربية و تاريخ تطورها .
6 ـ أن يكون على دراية كافية الببليوغرافيات العربية و فهارس الكتب و
قوائمها .
7 ـ أن يكون عارفاً بقواعد تحقيق المخطوطات و أصول نشر الكتب .
الفصل الثالث :
في قراءة المخطوط العربي :
تستلزم قراءة المخطوط العربي ـ فضلاً عن الصبر و الأناة ـ الفهم في معرفة
خط الناسخ و عصره و أسلوبه و معرفةً بالعلم الذي يحقق فيه و إضافة إلى ذلك
كلّه لا بد له من معرفة عادة النّساخ في كيفية كتابة المخطوط و ذلك من حيث
ضبط الحروف و تقييدها و معرفة وضع الهمزة و الشدة و تخفيف الحرف و اللحق و
التضبيب و الرموز و الاختصارات التي اتبعوها توفيراً للجهد و اقتصاداً
بالقرطاس .
1 ـ الحروف و ضبط تقييدها :
أ ـ طريقة العلامات : فيضعون تحت حرف " السين " مثلاً : " سـ " كي لا
تشتبه بالشين أو يضعون نقاطاً ثلاثة بشكل المثلث أو هكذا : ( ... ) .
و منهم من يجعل تحت الحرف المهمل حرفاً صغيراً مثله فيجعلون تحت العين
عيناً صغيراً ، و تحت الحاء رمز ( ح ) .
و من العلامات الموجودة في الكتب القديمة ، خط صغير فوق الحرف المهمل أو
مثل النبرة الهمزة ( ة ) تحت الحرف المهمل .
ب ـ طريقة الوصف : حيث يميزون بين ( ب ـ ت ـ ث ـ ) كما يلي : بالباء
الموحدة و بالتاء المثناة الفوقية و بالثاء بالمثلثة .
و لحرفي ( ر ـ ز ) بالراء المهملة و بالزاي و أحياناً يقولون : بالراء
بهمزة بعد الألف و بالزاي بمثناة تحتية بعد الألف .
و عن حرفي ( س ، ش ) : بالسين المهملة و بالشين المعجمة .
و كذلك الأمر في الصاد ، و الضاد و الطاء و الظاء و العين و الغين .
و أما الياء فيعبرون عنها بالمثناة التحتية ذلك أنها إذا وقعت في وسط
الكلمة قد تشتبه مع حروف ( ب ـ ت ـ ث ) .
و إذا قالوا بالخفة يعنون عدم التشديد و ليس الإسكان و يقولون للحرف الساكن
المشدّد بالسكون و الشدّة .
2 ـ و مما يلحق بالضبط " القطْعة " أي الهمزة ، و هي صورة رأس العين توضع
فوق ألف القطع أو على الواو و الياء المصورتين بدلاً من الألف مثل (
الصلؤة ) = ( الصلاة ) أو في موضع ألف قد حذفت صورتها مثل " ماء " " و سماء
" و في الكتابة القديمة كثيراً ما تهمل كتابتها فتلتبس
" ماء " بكلمة " ما " " و سماء " بالفعل " سما " و الهمزة المكسورة تكتب
أحياناً تحت الحرف و تكتب أحياناً فوقه و توضع تحتها الكسرة مثل " أسبال
الرداء " حيث إن الكسرة توضع فوق الألف و فوقها الهمزة .
3 ـ " المَدّة " : و هي السحبة التي في آخرها ارتفاع قد ترد في الكتابة
القديمة فيما لم نألفه نحو " مآ " التي نكتبها الآن " ماء " دون مدة .
4 ـ و الشدة : و هي رأس الشين نجدها في الكتابة القديمة حيناً فوق الحرف و
آناً تحته إذا كانت مقرونة بالكسرة و نجد خلافاً في كتابتها مع الفتحة
فأحياناً توضع الفتحة فوق الشدة و أحياناً تكتب الفتحة تحت الشدة ، فيتوهم
القارئ العادي أنها كسرة مع الشدة مع أن وضع الكسر ة تحت الشدة و فوق الحرف
أمر لا يكاد يوجد في المخطوطات العتيقة إذ مكان الشدة فوق الحرف و الكسرة
في أسفله .
و تلحق الضمة في أحكامها الفتحة من حيث وضعيتها مع الشدة و الضمة يضعها
المغاربة تحت الشدة و في كثير من الكتابات القديمة توضع الشدة على الحرف
الأول من الكلمات اللاحقة إذا كان مدغماً في آخر نهاية الكلمة السابقة مثل :
" بل رَّان " .
5 ـ و تخفيف الحرف : أي مقابل تشديده يرمز إليه أحياناً بالحرف ( خ ) أو
بإشارة ( خف ) إشارة إلى الخفة .
6 ـ اللحق : إشارة كتابية توضع لإثبات بعض الإسقاط خارج سطور الكتاب و هي
في غالب الأمر خط رأسي يرسم بين الكلمتين يعطف بخط أفقي يتجه يميناً أو
يساراً إلى الجهة التي دوّن فيها السقط هكذا " ) و بعضهم يمدّ هذه العلامة
حتى تصل إلى الكتابة المحققة التي يكتب إلى جوارها كلمة " صح " أو " رجع "
أو " أصل " و بعض النساخ يكتب ما يريد إلحاقه بين الأسطر في صلب الكتاب .
7 ـ التضبيب : و هي صاد ممدودة ( صـ ) توضع فوق العبارة التي هي صحيحة
نقلاً لكنها خطأ في ذاتها .
8 ـ قد يعجمون حرف الظاء بوضع النقطة على يسار الحرف لا على يمينه كما في
كتابتنا المعاصرة .
9 ـ قد يعمدون في كثير من الأحيان إلى وصل الحروف ببعضها .
10 ـ قد يعمدون إلى إثبات فروق النسخ بوضع حرف ( ن ) مشفوعاً بالكلمة
المغايرة .
11 ـ قد يعمدون إلى كتابة الوقف على النسخة الخطية و هو أمر يساعد الباحث
على معرفة مكان بقية النسخة إذا كانت أجزاؤها ناقصة من خلال دراسته لتاريخ
المدرسة أو الزاوية أو المسجد الذي تمّ عليه الوقف .
12 ـ كثيراً ما يكتبون الهمزة بالتسهيل مثل ( عائشة ) إذ يكتبونها ( عايشة )
.
13 ـ يجب ملاحظة أن الكتابة المغربية و الأندلسية ترسم القاف بصورة الفاء
في كتابتنا ( فال = قال ) و أما الفاء فيجعلون النقطة تحت الحرف .
14 ـ رموز أخرى :
ـ حرف ( ث) توضع فوق الكلمة دلالةً على التثليث اللغوي .
ـ الحرف ( عـ ) رأس العين إشارة إلى " لعله كذا " أو توضع تحت حرف العين
إشارة إلى إهماله كي لا يشتبه بالغين المعجمة .
ـ الحرف ( ظ ) في الهامش إشارة إلى كلمة " الظاهر " .
ـ الحرف (كـ ) إشارة إلى أنه ( كذا في الأصل ) .
ـ ( ) و توضع هذه الإشارة فوق الكلام منعطفاً عليه من جانبيه إذا كان
هناك خطأ ناشئ من زيادة بعض الكلمات أو قد يستخدمون دائرتين صغيرتين : ( ة
ة ) أو بين نصفي دائرتين ( " " )
و أحياناً توضع كلمة " لا " أو " من " أو " زائدة " فوق أول كلمة من
الزيادة ثم كلمة " إلى " فوق آخر كلمة منها .
ـ و في التقديم و التأخير توضع فوق الكلمتين أو العبارتين ( 1 ) و (1 ) أو
بوضع الحرفان ( خ ) و (ق ) أو ( خ ) و ( م ) أي تأخير و تقديم أو ( م ) و
(م ) أي مقدم و مؤخر .
ـ ( خ ) إشارة إلى نسخة أخرى .
ـ ( حشـ ) أو ( خـ ) اختصار حاشية .
ـ ( ثنا ) : حدثنا .
ـ ( ثني ) : حدثني .
ـ ( نا ) : حدثنا .
ـ ( أنا ) : أخبرنا .
ـ ( أرنا ) : أخبرنا .
ـ ( دثنا ) : حدثنا .
ـ ( ح ) : للتحويل من سند إلى آخر في كتب الحديث .
ـ ( قثنا ) : قال حدثنا .
ـ ( قاثنا ) : قال حدثنا .
ـ ( أبنا ) : أخبرنا .
ـ ( ش ) : الشرح .
ـ ( ص ) : المصنف .
ـ ( رضي ) : رضي الله عنه .
ـ ( الشـ ) : الشارح .
ـ ( س ) : سيبويه .
ـ ( أيضـ ) : أيضاً .
ـ ( لا يخـ ) : لا يخفى .
ـ ( الظ ) : الظاهر .
ـ ( م ) : معتمد أو معروف ، استعمل الأخيرة صاحب القاموس و من بعده .
ـ ( إلخ ) : إلى آخره .
ـ ( ا هـ ) : انتهى .
ـ ( ع ) : موضع استعمله صاحب القاموس و من بعده .
ـ ( ج ) : جمع استعمله صاحب القاموس و من بعده .
ـ ( جج ) : جمع الجمع استعمله صاحب القاموس .
ـ ( ججج ) : جمع جمع الجمع ، استعمله صاحب القاموس و من بعده .
ـ (ة ) : قرية .
ـ ( د ) : بلدة .
ـ ( حج ) : ابن حجر الهيتمي في كتب الشافعية .
ـ ( ) : للزيادة من نسخة أخرى في عرف المحدثين .
ـ ( معا ) : أي يجوز القراءة بالوجهين .
و هناك إصطلاحات أخرى قد يوردها المؤلفون و ينصون عليها في مقدمة مؤلفاتهم
فليفطن المحقق إلى معرفة اصطلاحات المؤلف أولاً قبل الشروع في التحقيق .